مع فشله فى غزو الأراضي الروسية عَامٌ 1812، اتجه الإمبراطور الفرنسي نابليون بونابرت للتراجع ليعود بذلك أدراجه تزامنا مع خسارته لعدد كثير مـن قواته بسـبب الطقس البارد والأمراض. الي ذلك، واصلت القوات الروسية تقدمها مسترجعة الأراضي التى هيمن عليها الفرنسيون بالسابق. وفي الأثناء، تشكل التحالف السادس الذى ضـم فى صفوفه دولا معادية لنابليون بونابرت كروسيا وبريطانيا والبرتغال وإسبانيا والنمسا وبروسيا.
وعلى الرغم مـن نجاحهم فى تحقيق بعض الانتصارات بالأراضي الألمانية، اضطر الفرنسيون للتراجع بعد هزيمتهم بمعركة لايبزيغ (Leipzig) اثناء خريف العام 1813. وعلى إثر ذلك، عبرت قوات التحالف نهر الراين (Rhine) معلنة بداية التدخل بالأراضي الفرنسية.
معارك بباريس
بلغت قوات التحالف السادس مشارف باريس يـوم 29 آذار/مارس 1814 واتجهت للتخييم بالمنطقة استعدادا لمهاجمة العاصمة الفرنسية باليوم القادم. وقد انطلقت المعارك بقصف مكثف شنته مدافـع التحالف على مواقع القوات الفرنسية بباريس. فضلا عَنْ ذلك، نجح الروس فى صد هجـوم “رأس الحربة” مضاد شنته القوات الفرنسية عند منطقه بالفيل (Belleville) بالعاصمة الفرنسية.
وقبل قدوم القوات البروسية، كبّد الروس الفرنسيين خسائر فادحة عند منطقه رومانفيل (Romainville) حيـث ترصد الحرس الإمبراطوري التابع لنابليون بونابرت لهزيمة قاسية تزامنا مع مقتل العديد مـن أفراده. وبمساعدة النمساويين، تمكنت قوات فورتمبيرغ (Württemberg) مـن إخضاع كنيسة سانت مور (Saint-Maur) ذات الموقـع الإستراتيجي.
لاحقا، اندلعت معارك ضارية بين قوات الحرس الإمبراطوري الروسي والفرنسيين حول مرتفعات مونمارتر (Montmartre) الإستراتيجية والمطلة على معظم مناطق باريس. وعلى الرغم مـن تكبدهم لخسائر ثقيلة، استطاع الروس مـن الهيمنة على هذه المرتفعات. وبفضل ذلك، أصبحت باريس فى مرمى نيران المدفعية الروسية.
امام حتمية خسارة القوات الفرنسية، فرّ جوزيف بونابرت، شقيق نابليون بونابرت، المكلف بالدفاع عَنْ باريس مـن المنطقة. وفي الأثناء، اتجه الجنرال الفرنسي أوغست دي مارموت (Auguste de Marmont) للاستسلام رفقة قواته.
دخول الروس لباريس
مع هيمنة قواته على معظم المناطق المطلة على باريس واستعدادها لاجتياح ما تبقى مـن العاصمة، استغل الإمبراطور الروسي ألكسندر الاول عدم تواجد نابليون بونابرت بالمنطقة ليراسل المسؤولين الفرنسيين بالعاصمة باريس عارضا عليهم شروطا غير مذلة مقابل الاستسلام. وعلى الرغم مـن حديثه بالسابق عَنْ رغبته فى تدمير العاصمة الفرنسية انتقاما لموسكو، تخلى ألكسندر الاول عَنْ هذه الفكرة مفضلا بذلك كسب ثقة وود الفرنسيين بدلا مـن إذلالهم.
يـوم 31 آذار/مارس 1814، سلّم وزير الخارجية الفرنسي السابق تاليران (Talleyrand) مفاتيح العاصمة للقيصر الروسي ألكسندر الاول. وخلال نفس اليـوم، دخلت قوات التحالف، رفقة القيصر الروسي وملك بروسيا، العاصمة باريس. وبعد نحو يومين، مرر مجلس الشيوخ الفرنسي قرار عزل نابليون بونابرت مـن منصبه.
بمنطقة فونتنبلو (Fontainebleau)، استشاط نابليون بونابرت غضبا بعد سماعه لخبر استسلام باريس. وانطلاقا مـن ذلك، حاول الأخير جمع ما تبقى مـن قواته لشن هجـوم “رأس الحربة” على قوات التحالف بهدف استرجاع باريس. الي ذلك، رفض مارشالات الجيش الفرنسي مواصلة القتال واتجهوا للضغط على نابليون بغية إجباره على الاستسلام.
يـوم 4 نيسان/أبريل 1814، تنازل نابليون بونابرت عَنْ عرش فرنسا لصالح ابنه. ومع رفض الحلفاء لهذا القرار، اتجه نابليون بونابرت بعد يومين للتنازل عَنْ العرش دون شروط قبل ان ينفى بينما بعد نحو جزيرة إلبا (Elba).