الاخبار العربية والعالمية

بايدن ومجموعة “العيون الخمس” امام نتنياهو.. هل يتوقف عدوان غزة؟ | آراء سام نيوز اخبار

 

مجموعه دول “العيون الخمس” أو ما يعرف بـ “Five Eyes”؛ هو تجمّع لخمس دول، هى: الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وكندا، وأستراليا، ونيوزيلندا، تم إنشاؤه بعد الحرب العالميه الثانية؛ لتنسيق الجهود الاستخباراتية. هذا التجمّع “الأنغلوساكسوني” يعد بمثابة “صفوة الصفوة” الذى يضمّ الحلفاء الأشد قربًا مـن الولايات المتحدة.

لذا، عندما تتحرك هذه الدول تحركًا جماعيًا، فإنّ ذلك يدلّ على ان تنسيقًا مسبقًا سبق هذا التحرّك، كَمَا يشير الي الأهمية الأمنية الفائقة، النابعة مـن تقديرات استخبارات هذه الدول الخمس.

مـن هنا فإن الرئيس الأميركي، جو بايدن، فضّل ان يقود الانعطافة المهمّة تجاه العدوان الإسرائيلي على غزة، بالتنسيق مع دول “العيون الخمس”، وليس منفردًا، وذلك فى رسالة ذات دلالة الي تل أبيب، لأسباب سنأتي على ذكرها.

ففي كلمة اثناء فعالية لجمع تبرّعات لحملته الانتخابية بواشنطن، اعلنَ بايدن: “إنَّ الإسرائيليين بدؤُوا يفقدون الدعـم الدولى”. كَمَا حضّ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، على تغيير تركيبة الحكومة، مؤكدًا ان تلك الحكومة تعارض حلّ الدولتين، معتبرًا ان “سلامة الجمهور اليهودي على المحكّ حرفيًا.”

ثم عاد بايدن ليقول لقادة إسرائيل: “لا ترتكبوا مخالفات ارتكبناها فى 11 سبتمبر، فلم يكن هناك مبرّر لفعل أشياء كثيرة كاحتلال أفغانستان”.

الملاحظ ان تلك التصريحات كررها فى يـوم واحد فى أكثر مـن مناسبة، وإن اختلفت العبارات.

تزامنًا مع تصريحـات بايدن، أكّد رؤساء وزراء كل مـن: كندا، وأستراليا، ونيوزيلندا، فى بيـان مشترك دعمهم الجهودَ الدوليةَ العاجلة لتحقيق وقف دائم لإطلاق النار فى غزة. معبرين عَنْ شعورهم بالقلق ” إزاء تقلص المساحة الآمنة للمدنيين فى غزة”، حيـث أشاروا الي أنه “لا يمكن ان تكون المعاناة المستمرة لجميع المدنيين الفلسطينيين هى ثمن خسارة حماس”.

بينما بريطانيا قد امتنعت عَنْ التصويت على مشروع قرار فى مجلس الأمن الدولى، فى التاسع مـن ديسمبر الحالي، يدعو الي وقف فوري لإطلاق النار فى غزة، بعد ان استخدمت حقّ النقض “الفيتو”؛ لإفشال مشروع قرار مماثل تقدّمت به روسيا الي مجلس الأمن فى أكتوبر الماضي.

أسباب تحول موقف أميركا وحلفائها

أولًا: صعود مخاطر الكلفة الاقتصاديه العالية للعدوان الإسرائيلي، بعد تكثيف الحوثيين “أنصار الله” فى اليمن، هجماتهم على السفن التجارية الإسرائيلية أو المتجهة صوب إسرائيل فى البحر الأحمر، مما يهدّد بأزمة كبيرة ستؤثّر على حركة النقل الدولى، والاقتصاد العالمي.

فمنذ ان استولى الحوثيون على سفينة “غالاكسي ليدر”، يتجنّب كثير مـن السفن المرتبطة بإسرائيل المرورَ فى البحر الأحمر، وتضطر هذه السفن الي الدوران حول أفريقيا، مما يعني صعود تكاليف النقل والتأمين!

هذا فى اثناء الشكوك بشأن تشكيل تحالف إقليمي لمواجهة تلك التهديدات، مع تسارع التحركات السعوديه اثناء الأيام الماضية؛ لاستكمال مباحثات السلام فى اليمن.

ثانيًا: الانكشاف العسكري الإسرائيلي الكبير، مما يعـرض مجمل المصالح الأميركية فى المنطقة الي خطر كثير.

فما حدث فى المواجهات العسكرية منذ السابع مـن أكتوبر وحتى الان، وضحَ عَنْ أداء عسكري إسرائيلي باهت، وضعيف المستوى، رغم الدعـم الأميركي الهائل، سواء على مستوى الإمدادات العسكرية، أو المشاركة العملياتيّة فى المعارك على أرض الواقع.

على عكس المقاومة الفلسطينية التى بدت مستعدة جيدًا، ونجحت فى ادارة المعارك باحترافية، وحالت بين الجيش الإسرائيلي وبين تحقيق اى نصر حقيقي.

