الاخبار العربية والعالمية

لماذا تتعمد إسرائيل قتل المدنيين فى غزة؟ | آراء سام نيوز اخبار

لا يزال عَدَّدَ ضحايا الاعتداء على المدنيين فى غزة فى صعود متواصل، وسيتواصل هذا الارتفاع بعد انتهاء العدوان، عندما تبدأ عملية رفـع الأنقاض لتتكشّف عَنْ مزيد ومزيد مـن جثث الشهداء، ناهيك عَنْ الوفاة المحتملة لبعض جرحى العدوان البربري على أسرّة المستشفيات، بسـبب إصاباتهم الخطيرة.

والمؤكد ان إسرائيل تعي ان الغالبية العظمى مـن ضحاياها هم مدنيون، لا يربطهم لينك سياسي – وبالأحرى عسكري – بحركة حماس، وأن غالبيتهم أطفال ونساء وبعضهم مـن موظفي الأمم المتحدة، كَمَا تدرك ان غالبية المباني التى سوّتها بالأرض هى مساكن يقطنها مدنيون لا ناقة لهم ولا جملَ فى القتال الدائر، وأن بعضها مستشفيات ومساجد وكنائس أو منشآت للأمم المتحدة، وأن بعض السيارات المستهدفة كانـت سيارات إسعاف.

أنشأ الغرب الكيان ليضرب عصفورين بحجر واحد، فمن ناحية يتخلص مـن وجود اليهود فى أوروبا، ومن جانب اخر يستخدمهم كمخلب قط لتحقيق مصالحه فى هذه المنطقة مـن العالم الغنية بالنفط، والتي تمثل لليهود حلمًا قديمًا

واقع الامر انّ هناك أسبابًا خاصة بغزة وأخرى عامة، يمكن إيجازها بينما يلي:

أولًا: السعي الي تعميق فكرة التّرانسفير أو التهجير الي مصر

وهذه فكرة متصلة بتاريخ حركات وعصابات الاستيطان، التى كانـت تُمعن فى القتل والتشريد بغية تعميق خوف الفلسطينيين على حياتهم، ليهربوا، فيحل مكانهم يهود مـن مختلف بلدان العالم. بعبارة أخرى؛ ان فكرة التخويف وعدم الأمان- وإن كانـت ظاهرة للعيان فى حرب غزة- متجذرة فى الفكر الصهيوني، وقد حدثت بالفعل فى تهجير الكثيرين مـن أرض فلسطين بعد قرار التّقسيم رقْم 181 الصادر عَنْ الجمعية العامة للأمم عام1947، ثم بعد نكبة 1948، وهي منذ العام 1967 سياسة متّبعة بغية تهجير سكّان الضفة الغربية الي الأردن.

ثانيًا: غرس كراهية حماس فى نفوس مواطني غزة

على اعتبار انّ حماس هى مـن تتسبب لهم فى النكبات، فيقود ذلك الي الفتنة والاقتتال الداخلي، فلا يصبح القطاع بيئة آمنة للمقاومة، وينزع سكانه فكرة المقاومة مـن قاموسهم السياسي، ويقبلون بالأمر الواقع، وهو عيشة الخنوع، فى مقابل الأمن الشخصي، وتطليق فكرة العيش بكرامة، ولو كان الثمن هو الحياة.

ثالثًا: استرداد كرامة إسرائيل كدولة متفوقة

ولو عبر ضرب اهداف لا قيمة عسكرية لها، وهي تدرك أنها مكروهة مـن جميع محيطها كدولة (ومجتمع)، وأنها تعيش وفق اسس شريعة الغاب، وأنها نموذج للدولة العاصية فى القانون الدولى وفي النظم السِّيَاسِيَّةُ المتحضرة؛ لأن أفكارها تناقض كلية مفاهيم حق تقرير المصير وسيادة الشعوب على أرضها وثرواتها ومقدساتها. فالدولة الصهيونية تدرك أنها شعب شتات لا استطاع حمايته إلا بالطرق والوسائل غير التقليدية، كالمذابح وطرد السكان وتشريد أصحاب الأرض، وأن حقيقتهم أنهم مشروع استعماري استيطاني مدعوم مـن الغرب لتحقيق مصالحه ومصالحهم.

وهذا الأخير(الغرب) أنشأ هذا الكيان ليضرب عصفورين بحجر واحد، فمن ناحية يتخلص مـن وجود اليهود فى أوروبا، ومن جانب اخر يستخدمهم كمخلب قط لتحقيق مصالحه فى هذه المنطقة مـن العالم الغنية بالنفط، والتي تمثل لليهود حلمًا قديمًا. لذلك كله أصاب “طوفان الأقصى” غرور كثيرين فى السويداء؛ سويداء كل صهيوني محتل، وسويداء مؤسسي الكيان فى الغرب المعجبين بقدرته على العيش وسـط التحديات، وسويداء مـن واجهوه فخسروا معاركهم معه، وسويداء الراغبين فى التطبيع معه بسـبب قدرته على تحدي قوانين الطبيعة.

رابعًا: التغطية على الفشل المحتمل فى مواجهه حماس

فالجيش الإسرائيلي الذى تحول اثناء العقود الماضية الي جيش نظامي يجيد فنون الحرب فى الساحات المحدودة وأمام الجيوش النظامية، فقدَ تدريجيًا لياقته فى حروب العصابات، التى كانـت تجيدها عصاباته الصهيونية فى البداية، وهو بهذه الصُّورَةُ أقل قدرة على مواجهه رجال المقاومة الفلسطينية الذين يجيدون حرب الشوارع، ويستخدمون أسلحة بدائية غير معروفة تربك العدو. لذلك لم يكن غريبًا ان إسرائيل أدركت منذ عدة اعوام اهميه العودة لحرب العصابات، عبر دسّ ما يسمى باليهود المستعربين وسـط سكان الأرض الأصليين، وتسليح المستوطنين.

خامسًا: يرتبط قتل المدنيين بالعقيدة الصهيونية القائمة على النظر باحتقار ودونية للآخر، وسلب حقوقه دون هزة مـن ضمير “ليس علينا فى الأميين سبيل…آل عمران”، واعتبار أنفسهم شعب الله المختار، المخلوق ليسود العالم، ومن ثم فإن مـن يقاومهم يستحق القتل والتشريد، وقد عبّر عَنْ ذلك بن جوريون أول رئيس لوزراء إسرائيل بقوله: “نحن الجمهور الكنز.. بوسعنا ان نصبح منارة لكل الأمم”. هذه الأفكار التى تحمل كل أشكال الغرور، هى التى أفرخت العنف تجاه مـن يسمونه “المحتل العربي”، وهي أفكار تجذرت بعد اضطهاد اليهود فى أوروبا تاريخيًا، ما جعلهم يرفعون شعار المظلومية، وهو شعار يستجدون به تعاطف الغرب، فعلوها مع بريطانيا لتدعم إنشاء كيان لهم، ويفعلونها مع أميركا اليـوم عبر اللوبي اليهودي المتغلغل فى شرايين الدولة والمجتمع ووسط تيار المسيحية الصهيونية، لذلك ليس غريبًا فى اثناء وجود ذلك اللوبي، ان تتحدى أميركا العالم كله بالدفاع عَنْ الكيان العدواني اليهودي، مهما قتل وعذّب ليس فقط مـن يقاومونه مـن أصحاب الأرض، بل العزل مـن المدنيين، وهو ما تكرسه العقيدة الصهيونية فى مناهج التعليم والقوانين العنصرية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى