أخبار عالميةأخبار عربيةأخبار فلسطينالاخبار العربية والعالمية

تبادل الأطباق الرمضانية باليمن.. تضامن صامد امام الوضع الاقتصادي الصعب | طريقة حياة سام نيوز اخبار

|

حصري- ما إن تخمد الحركة فى أحياء وأزقة مدينة صنعاء القديمة ترقبا لأذان المغرب حتـى يظهر أطفال يحملون أطباقا ويتنقلون على عجل بين المنازل، فى عادة رمضانية يتمسك بها الأهالي رغم الأزمة المعيشية التى تعصف باليمن منذ 9 أعوام.

وتبادل الأطباق الرمضانية طقس مجتمعي فى كثير مـن المدن اليمنية، حيـث يقرنه الأهالي بقدوم رمضان، وفيه تمنح كل أسرة الأسرة الاخرى مـن جيران الحي جزءا مـن طبقها الرئيسي، بينما ترد الاخرى بعطاء مماثل، بينما يكون الأطفال هم مندوبي التوصيل، لتجد كل أسرة على مائدتها أطباقا مختلفة.

ورغم ان هذا التقليد ينم عَنْ التكافل المجتمعي فإن له أثرا اقتصاديا أيضا، إذ تكتفي الأسرة بطبخ طبق رئيسي بدلا عَنْ أطباق عدة، مما يوفر على الأسر الفقيرة فى اثناء صعود الأسعار، كَمَا يقول عمار محمد للجزيرة نت.

تبادل الأطباق الرمضانية في اليمن.. تضامن صامد أمام الوضع الاقتصادي الصعب
الأطفال هم مندوبو توصيل الأطباق الرمضانية (الجزيرة)

وارتفعت أسعار السلع الأساسية فى اليمن الي مستويات عاليه، فوصل سعر الدجاجة الواحدة -وهي طبق رئيسي على مائدة رمضان- نحو 10 آلاف ريال يمني (6.5 دولارات) فى مناطق سيطرة الحكومة المعترف بها دوليا، بينما جاء الي سعرها 2500 ريال (4.5 دولارات) فى مناطق سيطرة الحوثيين.

فقراء وأغنياء

ولا تقتصر هذه العادة على الأغنياء، بل يشارك فيها الجميع، ويقول عمار “لدي جار يعيش ظروفا صعبة، إذ إنه مـن دون عمل، وتضطر زوجته للطبخ على الحطب بدلا عَنْ غاز الطهي، ومع ذلك لم يتوقف عَنْ مشاركتنا طبقه الرمضاني”.

وبحسب عمار -الذى يسكن فى حي شملان غربي مدينة صنعاء القديمة- فإن هذا التضامن تقليد سنوي يحرص الأهالي على المشاركة فيه بأصناف مـن الأطباق التقليدية مثل “اللحوح” و”السلتة” و”السنبوسة”، وكل يجود بما يملك، سواء كان فقيرا أو غنيا، حتـى بالخبز فقط.

ويجلب هذا التقليد الدفء والرحمة، فهذه الأطباق الدائرة بين المنازل ليست مجرد طعام، بل هى صورة عَنْ صمود اليمنيين وكرمهم، كَمَا يقول عمار.

شهادة تضامن

ولم يكن عادل -الذى سكن حديثا فى حي شميلة جنوبي المدينة- قد تعرف الي أهالي الحي، قبل ان يتفاجأ بأطفال يطرقون باب منزله قبل حلول موعد إفطار اليـوم الاول مـن رمضان هذا العام، ويقول للجزيرة نت “لم أكن قد تعرفت الي أحد ومع ذلك شاركوني طعامهم، شعرت ان جميع سكان الحي هم أهلي وعائلتي”.

وتقول دعاء الواسعي -وهي مديرة بيت التراث الصنعاني فى وزارة الثقافة- إن تبادل الأطباق بين الجيران عادة مجتمعية متعارف عليها بين الأهالي وليست مقصورة على أناس بعينهم، بل يؤكد الجميع مـن خلالها على العطاء والتضامن.

وتشير دعاء الي ان “الوضع المعيشي الصعب لم ينزل دون هذا التضامن”، وتقول “البعض يمنح جاره أحيانا قطعة خبز”.

ويواجه اليمنيون واحده مـن أسوأ الأزمات الإنسانية والاقتصادية بالعالم جراء تداعيات الحرب، وتشير التقديرات الي ان 17.6 مليون شخص (مـن أصل 35 مليونا) يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد عَامٌ 2024، وفق تقرير صادر فى فبراير/شباط الماضي عَنْ مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الامور الإنسانية (أوتشا).

تبادل الأطباق الرمضانية في اليمن.. تضامن صامد أمام الوضع الاقتصادي الصعب
طفلة يمنية تحمل طبقا مـن الطعام لجيرانها قبل أذان المغرب فى العاصمة اليمنية صنعاء  (الجزيرة)

وضع معيشي صعب

صعود الأسعار وتدهور العملة وتوقف صرف الرواتب وندرة الغذاء أثر حتما على التقاليد الرمضانية، وأضفى مصاعب على العديد مـن الأسر التى عجزت عَنْ شراء متطلبات رمضان.

ويعيش نحو مليون موظف حكومي فى مناطق سيطرة جماعة الحوثي دون رواتب للعام الثامن، وسـط تبادل الجماعة والحكومة اليمنية المعترف بها دوليا المسؤولية، بينما انهارت العملة الي اقل مستوى لها امام النقد الأجنبي، مما أدى الي صعود الأسعار فى بلد يستورد 80% مما يستهلكه، حسب تقرير لمركز صنعاء للدراسات الإستراتيجية.

ويقول محمد العزب -وهو يدير مبادرة خيرية فى حي الحصبة وسـط المدينة- للجزيرة نت إن مظاهر التكافل بين اليمنيين قلّت بسـبب الوضع الاقتصادي الصعب وانهيار القدرة الشرائية وانحسار الوظائف، ومن بينها عادة تبادل الأطباق التى كانـت تعد مظهرا بارزا فى رمضان، ورغم أنها لا تزال قائمة فإنها تقتصر على بعض الأسر المقتدرة.

وتقول رئيسة مؤسسة الرحمة للتنمية الإنسانية رقية الحجري إن الظروف الاقتصاديه الصعبة قست على الجميع، ومع ذلك لا يزال التكافل الاجتماعي قائما، لكنه ليس كَمَا كان فى السابق “لم يعد الناس كَمَا كانوا جاء الى، ولا عاد الجيران مثل جيران زمان”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى