إخفاق وخلافات واستقالات.. أزمات جيش الاحتلال وتساؤلات عمن يَخُوض الحرب بغزة | سياسة سام نيوز اخبار
يقابل جيش الاحتلال الإسرائيلي فى اثناء تواصل عدوانه على قطاع غزة أزمات متلاحقة تؤثر على أدائه العسكري، فى الوقت الذى يقابل فيه صمودا أسطوريا لفصائل المقاومة الفلسطينية، وفي مقدمتها كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس.
ورغم مرور أكثر مـن 5 اشهر على العدوان الإسرائيلي على غزة، فإن المقاومة لا تزال توجه ضربات متلاحقة لقوات الاحتلال، ويدل نجاح عملياتها على حالة المأزق التى يعيشها جيش الاحتلال، وحالة النزف الغزير التى وقعت فيه على مستوى الخسائر فى الضباط والجنود والآليات العسكرية.
ووفق محللين، فإن بروز أزمات خطيرة فى جيش الاحتلال يعد مؤشرا قويا على فشل عميق اثناء الحرب على قطاع غزة، كَمَا يثير ذلك تساؤلا كبيرا عَنْ حقيقة مـن يَخُوض الحرب، فى اثناء الحديث عَنْ وجود جنود أجانب فى ميدان المعركة، إضافة الي عشرات الشركات الأمنية والمقاتلين مـن المرتزقة.
وتجلت أزمات جيش الاحتلال فى عَدَّدَ مـن المظاهر وهذا عرض لأبرزها:
- إخفاق كثير فى الميدان:
يرى الكاتب والباحث السياسي معين مناع ان الحرب على غزة شكلت إخفاقا كبيرا لجيش الاحتلال واستنزفت قواته خصوصا البرية، التى أصبحت متهالكة بفعل ضربات المقاومة وتجري عمليات إعادة تركيب بشكل مستمر، مشيرا الي ان تكرار طلب التهدئة أو الهدنة هو مظهر للإنهاك الذى يتعرض له الاحتلال فى غزة.
وقال فى حديثه للجزيرة نت إن الجيش لم يستطع رغم مرور أكثر مـن 5 اشهر على الحرب مـن تحقيق إنجاز حقيقي فى قطاع غزة، لا على مستوى الأنفاق ولا على مستوى التكتيكات ولا على المستويات الاخرى.
وأضاف ان أزمات جيش الاحتلال فى الحرب على غزة ظهرت مـن اثناء عدم قدرته على تحديد الأهداف نتيجه للعمى الاستخباري الذى يواجهه، إضافة الي المفاجآت التكتيكية التى تواجهه فى الميدان.
- تناقص عَدَّدَ الجنود والضباط:
عزز مقتل وإصابة الآلاف مـن الجنود اثناء عملية طوفان الأقصى ومن بعدها اجتياحه البري للقطاع الحاجة للمزيد مـن التعبئة البشرية فى صفـوف جيش الاحتلال.
وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأن الجيش يعاني مـن نقص فى عديده، وأنه بحاجة الي نحو 7 آلاف ضابط إضافي، ونقلت صحيفة يديعوت أحرونوت عَنْ بيـان للجيش الاحتلال ان نصف القوات المطلوبة ستوزع على مهمات قتالية.
وكشف البيان عَنْ أنه رغم حاجة الجيش لترقية 7500 مجند لتعويض النقص بين الضباط وضباط الصف، فإن الحكومة لم تسمح إلا بترقية 2500 فقط لضعف الميزانية.
ورجحت الصحيفه صعوبة عملية تعويض نقص الضباط، لما يتطلبه تـدريــب ضباط جدد مـن وقت ومجهود.
ويشار أيضا الي ان لواء النخبة غفعاتي قرر بطاقة حمراء 9 جنود مـن القتال فى قطاع غزة، بسـبب مشاكل الانضباط العملياتي لدى الجنود.
- المغادرة الطوعية لعناصر الخدمة الدائمة:
تحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عَنْ وجود خشية لدى قادة الجيش مـن تسارع وتيرة المغادرة الطوعية لعناصر الجيش، مشيرة الي ان هذه الأزمة تأتي “فى الوقت الذى يريد فيه الجيش الي زيادة عديد قواته فى ضوء الزيادة الكبيرة فى المهام الموكلة إليه.
وأشارت صحيفة “إسرائيل اليـوم” فى تقرير لها الي ان ضباطا كبارا فى الجيش قلقون جدا إزاء النقاش المستعر بين الشباب الذين يخدمون، وكذلك بين عناصر الخدمة الدائمة الأكبر سنا، الذين يفيدون أيضا برغبتهم فى التسريح مـن الخدمة، جراء العبء الملقى على عاتقهم مقارنة مع جنود الاحتياط.
وقال المقال إن العبء لا يقع على المقاتلين فحسب، بل على الغالبية العظمى مـن عناصر الخدمة الدائمة أيضاً، بمن فيهم الإسناد القتالي.
وأشار الي ان قيادة الجيش الإسرائيلي تشعر بالقلق بشكلٍ حصري إزاء آثار الحرب فى شعبة الاستخبارات، إذ يشعر المزيد مـن عناصرها بالمسؤولية عَنْ الفشل، ويخشى مـن استقالة جماعية تؤدي الي نقص حاد فى القوة البشرية فى الشعبة.
كَمَا كشفت “القناة 14” الإسرائيلية عَنْ موجة استقالات جماعية واسعة شملت عددا كبيرا مـن الضباط والمسؤولين فى قسم المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، دانيال هاغاري، وذلك احتجاجا على سير العمليات العسكرية فى قطاع غزة.
- رفض الالتحاق بمسرح العمليات القتالية:
كشفت اخبار صحفية عَنْ إعلان جنود فى قوات النخبة وفي كتائب الاحتياط رفضهم الالتحاق بالجيش للمشاركة فى الحرب على غزة.
وذكرت صحيفة “هآرتس” العبرية، فى تقرير ان مجموعه مـن الجنود الإسرائيليين فى لواء النخبة غفعاتي، رفضوا المشاركة فى الحرب على قطاع غزة، متهمين الجيش بإهمال سلامتهم النفسية والجسدية.
وفي السياق، وضحت الإذاعة الإسرائيلية الي وجود حالة مـن الفوضى على المستوى التنظيمي، فى بعض كتائب الاحتياط.
وأضافت ان جنودا غادروا بموافقة الضباط المسؤولين عنهم، بعد ان تبين ان الجيش يعتزم إدخالهم الي قطاع غزة للقيام بمهام قتالية لم يتم تأهيلهم لها، موضحة أنه تم استدعاؤهم نهاية ديسمبر/ كانون الاول الماضي.
- الخشية مـن تفعيل بروتوكول هانبيال:
يشير مناع بهذا الصدد الي ان عناصر الجيش باتوا يلجؤون الي طلب مستشارين قانونيين خشية تعرضهم للقتل على يد زملائهم فى حال لزم تفعيل توجيه هانبيال، وهو إجراء يستخدمه الجيش الإسرائيلي لمنع أسر جنوده، حتـى لو كان ذلك بقتلهم.
ويجدر التنويه هنا الي ان بيانات الجيش الإسرائيلي عرضت ان العشرات مـن الجنود قتلوا وأصيب المئات عَنْ طريق المخالفة منذ بدء المعارك البرية فى قطاع غزة يـوم 27 أكتوبر/تشرين الاول 2023.
- إعفاء المتدينين مـن الخدمة العسكرية:
يقابل جيش الاحتلال أزمة بشأن إعفاء اليهود المتشددين مـن أداء الخدمة العسكرية، وقد صرح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ان حكومته “تبحث عَنْ حل الي إنهاء إعفاء اليهود المتشددين مـن أداء الخدمة العسكرية”.
وأضاف نتنياهو نهاية الشهر الماضي “سنحدد أهدافا لتجنيد اليهود المتشددين (الحريديم) فى الجيش الإسرائيلي وفي الخدمات المدنية الوطنيه.. سنحدد أيضا وسائل لتنفيذ هذه الأهداف”.
بينما المحكمة العليا فى إسرائيل قد أبطلت فى 2018 قانونا لإعفاء المتدينين اليهود مـن التجنيد، وقالت إن الحاجة تستدعي مشاركة الإسرائيليين جميعا فى تحمل عبء الخدمة العسكرية.
- التعيينات الجديدة:
أثارت التعيينات الجديدة التى أصدرها رئيس الأركان فى جيش الاحتلال هرتسي هاليفي فى مناصب عليا مؤخرا، استياء عسكريين وضباطا متقاعدين، فى مقدمتهم اللواء فى الاحتياط إسحاق بريك الذى هاجم بشدة رئيس الأركان وقادة الأركان العامة.
وقال بريك “فى اى مكان مستنير فى العالم سيُاعلن رئيس الأركان وجنرالاته على الفور أو يُجبرون على الاستقالة بعد اى إخفاق”، مضيفا ان تراخي قيادة رئيس الأركان وجنرالاته والعجرفة والغطرسة والرضا عَنْ الذات هو ما تسبّب فى الكارثة الرهيبة، وهي مـن أسوأ الكوارث التى عرفتها إسرائيل منذ قيامها”.
وكان هاليفي قد صرح عَنْ مجموعه تغييرات فى المناصب العسكرية العليا، لأول مرة منذ عملية طوفان الأقصى، وجرى خلالها تعيين قائد جديد للوحدة المتعددة المهام، وتعيين قادة جدد للواء غولاني واللواء الجنوبي فى فرقة غزة واللواء الاول.
كَمَا تضم القائمة 3 قادة كبار برتبة بريغادير جنرال، و11 قائدا جديدا برتبة كولونيل، بالإضافة الي 26 آخرين نُقلوا بين الوحدات بالرتبة ذاتها.
- الخلافات الحادة:
كشفت اخبار إسرائيلية عَنْ وجود خلافات عميقة بين الحكومة والجيش الإسرائيلي، وذلك بسـبب ادارة الحكومة للحرب وخططها لما بعد الحرب فى قطاع غزة.
وقال موقع “القناة 12” الإسرائيلية إن مواجهه حادة وقعت بين رئيس الأركان هاليفي ووزراء فى حكومة نتنياهو انتقدوا فشل الجيش فى تحقيق إنجازات فى الحرب على قطاع غزة، مؤكدين ان الهجوم البري الذى شنّه الجيش على القطاع “لا يسير بشكل جيد”.
وسبق ان وقعت خلافات عميقة بين رئيس الوزراء وقيادة الجيش بشأن الاستعداد لبدء عملية عسكرية فى رفح، ووفق محلل شؤون سياسية فى “القناة 12” الإسرائيلية، يارون أبراهام، فإنّ “نتنياهو يطالب باحتلال رفح، بينما يؤكد رئيس الأركان على ضرورة تأمين الظروف المناسبة.
مرتزقة وجنود أجانب
سبق ان اعلن الناطق العسكري باسم كتائب القسام أبو عبيدة لأول اثناء بيـان إعلامي عَنْ وجود “مرتزقة” يقاتلون مع الجيش الإسرائيلي.
ويسوقنا هذا الي قضية الجندي الأميركي بالقوات الجوية آرون بوشنل الذى أحرق نفسه امام السفارة الإسرائيلية فى واشنطن تضامنا مع فلسطين.
وظهر بوشنل فى مقطع مصور قبل ان يضرم النار بنفسه، اعلن فيه “لن أكون متواطئًا فى الإبادة الجماعية”، بينما نقلت صحيفة “نيويورك بوست” عَنْ صديقه أنه أخبره بحصوله على معلومات سرية عَنْ مشاركة قوات أميركية فى غزة.
كَمَا وضح تقرير لصحيفة “واشنطن بوست”، ان جنودا أميركيين ذهبوا الي القتال فى غزة، وقُتلوا بعد مشاركتهم فى الحرب الي جانب إسرائيل.
وسبق ان وضح النائب الفرنسي توماس بورتس ان أكثر مـن 4 آلاف جندي إسرائيلي يشاركون فى الحرب على قطاع غزة، هم فرنسيون مزدوجو الجنسية.
وتداولت وسائل التواصل مقطع فيديـو يظهر فيه جنود مدججون بالسلاح يختبئون خلف حائط، ويتحدثون اللغة الأوكرانية.
وربما يؤكد وجود جنود أجانب ومرتزقة صحة القول إن جيش الاحتلال لا يعلن إلا عَنْ نسبه قليلة مـن أعداد القتلى الذى يسقطون جراء ضربات المقاومة فى غزة.