قصف وطائرات استطلاع ونزوح.. حرب استنزاف بين حزب الله وإسرائيل جنوب لبنان | سياسة سام نيوز اخبار

جنوب لبنان- ما إن غادرت سيارة الجزيرة مدينة صور الساحلية (جنوب) صباح الأربعاء باتجاه الشريط الحدودي بين لبنان وإسرائيل، حتـى تكتشف ان جميع مظاهر الحياة توقفت بشكل كامل فلا شيء يتحرك على الأرض، سوى بعض دوريات قوات الأمم المتحدة المؤقتة فى لبنان (يونيفيل).
وعلى امتداد الطريق، عبرت سيارات الجزيرة دَاخِلٌ العديد مـن القرى والبلدات اللبنانية، والتي كانـت خالية تماما مـن السكان بعد ان هجرها أهلها نحو المناطق الأكثر أمنا فى صور وصيدا، هربا مـن القصف العشوائي لمدفعية الاحتلال والتي تستهدف الأراضي الزراعية والمنازل فى تلك القرى.
فمنذ يـوم 8 أكتوبر/تشرين الاول الماضي، يشهد الشريط الحدودي اشتباكات وقصفا متبادلا بين قوات الاحتلال الإسرائيلي مـن جهة، وحزب الله اللبناني وفصائل فلسطينية مـن جانب اخر، فى محاولة لإسناد المقاومة الفلسطينية فى قطاع غزة وتخفيف الضغط عليها.
فى تلك المنطقة، لا صوت يرتفع فوق صوت طائرات الاستطلاع الإسرائيلية بدون طيار، مـن طراز “إم كيه” والتي يسميها سكان القرى الجنوبية فى لبنان “أم كامل” فهذه الطائرات لا تغادر الأجواء اللبنانية على مدار الساعة، ويحمل بعضها صواريخ موجهة ويمكن ان تستهدف اى منزل أو سيارة أو شخص يتحرك على الطريق بدون لاحق انذار.
وعلى مدار شهر، قام حزب الله والفصائل الفلسطينية باستهداف المواقع العسكرية الإسرائيلية على طول الشريط الحدودي، بالإضافة الي قصف عَدَّدَ مـن المستوطنات شمال إسرائيل وعلى رأسها كريات شمونة.
فى المقابل، ترد طائرات الاحتلال بقصف القرى والبلدات جنوب لبنان، بالإضافة الي قصف واسع للأراضي الزراعية والأحراش والتي يزعم جيش الاحتلال ان مقاتلي حزب الله يختفون داخلها اثناء استهداف المواقع الإسرائيلية.
وخلال التجول فى المناطق الحدودية تظهر بوضوح آثار قذائف المدفعية والصواريخ الإسرائيلية، والتي طالت المدارس والمنازل وخزانات المياه، فضلا عَنْ مساحات واسعة مـن الأحراش وأراضي الزيتون المعمرة والتي احترقت نتيجه استهدافها بالقنابل الفوسفورية.

هجمات متزامنة
وبعد صباح هادئ جدا بدون اى اشتباكات، اشتعلت الْأَوْضَاعُ بشكل مفاجئ بعدما نفذ حزب الله وكتائب القسام -لبنان بشكل متزامن اثناء نصف ساعة هجمات صاروخية باتجاه مواقع عسكرية إسرائيلية وعدة مستوطنات.
وبدأت الهجمات عندما استهدف مقاتلو حزب الله بالصواريخ الموجهة مواقع (المالكية والراهب وجل الدير) العسكرية الإسرائيلي على طول الشريط الحدودي.
وما إن بدأت قوات الاحتلال الإسرائيلي الاعلان الصواريخ وقذائف المدفعية على مصادر النيران، حتـى اطلقت كتائب القسام-لبنان 16 صاروخا باتجاه نهاريا وجنوب حيفا، على بعد بتجاوز 20 كيلومترا مـن الأراضي اللبنانية.
ويوما بعد آخر تتزايد احتمالات توسع رقعة المواجهات لتتحول الي حرب شاملة، وفقا للخبير العسكري والإستراتيجي إلياس فرحات.
ويقول فرحات -فى حديث للجزيرة نت- إن الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله حدد فى كلمته الاخيره حالتين يمكن ان تتسببا فى تحويل التصعيد الحالي الي حرب شاملة، الأولى إذا ارتكبت إسرائيل اعتداء على الداخل اللبناني، عندها سيرد حزب الله على كامل الجبهة وبالعمق، اما الثانية فهي إذا تعرضت حركة حماس لتهديد حقيقي.
ويضيف ان حزب الله لن يسمح لإسرائيل ولا للولايات المتحدة بالقضاء على حليفته حركة حماس -حسب ما يعتقد- لأن ذلك سيؤدي للتحول الي القضاء على حزب الله، لافتا الي ان محاولة القضاء على الجسم العسكري لحماس سوف تؤدي حتما لتدخل حزب الله وربما تدخل قوى أخرى فى الإقليم، لا سيما سوريا والعراق واليمن، وربما إيران، وبذلك تحصل المواجهة الشاملة.

حرب إشغال
ويعود الخبير العسكري اللبناني للتأكيد على ان حزب الله يتعمد قصف مراكز رصد واستطلاع إسرائيلية مجهزة بمعدات متطورة مـن رادارات وأجهزة رصد وكاميرات بحيث تضررت مجموعه الاستطلاع الإسرائيلية بنسبة تتجاوز 50%، كَمَا يشمل القصف تجمعات عسكرية إسرائيلية وآليات ودبابات على المواقع المقابلة. وقد أعلنت إسرائيل عَنْ مقتل وجرح 160 جنديا فى هذه الاشتباكات.
اما إسرائيل فترد فى الغالب على مصادر النيران ومحيطها وتستخدم المدفعية والصواريخ وأحيانا غارات مـن الطيران، لكن الأخطر -كَمَا يقول فرحات- كان استخدام المسيرات التى ألحقت خسائر وقتل نحو 63 مـن مقاتلي حزب الله و6 مدنيين بينهم راعيان فى بلدة الوزاني الحدودية، وامرأة و3 مـن أحفادها دَاخِلٌ سيارة فى بلدة عيناتا.
ويضيف فرحات “وإلى جانب حزب الله، شاركت كتائب القسام-لبنان الذراع العسكري لحركة حماس فى هذه المواجهة وقصفت عدة مستوطنات بينها كريات شمونة بينما شاركت سرايا القدس الذراع العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، عبر تسلل عَدَّدَ مـن مقاتليها الي الداخل، وكمنت لسيارة عسكرية وقتلت ضابطا وجنديين إسرائيليين”.
كَمَا شاركت قوات الفجر التابعة للجماعة الإسلامية (الجناح اللبناني لجماعة الإخوان المسلمين) بالإضافة الي السرايا اللبنانية للمقاومة، وهي تضم مقاتلين ينتمون الي أحزاب أخرى فى قصف المستوطنات الإسرائيلية بالصواريخ.
ويشدد فرحات على ان حزب الله يريد فى الوقت الحالي إشغال الجيش الإسرائيلي فى حرب مواقع حقيقية على الجبهة الشمالية، مرشحة للتطور والتوسع فى اى وقت، فى المقابل تريد إسرائيل التصدى لهجمات حزب الله واتخاذ التدابير العسكرية لمواجهة اى هجـوم “رأس الحربة” مـن الشمال.
ويضيف “بالفعل حشدت إسرائيل الفرقة 91 الجليل، وهي قوات نظامية، ثم حشدت فى النسق الثانى الفرقة 136 احتياط (مـن الذين استدعوا حديثا الي الخدمة بعد معركة “طوفان الأقصى” يـوم 7 أكتوبر/تشرين الاول) وهناك معلومات عَنْ تحريك الفرقة 32 النظامية كنسق ثالث.
ويؤكد الخبير العسكري ان البيانات تشير الي ان نصف منظومة القبة الحديدية لجيش الاحتلال براداراتها وصواريخها موجهة نحو لبنان خشية بداية صواريخ الي العمق الإسرائيلي، كَمَا ان قسما كبيرا مـن القوات الجوية مستنفر للتدخل بالاتجاه اللبناني.