هل تقف شركات التبغ الأميركية وراء “إدماننا” للوجبات السريعة؟ | طريقة حياة سام نيوز اخبار
وضح تقرير حكومي أميركي حول العواقب الصحية للتدخين؛ أنه “رغم هبوط نسبه التدخين على مدى الـ50 عاما الماضية، فإن خطر الوفاة بسـبب تدخين السجائر يزداد”.
وأرجع المقال الصادر فى عَامٌ 2014، الي ان شركات التبغ تتلاعب بمكونات منتجاتها لجعلها أكثر إدمانا، “مما جعل التدخين يقتل ألفا و300 شخص يوميا فى أميركا وحدها، مع ان عَدَّدَ المدخنين أصبح أقل مما كان عليه قبل عقود مـن الزمن”.
وكما نجحت شركات التبغ فى جذب الناس الي السجائر مـن اثناء جعل منتجاتها أكثر إدمانا؛ كشفت أبحاث أجراها علماء فى جامعة كانساس ونُشرت فى سبتمبر/أيلول 2023، ان نفس هذه الشركات استثمرت بكثافة فى صناعة الأغذية، بعد ان بدأت مبيعات التبغ فى الانخفاض؛ مستخدمة نفس الإستراتيجيات، “لجذب الناس للأطعمة المصنعة الدهنية والمالحة والحلوة، التى تسبب الإدمان؛ حتـى أصبحت تشكل 68% مـن المنتجات الغذائية”، وفقا لما ذكرته صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية.
خبراء فى النكهات والمواد المضافة
بينما شركات التبغ الأميركية دخلت مجال الأغذية لإنتاج أطعمة مصنعة ومشروبات تُدر أرباحا طائلة فى ستينيات القرن الماضي، مُستغلة خبراتها فى النكهات والمواد المضافة فى صناعة السجائر؛ فأطلقت مشروعا لتطوير المشروبات السكرية، دعمته بأبحاث تسويقية على الأطفال.
وفي الثمانينيات مـن القرن الـ20، قام عمالقة صناعة التبغ الأميركيون مثل “فيليب موريس و”آر. جيه. رينولدز”؛ بالاستحواذ على شركات أغذية كبرى، مثل “كرافت”، و”جنرال فودز”، و”نابيسكو”، مما أتاح لهم الدخول بقوة فى صناعة الغذاء، وجني المليارات مـن مبيعات علامات تجارية شهيرة مثل “أوريو كوكيز”، و”كرافت ماكاروني آند تشيز”، و”لانشابلز”.
وبحلول العقد الاول مـن القرن الـ21، وبعد ان غرقت شركات التبغ فى الدعاوى القضائية المتعلقة بالتلاعب فى مكونات السجائر؛ اضطرت للانفصال عَنْ شركات الأغذية، لكن بعد ان أرست قواعد لعبة تصنيع المنتجات المستساغة للغاية وتركت بصمتها على الأطعمة التى نتناولها وفق الصحيفه الأميركية.
ظهور الأطعمة “شديدة الاستساغة”
ركز البحث على الأطعمة “شديدة الاستساغة”، والتي تحتوي عادةً على المزيد مـن الدهون والصوديوم والسكر والمواد المضافة، والتي تدفع الي الرغبة الشديدة فى تناولها والإفراط فى الأكل، “ليفهم الناس مـن أين جاءت هذه الأطعمة؟ وكيف أصبحت تهيمن على حياتنا؟”، كَمَا تقول تيرا فازينو، الأستاذة المساعدة فى قسم علم النفس بجامعة كانساس، والمشرفة على الدراسة.
وبعد دراسة الملايين مـن وثائق صناعة التبغ الموجودة فى مكتبة جامعة كاليفورنيا الأميركية، والتي تُلقي الضوء على آلية تحكم شركات التبغ فى التركيب الغذائي لمنتجاتها لتسبب الإدمان، حدد الباحثون 105 أطعمة مـن بين المنتجات الأكثر مبيعا بين عامي 1988 و2001، تحمل العلامات التجارية المملوكة لشركة “نابيسكو” التى تملكها “آر. جيه. رينولدز”، وتشمل منتجات شهيرة مـن البسكويت والمقرمشات “ريتز”.
كَمَا درس البحث بيانات منتجات أخرى تعود ملكية الشركات المصنعة لها الي “فيليب موريس”.
وقارن الباحثون بين التركيب الغذائي لهذه الأطعمة و 587 مُنتَجا مشابها تنتجها علامات تجارية مسابقه لشركات التبغ؛ ووجدوا ان “الأطعمة المملوكة لشركات التبغ كانـت أكثر احتواء على مزيج قوي مـن الكربوهيدرات والصوديوم بنسبة 80%، ومن الدهون بنسبة 29%؛ مما يجعلها شديدة الاستساغة والمذاق”. وخلصت الدراسة الي ان الأطعمة التى تنتجها شركات التبغ “مصممة لتعظيم الاستهلاك العام، مع مخاطر كبيرة على الصحة العامة”.
عصر السمنة
وجد البحث ان الأطعمة “شديدة المذاق” انتشرت بسرعة، بالتزامن مع صعود نسبه السمنة والأمراض المرتبطة بالنظام الغذائي. ففي نفس الوقت الذى دخلت فيه شركات التبغ مجال صناعة الأغذية، قفزت نسبه السمنة فى أميركا بشكل حاد، مـن 13.4% فى عَامٌ 1980 الي 34.3% فى عَامٌ 2008 بين البالغين، ومن 5% الي 17% بين الأطفال؛ مع ما ترتب على ذلك مـن زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية والسكري؛ وفقا للمعاهد الوطنيه للصحة.
وبحلول مارس/آذار 2020، كان 41.9% مـن البالغين يعانون مـن السمنة المفرطة، وأرجعت منظمة الصحة العالميه صعود نسبه السمنة الي اختفاء الأطعمة الطازجة، وزيادة الإنتاج الضخم للأغذية المصنعة؛ وفقا لموقع مجـلة “فوربس”.
وفي غمرة جنون تناول الأطعمة قليلة الدسم، قدمت شركة “نابيسكو” كعكات “سناك ويل” التى وصلت مبيعاتها الي ما يقرب مـن نصف مليار دولار فى 3 اعوام فقط؛ بعد ان جذبت المستهلكين المهتمين بالوزن، وكانوا يسرفون فى تناولها لاعتقادهم أنها لا تسبب السمنة، على أساس أنها خالية مـن الدهون؛ لكنها كانـت تحتوي على المزيد مـن السكر والسعرات الحرارية.
الأطعمة المصنعة وإدمان الدخان والكحول
وفي شأن متّصل، ذكرت آشلي غيرهاردت، أستاذة علم النفس وإدمان الغذاء بجامعة ميشيغان الأميركية، المشاركة فى الدراسة لـ “واشنطن بوست”، ان النتائج تشير الي ان “شركات التبغ صممت الأطعمة المصنعة، بحيث تضمن الوصول الي إثارة الرغبة الشديدة، أو ما يعرف بـ(نقطه النعيم) لدى المستهلك”.
وأوضحت ان الأطعمة شديدة المذاق تشترك فى المزيد مـن المواد المسببة للإدمان، لاحتوائها على مكونات مـن النباتات والأطعمة الطبيعية التى تم تنقيتها وتركيزها وتحويلها الي منتجات يتم امتصاصها بسرعة فى مجرى الدم، لزيادة تحفيز مراكز المكافأة فى أدمغتنا بشكل مفرط، يجعل مـن الصعب مقاومتها.
وفي بداية هذا العام 2023، اعلنت سوزان جيب، الأستاذة فى جامعة أكسفورد، ورئيسة وكالة معايير الأغذية، لصحيفة “تايمز” البريطانية؛ إن السماح بدخول الكعك الي المكاتب فى أعياد الميلاد أو الاحتفالات “أمر سيئ، مثل التدخين السلبى”.
وفي أكتوبر/تشرين الاول 2023، عرضت دراسة حَلّلت بيانات مـن 281 تقريرا مختلفا فى 36 دَوْلَةٌ، ان “الأطعمة فائقة المعالجة، تسبب الإدمان مثل الكحول والتبغ”.
وأشار العلماء الي ان هذه الأطعمة التى يتناولها 1 مـن كل 3 بالغين أميركيين اثناء ساعة الغداء، تحتوي على مستويات عاليه مـن الكربوهيدرات المكررة أو الدهون المضافة، وتُطلق مستويات مرتفعة مـن الدوبامين فى الدماغ، وترتبط بقوة بالمؤشرات السلوكية للإدمان، “كفقدان السيطرة والاستمرار فى تناول الطعام رغم العواقب السلبية.