ما يقرب مـن 1.4 مليون كيلومتر مـن الألياف المغلفة بالمعادن تعبر محيطات العالم، مـن اجل تسريع حركة الإنترنت بسلاسة على كوب الأرض، حيـث تسيطر شركات مـن فرنسا والولايات المتحدة واليابان وتتنافس فى توريد وتركيب هذه الكابلات.
لكن الحكومة الصينية بدأت فى اختراق هذه السوق العالميه بنجاح، بعد ان تمكنت الإدارات الأميركية المتتالية مـن تجميد حركة الصين قبل اعوام، بسـبب مخاوف التجسس والمخاوف بشأن ما قد تفعله بكين لتعطيل الأصول الاستراتيجية التى تديرها الشركات الصينية فى حالة حدوث صراع.
إلا أنه رغم منعها بشكل روتيني مـن مشاريع الكابلات البحرية الدولية التى تنطوي على استثمارات أميركية، تكيفت الشركات الصينية مـن اثناء بناء الكابلات الدولية محلياً وللعديد مـن الدول الحليفة.
ما أثار هذا مخاوف مـن وجود انقسام خطير فيمن يمتلك ويدير البنية التحتية التى تقوم عليها مجموعه الويب العالميه، وفق تقرير لصحيفة “فايننشال تايمز”.
ورغم إحباط طموح الصين فى ان تصبح منافساً رئيسياً فى السوق العالميه للكابلات، لا تزال تبحث عَنْ طرق لتحقيق مكاسب.
فقد وضح المطلعون على الصناعة ان شركات الاتصالات المملوكة للحكومة الصينية حاولت تحويل تركيزها الي المناطق التى لا يزال لديها فيها نفوذ تجاري وسياسي.
شترستوك
حروب الأسعار
بدوره، اعلن شخص يعمل لدى الحكومة الصينية: “إن الصين قادرة على قيادة المشاريع فى بعض البلدان الآسيوية والإفريقية وأميركا اللاتينية، ويرجع ذلك أساساً الي ان شركات الاتصالات المملوكة للدولة يمكنها خوض حروب الأسعار بشكل جيد”.
وفي آسيا حيـث ينمو الطلب على النطاق الترددي والكابلات التى تحمله بشكل اسرع مـن العديد مـن المناطق الاخرى فى العالم، تقود شركة “تشاينا تيليكوم” و”تشاينا موبايل” و”تشاينا يونيكوم”، حالياً العديد مـن مشاريع الكابلات الكبيرة، بما فى ذلك مشروعان سيربطان الصين بسنغافورة واليابان.
وكان بناء إمبراطورية البنية التحتية الصينية حول إفريقيا وأوروبا ناجحاً لسنوات عديدة.
فقد كانـت شركة “تشاينا يونيكوم” مستثمراً رئيسياً فى خط Sail، وهو كابل بطول 5800 كيلومتر يربط البرازيل بالكاميرون بدأ العمل به فى عَامٌ 2020.
بينما كانـت “تشاينا موبايل” أيضاً عملية لاتحاد الكابلات الرائد، “2Africa”، الذى يربط مساحات شاسعة مـن إفريقيا بأوروبا والذي بدأ العمل فيه فى عَامٌ 2020، حيـث تعتـبر شركتا “ميتا” وفودافون” مستثمرين مهمين فيه.
شترستوك
قيود دولية
مع ذلك، فمن غير المرجح ان تتمتع الشركات الصينية بنفس الحرية لبناء كابل مع المجموعات الغربية وربطه بالموانئ الأوروبية اليـوم.
لكن خط Peace، وهو الكابل الذى أُطلق العام الماضي لربط باكستان بفرنسا عبر كينيا، تم تمويله وبنائه بالكامل جاء الى الشركات الصينية، بما فى ذلك HMN Tech، وبالتالي تجاوز الحاجة الي دعوة المجموعات الي طاولة المفاوضات جاء الى الشركات الغربية.
وكشف اثنان مـن المديرين التنفيذيين فى الصناعة العاملين فى مشاريع فى الصين، ان لدى بكين أدوات أخرى يمكنها استخدامها للرد على القيود الدولية.
بالإضافة الي أنها أصبحت أكثر حماية لأراضيها البحرية بشكل عَامٌ، فقد بدأت فى ممارسة المزيد مـن الضغط على الشركات التى تمد الكابلات عبر المياه الصينية وبحر الصين الجنوبي لاستخدام الكابلات التى تنتجها HMN Tech، وفق المصدريْن.
كَمَا قامت الشركات الصينية بتكليف ثلاث سفن لمد الكابلات وصيانتها لتقليل اعتماد البلاد على السفن الأجنبي، وفقاً لمايك كونستابل، الذى كان كثير المسؤولين الإستراتيجيين لأكبر مورد للكابلات فى الصين حتـى مارس مـن هذا العام والرئيس التنفيذي فى ذلك الوقت عندما كانـت الشركة مملوكة لـ”هواوي”.
وأدى القلق المتزايد بشأن ترصد الكابلات للتجسس والتخريب الي ان تصبح بعض الحكومات أكثر حماية لمياهها الإقليمية، مما تسبب فى تأخير استلام تصاريح مد الكابلات وصيانتها.
وبدأت العديد مـن الدول، بما فى ذلك إندونيسيا وكندا، فى تفويض بعض السفن والموظفين فقط بوضع الكابلات وصيانتها دَاخِلٌ مناطقهم الاقتصاديه الخالصة، كَمَا يقول التنفيذيون فى الصناعة.