مع اقتراب أسعار النفط مـن عتبة الـ 90 دولارا للبرميل مؤخرا وبقائها قرب أعلى مستوياتها لهذا العام لا توجد اى مؤشرات حتـى الساعة تظهر اى تباطؤ فى الطلب.
حول العالم سجل الطلب على النفط مستويات قياسية هى الأعلى تاريخيا. والطلب هنا يقصد به البراميل الحقيقية وليس البراميل الورقية المرتبطة بالعقود الآجلة فحسب، ويظهر هذا جليا فى صعود العلاوات السعرية لشحنات النفط الفورية مقارنة بمؤشرات القياس المتنوعة، مثل خام برنت أو خام دبي.
يأتي ذلك بالتزامن مع تحسن هوامش التكرير عالمـيا على مدار الأسابيع الاخيره، تلك الهوامش التى تُعتبر المؤشرَ الذى يقيسُ الربحَ الذى تجنيه المصافي مـن شراء النفط الخام وبيع مشتقاته.
وبحسب وكالة الطاقة الدولية تخطى الطلب العالمي على النفط فى شهر يونيو الماضي 103 ملايين برميل يوميا. وتوقعت استمرار صعود الطلب أكثر اثناء شهر أغسطس الحالي.
خاصة فى آسيا والولايات المتحدة، مدفوعا بالسفر الجوي اثناء موسـم عطلات الصيف وارتفاع استهلاك النفط فى انتاج الكهرباء فى اثناء موجات الحر القاسية التى ضربت مناطق متعددة فى العالم مؤخرا إضافة الي نمو الطلب على النفط كلقيم جاء الى قطاع البتروكيماويات الصيني الذى يشهد مؤخرا نشاطا واضحا.
وهذه التطورات تأتي فى نفس الوقت الذى بدأت فيه آثار التخفيضات الاخيره فى إنتاج أوبك بلس تؤتي ثمارَها على صعيد دعـم الأسعار والتي كانـت قد تعرضت لضغوط نزولية ملحوظة فى النصف الاول مـن العام. إلا ان هبوط إنتاج أوبك بلس الشهر الماضي الي اقل مستوى له فى نحو العامين ساهم بشكل أساسي بتعافي الأسعار، فمنذ نهاية يونيو وحتى نهاية الاسبوع الماضي سجلت أسعار برنت ارتدادة تقارب الـ 20%.
وجاءت هذه الارتفاعات السعرية كنتيجة مباشرة للتخفيضات الإضافية الفردية السعوديه والبالغة مليون برميل يوميا فى يوليو وأغسطس والتي تم تمديدها مؤخرا حتـى نهاية سبتمبر القادم،هذا الي جانب الزيادة التدريجية لأسعار البيع الرسمية للخامات السعوديه اثناء الفتره.
ودعمت تخفضيات الإنتاج السعوديه والروسية تحديدا أسعار الخامات المتوسطة والثقيلة الحمضية بشكل مباشر. إلا أنها وبشكل غير مباشر أيضا دعمت أسعار الخامات الخفيفة فى اثناء توجه بعض المصافي للتحول مـن شراء الخامات الثقيلة الى الخفيفة. إلا ان الخبراء يرون ان فرص هذا التحول محدودة فى اثناء محدودية قدرة المصافي على تغيير نوعية لقيمها مـن الخامات.
لكن محافظة أسعار النفط على مستوياتها الحالية اثناء الأشهر القادمة سيكون محل امتحان فالإنتاج الأميركي مـن النفط عند مستويات قياسية، بينما تدخل مصافي التكرير الأميركية موسـم الصيانة قبيل فصل الشتاء، الي جانب بدء إعادة تشغيل انتاج النفط الرملي الكندي بعد موسـم الصيانة الصيفى والاضطرابات الناتجة عَنْ حرائق الغابات هناك. إضافة الى قيام أميركا بينما يبدو بغض الطرف عَنْ زيادة إيران مؤخرا لصادراتها النفطية.
مـن جانب آخر يعتقد البعض بأن جزءا مهما مـن واردات الصين المرتفعة مـن النفط فى الأشهر الاخيره كان يذهب الي المخزونات، ما قد يعني ان مستويات وارداتها الحالية قد تكون غير مستدامة، خاصة مع استمرار المخاوف حول وتيرة التعافي الاقتصادي هناك، حيـث كان لافتا هبوط واردات الصين مـن الخام فى يوليو الماضي بنحو 2.4 مليون برميل مقارنة بشهر يونيو الي نحو 10.3 مليون برميل يوميا.