اقتصاد

المستهلكون الأميركيون يقتربون مـن “يـوم الحساب” مع تقلص مدخرات الوباء


يقترب المستهلكون الأميركيون مـن “يـوم الحساب” مع تضاؤل الأموال الفائضة التى راكموها اثناء الوباء. وستساعد طريقة استجابتهم فى تحديد ما إذا كان بإمكان أكبر اقتصاد فى العالم تفادي الركود.

وعلى مدى العامين الماضيين، سحـب المستهلكون فى الولايات المتحدة أكثر مـن تريليوني دولار مـن المدخرات الإضافية التى ادخروها اثناء الوباء مـن اجل الحفاظ على الإنفاق فى مواجهه التضخم المرتفع. وقد مكّن ذلك الاقتصاد مـن النمو حتـى مع قيام الاحتياطي الفيدرالي برفع أسعار الفائدة بأسرع وتيرة فى 4 عقود، وفقاً لتقرير موسع مـن “بلومبرغ”، اطلعت عليه “العربية.نت”.

ولكن مع تقلص الوسادة النقدية، أصبح المستهلكون أكثر اعتماداً على رواتبهم للحفاظ على مستوى معيشتهم.

ووفقاً لـ “ويندي إيلدبيرغ”، و”سفوكليس جولاس”، مـن مشروع “هاميلتون” التابع لمعهد “بروكينغز”، فإن هذا “يترك الأسر على مفترق طرق”، حيـث تفكر فى كيفية تغيير سلوكها الإنفاقي، وما إذا كانـت ستغرق أكثر فى الديون. وهذا ينطبق بشكل حصري على العمال ذوي الدخل المنخفض الذين لديهم مساحة أقل للتكيف.

بينما ينقسم الاقتصاديون حول مدى القلق. إذ يرى البعض ان هذا الضغط يقترن بالعقبات الاخرى التى تلوح فى الأفق – مثل استئناف مدفوعات قروض الطــلاب فى أكتوبر لملايين المقترضين – والذي قد يدفع الاقتصاد نحو الركود. مع تكلفة الائتمان وصعوبة الحصول عليه بسـبب تصرفات بنك الاحتياطي الفيدرالي، حيـث سيُطلب مـن المستهلكين تقليص نفقاتهم، ودفع الاقتصاد الي الانكماش.

مـن جانبه، اعلن كثير الاقتصاديين الأميركيين فى “UBS Group AG”، جوناثان بينجل، الذى يرى ان الركود المعتدل يبدأ فى نهاية هذا العام: “ستضطر المزيد والمزيد مـن الأسر لمواجهة قيود ميزانيتها. ما سيمثل رياحا معاكسة للإنفاق الاستهلاكي”.

مدخرات الوباء

مدخرات الوباء

بينما يرى الاقتصاديون الأكثر تفاؤلاً، انخفاضاً فى التضخم وسوق عمل مرن يوفر للمستهلكين الأموال اللازمة لمواصلة الإنفاق، حتـى مع تقلص مخزونهم النقدي.

وقال كثير الاقتصاديين فى “موديز أنالتيكس”، مارك زاندي: “نمو الدخل الان أقوى مـن التضخم”. “وبالتالي، فإن الحاجة الي المدخرات الزائدة لدعم استمرار الإنفاق الاستهلاكي القوي تتلاشى”.

انعكست التوقعات المختلطة فى البيانات الصادرة الاسبوع الماضي. إذ ارتفعت مبيعات التجزئة الأميركية بقوة الشهر الماضي، وسجلت كل مـن “وول مارت”، و”تارغت كورب”، و”هوم ديبوت” أرباحاً فاقت تقديرات وول ستريت فى الربع المالي المنتهي فى يوليو. ومع ذلك، فإن المديرين التنفيذيين للشركات أطلقوا ملاحظات الحذر بشأن الأشهر القادمة.

اعلن الرئيس التنفيذي لشركة وول مارت، دوج ماكميلون، فى مكالمة هاتفية مع المحللين فى 17 أغسطس: “هناك أسباب تدعو للتفاؤل فى مجالات مثل التوظيف وتضخم الأجور الذى حدث”. “وهناك أسباب أخرى للقلق، حيـث مـن المحتمل ان تضعف ميزانيات المستهلك بمرور الوقت”.

تضخمت مدخرات الأميركيين اثناء الوباء، مدعومة بعمليات التحفيز والمزايا الحكومية الاخرى بالإضافة الي تقليص الإنفاق على وجبات المطاعم ورحلات الإجازات وما شابه. ما هو غير واضح هو مقدار ما تبقى مـن هذه الأموال.

فى حديثه فى سينترا، البرتغال فى 28 يونيو، اعلن رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول إنه مـن المحتمل ان يكون هناك بعض المتبقي. لكنه اضاف ان “المحرك الرئيسي” للاستهلاك والاقتصاد هو قوة سوق العمل والدخل الذى يدر للعمال.

فى تقييم أحدث، اعلن الباحثان فى بنك الاحتياطي الفيدرالي فى سان فرانسيسكو، حمزة عبد الرحمن ولويز أوليفيرا، فى تدوينة بتاريخ 16 أغسطس، إن المدخرات الإضافية التى تراكمت اثناء الوباء مـن المحتمل ان تُستنفد فى هذا الربع.

إنفاق المستهلكون

إنفاق المستهلكون

ويجادل روبرت سوكين، كثير الاقتصاديين العالميين بشركة سيتي غروب، بأن هذا سلبي للغاية. وقال إن باحثي بنك الاحتياطي الفيدرالي يبالغون فى تقدير مقدار الأموال التى يريد الأميركيون جنيها بانتظام فى المدخرات. وبحسب تقديره، لا يزال لدى الأسر حوالى 1.4 تريليون دولار نقداً إضافياً يمكنهم الاعتماد عليها.

سمح ذلك للمستهلكين بمواصلة الإنفاق فى مواجهه تشديد الائتمان مـن الاحتياطي الفيدرالي، مما دفع البنك الي دفع بداية الركود الذى يتوقعه فى الربع الاول مـن العام القادم.

الشعور بالقرصة

ومع ذلك، تشعر الأسر ذات الدخل المنخفض بالفعل بالضيق.

وكتبت كبيرة الاقتصاديين الأميركيين فى “بلومبرغ إيكونوميكس”، آنا وونغ، وزملاؤها فى مذكرة بتاريخ 14 أغسطس: “المدخرات الزائدة للنصف الأفقر مـن السكان تُستنفد تقريباً، بينما ان تكاليف خدمة الديون المتزايدة بسرعة تولد ضغوطاً مالية على الأسر”.

يأتي ذلك، فى الوقت الذى قفز فيه الائتمان المتجدد للمستهلكين بأكثر مـن 10% اثناء العام الماضي حيـث استخدم الأميركيون بشكل أكبر بطاقات الائتمان الخاصة بهم على الرغم مـن الارتفاع الكبير فى تكلفة مثل هذا الاقتراض. كَمَا ظهرت حالات تأخير فى السداد على قروض السيارات وبطاقات الائتمان.

حتـى الان على الأقل، فإن علامات الضيق هذه ليست مدعاة للقلق، وفقاً لـ “إديلبيرغ”، و”جولاس” مـن معهد بروكينغز. لكنهم قالوا فى تقرير هذا الشهر إنه إذا تراكمت على الأسر التى تعاني ضائقة مالية المزيد مـن الديون، فسيكون ذلك مصدر قلق أكبر.

وقال جولاس فى مقابلة “نحن قلقون بعض الشيء بشأن الأسر إذا استمروا فى الإنفاق بقدر ما هو الان بالنسبة لدخلهم”. “ولكن مع أداء الاقتصاد بشكل جيد بشكل عَامٌ بينما يتعلق بنمو الوظائف، فمن غير الواضح ما إذا كنا سنشهد ركوداً أم لا”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى