مع بداية عملية بربروسا (Barbarossa) يـوم 22 حزيران/يونيو 1941، باشرت القوات الألمانية تدخلها بالأراضي السوفيتية واضعة بذلك حدا لمعاهدة عدم الاعتداء الموقعة بين الطرفين قبل نحو عامين.
وبموجب ذلك، وجد الاتحاد السوفيتي نفسه بصف الحلفاء، وطيلة اعوام الحرب، تلقى السوفيت دعما عسكريا هاما مـن حلفائهم الأميركيين والبريطانيين حيـث اتجهت كل مـن واشنطن ولندن حينها لتوفير كميات هامة مـن العتاد العسكري لمساعدة الجيش الأحمر فى صد التقدم الألماني.
ومع دخول الحرب العالميه الثانية مراحلها الاخيره على الساحة الأوروبية، تعكرت العلاقات الأميركية السوفيتية أواخر العام 1944 بسـبب خطأ عسكري. فقرب مدينة نيس (Niš) الصربية، تعرضت القوات السوفيتية لقصف أميركي مباغت أدى لمقتل عَدَّدَ مـن الجنود السوفييت.
صورة لطائرة فوكه وولف فو 189 ألمانية
نيران صديقة
يـوم 7 تشرين الثانى/نوفمبر 1944، تقدمت إحدى الفرق التابعة لفيلق المشاة السادس السوفيتي نحو العاصمة الصربية بلغراد بعد تلقيها لأوامر بدعم خط الجبهة المجرية استعدادا لصد هجـوم “رأس الحربة” محتمل قد تشنه قوات دول المحور.
وبتلك الفتره، وفرت طائرات تابعة للسرب الأميركي 82 الدعـم الجوي للقوات السوفيتية اثناء تقدمها استعدادا لمواجهة الغارات التى مـن المحتمل ان تقودها طائرات سلاح الجو الألماني بالمنطقة.
وفي الأثناء، تقدمت القوات السوفيتية بشكل سريع وتجاوزت المنطقة التى كان مـن المفترض ان تتواجد بها، بنحو 100 كلم، دون علم الأميركيين.
وعلى الرغم مـن تلقيهم لمعلومات، مـن مركز قيادة القوات الجوية الأميركية بالبحر المتوسط، تفيد بعدم تواجد جنود المحور بالمنطقة، اتجهت الطائرات الأميركية لمهاجمة القوات السوفيتية بشكل خاطئ ضوء ما وصف بواحدة مـن أخطر حوادث النيران الصديقة بالحرب العالميه الثانية.
وفي خضم هذه الحادثة، أقدمت طائرات أميركية مـن نوع لوكهيد بي-38 لايتنغ (Lockheed P-38 Lightning) على قصف الفيلق السوفيتي، الي ذلك، اتجهت القوات السوفيتية للرد عَنْ طريق فتح نيران دفاعاتها الجوية صوب الطائرات الأميركية حيـث آمن الجنود السوفييت حينها بتعرضهم لقصف مـن طرف طائرات ألمانية مـن نوع فوكه وولف فو 189 (Focke-Wulf Fw 189) التى كانـت تشبه لحد ما طائرات لوكهيد بي-38 لايتنغ الأميركية.
بالتزامن مع ذلك، أقلعت مقاتلات سوفيتية لمواجهة الطائرات الأميركية. وبالجو، لاحظ الطيارون السوفييت اثناء المعارك، وجود رموز أميركية على الطائرات المعادية. ولهذا السبب، فضّل السوفيت وقف الاعلان النار والعودة أدراجهم. وعلى الأرض، لم يتردد جنود الجيش الأحمر فى نشر أعلام حملت رموز الاتحاد السوفيتي. ومع مشاهدتهم لها، أوقف الطيارون الأميركيون عملية القصف واتجهوا للرجوع نحو قواعدهم.
قتلى وجرحى واعتذار
استمر القصف الأميركي على القوات السوفيتية نحو 15 دقيقة، وفي خضمه قتل 34 جندي سوفيتي وأصيب نحو 40 آخرين تزامنا مع تدمير العديد مـن العربات وإسقاط مقاتلتين. وفي المقابل، اعلن السوفيت بعد الحادثة عَنْ نجاح قواتهم فى تدمير 5 طائرات أميركية مـن نوع لوكهيد بي-38 لايتنغ.
أسفرت حادثة قصف نيس عَنْ ظهور أزمة دبلوماسية بين الأميركيين والسوفييت بفترة حساسة مـن الحرب حيـث انتقدت موسكو الهجوم بشدة بعد مقتل الجنرال السوفيتي غريغوري كوتوف (Grigory Kotov) أثناءه. وعقب جملة مـن المحادثات، قدمت الولايات المتحدة الأميركية اعتذارا للسوفييت عَنْ الحادثة تزامنا مع اتفاق الطرفين على طي صفحة هذا القصف والحفاظ على سرية معطياته لتجنب ظهور حساسيات بين البلدين.
اثناء السنوات التى تلت الحرب العالميه الثانية، وصف سياسيون سوفيت حادثة نيس بالمتعمدة والمقصودة وتحدثوا عَنْ قصف الأميركيين للقوات السوفيتية لمنعها مـن التقدم بالبلقان.