الاخبار العربية والعالمية

“سيران” بشار الأسد فى المُناخ السيئ | آراء سام نيوز اخبار

“السيران فى اللهجة المحليه الشامية يعني النزهة”. وقد عرف عَنْ الرئيس الأسد حبّه للسيران منذ تولّيه منصب الرئاسة عَامٌ 2000.

فقد كان يفاجئ الناس بطلته البهيّة اثناء يظهر -مـن دون موعد مسبق ولا إعلان- فى أسواق حلب القديمة، أو جبال اللاذقية بصحبة “أسماء”، وبعض أصدقائه المقربين فى بداية حكمه، قبل ان يصبح لديه عائلة تكمل مشهد “السيران” الذى اعتاد عليه السوريون بداية الربيع.

ففي هذه الأوقات الربيعية يخرج السوريون الي غوطة دمشق ليتنزهوا، ويشموا رائحة زهر المشمش واللوز، وتطيب نفوسهم بالجلوس على ضفاف نهر “بردى” فى بساتين منحها الخالق أجمل تكوين.

لقد بدأ مشوار رئاسته برحلة عائلية الي إسبانيا “غير رسمية” زار فيها مدينة الزهراء، وبعدها قامت زوجته برحلة مشابهة عَامٌ 2008 لتعلن مـن قرطبة انّ دمشق عاصمة الثقافة العربية لذلك العام!

“سيران” ما بعد الثورة

 

بعد اندلاع الثورة السورية، لم يتوقف الأسد عَنْ سيرانه المعتاد، فهو متعلق بالرحلات منذ صغره، وقد انتشرت له صورة مضحكة – قبل ان يصبح رئيسًا- وهو فى رحلة، وقد علّق كاميرا فى عنقه.

صار “السيران” الي الجبال يحمل طابعًا “إنسانيًا”، فكان يزور عائلات ضحاياه، ويُهديهم ساعات حائط تذكرهم بأولادهم الذين افتدوه بحياتهم.

يذهب الي “داريا” المدمّرة ليقطف مـن عنبها المعمّد بالدم، وإلى السويداء ليُهدي أهل مَن قضوا نحبهم- فداء كرسيه- عنزة سوداء.

وكان سيرانه الأخير الي حلب بعد الزلزال، وقد ظهر بين الناس المنكوبين وهو يضحك، الضحكة البلهاء ذاتها التى لم تتغيّر؛ ضحكة “السيران”!

هذا “السيران” الداخلي كان تعويضًا عَنْ “السيران” الدولى الذى حُرم منه بسـبب العزلة المفروضة عليه.

لكنّ الحصار انفكّ أخيرًا، وتنفّس الأسد الصّعداء، فقد صار بإمكانه الذهاب الي بلدان العالم!

بعد اعوام العزلة دَاخِلٌ قصره، تولّد فى نفسه شغفٌ عظيم لرحلات الاستجمام، وتغيير الأجواء، كَمَا فعل فى زيارته الاخيره الي الصين، حيـث بدا كَمَا لو أنه سائح يريد ان يتعرّف على العالم دفعة واحده.

وكي لا يبدو الامر، ايضا، فقد أوعز لتليفزيونه الخاص “القناة السورية” بأنّ هـدف الزيارة هو التباحث مع القيادة الصينية فى مسألة تغيير النظام العالمي!

وما إن وُجّهت له الدعوة لحضور القمة العربية الإسلامية الطارئة فى الرياض، حتـى طار مـن الفرح، ووصلها وهو يوزع ضحكاته البلهاء.

لعله أراد، مـن خلالها، زرعَ بعض الثقة فى نفسه أولًا على أنه اهمّ رئيس بين الحاضرين، خاصة انّ قطار التطبيع العربي بدأ بالتحرك، وأنه يستطيع فرض ما يريد مـن اثناء التهديد -تحت الطاولة- بشحنات الكبتاغون.

