الاخبار العربية والعالمية

أوروبا وأميركا تشتريان الوقود النووي مـن روسيا.. ما السبب؟

رغم مرور نحو 18 شهراً على بدء عمليتها العسكرية فى أوكرانيا، لم تتمكن الدول الغربية وخاصة أميركا، مـن التغلب على اعتمادها على الوقود النووي الروسي.

فلا زالت شركة “روساتوم” التى يسيطر عليها الكرملين، المصدر المهيمن للوقود بالنسبة لمحطات الطاقة النووية حول العالم، حيـث توفر حوالى نصف الطلب العالمي على اليورانيوم المخصب، حسب ما اعلنت وكالة “بلومبرغ”.

فكيف يتم تصنيع الوقود النووي؟

يتم تشغيل المحطات النووية باليورانيوم، وهو عنصر شائع نسبياً ومشع طبيعياً.

ومع ذلك، يريد خام اليورانيوم الي المرور بعملية صناعية واسعة النطاق قبل ان يتم استخدامه فى المفاعل، حيـث يجب استخراج العنصر وطحنه وتحويله الي شكل غازي.

ثم تقوم مرافق التخصيب بعد ذلك بفصل النظائر التى تمثل حوالى 0.7% مـن المعدن الثقيل، وتحويلها الي شكل مسحوق يمكن هندسته بدقة فى قضبان يتم تجميعها فى مجمعات الوقود للمفاعلات.

ونظرًا لأن نفس المواد والعمليات المستخدمة فى صنع وقود المفاعلات يمكن استخدامها أيضًا فى صنع الأسلحة، فإن التفاصيل الدقيقه لدورة الوقود النووي كانـت واحده مـن أسرار البشرية الأكثر تكتما منذ ان تم تصميمها لأول مرة جاء الى العلماء فى اطار مشروع مانهاتن اثناء الحرب العالميه الثانية.

وقود نووي روسي  (AP)

وقود نووي روسي (AP)

لكن لماذا روسيا هى المهيمنة الي هذا الحد؟

على عكس الشركات الغربية فى المجال النووي، تشارك روساتوم فى كل جزء مـن مجموعه التوريد، بدءًا مـن استخراج الخام وحتى تخصيب الوقود وتسليمه.

وتعد هذه الشركة تعبيرا عَنْ القوة الجيوسياسية للكرملين بقدر ما هى شركة مدرة للربح، ويعد هذا الالتزام على مستوى الدولة فى صالح روسيا، فعندما ابتعد المستثمرون الدوليون عَنْ الطاقة النووية فى أعقاب حادث فوكوشيما فى عَامٌ 2011، أفلست بعض الشركات الغربية المشاركة فى دورة الوقود، بما فى ذلك شركة أريفا فى فرنسا، وشركة التخصيب الأميركية، وشركة وستنجهاوس للكهرباء.

وتدخلت روسيا، فنجحت فى بناء حصتها فى السوق، ليس فقط بين الأسطول العالمي الحالي مـن المفاعلات النووية، بل وأيضاً مـن اثناء تقديم التمويل السخي للمشاريع الأجنبية الجديدة.

واليوم، يقوم عمال روساتوم البالغ عددهم 330 ألف عامل بتوفير مجمعات الوقود لعشرات المفاعلات القديمة فى أوروبا الشرقية وروسيا.

كَمَا تقوم ببناء 33 وحدة طاقة جديدة فى عشر دول، بما فى ذلك الصين والهند، والتي سترتبط بعقود الوقود لعقود مـن الزمن القادمة.

A tank truck is seen at a petrol depot, owned by the Rostech fuel company, in Vladimir, Russia, April 14, 2016. (File photo: Reuters)

A tank truck is seen at a petrol depot, owned by the Rostech fuel company, in Vladimir, Russia, April 14, 2016. (File photo: Reuters)

ما هى الدول الأكثر اعتمادا؟

تواصل الاقمار الصناعية السوفيتية السابقة فى أوروبا الشرقية تشغيل العشرات مما يسمى بمفاعلات الماء المضغوط VVER التى تم بناؤها اثناء مدة الحرب الباردة. وتستخدم معظم هذه الوحدات المتقادمة وقود روساتوم وتعمل بالفعل فى الوقت الضائع، وتولد الكهرباء بعد الفتره الأولية التى رخصتها الهيئات التنظيمية لتشغيلها، وهذا يعني أنه لا يوجد حافز كثير للشركات الجديدة لدخول تلك السوق والتنافس امام العرض الروسي.

وفي المجمل، تغطي روسيا نحو 30% مـن طلب الاتحاد الأوروبي على اليورانيوم المخصب.

ما مدى ترصد الولايات المتحدة للخطر؟

فى أعقاب الحرب الباردة، نمت التجارة الذرية بين البلدين فى اطار ما يسمى ببرنامج ميجا طن الي ميجاوات، والذي قام بتحويل 500 طن مـن اليورانيوم الروسي المستخدم فى صنع الأسلحة الي وقود مناسب للمفاعلات الأميركية.

ولا تزال روسيا المزود الرئيسي لخدمات تعدين اليورانيوم وطحنه وتحويله وتخصيبه للمرافق الأمريكية، وفي عَامٌ 2022، قامت بتزويد حوالى ربع اليورانيوم المخصب الذى اشترته مفاعلات الطاقة النووية الأمريكية، وفقًا لأرقام الحكومة الأمريكية. والأكثر عرضة للخطر هو توفير اليورانيوم المخصب لمستويات أعلى، والذي يستخدمه جيل جديد مما يسمى المفاعلات المعيارية الصغيرة (SMRs) لانه يقلل مـن وتيرة إعادة التزود بالوقود. تقوم شركة روساتوم حاليًا بتزويد الولايات المتحدة بكل ما يسمى هاليو، أو اليورانيوم عالي التخصيب منخفض التخصيب.

ما الذى يجري لتقليل الاعتماد على روسيا؟

إن الجهود الرامية الي التنويع بعيداً عَنْ الإمدادات الروسية تبدو أشبه بوحش “فرانكنشتاين”، حسبما صرحت روساتوم لعملائها فى شهر يونيو/حزيران، مؤكدة أنه بينما تمتلك كل دَوْلَةٌ غربية أجزاء فردية مـن مجموعه إمداد الوقود النووي، فإنه لا يمكن لأي دَوْلَةٌ بمفردها ان تنافس العلامة التجارية المتكاملة الخاصة بها.

ومع ذلك، أكدت روساتوم إنها “تدرك المخاطر” و”ستحمي مصالحها” جزئيا مـن اثناء تقديم “افضل الحلول التى تم اختبارها بالفعل” للدول.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى