تحذير مـن تداعيات اقتصادية وأمنية لحظر إسرائيل العمال الفلسطينيين | اقتصاد سام نيوز اخبار
القدس المحتلة– أجمعت اخبار إسرائيلية على ان منع تشغيل العمال الفلسطينيين فى إسرائيل سيؤدي الي انهيار الاقتصاد الفلسطيني وتعاظم المخاطر الأمنية على إسرائيل مع تصاعد التوتر وحالة الغليان فى الضفة الغربية المحتلة منذ اندلاع الحرب على غزة.
وقبل معركة “طوفان الأقصى” فى 7 أكتوبر/تشرين الاول الماضي عمل فى إسرائيل نحو 109 آلاف عامل فلسطيني مـن الضفة وأكثر مـن 20 ألفا مـن قطاع غزة، وذلك بموجب تصاريح عمل تصدرها السلطات الإسرائيلية، إضافة الي آلاف الفلسطينيين الذين عملوا فى السوق الإسرائيلي دون تصاريح.
وأكدت تقديرات إسرائيلية ان مواصلة منع الفلسطينيين الدخول للعمل ستكون له تداعيات سلبية ومساس بالاقتصاد الإسرائيلي الذى يعتمد أيضا على الاقتصاد والأسواق الفلسطينية، كَمَا ان ذلك سيكبد قطاعات عمل حيوية مثل الزراعة خسائر فادحة وسيقوض قطاع البناء الذى يقابل تحديات وخسائر جراء الحرب الحالية.
وخصصت صحيفة “دي ماركر” الاقتصاديه تقاريرها الي مواصلة الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو منع دخول الفلسطينيين وتشغيلهم فى سوق العمل الإسرائيلي، وسلطت الضوء على تداعيات ذلك على الاقتصاد الفلسطيني وانعكاسه السلبى على الاقتصاد الإسرائيلي أيضا.
وتعتقد الصحيفه ان قرار منع تشغيل الفلسطينيين واستقدام العمالة الأجنبية تشتم منهما رائحة فساد ورشاوى للشركات التى تنشط بالمجال، علما ان التقارير تشير الي ان العمال الفلسطينيين أكثر كفاءة مـن العمال الأجانب بكل المقاييس والمستويات.
تعلق واعتماد
ولبحث العلاقة المتبادلة بين الاقتصادين الإسرائيلي والفلسطيني ترأس البروفيسور تسفي إيكشتاين فى كلية الاقتصاد بجامعة “رايخمان” قبل اعوام لجنة عامة تعاملت مع السؤال المعقد: ما الذى تجنيه إسرائيل مـن 5 ملايين فلسطيني، 3 ملايين منهم يعيشون فى الضفة الغربية تحت حكـم السلطة الفلسطينية؟ وكيف تؤثر معيشتهم على اقتصاد وأمن مواطني إسرائيل؟
وكان جواب إيكشتاين فى تقرير “لجنة التنظيم والإشراف وتنفيذ تشغيل العمال الفلسطينيين فى إسرائيل” -الذى قدم الي الحكومة الإسرائيلية- هو ان سوق العمل الفلسطيني مندمج فى سوق العمل الإسرائيلي، وأنهما يعتمدان على بعضهما البعض، كَمَا ان الاقتصاد وسوق العمل الإسرائيلي مرتبطان بالفلسطينيين مـن ناحية الأيدي العاملة وكذلك الاستهلاك.
وحيال هذا الواقع والارتهان الإسرائيلي للأيادي العاملة الفلسطينية، يقول إيكشتاين إن “أصوات الانكسار للمقاولين والمزارعين الإسرائيليين تظهر اعتمادهم الكبير على العمال الفلسطينيين، وفي الوقت نفسه فالأمر بالغ الأهمية على الجانب الفلسطيني أيضا”.
وإلى جانب التأثير الإيجابي على الاقتصاد بالضفة واستقرار السلطة الفلسطينية، يقول رئيس معهد “آرون” إن “هناك أيضا آثارا عملية على الاقتصاد الإسرائيلي الذى يريد للعمال الفلسطينيين بسـبب اعتماد قطاعي الزراعة والبناء عليهم بشكل كثير”.
ضبط ومراقبة
وأمام هذه المستجدات والتحديات الاقتصاديه، خصصت صحيفة “هآرتس” كلمتها الافتتاحية الثلاثاء لقرار “الكابينت الاقتصادي الاجتماعي” منع إدخال العمال الفلسطينيين الي سوق العمل الإسرائيلي والتسريع فى إجراءات استقدام العمالة الأجنبية، حيـث دعت الي إلغاء هذا القرار واستئناف دخول الفلسطينيين مـن الضفة للعمل فى إسرائيل، مع وضع آليات ضبط ونظام مراقبة لدخولهم.
