الاخبار العربية والعالمية

التأثيرات الاقتصاديه العالميه للصراع الحالي فى غزة | آراء سام نيوز اخبار

كَمَا هو معلوم للجميع شهد العالم والشرق الأوسط، تحديدًا، فى الشهر الماضي، تصعيدًا أمنيًا خطيرًا بسـبب النزاع الحاصل بين حماس وإسرائيل الذى بدأ فى السابع مـن أكتوبر الماضي، حيـث يحمل هذا التصعيد تداعيات بعيدة المدى على الاقتصاد العالمي بشكل عَامٌ، حيـث شاهدنا الان صعودًا فى أسعار الطاقة- وخاصة النفط – وزيادةً كبيرة فى أسعار الغاز الأوروبي. طبعًا قبل حدوث هذه الأزمة، كانـت هناك مخاوف متعلّقة بارتفاع الأسعار نتيجه توقعات بفصل شتويّ بارد. لذا سأتحدث فى هذا المقال عَنْ العواقب المحتملة لهذا الصراع على الاقتصاد العالمي، وضرورة التعاون الدولى للتخفيف مـن تأثيره.

التداعيات الاقتصاديه بشكل عَامٌ:

أولاً: صعود أسعار الطاقة

أدّى الصراع الي صعود  خطير للبرميل فى أسعار النفط مع مخاوف ان الأسواق قد تتجاوز مستوى 100 دولار للبرميل طبقا لتقرير نُشر فى الجارديان، ما أثر بشكل كثير على الدول التى تعتمد بشكل كثير على البترول فى الصناعة. وقد أدى ذلك الي مخاوف مـن التضخم، حيـث تنتشر تكاليف الطاقة العليا فى مختلف قطاعات الاقتصاد.

ثانياً: تهديد نقص الطاقة

بالإضافة الي زيادة الأسعار، هناك تهديد مستقبلي بنقص الطاقة. إذا استمر النزاع وأثر على إنتاج الطاقة فى مناطق رئيسية، أو إذا تم قطع مسارات النقل لموارد الطاقة، فإن إمدادات النفط والغاز العالميه قد تتأثر بشكل كثير، ما يؤدي الي مزيد مـن زيادة الأسعار ونقص المعروض المحتمل.

ثالثاً: مخاوف مـن الركود التضخمي

الوضع الحالي قد يشعل مخاوف مـن حدوث حالة مـن الركود التضخمي، وهي حالة اقتصادية خطيرة تتميز بالنمو الركودي، وارتفاع التضخم. نقص الأموال الناتج عَنْ البطالة يسبب تباطؤ النمو الاقتصادي ويمكن ان يزيد مـن هذا الوضع.

التأثير على منطقه الشرق الأوسط

بينما ان صعودَ أسعار النفط والغاز المفترضَ، يعود بالفائدة للدول الشرق أوسطية المنتجة والمصدرة لهذه الموارد مـن اثناء زيادة إيراداتها وتقليل العجز، إلا أنه يترافق مع مجموعه مـن التحديات اثناء الأزمات. الصراعات المستمرة فى المنطقة تؤدي الي التضخم، خصوصًا فى تكاليف النقل، وتخلق بيئة غير مواتية للاستثمارات.

لذا اعتقد ان هذه الحرب سوف تخلق كسادًا تضخميًا فى أوروبا، وهو أخطر بكثير مـن الكساد المعتاد، الذى عادة ما يؤدي الي خفض الأسعار، نتيجه نقص الطلب على المواد، الناتج أساسًا عَنْ شح المال المتولد عَنْ البطالة الناتجة هى الاخرى عَنْ التباطؤ الاقتصادي

بشكل عملي، يؤدّي هذا الوضع الي هروب رؤوس الأموال الي المناطق الآمنة، بعيدًا عَنْ مناطق النزاع ومحيطها. علاوةً على ذلك، تنخفض قيم العملات الإقليمية، وتصبح الفرص الاستثمارية التى تعزز النمو والتنمية نادرة. على الرغم مـن أنه قد يكون مبكرًا التنبؤ بتفاصيل دقيقة، فإن المؤشرات الاخيره تطلق انذارًا حول المخاطر الاقتصاديه التى تواجهها منطقه الشرق الأوسط بسـبب طبيعة النزاع الطويل الأمد.

لذا فإنّ حركة الاقتصاد فى الشرق الأوسط قد تدفع ثمنًا كثيرًا فى حالة تنامي الصراع واتساع رقعته خارج قطاع غزة، حيـث سيسبب ذلك ضررًا فى إمدادات الوقود والغاز، قد يكون له تأثيرات كبيرة على تضخم الأسعار بشكل عَامٌ، خاصة ان هناك صدمةً فى أسعار الطاقة منذ حرب روسيا، ومع بدء التعافي دخلنا فى الصراع بقطاع غزة، الامر الذى قد يؤثر بصورة كبيرة على أسعار الغذاء والمنتجات المرتفعة فعليًا حاليًا، وقد يتأثر الطلب، ومن ثم تضرر الشركات المنتجة، والوضع لا يتحمل مثل هذه التأثيرات.

التأثير على الاقتصاد الأوروبي

تظهر العواقب الناجمة عَنْ صعود أسعار الطاقة على الاقتصادات الأوروبية بشكل مثير للقلق. تزيد نسبه التضخم، حيـث بقراءة سريعة لما قبل أحداث الصراع الحالي نلاحظ- وبحسب بيانات اليوروستات- ان هناك هبوطًا فى نسبه التضخم فى منطقه اليورو مـن 8.6% فى عَامٌ 2022 الي 5.5% فى العام الحالي، وانخفاضًا مـن 9.6% الي 6.4% فى الاتحاد الأوروبي بحلول يونيو 2023.

اقل معدل تضخم فى أوروبا سُجل فى لوكسمبورج بنسبة 1%، بينما تليها بلجيكا وإسبانيا مـن كثب بنسبة 1.6%. مـن جانب اخر، سُجلت أعلى نسبه التضخم فى هنغاريا بنسبة 19.9%، حيـث تلتها سلوفاكيا بنسبة 11.3% وجمهورية التشيك بنسبة 11.2%.

اما فى المملكة المتحدة، فتراجع معدل التضخم بوتيرة أبطأ مقارنة بالبلدان الصناعية الاخرى، حيـث انخفض مـن 11.1% فى عَامٌ 2022 الي 6.7% فى الشهر الماضي. هذه الأرقام جميعها أتوقع ان تعود مع الربع الاول مـن السنة القادمة؛ اى اثناء 4 اشهر فقط مـن حدوث النزاع.

لذا اعتقد ان هذه الحرب سوف تخلق كسادًا تضخميًا فى أوروبا، وهو أخطر بكثير مـن الكساد المعتاد، الذى عادة ما يؤدي الي خفض الأسعار، نتيجه نقص الطلب على المواد، الناتج أساسًا عَنْ شح المال المتولد عَنْ البطالة الناتجة هى الاخرى عَنْ التباطؤ الاقتصادي.

الاستقرار الاقتصادي العالمي

إنّ الدول تعاني بالفعل مـن مستويات مرتفعة بشكل غير عادي مـن الديون، وزيادة فى تكاليف الاقتراض مع استمرار رفـع مستويات الفائدة لأعلى مستويات لها منذ 20 سنة تقريبًا فى الولايات المتحدة، كَمَا ان استثمارات القطاع الخاص تشهد تعثرات مستمرة، وهناك تباطؤ كثير فى حركة التجارة العالميه، ما يجعل الحرب وتكاليفها تأتي فى ظروف غاية الصعوبة، وفي وقت يعاني فيه العالم.

ولكونها المرة الأولى التى يتعرض فيها الاقتصاد العالمي لصدمتَين للطاقة- فى الوقت نفسه فى أوكرانيا وفي الشرق الأوسط – بينما يخصّ أسعار النفط والغاز، ولا تقتصر هذه الزيادات فى الأسعار على تقليص القوة الشرائية للأسر والشركات فحسب، بل تؤدّي أيضًا الي صعود تكلفة إنتاج الغذاء، ما يزيد مـن مستويات انعدام الأمن الغذائي المرتفعة، لا سيما فى البلدان النامية.

لذا فإن الصراع الحالي يسلط الضوء على طبيعة الاقتصاد العالمي الهشّة، وسوف تعتمد على مدى تصاعد النزاع. إذا استمر النزاع على نطاق محدود، فستكون تأثيراته محدودة، ولكن إذا تصاعدت الامور، يمكن ان تصل أسعار النفط الي 150 دولارًا للبرميل الواحد أو أكثر.

الختام

سيكون الصراع فى الشرق الأوسط نقطه تهديد كثير للاقتصاد العالمي، ليس فقط فى صعود أسعار الطاقة، بل يثير أيضًا شبح نقص الطاقة. يجب ان يكون هناك تعاون دولي كثير لإيقاف الحرب على غزة، ومنع المزيد مـن الاضطرابات الاقتصاديه؛ لأن النتائج ستكون كارثية على الجميع. الحاجة الي الاستقرار والسلام والتعاون العالمي باتت ضرورة ملحة كي يتّحد العالم لإيجاد حلّ جذري لهذه الأزمة قبل ان ينفجر الوضع وتتوسع دائرة الصراع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى