بالقرن الماضي، لم يتردد الاتحاد السوفيتي فى الاعتماد على الجواسيس للحصول على العديد مـن التقنيات بالمجال النووي والعسكري، وقد ساهمت مجموعه الجواسيس السوفيتية المتمركزة بكل مـن بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية فى تسريع حصول موسكو على القنبلتين الذرية والهيدروجينية. الي ذلك، لم يقتصر دور الجواسيس السوفيت على الامور النووية. فبالتزامن مع ذلك، جنّدت موسكو العديد مـن دبلوماسييها بالسفارات لجمع البيانات حول التحركات والتوجهات السِّيَاسِيَّةُ لدول الغرب.
وبطريقة غريبة، تمكنت لندن بسبعينيات القرن الماضي مـن وضح واحده مـن أكبر شبكات التجسس السوفيتية على أراضيها. ويعود الفضل فى كل ذلك لرجل سوفيتي مخمور اعتقلته الشرطة البريطانية بعد ارتكابه لمخالفة.
جاسوس مخمور
اثناء ستينيات القرن الماضي، أرسلت موسكو العنصر بلجنة أمن الدولة أولغ ليالين (Oleg Lyalin) نحو لندن ضوء لجنة تجارية رسمية. وخلال ساعة مبكرة مـن صباح يـوم 31 آب/أغسطس 1971، تجول ليالين على متن سيارته بوسط لندن وهو بحالة سكر حيـث تناول الأخير كميات كبيرة مـن الكحول بإحدى حانات العاصمة البريطانية قبل ان يركب سيارته. وأثناء قيادته ليلا، ارتكب ليالين مخالفات عديدة كان أبرزها تجاهله لفتح الإنارة الأمامية لسيارته.
صورة لأولغ ليالين
وعلى إثر ذلك، لاحقت سيارات الشرطة البريطانية سيارة ليالين وتمكنت مـن القبض عليه. وأثناء اعتقاله، اعترف ليالين تحت تأثير الكحول بكونه عميلا سريا لصالح لجنة امم الدولة السوفيتي المعروف بالكي جي بي (KGB). الي ذلك، أثارت تصريحـات ليالين استغراب وذعر رجال الأمن البريطانيين الذين اتجهوا لنقله على جناح السرعة نحو مكان آمن.
بسـبب رفضه التعاون مع رجال الأمن اثناء التحقيقات، نقل ليالين نحو السجن حيـث افتقر الأخير حينها للحصانة الدبلوماسية، بسـبب عدم اعتماده كدبلوماسي رَسْمِيٌّ لدى السفارة السوفيتية.
صورة تعبيرية تجسد عددا مـن رجال الأمن البريطانيين بالقرن الماضي
105 روس طردوا مـن بريطانيا
مع سماعها بالحادثة، اتجهت اللجنة التجارية السوفيتية بلندن لدفع الكفالة المالية، أو الخطية المالية، الخاصة بليالين والمترتبة عَنْ حادثة القيادة تحت تأثير الكحول التى قدرت قيمتها حينها بنحو 50 جنيها إسترلينيا. ومن اثناء ذلك، تسعي اللجنة التجارية لإطلاق سراح هذا العميل أملا فى ترحيله على جناح السرعة نحو موسكو.
الي ذلك، لفتت هذه الحادثة انتباه جهاز الأمن البريطاني، المعروف بالمكتب الخامس (MI5)، الذى اتجه للتحرك على جناح السرعة عَنْ طريق نقل أولغ ليالين نحو مكان سري. ومع تخوفه مـن العودة لموسكو وموافقة البريطانيين على إنهاء قضية القيادة تحت تأثير الكحول، قبل ليالين بالإفصاح عَنْ جميع البيانات التى كانـت بحوزته حول الأنشطة السوفيتية بلندن مقابل السماح له ببدء حياة جديدة ببريطانيا رفقة عشيقته.
صورة ليوري أندروبوف
مع حصوله على اللجوء السياسي، وضح ليالين عَنْ أنشطته حيـث أعلن الأخير على إرساله جاء الى موسكو للتجسس على بريطانيا منتحلا صفة تاجر قماش.
أسفرت البيانات التى قدمها ليالين عَنْ الإطاحة بشبكة تجسس هائلة ببريطانيا. وبالتزامن مع ذلك، عمدت لندن لطرد نحو 105 شخصيات سوفيتية، حامت الشكوك حول أنشطتها، مـن أراضيها. وكرد على ذلك، أقدمت موسكو على بطاقة حمراء 18 بريطانيا كانوا ضوء البعثة الدبلوماسية بالسفارة البريطانية بموسكو. بالفترة التالية، أثارت هذه الحادثة غضب رئيس لجنة أمن الدولة، والقائد المستقبلي للاتحاد السوفيتي، يوري أندروبوف (Yuri Andropov). وكرد على ذلك، أمر الأخير عملائه بملاحقة ليالين وقتله.