رأينا الضحكة ذاتها، وهو يتسلّم مـن السفير الإماراتي دعوته لحضور قمه المناخ التى يحضرها مئة وسبع وتسعون دَوْلَةٌ، بالإضافة الي الاتحاد الأوروبي.

كارثة بيئية بدأها الأب وأكملها الابن

لم تبدأ الكوارث البيئيّة التى أثّرت على المناخ فى سوريا مع بداية الثورة فحسب، بل لها جذور تمتدّ الي بداية حكـم الأسد الأب، فقد قامَ بعدّة مشاريع فى السبعينيات قضت على المزيد مـن الثروات، ودمّرت البيئة.

كان أولُّها تجفيفَ سهل الروج الذى قضى على الثّروة السمكيّة فى الشمال، وتدميرَ زراعة القطن، واستبدالها بالبطاطا، واقتطاع مساحات مـن الغابات بافتعال الحرائق ليستملكها السكّان العلويون فى الجبال.

إضافةً الي تبليط نهر “بردى”، ونسف المساحات الخضراء على جانبيه، لتقوم الأبنية السكنية مكانها. واستبدال بذور القمح السوري بالأميركي، والقضاء على ثروة البِطيخ الأصلية، وتدمير الأحياء التراثية فى مدينة حماة، وجسر الشغور، وحلب؛ بحجة الإرهاب الإسلامي.

لا شكّ انّ ما فعله الابن فاق ما صنعه الأب بآلاف المرّات، لكنّه كان يكمل مسيرة أبيه باقتدار. فلم يترك فى سوريا مَعلمًا سياحيًا، ولا حضاريًا، ولا بيئة صحية، وفاق هولاكو بينما فعله.

مؤتمر المناخ

لم تتّسع الإمارات لفرحة الأسد، اثناء تلقّى الدعوة لحضور المؤتمر. كانـت ضحكته تتصدر الشاشات معبّرة عَنْ فرحته الكبيرة بالحدث الاستثنائي.

لكن الفرحة لم تكتمل، فقد صدرت مذكرة توقيف دولية بحقه، بأمرٍ مـن القضاء الفرنسي، شملت أخاه ماهر واثنَين مـن رجاله، وذلك لمحاكمتهم على قصف الغوطة بالكيماوي.

وقد أعقب ذلك تصريحُ وزيرة الخارجية الفرنسية، التى أكّدت موقف فرنسا الحازم فى تحقيق ثوابت الدولة المتعلقة بحقوق الإنسان، وتحقيق العدالة الدولية التى أصبحت فى العقود الاخيره على المحك، وعلت أصوات الشارع الفرنسي بشأن المطالبة بتحقيقها.

وقد أكّدت الوزيرة انّ الأسد لا يفي بوعوده، وأنه منذ عشر اعوام يعادي شعبه، وقد قتل مئات الآلاف منه، إضافة الي كونه قد أصبح أكبر تاجر مخدِّرات فى العالم!

اضطر الأسد وسـط مخاوف حقيقية مـن محاكمته الي إلغاء “سيران المناخ”، وقرّر إرسال وفدٍ بالنيابة عنه.

كان الهدف الاساسى مـن حضور قمه المناخ العالميه الحصول على تمويل لمشاريع تساعد على تحسين البيئة فى سوريا. البيئة التى دمّرها الأسد فى الحرب التى قادها امامّ شعبه، وبسبب الحرائق المتكررة للغابات، وتسرّب النفط فى الحقول، وآثاره المدمرة على صحة السوريين، وانتشار السرطان بشكل هائل.

الأسد مسؤول عَنْ كارثة بيئية فى سوريا، ومع ذلك يتغافل عَنْ كلّ ما فعله، وهو على ثقة تامة بأنّ العالم كله متضامن معه، ويغمض عينيه عَنْ جرائمه كي لا يراها!

لم يكن فى حسبانه، أبدًا، ان تفتح فرنسا عينيها، وتحرمه مـن “سيران” المناخ المتوقع!

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى