امم إفريقيا – ني لامبتي.. صاحب قصة مأساوية لن تتخيلها فى كرة القـدم
خليفة بيليه… تفوق على ديل بييرو وبدأ مسيرته بالهروب مـن بلاده، وربما لم تسمع أو تقرأ عنه جاء الى.
ناي لامبتي.. المعجزة غير المكتملة لكرة القـدم الغانية.
ومع اقترابنا مـن كاس الأمم الأفريقية 2023، ينظر الي سكاي نيوز الإخباري اهم القصص عَنْ الشخصيات التاريخية مـن البطولة.
بدأ ني لامبتي حياته مع أب مدمن على الكحول، وكان يضربه باستمرار ويطفئ السجائر فى جسده.
لم تكن والدته مدمنة، لكنها ضربته أيضًا. طفل يتعرض للتعذيب على يد والديه.
انفصل والده عَنْ والدته ثم طرده مـن المنزل ليتزوج بامرأة أخرى.
وفجأة وجد لامبتي نفسه بلا مأوى فى الشارع واستقر فى معسكر أحد فرق كرة القـدم الإسلامية، ثم اعتنق الإسلام وبدأ العيش معهم.
وفي كرة القـدم، سرعان ما برزت موهبة لامبتي، وتمكن مـن الانضمام الي منتخـب غانا للناشئين، كَمَا ســاهم مع النجوم السوداء فى كاس العالم تحت 16 سنة عَامٌ 1989.
استطاع لامبتي مـن جمع مَبْلَغٌ جيد مـن المال عندما كان لا يزال صغيرا.
وفجأة، انفتحت أبواب أوروبا امام لامبتي، بعد ان جاءه ستيفن كيشي، قائد النادي النيجيري الاول ووقتها لاعـب بلجيكي لأندرلخت، بعرض احترافي مـن ناديه.
لكن العوائق والأزمات التى كانـت تطارد لامبتي منذ طفولته ظلت تطارده، ورفض الاتحاد الغاني لكرة القـدم قبوله احترافيا وصادر جواز سفره ومنعه مـن السفر الي بلجيكا واللعب بشكل احترافي.
كان بإمكان لاعـب آخر ان يستسلم للظروف ويبقى فى بلاده، لكن هذا ليس ناي لامبتي.
رفض لامبتي وأصر على السفر ولو بشكل غير قانوني، فقرر الفرار مـن غانا.
رتب لامبتي لسائق سيارة أجرة فى غانا ليأخذه الي نيجيريا للقاء وكيل ستيفن كيشي.
ومن اثناء الأموال التى ادخرها اثناء لعبه مع منتخـب غانا للناشئين، دفع لسائقه ليخرجه مـن غانا. كان عليه ان يدفع مَبْلَغًٌا أكبر لانه بالتأكيد غادر غانا بشكل غير قانوني.
للوصول الي نيجيريا، عبر لامبتي وسائق التاكسي حدود ثلاث دول أفريقية، مـن غانا الي توغو، ومن توغو الي بنين، حتـى وصلا الي نيجيريا.
أخيرًا، بعد وصوله الي لاغوس، عاصمة نيجيريا، استطاع مـن السفر الي بلجيكا باستخدام جواز سفر مزور، متظاهرًا بأنه ابن ستيفن كيشي.
وفي بلجيكا، لم يقتنع أحد بأنه الموهبة الغانية لامبتي، فقرر أندرلخت اختباره على أرض الْمَلْعَبُ، لكن بعد دقائق قليلة أكدوا أنه لامبتي بالفعل.
وقال عنه الأسطورة البرازيلية الراحل بيليه عند رؤيته لامبتي: “هذا هو خليفتي الطبيعي فى الْمَلْعَبُ”.
بداية التألق
انفجر لامبتي وانتصر مع منتخـب غانا بكأس العالم للشباب عَامٌ 1991 وكان هداف البطولة وأفضل لاعـب، على حساب أساطير أخرى مثل أليساندرو ديل بييرو النجـم الإيطالي، وسيباستيان فيرون النجـم الأرجنتيني. . .
جاء الي نهائى كاس الأمم الأفريقية 1992 مع منتخـب غانا الاول عندما كان لا يزال فى السابعه عشرة مـن عمره. كَمَا حصل على الميدالية البرونزية فى أولمبياد 1992 ووصل أيضًا الي نهائى كاس العالم للشباب 1993 قبل خسارة غانا امام البرازيل.
انقلاب مارس
فجأة، ومن دون اى مقدمات، اتخذت رحلة ناي لامبتي منعطفاً سيئاً، بينما البداية عندما بطاقة حمراء فى نصف نهائى امم أفريقيا 1996 امام جنوب أفريقيا.
ووجه لامبتي وقتها انتقادات عنيفة لزملائه ودخل فى خلافات قوية مع الأسطورة الغانية عبيدي بيليه.
اثناء مدة التحضير لدورة الألعاب الأولمبية الصيفية لعام 1996، تعرضت غانا لهزيمة ثقيلة امام البرازيل بنتيجة 8-2، بينما هذه آخر مباراة دولية لامبتي امام غانا.
انتهت مسيرته الدولية عندما كان عمره 21 عَامًٌا فقط، بعد ان لعب 38 مباراة مع فريق النجوم السوداء.
حَقَّق مسيرة رائعة مليئة بالعديد مـن الإنجازات فى مدة قصيرة جدًا، لكن مسيرة أعظم أخرى ضاعت امام لامبتي، حيـث كان يعتقد أنه يستطيع اللعب فى كاس العالم 2006 وأمم أفريقيا 2008، وهو العام الذى اعتزل فيه كرة القـدم.
فى المقابل، بدأت مسيرته مع الانديه فى التراجع، مـن أستون فيلا وكوفنتري سيتي فى إنجلترا الي فينيسيا فى إيطاليا، ثم غادر أوروبا تماما واتجه الي بوكا جونيورز فى الأرجنتين.
وكل تلك التحويلات كانـت على سبيل الإعارة… أو هكذا اعتقد ني لامبتي.
وأنت عزيزي القارئ، إذا كنت تعتقد ان ما قرأته فى السطور السابقة هو مُقَدَّمَةٌ لنهاية عادية كأي قصة لها بداية رائعة ونهاية حزينة ومخيبة للآمال، فأنت مخطئ.
لأن نهاية هذه القصة مأساوية وغير عادية، وسأترك لك بضع دقائق لتحاول ان تتخيل كيف ستكون نهاية ني لامبتي، وعلى الأغلب لن تتمكن مـن تخيل ما حدث له.
اللعب فى فريق أساطير الطفولة
بعد انضمام لامبتي الي بوكا جونيورز، لم تكن هذه خطوة الي الوراء بالنسبة له لانه سيواصل اللعب فى فريق أسطورة طفولته دييغو مارادونا.
جاء حب لامبتي الكبير لمارادونا الي درجة أنه أطلق على ابنه الاول اسم دييغو.
هناك فى الأرجنتين بدأت الكوارث الحقيقية بالنسبة لامبتي، وكل الأزمات المذكورة أعلاه التى حدثت له ليست أكثر مـن أمور عادية بالنسبة لما سيحدث بعد ذلك.
كانـت قائمة بوكا جونيورز باللاعبين الأجانب ممتلئة، لذلك قرر النادي إعارته لفريق سانتا.
وعانى ابنه مـن مرض نادر وخطير أدى الي وفاته، وعندما حاول لامبتي العودة الي غانا لحضور مراسم الجنازة والدفن، رفضت السلطات الغانية عودته.
كانـت الامور صعبة بالنسبة لامبتي ولم يكن أمامه خيار سوى الاتصال بناديه المحلي أندرلخت لطلب العودة.
تلقى لامبتي ردًا لم يترقب سماعه “أنت لست لاعبنا، أنت تنتمي الي كاليندو”.
يظهر اسم جديد فى قصتنا: أنطونيو كاليندو، وكيل أعمال اللاعب.
وخلال هذه الفتره كان كاليندو وكيلا للعديد مـن نجوم كرة القـدم حول العالم، وأبرزهم روبيرتو باجيو ودونجا وغيرهم مـن اللاعبـين الكبار.
بعد تألق لامبتي فى غانا وهروبه الي بلجيكا، ذهب للبحث عَنْ عـقد لنفسه مع أحد الانديه الأوروبية.
ثم جلس لامبتي على الطاولة ووقف امام كاليندو ووضع له كيسًا مملوءًا بالمال، وبجانبه عقودًا، ليوقع لامبتي عليها ويستلم الأموال.
ولم يعرف لامبتي محتوى العقد الذى وقعه، فهو فى الأساس لا يعرف القراءة أو الكتابة.
عندما تلقى المكالمة مـن ناديه، اكتشف أنه قضى كل هذه السنوات تحت تصرف كاليندو.
ينتقل مـن هذا النادي الي نادٍ آخر، ويحصل كاليندو على المال، وينتقل مـن هنا الي هناك ويحصل كاليندو على المال.
وكان يُعتقد ان جميع انتقالاته كانـت على سبيل الإعارة مـن أندرلخت، لكن الحقيقة هى ان كاليندو هو الذى لم يكن يملك لامبتي، وهو الذى وقع عليه عـقد احتكار دون علمه.
ببساطة، كاليندو هو النادي الذى لعب له لامبتي.
وفي أستون فيلا، حاول كاليندو الحصول على مكافأة توقيع لامبتي، لكن مدير النادي فى ذلك الوقت أوقفه وأعطى رقم حساب لامبتي البنكي للنادي حتـى يتم تحويل المبلغ إليه.
وعندما واجه لامبتي وكيله كاليندو بشأن ما يعرفه، رد الوكيل وكأن شيئًا لم يحدث وطلب منه التوقيع على عـقد جديد.
لكن لامبتي رفض التوقيع وانقطع الاتصال بينهما الي الأبد.
حاول لامبتي استئناف مسيرته الكروية وحياته العائلية.
آسف… نسيت ان أذكر ان والد لامبتي وإخوته قرروا قطع علاقتهم به لانه تزوج مـن قبيلة أخرى.
أنجبت زوجة لامبتي ابنة وأطلقت عليها اسم ليزا، لكنها توفيت بعد 4 اشهر بسـبب نفس مرض الرئة الذى أصيب به طفلها الاول.
لم ييأس لامبتي، كان لديه 3 أطفال وعاشوا هذه المرة بشكل طبيعي.
وعندما أخذهم مرة واحده لإجراء فحوصات طبية لفحصهم، وجد لامبتي شيئًا لم يتخيله مرة أخرى.
وقد اثبت اختبارات الحمض النووي ان هؤلاء الأطفال ليسوا أبناءه، وأنهم ابناء رجل آخر، وليس أبناءه.
وفي الحقيقة ما يدور فى ذهنك عزيزي القارئ هو الصحيح. بينما زوجته تخونه مع رجل آخر وأنجبت منه ثلاثة أطفال.
وعندما علم لامبتي بالأمر، انفصل عَنْ زوجته، لكنها لم تصمت ورفعت دعوى قضائية ضده وطالبت بنصف أصوله، لكن المحكمة رفضت.
يقول لامبتي: “مـن الممكن ان أكتب كتابًا عَنْ حياتي، لكن كيف يمكن ان يحدث ذلك إذا كنت لا أستطيع كتابة حرف واحد؟”
لذلك قرر لامبتي إنشاء مدرسة لتعليم الأطفال فى غانا، الي جانب أكاديميته لكرة القـدم، حتـى يتعلم الأطفال ولا يضيعوا كل وقتهم فى كرة القـدم.
وحتى لا يتعرضوا لما ترصد له مـن قبلهم مـن الغش والاستغلال لانه لا يعرف القراءة والكتابة.
وأيضاً حتـى لا تتكرر تجربتك الغريبة والمأساوية مع اى مـن مواطنيك غانا.