وتشير الصحيفه الي أنه يمكن تفهم المخاوف الأمنية التى تزايدت بعد 7 أكتوبر/تشرين الاول الماضي، لكنها تابعت “لكن هذا لا يبرر استمرار هذه السياسة التى يمكن ان تسبب أزمة اقتصادية خطيرة فى الضفة، ويترتب عليها تدهور للوضع الأمني، كَمَا ان منع دخولهم يضر بالاقتصاد الإسرائيلي أيضا”.
وتشير “هآرتس” الي ان إسرائيل خلقت تبعية اقتصادية لها فى الضفة الغربية، لذلك فإن منع دخول العمال الفلسطينيين يعني -وفقا للصحيفة- “فك ارتباط اقتصادي” دون تقديم بديل، وهو فى الواقع نوع مـن الحصار.
وتقول الصحيفه إنه فى خضم الحرب فإن “مسألة التصديق على دخول العمال مـن الضفة هى بالفعل أكثر تعقيدا مما كانـت عليه فى الأوقات العادية، ولكن تحويل الضفة الي طنجرة ضغط جراء البطالة والإحباط قد يتبين أنه خطأ وعواقبه وخيمة”.
اقتصادي وأمني
وتعليقا على قرار “الكابينت” عدم السماح للفلسطينيين بالدخول للعمل فى إسرائيل، ترى محللة الامور الاقتصاديه ميراف أرلوزوروف فى صحيفة “دي ماركر” ان هذا القرار يأتي خلافا لالتزام إسرائيل باتفاقياتها مع السلطة الفلسطينية التى تقضي بتشغيل العمال مـن الضفة فى سوق العمل الإسرائيلي، وعليه فإن القرار يعكس تصور الحكومة الإسرائيلية أنه “لا وجود للشعب الفلسطيني بين البحر والنهر”.
وأوضحت أرلوزوروف أنه حتـى 7 أكتوبر/تشرين الاول الماضي كان نحو 130 ألف فلسطيني يعملون فى إسرائيل بتصاريح وعدد آخر غير معروف يقدر بعشرات الآلاف بدون تصاريح، وكان معظم الفلسطينيين يعملون فى مجالي البناء والزراعة.
ولفتت الي ان التقديرات تشير الي ان تشغيل العمال الفلسطينيين فى إسرائيل مسؤول عَنْ 15% مـن الناتج المحلي الإجمالي الفلسطيني، اى أنه بدون العمل فى إسرائيل سينهار اقتصاد السلطة.
وتقول أرلوزوروف إن خيار استقدام العمال الأجانب هو الأسوأ على الإطلاق، حيـث “يستغرق استقدام العمال الأجانب وقتا طويلا، إذ ينظر الي إسرائيل باعتبارها تحت مخاطر أمنية بسـبب الحرب، كَمَا ان اى اقتراح لجلب عمال أجانب يثير شكوكا جدية بوجود فساد”، فقد كان استقدام الأجانب على مر السنين ملوثا بتحصيل الرسوم المحظورة ودفع رشاوى غير قانونية بقيمة مليارات الشواكل سنويا، ومن الناحية العملية فإنه نوع مـن الاتجار بالبشر”.
فوضى ومشاحنات
الطرح ذاته تبناه حيزي شتيرنليخت وهو مراسل صحيفة “غلوبس” الاقتصاديه، والذي استعرض فى تقرير له واقع العمال بقطاع البناء فى إسرائيل فى اثناء منع إدخال العمال الفلسطينيين.
وأشار شتيرنليخت الي ان العمال الأجانب -ومن ضمنهم عمال البناء مـن الصين- يطلبون أجرا يوميا مضاعفا يصل الي 500 دولار، وهو الامر الذى خلق حالة مـن الفوضى والمشاحنات بين المقاولين الذين اضطر بعضهم الي دفع مثل هذه الأجور مـن اجل إنجاز مشاريع البناء التى يقومون بها.
وأوضح ان الحرب على غزة حولت التباطؤ فى قطاع العقارات الي أزمة حقيقية، قائلا إن المقاولين يتشاجرون مع بعضهم البعض إثر نقص العمال الكبير، والكثير مـن ورش البناء فى إسرائيل معطلة للشهر الثالث على التوالي وتتكبد الخسائر.