خبير: غزة ستشهد صعود نسب السرطان بسـبب مخلفات القنابل وركام المباني | اخبار صحة سام نيوز اخبار
مع استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، يقابل السكان مخاطر نتيجه مخلفات القنابل والمباني المنتشرة بكل مكان فى القطاع، والتي تؤثر على الجسم بشكل عَامٌ والجهاز التنفسي بشكل حصري، فما ابرز هذه التأثيرات؟ وهل تشمل الإصابة بالسرطان؟
حول هذا الموضوع، حاورت الجزيرة نت الدكتور محمد حسن الطراونة، استشاري الأمراض الصدرية والتنفسية وخبير العدوى التنفسية، وممثل الرابطه الطبية الأوروبية الشرق أوسطية الدولية فى الأردن.
كيف تؤثر الحرب على صحة الغزيين؟
يشهد قطاع غزة إلقاء كمية هائلة مـن المتفجرات فى اثناء العدوان الإسرائيلي، ويمكن لهذه الحرب ان تترك أثرا بيئيا ساما وتتسبب فى أضرار لا توصف لصحة الإنسان.
وتتسبب النزاعات العنيفة فى أضرار بيئية كبيرة، حيـث تلوث الهواء والماء والتربة، وتلحق الضرر بصحة الإنسان على المدى الطويل.
ما المخلفات السامة التى تحملها الحرب لقطاع غزة؟
تشمل المخلفات:
كيف تؤثر مخلفات الحرب على صحة الغزيين؟
يمكن ان تؤدي مخلفات الحرب السامة الي العديد مـن الآثار الصحية الضارة على البشر.
فى فيتنام، تشير الأبحاث الي زيادة كبيرة فى خطر الإصابة بالعيوب الخلقية بين أطفال الآباء المعرضين للعامل البرتقالي. وفي بعض المواقع، تم العثور على مستويات عاليه للغاية مـن الديوكسينات فى التربة والرواسب والأطعمة، وكذلك فى حليب الثدي البشري والدم.
والعامل البرتقالي مادة استخدمها الأميركيون فى حربهم مع فيتنام، ولا تزال تتسبب فى ولادة أطفال بعيوب خلقية وإصابات بالسرطان وإعاقات.
بينما القوات الأميركية رشت ثمانين مليون لتر مـن العامل البرتقالي فوق جنوب فيتنام فى الفتره بين 1962 و1971، وهو مبيد أعشاب ونازع لأوراق الشجر، فى محاولة يائسة لإخراج المليشيات الشيوعية مـن مخابئها وحرمانها الغذاء.
فى غزة، تم تحديد كميات مرتفعة مـن المعادن الثقيلة لدى الأمهات والأطفال حديثي الولادة الذين تعرضوا للهجمات العسكرية. وفي غزة أيضا، ارتبطت العيوب الخلقية بالتعرض للفسفور الأبيض والقنابل الاخرى التى تحتوي على معادن سامة ومسببة للسرطان.
هل سنشهد صعود نسب السرطان لدى الغزيين؟
نعم، لأن تلوث الهواء بسـبب الجسيمات العالقة الناتجة عَنْ المتفجرات يزيد مـن احتمالية حدوث سرطان الرئة.
كيف يؤثر دخان القنابل والصواريخ على الجهـاز التنفسي؟
تحتوي القذائف والصواريخ على مواد مثل البارود والمتفجرات، وعندما تنفجر وتحترق تنبعث منها غازات كربون تؤثر على الجهـاز التنفسي.
يؤدي القصف الي انبعاث العديد مـن الغازات فى الجو، فضلا عَنْ انهيار المباني الذى يؤثر سلبا على الجهـاز التنفسي، إضافة الى وجود جسيمات وغيرها مـن المواد التى يزداد تركيزها فى الهواء.
ويتأثر الأطفال أكثر مـن غيرهم لأن جهازهم التنفسي يكون فى طور النمو والتكون ولم يكتمل، لذا فهم معرضون لتشوهات فى الجهـاز التنفسي وأضرار مزمنة لها علاقة بتنشق الدخان والجزئيات والفطريات.
ويؤدي التعرض للمواد الحارقة اثناء القصف الي تدمير الأغشية المخاطية فى الجهـاز التنفسي. ولا يمكن غض النظر عَنْ قنابل الفوسفور التى ألقاها جيش الاحتلال على غزة مرات عدة.
فالفوسفور الأبيض جزء مـن “الأسلحة الحارقة” المحرمة دوليا، وهو مادة كيميائية تشبه الشمع، وغالبا ما تكون صفراء أو ذات لون أبيض كثيف، وعندما يتفاعل هذا الفوسفور مع الأكسجين، يشتعل ويحترق، وينتج دخانا.
هذا السلاح محظور جاء الى الأمم المتحدة وفق اتفاقية جنيف عَامٌ 1980 التى تنص على تحريم استخدامه بوصفه سلاحا حارقا امام البشر والبيئة.
والمشكلة الكبيرة فى غزة ترتبط بالضرر الحراري على الجهـاز التنفسي، فالفوسفور الأبيض تنجم عنه حرارة تحرق الجلد وتصل للعظم، لذلك فهو محظور دوليا، لانه يؤذي السكان بدرجات عاليه وغير مقبولة.
وللفوسفور الأبيض آثار كارثية على الجهـاز التنفسي، حيـث يؤدي الي حرقه وحرق القصبات الهوائية، ويؤدي الي أورام فى البلعوم والقصبات، بالاضافة الي ضرر مباشر وطويل الأمد ذي علاقة بتنشق الأبخرة العالية الحرارة، التى تؤدي الي حدوث حروق مـن الدرجتين الثانية والثالثة، ويسبب خطرا كبيرا بعيد المدى لا يقل عَنْ آثار الحرب الكيميائية والقنابل.
كيف يؤثر تنفس الركام الناجم عَنْ تدمير المباني فى غزة على صحة الغزيين؟
يسبب تدمير المباني جراء القصف انبعاث الغبار والأتربة مـن الحجر والإسمنت، ويجعل الناس تستنشق الجسيمات الدقيقه مـن مواد البناء، مما يؤدي لردات فعل على الجهـاز التنفسي.
وهناك أنواع مـن الفطريات كفطر “أسبرغيليس” Aspergillus توجد فى ورشات البناء، ويستنشقها الناس وتؤذي الجهـاز التنفسي كثيرا، وقد تؤدي الي أمراض تنفسية مزمنة للفئات المعرضين أكثر للخطر، مثل مرضى الأمراض المزمنة.
ما هى أمراض الجهـاز التنفسي التى يُتوقع انتشارها فى غزة؟
يبدو ان سكان غزة امام خطر صحي آخر يسببه الاكتظاظ فى الملاجئ والمستشفيات وغيرها، فالعديد مـن الأمراض التنفسية قد تنتقل عَنْ طريق الهواء كالسل والأمراض البكتيرية والفيروسية التنفسية، وهي تظهر بسـبب الاكتظاظ دَاخِلٌ الأماكن المغلقة، بالإضافة لعدم تلقي الرعاية الصحية للنازحين فى وقت زمني قصير، نتيجه انهيار المنظومة الصحية.
ويؤدي استهداف المنشآت الصحية، وعدم مقدرة الناس على الوصول اليها، الي تدهور الحالة الصحية، ويزيد مـن احتمالية تفشي الأمراض.
موجات الضغط
ويقول مرصد الصراع والبيئة The Conflict and Environment Observatory إنه عندما تصاب المباني بشكل مباشر بالذخائر أو تتضرر مـن اثناء موجات الضغط الناتجة عَنْ الانفجارات، تتسحّق مواد البناء، مما يولد كميات كبيرة مـن الغبار.
عادة ما يكون الغبار الناجم خليطا غير متجانس مـن المواد، مثل الأسمنت والمعادن ومركبات ثنائي الفينيل متعدد الكلور والسيليكا والأسبستوس والألياف الاصطناعية الاخرى.
ويمكن ان يكون للتعرض لهذه الأتربة تأثيرات فيزيائية وكيميائية على الصحة. يمكن للمواد الجسيمية (PM) التى يقل حجمها عَنْ 10 ميكرومترات أو يقل قطرها عَنْ 2.5 ميكرومتر ان تشكل مخاطر صحية كبيرة مـن أمراض الجهـاز التنفسي والأمراض وكذلك السرطان.
وتشمل الآثار المباشرة للتعرض لغبار انهيار المباني تهيج العين والأنف والحنجرة والجلد. إذا تم استنشاق الغبار واحتجازه دَاخِلٌ الرئتين، فقد يؤدي التعرض للغبار الي الإصابة بتغبر الرئة pneumoconiosis، وهو تهديد أكثر خطورة على صحة الجهـاز التنفسي على المدى الطويل. عادة ما يتم توثيق هذا المرض لدى العمال المهنيين الذين يتعرضون للغبار المحمول جوا لفترات طويلة مـن الزمن. ومع ذلك، يمكن ان يحدث تغبر الرئة الحاد عندما يكون هناك الاعلان كثير للغبار اثناء مدة قصيرة مـن الزمن.
ويضيف المرصد أنه يمكن ان يحدث مرض الانسداد الرئوي المزمن أيضا نتيجه التعرض المكثف للغبار. ويشكل هذا خطرا صحيا طويل الأمد على المدنيين الذين ما زالوا يعيشون على مقربة مـن المباني المتضررة مـن النزاع أو الأنقاض. يمكن ان تشمل أمراض الانسداد الرئوي المزمن الربو والتهاب الجمهور الهوائية وانتفاخ الرئة مـن بين شكاوى الجهـاز التنفسي الاخرى.