الاخبار العربية والعالمية

تعارضها عدة تنظيمات سياسية.. تصاعد دعوات المقاومة الشعبية بالسودان | سياسة سام نيوز اخبار

الخرطوم – مع مرور الأيام، تتزايد الأصوات والحشود المنادية بتفعيل خيار المقاومة الشعبية فى السودان لمواجهة قوات الدعـم السريع المتهمة بارتكاب “انتهاكات واسعة امام المدنيين” فى المناطق التى “تحتلها” بعد قتال أو انسحاب الجيش منها.

وعلى مدى أيام، شهدت مدن سودانية عدة تجمعات بشرية هائلة مدججة بالسلاح، تعلن الاستعداد لمواجهة قوات الدعـم السريع، ومساندة الجيش فى الحرب على الدعـم السريع التى تدور منذ قرابة 9 شهور.

ودعت جهات غير معروفة الي تنظيم حشود كبيرة الامس الاثنين تحت اسم “طوفان السودان” للتعبئة والاستنفار، وشهدت مدن القضارف وكسلا شرقا، والمناقل وسـط البلاد، والدبة ومروي شمالا، تجمعات مماثلة.

وتحظى هذه التجمعات بتأييد لافت مـن أنصار النظام السابق، وبتشجيع زعماء قبائل وإدارات أهلية، بينما تعارضها تنظيمات سياسية ترى فيها مُقَدَّمَةٌ لحرب أهلية تصعب السيطرة عليها.

ارتياح

وتأتي هذه التطورات على خلفية ما وصفت بـ”أعمال عنف مروّعة” شهدتها ولاية الجزيرة بعد سيطرة قوات الدعـم السريع عليها أواخر ديسمبر/كانون الاول الماضي، مما اضطر آلاف السكان للنزوح، وشكا مواطنون فى أحياء عدة مـن حصار تفرضه قوات الدعـم السريع ومنعهم مـن المغادرة بعد “إغرائهم” بتوفير المساعدات الغذائية والأموال والحماية.

ولا ينفي مسؤولون فى الدعـم السريع هذه الاتهامات، ويقولون إن مرتكبيها “جماعات منفلتة” تجري ملاحقتها ومعاقبتها فورا.

ويبدو ان دعوات المقاومة الشعبية لاقت ارتياحا لدى الجيش، حيـث أشار قائده رئيس مجلس السيادة النادي أول عبد الفتاح البرهان -فى خطابه بمناسبة ذكرى الاستقلال ليل الأحد- الي ان خارطة الطريق لتحقيق السلام يجب ان تتضمن “خروج المليشيا المتمردة مـن ولاية الجزيرة ومن بقية مدن السودان كَمَا تم الاتفاق عليه فى إعلان جدة، مع إعادة كل المنهوبات مـن أموال وممتلكات المواطنين والمنقولات الحكومية وإخلاء مساكن المواطنين والمقار الحكومية”.

وأضاف “اى وقف لإطلاق النار لا يضمن ما ذُكر لن يكون ذا قيمة، السلام المنقوص لن يكون مقبولا، فالشعب اعلن كلمته وانتظم فى صفـوف المقاومة لدحر هذا العدوان”.

فى المقابل، حذّر قائد الدعـم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) فى كلمته الامس الاثنين مـن عمليات الاستنفار، وقال إن قواته مصممة وقادرة على ملاحقة مـن أسماهم “الانقلابيين المستنفرين الذين يدقون طبول الحرب”.

وتابع “بعد 9 شهور مـن الانتصارات العسكرية المتواصلة، وهزيمة العدو فى الخرطوم ودارفور وكردفان والجزيرة، يجب عليهم الإقرار علنا بأنهم خسروا هذه الحرب وفشلوا فيها، وعليهم التوقف عَنْ الاستنفار والقتال وتدمير البلاد والتمهيد لإنهاء الحرب وبدء العملية السِّيَاسِيَّةُ”.

لاعـب جديد

وتعلقا على هذه التطورات، يقول السياسي والأكاديمي ناجي مصطفى بدوي إن المقاومة الشعبية “لاعـب جديد وثقيل نزل للساحة”، إذ يتميز بالاستقلالية ويساند القوات المسلحة وينتظم معها، لكنه سيختار المواجهة والإقدام فى كل الأحوال، وسيمنع الانتهاكات والتهجير.

