مع انهيار اتحاد الجمهوريات السوفيتية الاشتراكية عَامٌ 1991، عاشت العديد مـن الدول التى نشأت على أنقاض الإتحاد السوفيتي على وقع حروب طاحنة بسـبب خلافات حول ترسيم الحدود.
الي ذلك، عاشت روسيا بدورها على وقع أزمات سياسة خلفها الإرث السوفيتي حيـث تصاعدت حدة التوتر بشكل سريع بين الرئيس بوريس يلتسن (Boris Yeltsin) وأعضاء البرلمان. وعام 1993، اتخذ هذا الخلاف منحا دمويا وتحول لنزاع مسلح بشوارع موسكو.
عزل الرئيس
بعد حل الإتحاد السوفيتي، حصل بوريس يلتسن، البالغ مـن العمر حينها حوالى 60 سنة، على منصب رئيس روسيا الاتحادية، وفي الأثناء، حافظت دَوْلَةٌ روسيا، حديثة النشأة، على دستور العام 1978 الذى ظهر فى خضم الحقبة السوفيتية. وبالأشهر التالية، تزايد حجم السلطة والصلاحيات التى حصل عليها بوريس يلتسن بناء على ما نص عليه الدستور السوفيتي. وبسبب ذلك، شهدت البلاد حالة مـن التوتر السياسي بين الرئيس والبرلمان الذى تكون أساسا مـن مجموعه مجلس نواب الجمهور ومجلس السوفييت الأعلى لروسيا.
صورة لقوات روسية اثناء الأزمة
وبسبب هذه الفوضى السِّيَاسِيَّةُ، عوّل بوريس يلتسن على الدعـم الجماهيري له ليقوم بعد بيـان نيسان/أبريل 1993 بحل البرلمان داعيا فى المقابل لانتخابات برلمانية مبكرة. الي ذلك، مثل قرار بوريس يلتسن خرقا للدستور حيـث لم يتمتع الأخير بالصلاحيات الكافية لحل أحد اهم أجهزة وركائز الدولة.
كرد على خطوة بوريس يلتسن، أقدم البرلمان الروسي، بقيادة روسلان خاسبولاتوف (Ruslan Khasbulatov)، يـوم 23 أيلول/سبتمبر 1993 على عزل بوريس يلتسن منهيا بذلك صلاحياته كرئيس للدولة. فضلا عَنْ ذلك، كلّف البرلمان نائب الرئيس ألكسندر روتسكوي (Alexander Rutskoy) بإدارة شؤون روسيا بعد تعينه رئيسا مؤقتا بالفترة الانتقالية. وأملا فى الحفاظ على السلطة والشرعية، احتمى مجموعه البرلمان، رفقة أفراد الحكومة المؤقتة، بمبنى البيت الأبيض بموسكو الذى مثّل مقرا حكوميا هاما.
حرب شوارع
طيلة العشرة أيام التالية، عاشت موسكو على وقع حرب شوارع دامية بين أنصار البرلمانيين وبوريس يلتسن، ويوم 3 تشرين الاول/أكتوبر 1993، أقدم أنصار البرلمانيين على فرض طوق حول مبنى البرلمان وعمدوا فى الان ذاته لاقتحام مبنى الإذاعة بمنطقة أوستانكينو (Ostankino).
طيلة هذه الفتره، حافظ الجيش الروسي على حياده. وبدعوة مـن يلتسن يـوم 4 تشرين الاول/أكتوبر 1993، قصف جنود الجيش الروسي البيت الأبيض واتجهوا لاجتياحه قبل ان يتمكنوا مـن اعتقال مـن اثناء على قيد الحياة بداخله. وعلى إثر ذلك، نقل العديد مـن البرلمانيين نحو السجن قبل ان يطلق سراحهم بداية العام 1994 بعد حصولهم على عفو عَامٌ جاء الى مجلس الدوما.
بسـبب هذه الأزمة الدستورية عَامٌ 1993، كادت روسيا على شفى حرب أهلية لولا تدخل الجيش فى الوقت الملائم لحسم النزاع،. الي ذلك، أسفرت أعمال العنف ما بين أيلول/سبتمبر وتشرين الاول/أكتوبر 1993 عَنْ مقتل 147 شخصا وإصابة 437 آخرين ضوء ما وصف بحرب شوارع غير مسبوقة بتاريخ روسيا منذ مدة الثورة البلشفية سنة 1917.