الاخبار العربية والعالمية

آخرها خريطة المربعات السكنية الآمنة.. الغزيون فى مواجهه ادعاءات الاحتلال | سياسة سام نيوز اخبار

غزة- تبدو عملية أبو زكريا مستحيلة بالعثور على مكان يؤويه وأسرته فى مدينة رفح أقصى جنوب قطاع غزة، بعدما نزح أولا مـن منزله فى مدينة غزة الي مدينة خان يونس، التى تتعرض بدورها لحملة تهديد إسرائيلية لا تقل عنفا عَنْ القصف الجوي والبري والبحري، المتمركز على هذه المدينة لليوم الثالث على التوالي، منذ انهيار مباحثات تمديد اتفاق الهدنة المؤقتة.

يتساءل أبو زكريا فى حديثه للجزيرة نت، بلهجة مـن استنفد خياراته جميع “وين بدنا نروح؟”، حاله كحال غالبية الغزيين، الذى باتوا نازحين عَنْ منازلهم سواء دَاخِلٌ المدينة الواحدة، أو أولئك الذين دفعهم جيش الاحتلال دفعا بالقصف والوعيد الي النزوح عَنْ مدينة غزة وشمالها نحو جنوب القطاع.

ومنذ شهر نزح أبو زكريا بأسرته المكونة مـن 7 أفراد، مـن شقته السكنية فى حي تل الهوى جنوب غربي مدينة غزة، ولجأ بهم الي منزل صديق له فى مدينة خان يونس فى جنوب القطاع، ويقول “ما فى مكان آمن، وأشعر بالندم الشديد لمغادرتي غزة”.

يشعر أبو زكريا بالندم لنزوحه من منزله في مدينة غزة ويتمنى العودة والعيش به حتى لو تحت القصف ومن دون طعام وشراب-رائد موسى-رفح-الجزيرة نت
يشعر أبو زكريا بالندم لنزوحه مـن منزله فى مدينة غزة ويتمنى العودة والعيش فيه ولو تحت القصف ومن دون طعام وشراب (الجزيرة)

نزوح متكرر

اضطر أبو زكريا للنزوح مجددا مـن مدينة خان يونس نحو مدينة رفح المجاورة لها على الحدود مع مصر، وبعدما أعياه البحث عَنْ “بيت أو شقة أو حاصل (مساحات أسفل المباني تستخدم كمحال تجارية) أو اى زاوية” وفق وصفه، لجأ مؤقتا لمنزل صغير لصديقه، تكاد جدرانه تطبق على مـن بداخلها للازدحام الشديد.

وتكتظ مدينة رفح بأكثر مـن ضعف تعداد سكانها الأصليين، جراء موجات النزوح اليها، وبحسب رئيس بلدية رفح الدكتور احمد الصوفي فى حديث لاحق للجزيرة نت فإن أكثر مـن 700 ألف نسمة يقطنون حاليا هذه المدينة، التى يقدر تعدادها قبل اندلاع الحرب فى السابع مـن أكتوبر/تشرين الاول الماضي بنحو 300 ألف نسمة.

وفور انتهاء اتفاق الهدنة المؤقتة، صباح يـوم الجمعة الماضي، ألقت طائرات حربية إسرائيلية منشورات تنذر سكان مناطق واسعة شرق مدينة خان يونس، وتدفعهم نحو النزوح الي ما وضحت إليه بالملاجئ الآمنة فى مدينة رفح، وتساءل أبو زكريا “عَنْ اى أمن يتحدثون ورفح نفسها تعرضت لغارات جوية عنيفة دمرت منازل سكنية على رؤوس أصحابها؟!”.

ويمنع جيش الاحتلال النازحين مـن شمال القطاع الي جنوبه بالعودة الي منازلهم، ودفع نازحون حياتهم ثمنا لمحاولتهم العودة اثناء الهدنة، ويقول أبو زكريا “لو أتيحت لي الفرصة سأعود وأعيش فى بيتي تحت القصف وحتى بدون أكل وشرب، كلها موتة وحدة، أحسن مـن بهدلة التشرد مـن مكان لمكان”.

وتزداد مخاوف أبو زكريا على نفسه وأسرته إثر خريطة المربعات السكنية التى نشرها جيش الاحتلال لجميع مناطق القطاع، وتحد مـن خيارات أكثر مـن مليوني نسمة فى الشريط الساحلي الصغير، وتدفع بهم شيئا فشيئا نحو مناطق بلا منافذ نحو مدينة رفح المحشورة بين البحر غربا والسياج الأمني الإسرائيلي شرقا والحدود مع مصر جنوبا.

الغارات الجوية المكثفة على رفح ومدن جنوب قطاع غزة تكشف أكذوبة مزاعم اسرائيل عن المناطق الآمنة-رائد موسى-رفح-الجزيرة نت
الغارات الجوية المكثفة على رفح ومدن جنوب قطاع غزة تكشف أكذوبة مزاعم إسرائيل عَنْ المناطق الآمنة (الجزيرة)

“شو بلوكك؟”

وأثارت خريطة نشرها جيش الاحتلال وقسّم بموجبها القطاع الي مئات المربعات السكنية الصغيرة والمتلاصقة، حالة مـن الإرباك فى أوساط أهل غزة، الذين سيطر على أحاديثهم سؤال “شو بلوكك؟” اى ما رقم مربعك السكني وفق هذه الخريطة، بينما استخف آخرون بالخريطة وكذبوا ادعاءات الاحتلال بأن هدفه حماية المدنيين.

وزعم جيش الاحتلال ان هذه الخريطة تهدف الي تمكين الفلسطينيين مـن معرفة أماكن الإخلاء بموجب التقسيم، ومنح المربعات السكنية أرقاما وتخطيط حدودها بدقة، حتـى يسهل عليهم التنقل الي الأماكن الآمنة وفق ما سيصدر مـن تعليمات عسكرية الأيام القادمة.

ووفقا لمصادر اعلامية فإن هذه الخريطة تأتي استجابة إسرائيلية لطلب أميركي بتوفير مناطق آمنة فى جنوب القطاع، واتخاذ إجراءات لحماية المدنيين اثناء عملياتها العسكرية، التى تبدو أنها تتوسع فى مناطق الجنوب، خاصة فى مدينة خان يونس.

وتقول سماح عبد الله للجزيرة نت “اعلن لنا (الاحتلال) انزحوا مـن الشمال للجنوب، ونزحنا ولم نرَ الأمن، والآن يطلبوا ان ننزح مرة أخرى على رفح، وبعدها وين نروح؟!”.

وقبل نحو 4 أسابيع نزحت سماح مع زوجها وأطفالهما الثلاثة الي مدينة خان يونس، بعد نجاتهم مـن غارة جوية إسرائيلية على منزل عائلتها فى بلدة بيت لاهيا، حيـث لجأت إليه مع أسرتها ظنا منها أنه أكثر أمنا مـن منزلها المجاور فى البلدة ذاتها.

خرجت سماح وأسرتها مـن تحت الأنقاض، وفقدت فى تلك الغارة شقيقها سائد وزوجته وأطفاله الثلاثة، ومعهم أفرادا نازحين مـن أسرة زوجته، وشقيقها صالح، وأصيب والداها وشقيقتها بجروح، إثر انهيار كلي للطابقين الثانى والثالث، ودمار جزئي فى الطابق الاول؛ حيـث كانـت تقيم مع زوجها وأطفالها.

وفي الساعات الأولى لانتهاء اتفاق الهدنة، صباح الجمعة الماضي، تقول سماح “كنا سنموت”، حيـث نجت وأسرتها مرة ثانية مـن غارة جوية إسرائيلية دمرت منزلا مجاورا لمنزل صديق زوجها نزحوا إليه، وقد دمرت جميع أبوابه الخشبية ونوافذه الزجاجية.

لم تجد سماح عبد الله متسعاً لها ولأسرتها في مدرسة تابعة لأونروا في مدينة رفح على الحدود مع مصر-رائد موسى-رفح-الجزيرة نت
لم تجد سماح عبد الله متسعا لها ولأسرتها فى مدرسة تابعة للأونروا فى مدينة رفح على الحدود مع مصر (الجزيرة)

“وين نروح؟”

وفيما لا تمثل مراكز الإيواء فى مدارس “الأونروا” والمرافق العامة والحكومية، خيارا بالنسبة لأبي زكريا، فإن سماح غرقت بدموعها وجلست بأطفالها منهارة فى ساحة مدرسة تابعة للأونروا فى مدينة رفح، لم تجد بها متسعا يؤويهم، وتقول “المدير أخبرني ان المدرسة مكتملة ولا يمكن إستقبال وتسجيل نازحين جدد”.

وكأبي زكريا تساءلت سماح “وين بدنا نروح؟”، وتابعت “لا أريد أكل أو شرب، أريد الأمن لأطفالي”، ولولا ان نازحا بالمدرسة استضافها فى غرفه تؤوي زوجته وأطفاله، لوجدت نفسها بالشارع بلا مأوى، لقد أرادت سماح مدرسة تابعة لهذه المنظمة الدولية ظنا منها أنها أكثر أمنا مـن العديد.

وتقدر الأونروا عَدَّدَ النازحين فى مدارسها ومرافقها بأكثر مـن مليون نازح، بينما لجأ آلاف آخرون الي مدارس ومستشفيات ومرافق حكومية، ومنازل أقارب وأصدقاء، وكسر نازحون مـن مدينة خان يونس وشمال القطاع أبواب مدرسة حكومية وأقاموا بها.

ويؤمن عصام ثابت كغالبية الغزيين ان لا مكان آمن فى غزة، لكنه أخذ خارطة المربعات السكنية التى نشرها جيش الاحتلال على محمل الجد، وبحث عَنْ موقع منزله لمعرفة رقم مربعه السكني، ويقول للجزيرة نت “بحثت عَنْ رقم مربعي السكني أخذا بالأسباب، كي أكون مستعدا لأي طارئ”.

ويقر عصام ان هذا الطارئ لو وقع واضطر الي إخلاء منزله، فليس أمامه مكان محدد يذهب إليه بأسرته المكونة مـن 4 أفراد، ووالديه وشقيقته بأسرتها المكونة مـن 6 أفراد، وينزحون فى منزله منذ الاسبوع الاول للحرب.

وتشير تطورات الميدان ان جيش الاحتلال استأنف فور انتهاء اتفاق الهدنة، غاراته الجوية على جميع ارجاء القطاع وكأنه يبدأ حربه مرة اخري بكل قوة وعنف، مستهدفا منازل ومربعات سكنية، وتسببت وفق توثيق السلطات المحليه فى استشهاد أكثر مـن 700 فلسطيني، وجرح أكثر مـن ألف آخرين.

وقال مدير المكتب الاعلامي الحكومي إسماعيل الثوابتة فى تصريحـات للصحفيين، إنه تم رصد 20 مجزرة إسرائيلية ارتكبها جيش الاحتلال اثناء الـ24 ساعة الماضية، فى جميع مناطق القطاع، بما فى ذلك مدن الجنوب التى زعم أنها “مناطق آمنة”.

وبحسب وزارة الصحة بلغت الحصيلة الإجمالية لضحايا الحرب على غزة نحو 16 ألف شهيد، وأكثر مـن 40 ألف جريح، وحوالي 70% مـن الشهداء والجرحى مـن النساء والأطفال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى