المهاجرون الأفغان فى إيران.. تداعيات اجتماعية لأزمتي السياسة والاقتصاد | سياسة سام نيوز اخبار
مراسلو الجزيرة نت
طهران- مع عودة حكـم طالبان فى أفغانستان، عاد الأمان العام الي البلاد الي حد ما، وفق ما تتناقله التقارير الميدانية، لكن الوضع الاقتصادي لم يستقر أبدا، وهو ما دفع المزيد مـن الأفغان الي الهجرة الي البلدان المجاورة لهم مثل باكستان وإيران.
وبينما كانـت الإحصاءات الرسمية تشير الي ان عَدَّدَ اللاجئين الأفغان فى إيران -حتـى قبيل عودة طالبان الي الحكـم- لم يتجاوز قرابة مليوني و500 ألف نسمة، فإنه لا توجد إحصاءات دقيقة عَنْ أعداد المهاجرين الأفغان فى البلاد بعد موجة الهجرة الاخيره، بسـبب عبور أعداد كبيرة مـن المهاجرين الحدود المشتركة بشكل غير شرعي.
وبينما ذهبت بعض التقديرات الي ان أعداد اللاجئين الأفغان فى إيران بلغت 10 ملايين حتـى نهاية 2022، أعلنت المنظمة الدولية التابعة للأمم المتحدة ان نحو مليونين و489 ألف مواطن أفغاني هاجروا الي إيران اثناء عامي 2021 و2022، مما يعني زيادة عَدَّدَ المهاجرين الأفغان فى إيران الي 5 ملايين، وهو ما يتناسب مع الإحصاءات الواردة على لسان وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، العام الماضي.
مهاجرون أم عمال؟
يقسّم الباحث الإيراني المختص بالشأن الأفغاني بير محمد ملا زهي، المهاجرين الأفغان فى إيران الي فئتين، الأولى وهي الفئة الكبرى، مـن قصدوا جارتهم الغربية بحثا عَنْ فرص العمل، بسـبب الوضع الاقتصادي المتردي فى بلادهم، والفئة الثانية مـن يرون إيران معبرا الي تركيا ثم أوروبا.
ويوضح ملا زهي، فى حديثه للجزيرة نت، ان “هناك عددا ملحوظا مـن المهاجرين الأفغان يدخلون إيران ويغادرونها فى مواسم محددة، وهي مواسم العمل”.
ويضيف ان “العدد الذى أعلنت عنه وزارة الداخلية الإيرانية -اى 5 ملايين- هو عَدَّدَ اللاجئين الأفغان القدامى، اى الذين هاجروا الي إيران بعد انقلاب 1973 وأثناء الحرب الأهلية فى أفغانستان”.
ويقول الباحث الإيراني إن “نسبه عاليه مـن الأفغان تم استقطابهم فى سوق الأعمال الشاقة بأجور قليلة، وهذا ما يخدم الاقتصاد الإيراني”، ويشير الي ان “هناك رأيا حكوميا وشعبيا يدعو الي تهجير الأفغان الي بلادهم، بينما أرباب العمل يصرون على إبقائهم، لأن الأفغان يعملون بأجور منخفضة”.
تفاقم الأزمات
ويرجع ملا زهي ما يشهده الشارع الإيراني مـن رفض شعبي للأفغان فى هذه المرحله، حيـث عاد الملف ليطرح على الطاولات الحكومية، الي الخلاف التاريخي بين الإيرانيين والأفغان، لاسيما البشتون منهم، عندما هاجم محمود الأفغاني أصفهان وأنهى سلطة الأسرة الحاكمة آنذاك، وهم الصفويون الذين ينتمون الي المذهب الشيعي، كَمَا يرجع جانبا مـن القضية الي شعور العمال الإيرانيين بتضييق الأفغان عليهم فى مجال فرص العمل.
وبدوره، يشير الدبلوماسي السابق والباحث الإيراني المختص بالشأن الأفغاني محسن روحي صفت لعدم إمكانية تجنب هذه الأزمات بين إيران وأفغانستان بسـبب الحدود المشتركة بينهما، وأنه فى كل أزمة أفغانية يلجأ عَدَّدَ كثير مـن الأفغان الي جارتهم الغربية.
ويرى فى حديثه للجزيرة نت ان ما تسبب فى إثارة ملف اللاجئين الأفغان فى السنوات الاخيره هو تفاقم الأزمات فى هذا الملف، حيـث هاجر ما لا يقل عَنْ مليوني أفغاني الي إيران، فى الوقت الذى تواجه فيه الجمهورية الإسلامية أزمة اقتصادية كبيرة، إضافة الي الأفغان السابقين الذين يواجهون أزمة فى السجلات الرسمية حيـث لم تخصص إيران لهم اى بطاقات رسمية، محملا السلطات الإيرانية المسؤولية فى عدم تمكنها مـن ادارة القضية.
دور السياسات فى الجانب الاجتماعي
يعتقد روحي صفت ان السلطة فى أفغانستان غير مبالية فى هذه القضية، ولا تعير اى اهتمام بشأن أفغان المهجر، لذلك لا تستطيع طهران استخدام هذا الملف كورقة ضغط على السلطات فى كابل، ويقول إنه على السلطة الأفغانية ان تتعاون فى إرجاعهم الي بلدهم وأن تحتويهم، وأن لا يعودوا الي إيران إلا بشكل شرعي وبتأشيرات دخول، كي لا يستاء المجتمع الإيراني منهم.
وحول التبعات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والأمنية المتعلقة بوجود المهاجرين الأفغان فى إيران، تقول عضوة هيئة التدريس فى معهد البحوث الثقافية بجامعة العلامة الطباطبائي رُز فضلي إن “وجود المهاجرين الأفغان يمكن ان تكون له آثار إيجابية وسلبية، ويعتمد الاتجاه الذى يتم توجيه هذه التأثيرات فيه على دور صانعي السياسات، مـن اثناء التشريع المناسب وتنفيذ البرامج الكلية”.
وتشير فضلي الي نقطه أخرى وهي التعايش، حيـث تقول إن “كوننا نرى المهاجر كظاهرة خارجية، يجعلنا نجرد المهاجر مـن إنسانيته، وهذه النظرة تبعدنا عَنْ التعايش والتعاطف مع المهاجر.
وتضيف “علينا ان ننظر الي كيفية التفاعل مع الأشخاص الذين نعيش معهم، وما هى المصالح المشتركة التى يمكننا خلقها لتصحيح نوعية حياتنا”، وتؤكد ان مجرد وجود نظرة أحادية الجانب للمهاجرين باعتبارهم كائنات مختلفة عنا، هو أمر غير أخلاقي وغير إنساني.