ثقافه وفن

سيد درويش.. أبو الموسيقى المصرية الحديثة.. 100 عَامٌ على رحيله

كلما نرغب ونحب الكتابة عَنْ فنان مـن فنانينا الكبار والعظام الراحلين الذين أثروا ومازالوا مؤثرين حتـى يومنا هذا لا نجد المراجع الموثقة المستندة على مادة علمية، والكثير مـن البيانات نجدها متضاربة ومختلقة فيحدث تشويشا لدى المتلقين ويحتارون أى الأطراف يصدقون، وبخاصة فى معرفة السيرة الذاتية للفنانين، وهى تجعلنا نفهم أعمالهم بصورة افضل، خاصة إذا كانـت هناك أحداث أثرت على عملهم كمبدعين .

هذه المقدمة كان لابد منها قبل الاحتفاء بفنان مـن أعظم فنانى مصر مر على رحيله 100 عَامٌ وهو فنان الجمهور بلا منازع ومنافس فى البطولة الفنان سيد درويش، ومن اجل ذلك حرصت – قدر المستطاع – ان أقدم هذا المقال بمعلومات موثقة وحقيقية بالرجوع الي سجلات الإذاعة المصرية وسجلات جمعية المؤلفين والملحنين وغيرها مـن المصادر الموثقة.

 

سيد درويش .. ( 1892 – 1923 )

هذا العبقري أدخل تطورات فى أساليب التلحين والغناء وجدد الفكر الموسيقي، فبعد ان كان الغناء المصرى يهتم بالدرجة الأولى بعنصر التطريب واستعراض إمكانيات صوت المغني أو المغنية ومساحته الواسعة، جاء سيد درويش واهتم بالتعبير عَنْ معاني الكلمات، وإن لم تخلو أيضا أغلب أعماله مـن التطريب وبخاصة أدواره الغنائية، لكنه وكما يؤكد د. زين نصار فى كتابه ( موسوعة الموسيقى والغناء فى مصر فى القرن العشرين ) ان سيد درويش استخدم التطريب بمنطق فني ودون إسراف كَمَا كان يحدث قبله.

وجاءت أعمال سيد درويش الغنائية متنوعة، فقد لحن العديد مـن الموشحات والأدوار والطقاطيق، كَمَا لحن أغاني الطوائف وقدم الألحان الوطنيه التى ألهبت الشعور الوطني لدي كل المصريين، وجاء انتاج سيد درويش الأكبر فى المسرحيات الغنائية التى جاء الي عددها ( 31 ) مسرحية، ولحنها اثناء السنوات السبع التى عاشها فى القاهره مـن عَامٌ 1917 إلي عَامٌ 1923 ، ورغم ان سيد درويش عاش حوالى 31 عاما فقط، إلا أنه ترك لنا أعمالا غنائية تشهد له بالعبقرية فى إبداع الألحان وصياغتها بأسلوبه المتميز، فاحتل مكانه وعن جدارة فى تاريخ الموسيقا العربية الحديثة. 

وتؤكد المصادر الموثقة ان سيد درويش ولد فى 17 مارس عَامٌ 1892، مـن أبوين فقيرين مـن عامة الجمهور المطحون فى عهد الخديوي عباس حلمي الثانى، اى بعد انقضاء عشر اعوام علي الاحتلال البريطاني للأراضي المصرية، بينما مصر يومئذ تابعة للخلافة العثمانية.

ألحقه والده بكتاب “سيدى احمد الخياش” وتلقى فيه اثناء عامين ما مكنه مـن حفظ القرىن الكريم ثم انتقل الي مدرسة “حسن حلاوة”، وكان بالمدرسة مدرس مغرم بالغناء، بينما هواياته تلقين هذه الغنائيات لطلبته فى المدرسة، فكان سيد درويش أشد الطلبة إقبالا على حفظ واستيعاب تلك الأنغام، وظهرت موهبته الغنائية بما يتفق ويتجاوب مع هذه الهويه التى اكتشفها المدرس، فأحاطه برعايته بل ورشحه لأن يكون رئيسا لفرقته، وعهد إليه بتدريب الطلبة علي الغناء، وكان مـن أثر ذلك ان شاعت فى نفس سيد درويش ثقته بنفسه، انتقل بعد ذلك الي مدرسة شمس المدارس بحي راس التين وشاءت المصادفة ان أحد مدرسيها يعمل ليلا بفرقة الشيخ سلامة حجازي، ويحفظ قصائده فكان يلقنها لتلاميذه، واستطاع ان يكتشف موهبة سيد درويش مـن بينهم، فقربه اليه وتعهده بالرعاية الفنية ولقنه مجموعه مـن الأناشيد والسلامات ثم الالحان وقصائد الشيخ سلامة حجازي وهكذا كان الحظ حليفا لسيد درويش.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى