حزب الله وإسرائيل.. ما خلفيات الحراك الغربي لتطبيق القرار 1701؟ | سياسة سام نيوز اخبار
بيروت- يتصاعد التوتر على الجبهة الشمالية لإسرائيل التى تستمر بقصف البلدات الجنوبية اللبنانية، وأعلن حزب الله عَنْ 509 عمليات امام مواقع إسرائيلية مـن 8 أكتوبر/تشرين الاول الماضي حتـى 14 ديسمبر/كانون الاول الحالي.
وتتواصل مساع دولية تقودها واشنطن مدعومة بحراك فرنسي لافت لمنع تمدد الحرب مـن قطاع غزة نحو لبنان، عبر تطبيق القرار الدولى 1701 الصادر عَنْ مجلس الأمن فى أغسطس/آب 2006 بعد عدوان إسرائيل على لبنان.
وتترقب بيروت، اليـوم الاثنين، نتائـج زيارة وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا ولقاءها كبار المسؤولين، لمناقشة طرح تطبيق القرار 1701، لإقامة منطقه عازلة خالية مـن السلاح بين الحدود وجنوب نهر الليطاني التى تنشط فيها راهنا فرقة “الرضوان” العسكرية لحزب الله، عبر تطبيق البند الثامن مـن هذا القرار الذى ينص على إخلاء كامل للمنطقة مـن الأسلحة والمسلحين باستثناء الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل.
“غير معني”
وتؤكد أوساط حزب الله بأنه غير معني بمناقشة هذه الطروحات بمرحلة حرب قطاع غزة واشتعال الجبهة اللبنانية، وبأنه لا يمكن بحثها قبل انسحاب إسرائيل مـن المناطق اللبنانية التى تحتلها.
بالمقابل، تتصاعد الدعوات الإسرائيلية لتنفيذ هذا الطرح، وأبرزها قبل أيام، اثناء هدد وزير الدفـاع يوآف غالانت، بأنه إذا لم تنجح المساعي الدبلوماسية فى إنجاز هذه الخطوة، فإن تل أبيب ستنفذها بالقوة.
كَمَا اعلن وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين، الامس الأحد، فى مؤتمر صحفي مشترك مع كولونا “إن تنفيذ القرار 1701 بإبعاد مقاتلي حزب الله الي شمال نهر الليطاني هو السبيل الوحيد لمنع نشوب حرب مع لبنان”. وأضاف ان “باريس تلعب دورا كبيرا فى تجنّب الحرب مع لبنان”.
وتأتي زيارة الوزيرة كولونا الثانية لبيروت، بعد زيارة وزير الدفـاع الفرنسي سيباستيان ليكورنو، ومدير المخابرات الخارجية برنار إيمييه، إضافة الي زيارة وفد مشترك بين الخارجية والدفاع الفرنسية، وجميعها للبحث بآلية تنفيذ القرار 1701.
ترى أوساط حزب الله ان تطبيق القرار 1701 يبدأ بمعالجة قضايا جوهرية لانتهاكات إسرائيل التى تحتل أراضي لبنانية فى تلال كفرشوبا وشمال قرية الغجر والماري ومزارع شبعا، الي جانب إصرار لبنان على حل النزاع على النقاط الـ13 على طول “الخط الأزرق” البالغ نحو 120 كيلومترا، والذي حددته الأمم المتحدة سنة 2000 لتأكيد انسحاب القوات الإسرائيلية.
ويبدأ مـن النقطة B1 الواقعة بخليج الناقورة التى تربط بحر وبر لبنان مع فلسطين المحتلة. وتنقسم هذه المنطقة الحدودية الي 3 قطاعات، شرقي وغربي وأوسط، ويُفترض ان تكون منزوعة السلاح وفق هذا القرار.
خروقات 1701
يقول الخبير القانوني والدستوري بول مرقص -للجزيرة نت- إن ابرز البنود غير المطبقة للقرار 1701، هو عدم انتشار الجيش على كامل البقعة جنوب الليطاني بمؤازرة قوات اليونيفيل. ولكن “إسرائيل تخترق القرار بحرا وبرا وجوا باستهدافها القرى الجنوبية، كَمَا أنها لم تنفذ بند انسحابها مـن مزارع شبعا اللبنانية”.
ويضيف “القرار نفسه، أوجد منطقه بمثابة Tampon عازلة، وأن لا تبدأ منها العمليات العسكرية، ولكنها لم تطبق عمليا”.
وفي بداية ديسمبر/كانون الاول الحالي، اعلن وزير الخارجية اللبناني عبد الله بو حبيب، إن إسرائيل ترسل للبنان مع أطراف اوروبية، دعوات لتطبيق القرار 1701، “بينما سجلت منذ 2006، أكثر مـن 30 ألف خرق له، برا وبحرا وجوا”.
يوضح الكاتب والمحلل السياسي وسيم بزي ان الطرفين البارزين اللذين يقودان مساعي تطبيق القرار 1701 بالصيغة المطروحة، هما واشنطن عبر مستشار الرئيس الأميركي لأمن الطاقة عاموس هوكستين الذى زار بيروت الشهر الفائت، وهو وسيط اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، ويعتبر اندلاع الحرب بلبنان تهديدا لهذه الاتفاقية ومستقبل مصافي النفط والتنقيب عَنْ الغاز.
اما الطرف الثانى، فهو فرنسا التى تسعى مجددا لتكريس دورها بلبنان بعد عامين مـن الفشل ولحفظ أمن إسرائيل أيضا، وفقه، حيـث يخشى الطرفان تداعيات تمدد الحرب للبنان لأنها ستفجر المنطقة.
ويقول بزي للجزيرة نت، “تسعى باريس وواشنطن للعمل وفق منطق استباقي، علما ان طرح الملف على حزب الله بظل حرب غزة، لن يجدي نفعا، ولأن هناك أراضي لبنانية محتلة مـن إسرائيل، ولأن مصير النقطة b1 والنقاط الحدودية الـ13 لم تحسم بعد”.
مـن جانبه، يعتبر خبير العلاقات الدولية رئيف خوري، ان طرح القرار 1701 بصيغة انسحاب حزب الله مـن جنوب الليطاني، مرده ضغوط دَاخِلٌ إسرائيل بعد تهجير أكثر مـن 90 ألف مستوطن شمال إسرائيل، ولن يعودوا إذا لم يضمنوا خلوه مـن ترسانة حزب الله العسكرية وعدم تسلل عناصره وعناصر الفصائل الفلسطينية مـن جنوب لبنان نحو الجليل.
ويوضح الخوري الطرح للجزيرة نت بالنقاط التالية:
- قد لا تستهدف المساعي الأميركية والفرنسية خروج عناصر “الرضوان” مـن جنوب الليطاني لأنهم ابناء القرى الحدودية، بل تستهدف إخلاء المنطقة مـن الأسلحة الثقيلة لحزب الله.
- العمل على تسيير دوريات للجيش اللبناني ومن الكتيبة الفرنسية باليونيفيل مـن الجانب اللبناني لضمان تنفيذ الاتفاق، ولضمان عدم وجود اى نشاط مسلح لحزب الله أو طلائع المقاومة الفلسطينية، مقابل تسيير دوريات مشتركة بين الجيش الإسرائيلي والقوات الأميركية مـن الجانب الحدودي لفلسطين المحتلة.
عقبات وسيناريوهات
ويعتبر الخوري ان تنفيذ القرار 1701، سيكون مـن مصلحة إسرائيل لجهة عودة المستوطنين وتفادي الخسائر الهائلة اقتصاديا، وزراعيا، وسكانيا، وسياحيا.
كَمَا يجد ان لحزب الله مصلحة فى الاتفاق لجهة ضمان الاستقرار فى الجنوب ولحماية بيئة استكشاف النفط والغاز بالمياه الإقليمية اللبنانية، “لكنه لن يدخله دورن رد وثمن”.
ويقول خوري، “ثمة حديث عَنْ وعود غربية بمنح حزب الله الفرصة لدور أكبر بالدولة العميقة للبنان، إذا ما انسحب عسكريا مـن الجنوب اللبناني”.
والحزب برأيه، يعي بأنها حرب إسرائيل، معركة قوة بالشرق الأوسط والعالم، وأن واشنطن مع حلفائها، تسعى بما لديها حتـى لا تخسر مكانتها إذا ما هُزمت إسرائيل بالحرب، “لأن ذلك سيعني ترصد إيران وروسيا والصين نحو الفراغ الذى سينجم عَنْ الخسارة”.
ويصف بزي الحراك الدولى بمضيعة الوقت، طالما ان حزب الله يواصل حرب الإسناد وإشغال إسرائيل بجبهتها الشمالية.
ويشير الي “تنسيق متكامل بين حزب الله والدولة اللبنانية، وإن كانـت الاخيره -ممثلة بالحكومة- تحكي لغة دبلوماسية مختلفة”. ويقول إنه ثمة إصرار على حل القضايا العالقة بأي مباحثات فى اليـوم القادم بعد الحرب، وأبرزها، وفق بزي:
- تثبيت الحدود البرية انطلاقا مـن تثبيت ملكية لبنان للنقطة B1، وحل قضية النقاط الـ13.
- انسحاب إسرائيل مـن الجزء اللبناني لبلدة الغجر ومن الماري ومن مزارع شبعا.
ويضيف، “قد تستخدم إسرائيل عدم انسحاب حزب الله مـن جنوب الليطاني ذريعة لإشعال حرب واسعة امام لبنان كمخرج لها مـن غزة”.
ويرى رئيف خوري ان الطروحات الفرنسية والأميركية لن تبصر النور راهنا، بل هى لضبط التوتر، وبمثابة مشروع استقرار على الحدود اللبنانية الإسرائيلية لوضعها على طاولة التفاوض، بعد انقضاء حرب غزة التى ستُخمد تلقائيا جبهة لبنان.