ويقلل بدوي -فى حديثه للجزيرة نت- مـن التحذيرات مـن تمهيد المقاومة حربا أهلية بتأكيد ان مروجي تلك الأفكار سياسيون يتبعون قوى الحرية والتغيير التى يصفها بـ”العميلة للتمرد”، ولديهم تفاهمات معها ليشاركوها الحكـم إذا انتصرت.

ويردف “هذه القوى السِّيَاسِيَّةُ تخشى انكسار التمرد امام المقاومة الشعبية، ولا يمكن وصف ما يقوم به التمرد بغير الحرب الشاملة والعرقية لأنها تستهدف الإنسان والبيئة والاقتصاد والتاريخ والأمن الغذائي والمائي”.

فى المقابل، يتكهّن المتحدث باسم تحالف القوى المدنية لشرق السودان صالح عمار بفشل المقاومة الشعبية، ويستحضر -فى حديثه للجزيرة نت- حملة الاستنفار للحرب التى قادها عناصر النظام السابق قبل اندلاع القتال بين الجيش وقوات الدعـم السريع منتصف أبريل/نيسان الماضي، اثناء أعلنوا استعداد 200 ألف مجند للمشاركة مع القوات المسلحة السودانية، “لكن بعد الاعلان أول رصاصة اختفوا واختبأت قيادتهم”.

ويقول إن دعاة المقاومة الشعبية الحالية “هم عناصر النظام السابق وأعضاء المؤتمر الوطني الذى حكـم السودان 30 عاما وصنع الدعـم السريع”.

ويؤكد عمار ان اهداف هذه المقاومة “هى نشر الفوضى لأنهم يرون تمدد قوات الدعـم السريع فى مساحات واسعة ولا يريدون ان تتولى الحكـم”، لافتا الي خطورة “الزج بشباب يافع فى معركة غير متكافئة مع قوات مدربة ومؤهلة ولديها قدرات تسليح عاليه وخبرات قتالية”.

بدوره، يرفض عضو مجلس السيادة السابق القيادي بالحرية والتغيير محمد الفكي تأييد دعوات المقاومة الشعبية، قائلا إنها ‏”دعوة حق أريد بها باطل”، وتتغذى بالأساس مـن مخاوف المدنيين الذين تركتهم دولتهم دون حماية فى مواجهه انتهاكات واسعة. ويرى ان خطاب الاستنفار فى جوهره أصل الحرب “لأن العملية بأكملها يديرها فلول النظام السابق”.

وطالب الفكي، فى منشور على منصه “إكس”، القوات المسلحة بإصدار بيـان واضح بشأن خطوات التسليح الجارية الان، ومن يقوم بها؟ وكيف سيُجمع هذا السلاح مستقبلا؟ ويردف “ما يحدث الان يؤكد ان إيقاف الحرب واجب لا يقبل التأجيل قبل ان نصل مرحلة الحرب الأهلية الشاملة”.

مسؤولون فى حكومة القضارف شرقي السودان يؤازرون المقاومة الشعبية (الجزيرة)

“بيعة الموت”

وفي شرقي السودان، أعلنت قبائل فى منطقه الفشقة الحدودية مع إثيوبيا بداية المقاومة الشعبية، ونظمت حشدا كبيرا هذا الاسبوع خاطبه ناظر عموم قبيلة اللحوين عيد الزين، وقال إن “الانتهاكات الجسيمة” التى ارتكبتها قوات الدعـم كانـت الدافع للخروج.

وأعلن الناظر تقديم 20 ألفا مـن شباب القبيلة لما أسماها معركة الكرامة والدفاع عَنْ الوطن والشرق، كَمَا قدم “بيعة الموت” لقائد الجيش باسم اللحوين فى السودان. وشدد على ان المقاومة الشعبية هى التى ستحسم المعركة.

ويؤكد المدير التنفيذي لمحلية الفشقة عز الدين الإمام -للجزيرة نت- بداية المقاومة الشعبية مـن المنطقة الحدودية مع إثيوبيا، قائلا إنها سبق ان خاضت القتال والمعارك العسكرية لاسترداد المنطقة مـن الإثيوبيين بعد 25 عاما مـن احتلالها.

وأعلن مسؤولون فى حكومة القضارف عَنْ استمرار فتح المعسكرات والمقاومة الشعبية والاستنفار وتوفير السلاح والتدريب القتالي والمتقدم عبر حكومة الولاية ولجنة الأمن، كَمَا شهدت القضارف الامس الاثنين تجمعا كبيرا لمؤيدي المقاومة.

ويعتبر المحلل السياسي الطاهر ساتي ان المقاومة التى وصلت مرحلة التنفيذ هى رد فعل شعبي لما فعلته “المليشيا” (الدعـم السريع) فى مناطق انتشارها. ويرى فيها “ولادة طبيعية” بتداعي وطني تلقائي مـن كل أهل السودان بعد الإفاقة مـن هول الصدمة، مؤكدا عدم قدرة اى واجهة سياسية أو تنظيمية على تبنيها، فهي “غضبة حليم الجمهور”، وفق تعبيره.

ويتحدث ساتي -للجزيرة نت- عَنْ ان غالبية شباب السودان تدربوا على السلاح عبر الخدمة الوطنيه والدفاع الشعبي والآن يتدربون فى معسكرات المستنفرين بإدارة القوات المسلحة، ويرى فى تلك المقاومة حملة شعبية بمثابة الترياق لحملة “المليشيا” التى تستنفر أفرادها بالداخل ثم تجلب “عربان الشتات” مـن خارج السودان، وتحديدا مـن تشاد وليبيا والنيجر وأفريقيا الوسطى.

ويقول “الجمهور عندما شعر بهذا الغزو الأجنبي نهض ليصد العدوان، فهي حرب على مليشيا مدعومة مـن دول عربية وأخرى أفريقية”.

ويعدّها الشاب احمد مجاهد -الذى قرر حمل السلاح والانضمام للمقاومة الشعبية- فرصة جيدة للدفاع عَنْ منطقته وأهله فى الولاية الشمالية. ويقول للجزيرة نت إنه تطوّع للمقاومة بعد تمدد قوات الدعـم السريع وزيادة هجماتها على المدن “وما تفعله عناصرها مـن قتل ونهب واعتداءات على المواطنين العزل”.

ورغم رفضه الرَّأْي الذى يتحدث عَنْ نذر حرب أهلية، يبدي مجاهد بعض المخاوف مـن الامر وتحول المقاومة الي عملية انتقامية امام الأعراق والأجناس السودانية المتنوعة.

 

 

“استهلاك سياسي”

يرى المحلل السياسي محمد إدريس النعيم ان مقاومة الحرب تتمثل فى وقفها بدلا مـن توسعتها بما يصب فى مجرى تقسيم السودان على أسس عرقية وجهوية فى اثناء تنامي خطاب الكراهية ودعوات العنصرية على كل المنصات “التى يقودها أنصار وإعلاميو النظام السابق”.

ويقول النعيم للجزيرة نت إن عَدَّدَ المستنفرين غير معروف، وإن الجهات التى أمدّتهم بالسلاح غير معروفة، مما يجعل تداول أرقام بشأنهم عرضة للاستهلاك السياسي.

ووجه العميد المتقاعد الطيب نجم الدين اتهامات مبطّنة لقادة الجيش بالفشل فى ادارة المعركة مع قوات الدعـم السريع. واعتبر -فى حديثه للجزيرة نت- ان المقاومة الشعبية فكرة جيدة لا تتوفر ظروفها فى الوقت الحالي مع حالة الاستقطاب الحاد الذى يسيطر على المشهد السوداني، محذرا مـن مغبة تسليح المجتمع السوداني فى اثناء هذه الظروف.

وقال إن الغموض الذى يحيط بعملية التسليح والجهة التى تشرف عليها مـن غير القوات المسلحة السودانية، أمرٌ يدعو للشك والخوف معا، لأن العملية تتم حاليا بواسطة حكومات الولايات وولاتها فى ثوب مغطى بالأجندات السِّيَاسِيَّةُ لجماعة معينة تقود هذه الحملة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى