الاخبار العربية والعالمية

العلماء يوثقون أكبر العواصف المغناطيسية المنسية فى التَّارِيخُ | علوم سام نيوز اخبار

فى أوائل نوفمبر/تشرين الثانى مـن هذا العام، رُصد الشفق القطبي عند خطوط عرض منخفضة بشكل مدهش جنوبا حتـى إيطاليا وتكساس. وتشير مثل هذه الظواهر الي تأثيرات قذف الكتلة الإكليلية الشمسية على المجال المغناطيسي للأرض والغلاف الجوي.

ولكن ما كان أكثر دراماتيكية بكثير مـن هذا العرض الضوئي الأخير، هو ذلك العرض الضوئي الناتج عَنْ عاصفة شمسية كبيرة ضربت الأرض فى فبراير/شباط 1872. وقد طوّق العرض الشفقي الناتج عَنْ ذلك الحدث الكره الأرضية وأدى الي ظهور شفق قطبي تمت ملاحظته فى مواقع قريبة مـن خط الاستواء مثل بومباي والخرطوم.

ونشر فريق دولي يتكون مـن علماء مـن تسع دول دراسة مفصلة عَنْ هذا الحدث المهم تاريخيا، متتبعا أصله الشمسي وتأثيراته الأرضية واسعة النطاق، وحينها تعطلت اتصالات التلغراف على نطاق واسع بسـبب هذه العاصفة.

ولكن فى مجتمع اليـوم الذى يعتمد على التكنولوجيا، فإن مثل هذه العاصفة مـن شأنها ان تعطل شبكات الطاقة والاتصالات عبر الاقمار الصناعية. وتؤكد النتائج التى توصلوا اليها ان مثل هذه العواصف الشديدة أكثر شيوعا مما كان يعتقد سابقا.

A Japanese auroral drawing showing an observation at Okazaki on 4 February 1872, as reproduced with courtesy of Shounji Temple (contrast enhanced) CREDIT ©︎ Shounji Temple
رسم شفقي ياباني وجد فى معبد شونجي يُظهر ملاحظته فى أوكازاكي فى الرابع مـن فبراير 1872 (جامعة ناغويا)

عاصفة تشابمان سيلفرمان

وفي العالم الحديث، نعتمد بشكل متزايد على البنية التحتية التكنولوجية مثل شبكات الطاقة وأنظمة الاتصالات والأقمار الصناعية، وهذا الاعتماد يجعلنا عرضة بشكل متزايد لتأثيرات العواصف الجيومغناطيسية الكبيرة.

ويوضح هاياكاوا البروفيسور المساعد فى جامعة ناغويا اليابانية المعد الرئيسي للدراسة التى نشرت فى “ذا أستروفيزيكال جورنال”، أنه “كلما طالت مدة انقطاع إمدادات الطاقة زاد عَدَّدَ المجتمعات، خاصة تلك التى تعيش فى المناطق الحضرية وتعاني مـن اجل التأقلم”. ومن الممكن ان تكون مثل هذه العواصف كبيرة بما يكفي لتدمير مجموعه الكهرباء وأنظمة الاتصالات والطائرات والأقمار الصناعية فى أسوأ الحالات. فهل يمكننا الحفاظ على حياتنا دون هذه البنية التحتية؟

مثل هذه العواصف الشديدة نادرة الحدوث، وفي الدراسات الحديثة تبرز عاصفتان مـن هذا القبيل: عاصفة كارينغتون فى سبتمبر/أيلول مـن عَامٌ 1859، وعاصفة نيويورك للسكك الحديد فى مايو/أيار مـن عَامٌ 1921. وتشير الدراسة الجديدة الي ان عاصفة أخرى، وهي عاصفة تشابمان سيلفرمان فى فبراير/شباط مـن عَامٌ 1872، ينبغي أيضا اعتبارها واحده مـن أقوى العواصف.

وفي ذلك الوقت، كانـت العاصفة كبيرة بما يكفي للتأثير على البنية التحتية التكنولوجية حتـى فى المناطق الاستوائية، حيـث انقطعت اتصالات التلغراف على الكابل البحري فى المحيط الهندي بين بومباي (مومباي) وعدن لساعات. ووردت أنباء عَنْ اضطرابات مماثلة على الخط الأرضي بين القاهره والخرطوم.

Sunspots September 2017
عاصفة 1872 نشأت على الأرجح فى مجموعه بقع شمسية متوسطة الحجم ولكنها معقدة (شترستوك)

مـن المناطق القطبية الي الاستوائية

ترأس علماء مـن جامعة ناغويا النادي متعدد التخصصات المكون مـن 22 عالما، والذي ضـم علماء مـن المرصد الوطني للطاقة الشمسية فى الولايات المتحدة والمرصد الملكي البلجيكي.

واستخدم الباحثون الـ22 السجلات التاريخية والتقنيات الحديثة لتقييم عاصفة تشابمان سيلفرمان بدءا مـن أصلها الشمسي وحتى تأثيراتها الأرضية.

وبالنسبة للأصل الشمسي، لجأت المجموعة الي سجلات البقع الشمسية المنسية الي حد كثير مـن الأرشيفات التاريخية، وخاصة السجلات البلجيكية والإيطالية.

اما التأثيرات الأرضية، فاستخدموا قياسات المجال المغناطيسي الأرضي المسجلة فى أماكن متنوعة مثل بومباي (مومباي) وتفليس (تبليسي) وغرينتش؛ لتقييم التطور الزمني وشدة العواصف، كَمَا قاموا بفحص مئات الروايات عَنْ الشفق البصري بلغات مختلفة سببتها العاصفة.

وأحد الجوانب الأكثر إثارة للاهتمام فى عاصفة 1872 هو أنها نشأت على الأرجح فى مجموعه بقع شمسية متوسطة الحجم ولكنها معقدة، بالقرب مـن مركز القرص الشمسي، كَمَا أكدت ذلك تحليلات سجلات الطاقة الشمسية مـن بلجيكا وإيطاليا. وتشير هذه النتائج الي أنه حتـى مجموعه البقع الشمسية متوسطة الحجم تسببت بواحدة مـن أكثر العواصف المغناطيسية تطرفا فى التَّارِيخُ.

ووفقا لما جاء فى البيان الصحفى المنشور على موقع الجامعة فقد قام هاياكاوا وزملاؤه بتوسيع أبحاثهم عَنْ الشفق القطبي التاريخي مـن اثناء البحث فى السجلات الموجودة فى المكتبات ودور المحفوظات والمراصد حول العالم، وحددوا أكثر مـن 700 سجل شفقي يشير الي ان السماء ليلاً كانـت مضاءة بعروض شفقية رائعة مـن المناطق القطبية الي المناطق الاستوائية.

Illustration of the sun radiating a solar wind showing irregular temperature regions
تقترب الشمس مـن الحد الأقصى للدورة الشمسية 25 المتوقع حدوثها فى عَامٌ 2025 (شترستوك)

3 عواصف مغناطيسية فى القرن الـ19

يقول هاياكاوا: “تؤكد النتائج التى توصلنا اليها ان عاصفة تشابمان سيلفرمان فى فبراير 1872 هى واحده مـن أكثر العواصف الجيومغناطيسية تطرفًا فى التَّارِيخُ الحديث. إن حجمها ينافس إعصار كارينغتون فى سبتمبر 1859 وعاصفة نيويورك للسكك الحديدية فى مايو 1921، وهذا يعني أننا نعلم الان ان العالم قد شهد على الأقل ثلاث عواصف مغناطيسية أرضية فى القرنين الماضيين. وإن أحداث الطقس الفضائي التى يمكن ان تسبب مثل هذا التأثير الكبير تمثل خطرا لا يمكن استبعاده”.

وأضاف: “نحن محظوظون لأننا لم نشهد مثل هذه العواصف الهائلة فى العصر الحديث. ومن جانب اخر فإن حدوث ثلاث عواصف عظمى مـن هذا القبيل اثناء ستة عقود يدل على ان التهديد الذى يقابل المجتمع الحديث حقيقي، ولذلك فإن الحفاظ على السجلات التاريخية وتحليلها أمر مهم لتقييم وفهم وتخفيف تأثير مثل هذه الاحداث”.

وقد لوحظت عروض شفقية حديثة فى شمال اليونان وشمال الولايات المتحدة. وحاليا تقترب الشمس مـن الحد الأقصى للدورة الشمسية 25 المتوقع حدوثها فى عَامٌ 2025، وقد نتوقع نشاطا شفقيا معززا فى السنوات القادمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى