أخبار عالميةأخبار عربيةأخبار فلسطينالاخبار العربية والعالمية

الأديبة الفلسطينية ليانة بدر: الأدب لا يكفي للقبض على دَوْلَةٌ استعمارية | ثقافة سام نيوز اخبار

تعدّ ليانة بدر مـن الوجوه الأدبية البارزة فى فلسطين، ولطالما شكلت تجربتها الأدبية أفقا مدهشا وغنيا بالعديد مـن الأعمال التى تراوحت بين الكتابة الشعرية والروائية الي جانب السينما الوثائقية.

وتبدو أعمال بدر الأدبية والسينمائية أكثر تجذّرا فى البيئة الفلسطينية وعوالمها، إذ تهتم صاحبة “نجوم أريحا” فى كل عمل لها ان تتماهى مع أرضها وتاريخها وذاكرتها، وتجعل منها أفقا للتفكير بينما يخدم الواقع الحالي.

ورغم إيمانها القوي بالأدب ووظيفته مـن ناحية التأثير فى القارئ، فإنها ترى ان الأدب نفسه يبدو قاصرا امام دبابات الاحتلال لكونه غير قادر على القبض على يوميات القتل والتنكيل والتهجير تجاه الجمهور الفلسطيني.

فى الشعر تبدو ليانة بدر مستغرقة فى الحلم، وفي الرواية تبقى صاحبة “أرض السلحفاة” معنية ببناء الشخصيات والحفر عميقا فى طبقات الزمن، وذلك مـن اجل إعادة بناء الواقع بكل تفاصيله ونتوءاته.

وعن الزخم الأدبي الذى تعيشه الكاتبة بين الأجناس الأدبية والفنية ومدى علاقتها بالواقع الفلسطيني اليـوم، حاورتها الجزيرة نت حول الأدب والسينما.

رواية
رواية “أرض السلحفاة” تعكس حكاية شعبٍ كامل أُجبر على الهجرة والتنقل مـن منفى الي آخر (الجزيرة)

وظيفة الأدب

  • الي اى حد يستطيع الأدب فى نظرك القبض على ما يحدث فى غزة اليـوم؟

لا يمكن للأدب القبض على ما يحدث جاء الى دَوْلَةٌ استعمارية غازية تعمل على قتل جميع أهل غزة بطريقة “القتل على الهويه”.

لا يمكن لأي أدب أو فن النظر الي ما يجري الان مدفوعا بالأيديولوجيا الصهيونية مـن إبادة شاملة امام السكان المدنيين تحت شعارات زائفة ترتبط بالدفاع عَنْ النفس، اى أدب وأية كلمات تستطيع ان تصف عذاب الأسر التى انشطرت وضاع أفرادها عَنْ بعضهم بعضا بسـبب تهديم الأبنية فوق رؤوسهم وتشريد العوائل والنساء والأمهات وأطفالهن وكبار السن والمرضى والجوعى؟ اى أدب يمكن له ان يصف الجحيم؟

  • ما السرّ الذى جعلك تنتقلين مـن الشعر الي الرواية ثم الي السينما؟

حقيقة، لكل موضوع يشغل الفكر والوجدان طريقة مختلفة فى التجلي والظهور. قد تظهر فكرة يمكن معالجتها فى قصة قصيرة، وقد يشغلني موضوع وجودي فلا أجد إلا الرواية كي أبحث عبرها فى نشأة العالم وأصول الأفكار ومعانيها المنعكسة على حياتنا.

فى الأساس نشأت على ارتباط متين باللغة بدا فى مواضيع الإنشاء المدرسية وفي رغبتي الملحة فى المطالعة دون توقف. منذ سن العاشرة كتبت يوميات جدية، وفي الثانوية كتبت القصص القصيرة ونشرت بعضها. كنت أعرف نفسي (كاتبة) وأنا فى سنواتي الجامعية.

بسـبب الشغف فى اكتشاف الحياة الفلسطينية بعد عودتي مـن المنفى عَامٌ 1994، قمت بإخراج وكتابة الأفلام بدءا مـن فيلم “فدوى.. حكاية شاعرة مـن فلسطين” الي “زيتونات” و”الطير الأخضر” و”حصار.. مذكرات كاتبة” الذى صورت فيه اجتياح الاحتلال لرام الله 2002. ومن ثم “مفتوح: مغلق” الذى يدور حول حياة الناس بعد إقامة جدار العزل الإسرائيلي، وكذلك “القدس مدينتي”.

كنت أحس بالحاجة الماسة دَاخِلٌ وخارج فلسطين لفهم ما يجري مـن تغيرات على الأرض، وكنت أشاركهم هذا عبر هذه الأفلام، بالإضافة الي كتابة سيناريوهات لأفلام روائية.

لكن الشعر لم يفارق حياتي، منذ ان كتبت أول أبيات شعرية عَنْ الجزائر وأنا فى المرحله الإعدادية الأولى الي النصوص الشعرية التى أكتبها الان. اللاشعور هو الذى يحدد وسيلة التعبير حسبما يراه.

مـن الأدب الي فتنة السينما

  • سينمائيا اشتغلت على فيلم “فدوى.. حكاية شاعرة مـن فلسطين”، ما الذى جعلك تختارين الصُّورَةُ وليس الكتابة؟

يمكن للصورة الوثائقية ان تصنع تاريخا وأن تعبر عَنْ هذا التَّارِيخُ.

لقد عشت فى المنفى خارج فلسطين 26 عاما، وعندما رجعت كانـت الحياة قد تغيرت تماما تحت الاحتلال وكان لزاما عليّ ان أجد المعادل الموضوعي الذى يمكنني مـن فهم هذه التغييرات الضخمة فى الحياة الفلسطينية، ولم يكن أمامي سوى ان أدخل الأمكنة وأفهم الصور التى تدور فيها لأعرف الصُّورَةُ الكاملة.

كان البلد يعيش تحت سياج وتحكم كامل مـن الاحتلال والعلاقات الاجتماعية والسياسية تغيرت كليا.

وعندما رجعت بدأت بفيلم فدوى لأنها كانـت صديقتي وكنت أعرفها جيدا عبر زيارتي لعمان وزياراتها لتونس، ورأيت فى كتابيها عَنْ حياتها تأسيسا للنسوية الفلسطينية التى تقارع الواقع وتثبت نفسها رغم التخلف الاجتماعي والاحتلال المجمد لأحلام الناس.

  • هل تعتقدين انّ الصُّورَةُ الوثائقية قادرة على إستقبال تفاصيل المشهد الفلسطيني أكثر مـن الأدب؟

للصورة سحرها اثناء يشتغل عليها المرء، واللغة هى مجرد أداة لإظهار الصُّورَةُ.

عمل اختراع أجهزة التصوير، والسينما ثم الكاميرات فأجهزة الهاتف الذكية، على إيجاد لغة جديدة عبر تأليف الصور والتي تعاود التحول الي لغة تخاطب العقل.

اثناء الانتفاضة الثانية كتب (الناقد المصرى) جابر عصفور أنه يستطيع ان يفهم لماذا بدأتُ أصنع أفلاماً، اعلن إنه عرف فى هذه الظروف الصعبة تأثير الصُّورَةُ السحري الذى يشكل برقيات شعورية عاليه السرعة لإرسال الموضوع دون انتظار اللغة الأولى، وقال إن الصُّورَةُ هى برقيات اسرع مـن الحروف والكلمات.

رواية
رواية “نجوم أريحا” تناقش الاغتراب الفلسطيني (الجزيرة)
  • تبدو أعمالك الروائية والسينمائية وكأنها تأريخٌ للتاريخ الفلسطيني. هل يمكن للأديب ان يغدو فى هذه الحالة مؤرخًا؟

عبر رواياتي أعاود صنع الحياة مرة اخري لكي أنظر اليها وأتأملها عَنْ قرب.

دوما عشت حياة قسرية فى منافي ومدن متعددة وكنت أحس بحجم القمع الهائل الذى يفرض علينا نحن الفلسطينيين تحت الاحتلال، فقد استلبوا أراضينا وأمكنتنا، واستباحوا ممتلكاتنا الثقافية، وسرقوا آثارنا وتعيّشوا مـن بيعها وتأجيرها امام أعيننا، لذا توجب علينا ان نرفض الاحتلال لكي لا نكون عبيدا ولكي نعيش الحرية التى نهفو لها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى