تعد أماني البابا واحده مـن اشهر الرسامات الفلسطينيات اللواتي كرسن فنهن للدفاع عَنْ القضية الفلسطينية، تارة باللوحات الفنية، وأخرى بالرسوم الموجهة للأطفال، وذلك عبر المهرجانات والفعاليات الفنية المتنوعة منذ العام 1998 وحتى الان، وفي جميع أعمالها هناك فكرة أساسية تسيطر عليها طوال الوقت هى: كيف يمكن للفن ان يخدم قضية بلدها الأم فلسطين؟
وقد التقتها الجزيرة نت وأجرت معها الحوار القادم:
-
برأيك كيف لفن الرسم ان يخدم القضية الفلسطينية؟
الفن لغة عالمية، ووسيلة للتعبير عما يمر به الجمهور الفلسطيني مـن مجازر وأهوال، هو لغة بصرية مؤثرة تختزل المزيد مـن المعاني، ولا تحتاج ترجمة، كَمَا أنها سريعة الانتشار، وتوصل الفكر للجميع عبر مواقع التواصل، ونلاحظ ان الرسومات التى تخص الحرب الظالمة على غزة تطغى على أغلب المنشورات، حتـى وإن تم حجب أو منع بعض الفيديوهات، فإن الرسومات تخترق المنع بنجاح.
وبما ان الفن يعبر عَنْ الفنان وعن المجتمع الذى يمثله الفنان، فهو مرآة لما يدور فى فكر الشعوب، ومن ثم فهو إما محفز أو معبر أو أداة للمواساة، عبر اللون والقلم واللحن، يصل الفكر، والفكر المقاوم الحر هو جزء أصيل مـن روح اى فنان.
-
ما ابرز الأعمال التى يمكن الإشارة اليها فى هذا السياق؟
الحقيقة ان كل الفنانين الفلسطينيين عبروا عَنْ القضية الفلسطينية، ومثّل فنهم شكلا مـن أشكال المقاومة، أذكر منهم سليمان منصور وإسماعيل شموط وتمام الأكحل، وكثير مـن الفنانين التشكيليين، فضلا عَنْ فناني الكاريكاتير العرب وغير العرب أيضا، فقد تابعنا العديد مـن رسامي العالم الغربي أيضاً يساندون القضية بفنهم، لا يوجد ما يمكن ان ندعوه بالأبرز، فالجميع يساهم بفنه، لأن الفن لغة مقاومة بالأساس.
-
فقد الفن الفلسطيني كثيرين مـن أهله حيـث استشهد العديد مـن الفنانين اثناء الاحداث الاخيره، هل لك ان تخبرينا عَنْ أبرزهم؟ وما تمثله خسارتهم؟
كثيرون ممن أعرف كزملاء فى نفس المجال فقدناهم تحت هذا القصف المجرم، فمن الفنانين التشكيليين استشهدت الفنانة الفلسطينية هبة زقوت وأبناؤها، تلك الفنانة التى عرفتُ أعمالها ورسمنا معا لمؤسسة فى طولكرم تدعى دار قنديل، كانـت هبة فنانة شابة ومعلمة وأم، والحقيقة أنني أصبت بصدمة كبيرة عندما سمعت خبر استشهادها وأطفالها، لا يوجد فلسطيني فى الخارج إلا واستشهد مـن أقاربه وأهله ومعارفه عائلات بالكامل، وأنا لا أدري حقا هل هناك ضمير فى هذا العالم؟
-
ما الدور الذى تلعبه رسوم كتب الأطفال لترسيخ قضية فلسطين فى أذهان الصغار؟
تلعب دورا كبيرا جدا، ولكن كي تصل القضية وتترسخ بشكل سليم فى نفوس أطفالنا فإن هناك واجبا على الكتّاب والفنانين وأيضا دور النشر، حيـث صار مـن الواجب إصدار كتب للمراحل المتنوعة مـن اجل زرع قيم الوطن وفلسطين والحرية، لأننا فعليا نعيش حرب قيم بطرق مباشرة وغير مباشرة، وأطفالنا معرضون لقيم غريبة عَنْ مجتمعاتنا وعن ديننا، عبر الألعاب الإلكترونية ومواقع التواصل، لذا فإن مـن واجبنا الاهتمام بتشكيل الوعي، وهو ما يبدأ مـن زرع الوعي فى عقول الأطفال والأهالي عبر القوة الناعمة وهي الفن بمختلف أنواعه.
-
الي اى مدى نجحت كتب الأطفال فى توصيل الرسالة
نجحت الي حد كثير، فأنا أرى ذلك بوضوح فى صورة كثير مـن الأهالي وأولياء الامور الذين يحرصون على اقتناء كتب وقصص تتحدث عَنْ فلسطين لأبنائهم.
-
ما هى اهم رسالة تحرصين على توصيلها باستمرار عبر أعمالك؟
فى الواقع هى ثلاث رسائل أساسية، أو بالأحرى قيم، هى الحرية والجمال والعدل، وأنا أحاول وسوف أستمر فى هذا العمل كإنسانة وأم أتوق فى أعمالي وأعبر خلالها عَنْ الحرية والجمال وعن عالم عادل إيجابي.
-
برأيك ما الدور الذى يلعبه أطفال اليـوم ممن راحوا يرسمون أعلام فلسطين ويتابعون ما يجري عَنْ كثب فى السنوات القادمة؟
نحن نعيش حرب وعي، والأطفال يجب ان يفهموا ما يحصل فى العالم، لكن بما يتناسب مع أعمارهم، فزراعة القيم فى سن صغيرة مهم جدا لخلق مجتمع واع يدعـم قضايا عادلة كقضية فلسطين، ولنعرف مكاننا فى هذا العالم، وفيم نتميز، وكيف نزيد نقاط القوة، فالأطفال بالفطرة يحبون الحق ويعرفون الباطل، ذلك ان فطرتهم نقية ونابعة مـن قلوبهم.
-
ما هى أقرب أعمالك الي قلبك ولماذا؟
كل كتبي الموجهة للأطفال أحبها جدا، وبالذات كتاب دعسوقة وشموسة، هذا الكتاب صدر عَنْ دار فى الخليل اسمها دار العماد للنشر، وقد قام الاحتلال قبل أيام بالتهجم على دور الطباعة والنشر فى الخليل.. هذا الكتاب مرسوم على صور صوّرها وائل سلايمة فى القدس: المسجد الأقصى وكنيسة القيامة وأبواب القدس، وهو مرسوم خصيصاً لفئة عمرية صغيرة، وتصلني دائما اخبار وقراءات باستخدام هذا الكتاب.
-
حدثينا عَنْ مشروعك الفنى وعن أهدافك للفترة القادمة؟
بالنسبة للأيام القادمة، فقد أنشأنا مجموعه مـن الكتاب والرسامين والمؤديين باسم “بذر بطيخ”، بنيت فكرتنا على ما قام به الكاتب المقدسي زياد خداش بالتواصل مع ابناء صديقه فى غزة لتخفيف الخوف وتسليتهم فى هذه الحرب الإجرامية، وصار يسجل لهم قصصا عَنْ عصفورة تهرب مـن صياد، وقد قامت الصديقة ديما سحويل الفلسطينية المقيمة فى ألمانيا بطرح الفكرة. وبدأ مجموعه مـن الكتاب العرب فى التجمع لإكمال قصة العصفورة، والرسامون يرسمون، والمؤدون يسجلون أصواتهم لتصل لأبطال القصص، وهم أطفال غزة الرائعين جوري وجود وعبود وكنزي، ونحن مستمرون فى العمل لأجلهم عبر مجموعه بذر بطيخ.