اثناء النصف الثانى مـن القرن الثامن عشر، اختفت بولندا مـن خريطة القارة الأوروبية، حيـث عمدت كل مـن روسيا والنمسا وبروسيا لتقسيم الكومنولث البولندي بينما بينها.
ومطلع القرن التاسع عشر، رفض القيصر الروسي ألكسندر الاول مقترحا ترصد به نابليون بونابرت لخلق دَوْلَةٌ بولندية مستقلة، حيـث أعلن ألكسندر الاول حينها ان وجود دَوْلَةٌ بولندية بالمنطقة قد يتحول بالمستقبل لتهديد للإمبراطورية الروسية.
الي ذلك، انتظر البولنديون نهاية الحرب العالميه الأولى للحصول على دولتهم، حيـث نصت بنود معاهدة فرساي عَامٌ 1919 على الاعتراف باستقلال بولندا تزامنا مع خسارة الاخيره عددا كبيرا مـن سكانها اثناء الحرب.
عودة بولندا للخارطة
وبعد مضي أكثر مـن قرن عَنْ التقسيم، ظهرت بولندا مجددا على الخارطة كدولة مستقلة بالأشهر الاخيره للحرب العالميه الأولى. وفي الأثناء، جاءت معاهدة فرساي لتؤكد على استقلال بولندا واعتراف القوى المنتصرة بها. وما بين عامي 1918 و1921، اضطرت بولندا لخوض عَدَّدَ مـن الحروب الحدودية، خاصة امام البلشفيين والأوكرانيين والليتوانيين، لاستعادة قسم هام مـن أراضيها التاريخية. وعقب هذه الحروب، حصـلت الحدود البولندية الجديدة على اعتراف دولي عَامٌ 1923.
وأثناء محادثات الحلفاء حول بنود معاهدة فرساي، لعب الدبلوماسيان البولنديان رومان دموسكي (Roman Dmowski) وإغناتسه يان بادروفسكي (Ignacy Jan Paderewski) دورا هاما فى الترويج لاستقلال بولندا. مـن جهة ثانية، أيد الرئيس الأميركي وودرو ولسن (Woodrow Wilson) بشدة فكرة ظهور دَوْلَةٌ بولندية بالخريطة الأوروبية الجديدة عبر النقاط الأربعة عشر التى اقترحها لإنهاء الحرب العالميه الأولى.
وبادئ الامر، تزعم السياسي إغناتسه داسزينسكي (Ignacy Daszyński) حكومة بولندية مؤقتة سرعان ما انهارت، رفقة الحكومات التالية، امام الشعبية المتزايدة للمارشال جوزيف بيوسودسكي (Józef Piłsudski) الذى تزعم الجمهورية البولندية الثانية.
مناطق كانـت ملكا لألمانيا
اثناء مفاوضات السلام التى احتضنتها باريس بعد الحرب العالميه الأولى، حاول المسؤولون البولنديون الضغط لخلق دَوْلَةٌ بولندية أكبر حجما عَنْ طريق ضـم بروسيا الشرقية ومدينة كونغسبرغ (Königsberg) الألمانية لممتلكاتهم. مـن جهة ثانية، امتلك عَدَّدَ مـن الدبلوماسيين البولنديين رغبة فى إعادة إحياء الحدود التاريخية لدولة بولندا التى اختفت مـن الخريطة بالقرن الثامن عشر. وفي الأثناء، قوبلت هذه الطموحات بالرفض بسـبب تواجد قسم هام مـن أراضي بولندا التاريخية بمناطق أخرى طالبت بالاستقلال كأوكرانيا وليتوانيا وبيلاروسيا.
بالجنوب الغربي، تنازعت بولندا وتشيكوسلوفاكيا على جملة مـن المناطق الحدودية. فضلا عَنْ ذلك، رفضت ألمانيا، المهزومة بالحرب، التخلي عَنْ مزيد مـن الأراضي لصالح بولندا. وقد جاءت معاهدة فرساي بتلك الفتره لتضبط الحدود بجهة البلطيق بين ألمانيا وبولندا.
فضلا عَنْ ذلك، أعلنت منطقه دانتزيغ (Dantzig) منطقه حرة جاء الى المنتصرين بهدف منح البولنديين منفذا على المحيط الأطلسي كَمَا اقتسمت منطقه سيليزيا العليا (Upper Silesia) بين ألمانيا وبولندا. وعلى الرغم مـن حصولها على القسم الأصغر، هيمنت بولندا على منطقه تميزت بتواجد العديد مـن الصناعات بها.