هذا الانكشاف ستكون ارتداداته واضحةً لدى شعوب المنطقة بصفة خاصة، التى تحطّمت لديها أسطورة “الجيش الذى لا يُقهر”.

وهذا ما لا تريده واشنطن، ويمثل كابوسًا لها. فالجيش الإسرائيلي، هو المهاجم فى مشروعها الاستعماري، وتركه يكمل بهذا الأداء المهزوز، قد يعرضه لمزيد مـن الانكشاف، ومزيدٍ مـن الخسائر الإستراتيجية للولايات المتحدة، خاصة فى ملف التطبيع مع الدول العربية.

ثالثًا: الخلاف الحاد بين نتنياهو والإدارة الأميركيّة بشأن “حل الدولتين”؛ إذ أعلن نتنياهو عزمه على “السيطرة الأمنية” على قطاع غزة بعد “القضاء” على حماس، وعموم المقاومة الفلسطينية، رافضًا ان تتولى ادارة الرئيس، محمود عباس، تلك الهامة، وذلك على عكس رغبة واشنطن.

هذه الخلافات لم ينكرها نتنياهو، بل أقرّ بها فى بيـان قائلًا: “نعم هناك خلاف (مع الإدارة الأميركية) بشأن اليـوم القادم لحماس، وآمل ان نتوصل الي اتفاق حول هذا أيضًا.”

رابعًا: محاولة استنقاذ سمعة الولايات المتحدة خاصة، والغرب بصفة عامة، بعد التورط الفجّ فى العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة؛ مما أدّى الي تصاعد الاحتجاجات ليس امام إسرائيل فقط، بل وضد الولايات المتحدة بصفة خاصة.

وهو الامر الذى دفع بايدن الي القول: إن “هناك مخاوف حقيقية فى مختلف ارجاء العالم مـن ان تفقد أميركا مركزها الأخلاقي؛ بسـبب دعمنا إسرائيلَ”. وإن كان مـن المشكوك فيه ان تنجح واشنطن فى غسل سمعتها مرة اخري؛ بسـبب دعمها غير المحدود إسرائيلَ فى عدوانها الوحشي.

جميع الخيارات تقود نتنياهو للفوضى

السؤال المطروح الان عَنْ مدى إمكانية ان تقود هذه الانعطافة مـن بايدن وحلفائه الأقربين الي وقف دائم لإطلاق النار؟

الإجابة عَنْ هذا التساؤل تقودنا الي الخيارات المتاحة امام نتنياهو وحكومته التى توصف بأنها الأكثر يمينية فى تاريخ إسرائيل.

الخيار الأوَّل: الاستجابة لمطالب بايدن، بإجراء تعديلات على حكومته، إذ يريد الرئيس الأميركي الإطاحة بوزراء اليمين المتطرف، وفي مقدمتهم وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير.

لكن هذا السيناريو كفيل بانهيار الحكومة الإسرائيلية، والذهاب الي انتخابات مبكرة فى وقت بالغ الصعوبة والحساسية؛ إذ تشير استطلاعات الرَّأْي الي خَسارة متوقعة لنتنياهو وحزب الليكود، الامر الذى سيؤدي الي استئناف محاكمة نتنياهو والزجّ به فى السجن.

الخيار الثانى: إعلان وقف دائم لإطلاق النار، وهو ما يعني أيضًا حل الحكومة، إذ سبق وهدّد بن غفير بأن اى وقف للحرب معناه سقوط الحكومة! مع تداعيات ذلك على نتنياهو شخصيًا، الذى يدرك ان أبواب الجحيم ستفتح فى وجهه فى اليـوم القادم لسقوطه، ليس فقط على مستوى المحاكمات بسـبب الفساد، ولكن أيضًا بسـبب ما سيتكشّف للرأي العام الإسرائيلي مـن وقائع الإخفاق الكبير المستمر منذ السابع مـن أكتوبر، كَمَا سيقف العالم على تفاصيل وحقائق جرائم الحرب التى ارتكبتها القوات الإسرائيلية فى غزة.

الخيار الثالث: تجاهل مطالب الولايات المتحدة وحلفائها، الامر الذى سيقود الي تأزيم العلاقة بين بايدن ونتنياهو بصفة خاصة، وسيشجّع الأطراف الإسرائيلية الداخلية على التصعيد السياسي، خاصة انَّ زعيم المعارضة، يائير لبيد، لا يتوقف عَنْ المطالبة برحيل نتنياهو بصفة خاصة، معتبرًا أنه “فقد ثقة غالبية الجمهور والعالم”.

لكن مع ذلك فإن هذا الخيار يبدو الأقرب حتـى الان – رغم آثاره – بالنظر الي طبيعة نتنياهو، وسلوك حلفائه اليمينيين دَاخِلٌ الحكومة، لكن مع إمكانية التوصل الي هدن إنسانية محدودة.

أخيرًا؛ فما كنا لنصل الي هذا التعقيد، لولا الصمود الأسطوري للمقاومة الفلسطينية، والتضحيات الهائلة التى لا يزال أهل غزة يقدمونها مـن دمائهم وأبنائهم.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى