الاخبار العربية والعالمية

روسيا.. هل يشهد عَامٌ 2024 نهاية الحرب مع أوكرانيا؟ | سياسة سام نيوز اخبار

موسكو- تدخل روسيا عَامٌ 2024 بإرث ثقيل مـن ملفات السنة المنصرمة التى عاشت خلالها حالة تشبه السباق مع الوقت لمواجهة تداعيات أكثر مـن ملف حساس على أمنها القومي وأوضاعها الداخلية، مع تأكيد مراقبين روس حصول نجاحات بهذا السياق، لكن هذه المخاطر -مع ذلك- ما تزال قائمة.

ولم تنحصر التطورات التى شهدتها روسيا فى العام 2023 بمراوحة الحرب مع أوكرانيا مكانها دون تحقيق اختراق حاسم، وتواصل سيل العقوبات الغربية، بل تضمنت اتخاذ خطوات نحو فضاء تحالفات جديد يضم الدول التى اختارت ان تكون خارج نطاق العقوبات الغربية امام موسكو.

وهو ما يرشح 2024 ليكون عَامٌ إعادة تموضع روسيا فى منظومات جيوسياسية بديلة، سواء فى الفضاء السوفياتي السابق، أو الساحات الحيوية الاخرى، ومن بينها الشرق الأوسط.

الرئيس الأميركي جو بايدن (يسار) والرئيس الفنلندي ساولي نينيستو اثناء اجتماع لاحق فى هلسنكي (الأوروبية)

تحد جديد

ولم يكد العام 2023 يستنفد أيامه الاخيره حتـى جاء تحد جديد مـن الجبهة الغربية، وهذه المرة مـن فنلندا، التى اتخذت موقفا تصعيديا جديدا امام موسكو بسماحها نشر قواعد أميركية على أراضيها تزامنا مع إغلاق جميع المعابر الحدودية معها.

وردا على ذلك، توعد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين فنلندا “بمشاكل” بإعلانه قرار إعادة إنشاء منطقه لينينغراد العسكرية، مما ينذر بمواجهة جديدة على الحدود الغربية للبلاد التى باتت أكثر مـن اى وقت مضى قريبة مـن خطوط التماس مع القوات الأميركية والأطلسية.

ويبقى الملف الأبرز لدى الروس هو الحرب المتواصلة مع أوكرانيا التى تقارب دخول عامها الثالث دون اى أفق سياسي لوقفها، مع قراءات مراقبين روس بأن الأزمة قد وصلت الي نقطه اللاعودة.

ووفق الخبير الإستراتيجي، رولاند بيجاموف، فإنه مـن المستبعد ان تنتهي الحرب اثناء العام الحالي.

وفي تصريح للجزيرة نت، يقول إنه سيتبين -فى فبراير/شباط القادم- حجم المساعدات العسكرية والمالية التى ستتلقاها كييف مـن البلدان الغربية، مؤكدا أنها فى كل الأحوال ستكون أقل مـن 2023، الامر الذى ستتوقف عليه إمكانات القوات الأوكرانية فى شن هجـوم “رأس الحربة” مضاد جديد، وبالتالي قدرة الجيش الروسي على الحسم.

ويضيف ان الموقف النهائى مـن دعـم أوكرانيا فى الحرب مع روسيا سيتخذ منحى جديدا مع نهاية 2024 مع الانتخابات الرئاسية فى الولايات المتحدة وتغير الإدارة الحالية فى البيت الأبيض، لفريق جديد سيكون أقل حماسة فى دعـم كييف.

السياسة الدولية والتحالفات

يراهن مراقبون روس على ان دول أفريقيا وأميركا اللاتينية قادرة على الاتحاد فى منظمة جديدة -معاهدة أو تحالف تحت اسم حلف “جنوب الأطلسي”-مجازا، والتي يمكن ان تشكل ناقلا جديدا لنظام عالمي متعدد الأقطاب، وثقلا موازيا لدول حلف شمال الأطلسي (الناتو).

وبحسب أستاذ العلاقات الدولية، أليكسي موخين، فإن اهم سمة لسياسة روسيا الخارجية عَامٌ 2023 هى القدرة على التنبؤ، والتي تجلت بأنها واحده مـن الدول القليلة التى لم تلغ القانون الدولى أو بعض قواعده إرضاء للغرب، وواجهت عملية وصاية واشنطن وشركائها على واقع ومستقبل العلاقات الدولية.

على هذا الأساس، يترقب موخين ان يكون 2024 عَامٌ إعادة اصطفاف واسع النطاق تتبدل فيه التحالفات الجديدة بنسبة كبيرة لصالح موسكو.

داخليا، يترقب ان تكون الانتخابات الرئاسية المحدد إجراؤها فى 17 مارس/آذار القادم اهم استحقاق داخلي فى العام الجديـد، لا سيما بعد تأكيد بوتين ترشحه لها.

ووفق محلل الامور الروسية، فيتالي إيفانوف، فإن فـوز بوتين بالانتخابات بات شبه حتمي، نظرا للخطوات التى اتخذها لمواجهة تداعيات العقوبات والضغوط، وقرار الذهاب لخيار الحرب مع أوكرانيا لمواجهة التهديدات التى كاد الأمن القومي الروسي يتعرض لها بعد رفض الغرب الضمانات الأمنية، وهي خطوات -حسب رأيه- لاقت استحسانا لدى الرَّأْي العام الروسي الجاهز لإعادة انتخابه.

علاوة على ذلك، يرى إيفانوف ان إعادة انتخاب بوتين ستشكل عاملا مطمئنا للمواطنين الذين وإن لم يكن العام الماضي سهلا بالنسبة لهم، فإن رزمة الإجراءات المضادة سهلت عليهم التأقلم مع التقلبات الاقتصاديه.

اقتصاد الحرب والعقوبات

وفق تقديرات رسمية، يُتوقع ان ينمو الاقتصاد الروسي بنسبة 1.1% عَامٌ 2024 و1% عَامٌ 2025، وهي نفس البيانات تقريبا التى أوردها تقرير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.

ويتوقع بنك روسيا نمو الناتج المحلي الإجمالي عَامٌ 2024 فى حدود 0.5 و1.5%، وفي حدود 1 و2% عَامٌ 2025.

ويقول الخبير الاقتصادي، فيكتور لاشون، إن تطبيق العقوبات سيستمر على روسيا عَامٌ 2024 مع مخاطر تشديدها نهاية مارس/آذار 2024، مما قد يؤثر سلبا على الاقتصاد.

ومع ذلك، فإن الوضع فى أوروبا -وفق لاشون- ليس افضل، خاصة بسـبب المهاجرين. علاوة على ذلك قد تتم مواجهه هذا التدهور بشكل غير مباشر مـن اثناء تفاعل روسيا مع الصين التى يتصاعد توتر علاقاتها مع الغرب بسـبب قضية تايوان، وأصبحت أكثر حرجا.

ويشير الخبير الاقتصادي الي ان هذا المعطى سيحفز التقدم نحو إنشاء تحالفات جديدة وعملة جديدة. إلا ان نتائـج ذلك لن تكون ملحوظة إلا السنوات الاخيره مـن هذا العقد.

ويضيف ان الروبل (العملة الروسية) شهد عاصفة غير مسبوقة عَامٌ 2023. ومع ذلك، تمكنت السلطات النقدية مـن تحييد تأثير التدابير التقييدية ومنع استنزاف الخزانة الروسية.

وبرأيه، فإنه حتـى الحظر النفطي وسقف الأسعار لم يتمكنا مـن إسقاط الاقتصاد الروسي. وعلى العكس مـن ذلك، تم تحقيق تعافي الناتج المحلي الإجمالي الي مستوى 2021. اما بالنسبة لسوق العمل، فإن الأجور مستمرة فى الارتفاع والبطالة تنخفض الي مستوى قياسي.

ولا يزال الوضع الديموغرافي فى روسيا إحدى المشكلات الرئيسية التى لم يتم إيجاد حل نهائى لها، أو التقليل بشكل ملموس مـن تأثيراتها الاجتماعية والاقتصادية. والسنوات الاخيره، استمر عَدَّدَ الولادات فى الانخفاض، بينما ان سن التقاعد آخذ فى الارتفاع وكذلك متوسط ​​الأعمار.

ومع ذلك، شكلت الهجرة -وفق الباحث بالشؤون الاجتماعية فلاديمير كوشول- أحد الحلول الممكنة للمشكلة الديموغرافية لكنها بقيت عملية غير مستقرة.

ويوضح الباحث نفسه ان عَدَّدَ المهاجرين النظاميين الذين يأتون للعمل آخذ فى الازدياد، ولكن -مـن جانب اخر- هناك إحجام عَنْ العمل فى روسيا بين سكان الدول المجاورة، بسـبب تراجع سعر صرف الروبل امام العملات الصعبة، مما أفقد البلاد جزءا كبيرا مـن جاذبيتها الي العمالة الأجنبية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى