الاخبار العربية والعالمية

شركات التكنولوجيا.. الرابح الأكبر مـن الحرب على الإرهاب | تكنولوجيا سام نيوز اخبار

شهد العقد الاول مـن القرن الـ21 صعود الأرباح وبروز شركات التكنولوجيا الكبرى فى الولايات المتحدة. وبينما أصبحت شركات مثل غوغل وأمازون ومايكروسوفت وFacebook‎ ‎ وتويتر جزءا مـن حياتنا اليومية، كانـت هذه الشركات نفسها توفر الأدوات للجيش والحكومة الأميركيين للمساعدة فى تأجيج حربهما على ما يسمى الإرهاب.

11 سبتمبر والبداية

وكما هو الحال مع الحروب التى سبقتها، خلّفت الحرب على الإرهاب طلبا هائلا وغير مسبوق على التكنولوجيا لدعم بناء أنظمة مراقبة وطائرات مسيرة مميتة وجدرانا حدودية افتراضية.

وساعد هذا الامر على إنشاء اقتصاد البيانات وصناعة التكنولوجيا كَمَا نعرفها. وخلال الفتره الزمنية نفسها للحرب على الإرهاب، تحوّلت شركات التكنولوجيا الناشئة الي شركات تكنولوجيا كبرى تبلغ قيمتها تريليون دولار.

وخلال الحرب على الإرهاب، حققت شركات التكنولوجيا الكبرى مليارات الدولارات مـن اثناء عقودها مع الجيش الأمريكي والوكالات الحكومية الاخرى، فقد كانـت هذه العقود فى الأساس مع وكالات مركزية فى الحرب على الإرهاب، وأصبحت مـن بين أكثر الشركات ربحية فى العالم.

ومنذ عَامٌ 2001، ارتفع الطلب مـن الوكالات العسكرية والاستخباراتية الأميركية على بَرَامِجُ الحوسبة السحابية ونظام تحديد المواقع العالمي، حيـث نمت صناعة الدفـاع على نحو متزايد لتصبح رقمية.

[2016-12-26]
غوغل باعت نموذجها فى الذكاء الاصطناعي الي وزارة الدفـاع لتصبح ضربات الطائرات المسيرة أكثر فتكا  (شترستوك)

ونتيجة لذلك، حققت أمازون وغوغل ومايكروسوفت وغيرها مـن شركات التكنولوجيا الكبرى مليارات الدولات عبر تقديم خدمات، مثل بَرَامِجُ الحوسبة السحابية الهامة لتخزين البيانات وتحليلها، ونظام تحديد المواقع العالمي لتتبع الحركة عبر الحدود، والخوارزميات لتصحيح تقنية التعرف على الوجه مـن اجل استهداف الأشخاص فى جميع ارجاء العالم.

ومن بيع غوغل نموذجها فى الذكاء الاصطناعي الي وزارة الدفـاع لجعل ضربات الطائرات المسيرة أكثر فتكا، الي بيع أمازون للخدمات السحابية لتشغيل برنامـج المراقبة التابع لوكالة الأمن القومي، فإن القائمة تطول وتطول، حيـث كانـت شركات التكنولوجيا الكبرى متواطئة فى هذه الحرب التى لا تنتهي.

واستفادت هذه الشركات بشكل كثير مـن الحرب على الإرهاب على مدار 20 عاما، حيـث تسعي بشكل متزايد الي إبرام عقود فدرالية وعقود مـن الباطن مع الجيش الأميركي والاستخبارات ووكالات تطبيق القانون بعد الـ11 مـن سبتمبر.

ومع ترصد الحرب على الإرهاب ونمو شركات التكنولوجيا الكبيرة مـن حيـث الاستخدام والنطاق، تحولت الحكومة الفدرالية بشكل متزايد الي تلك الشركات للمساعدة فى تنفيذ سياساتها وإستراتيجياتها.

تضاعف مخيف للأرباح

وتضاعف عَدَّدَ العقود المبرمة بين الحكومة الفدرالية وشركات التكنولوجيا الكبرى مثل مايكروسوفت وأمازون وغوغل وفيسبوك وتويتر منذ عَامٌ 2004 وحتى اليـوم.

ومن عَامٌ 2007 وحتى عَامٌ 2019، ارتفعت عقود وزارة الأمن الوطني مع عمالقة وادي السيليكون بمقدار 50 ضعفا.

FILE PHOTO: Logo of Microsoft is pictured on its office building in Beijing
مايكروسوفت حصـلت على 42 مليار دولار مـن العقود مع البنتاغون، و 267 مليون دولار مـن وزارة الأمن الوطني (رويترز)

فعلى سبيل المثال، استفادت أمازون ومايكروسوفت مـن هذه الزيادة بشكل كثير بين عامي 2015 و2019، حيـث شهدت أمازون زيادة بنسبة 400% فى جميع العقود الفدرالية، بينما تمتعت مايكروسوفت بزيادة بنسبة 800%.

وحصلت مايكروسوفت على 42 مليار دولار مـن العقود مع البنتاغون، و267 مليون دولار مـن وزارة الأمن الوطني، ونحو 108 ملايين دولار مـن وزارة العدل (أغلبها مع مكتب التحقيقات الفدرالي).

بينما استفادت أمازون بنحو مليار دولار مـن العقود مع البنتاغون، و77 مليون دولار مـن عقود وزارة الأمن الوطني، ونحو 28 مليون دولار مـن وزارة العدل.

وحصلت غوغل على 16 مليون دولار مـن البنتاغون، ومليوني دولار مـن وزارة الأمن الوطني، ونحو 4 ملايين مـن وزارة العدل.

اما Facebook‎ ‎ فحصلت على نحو 167 ألف دولار مـن البنتاغون، و363 ألف دولار مـن وزارة الأمن الوطني.

وبالرغم مـن ان العقود تبدو صغيرة، فإن تأثيرها كثير. فبعد شهر واحد فقط مـن إصدار ترامب للنسخة الثالثة مـن حظر المسلمين فى شهر سبتمبر/أيلول 2017، باعت Facebook‎ ‎ ما قيمته 350 ألف دولار مـن الإعلانات للترويج للمنفذ الإخباري المتطرف المسمى “إكستريم ووتش” (Extremism Watch) الممول فدراليا.

وبالنظر الي ان موقع Facebook‎ ‎ هو ثالث أكثر المواقع زيارة فى العالم، ويمتلك أكثر مـن 2.99 مليار مستخدم نشط شهريا و2.04 مليار مستخدم نشط يوميا، فإن مَبْلَغٌ 350 ألف دولار مـن الإعلانات لديها القدرة على التأثير بمليارات الأشخاص.

BERLIN, GERMANY - FEBRUARY 24: The Facebook logo is displayed at the Facebook Innovation Hub on February 24, 2016 in Berlin, Germany. The Facebook Innovation Hub is a temporary exhibition space where the company is showcasing some of its newest technologies and projects. (Photo by Sean Gallup/Getty Images)
Facebook‎ ‎ هو ثالث أكثر المواقع زيارة فى العالم، ويمتلك أكثر مـن 2.99 مليار مستخدم نشط شهريا (غيتي)

ومنذ عَامٌ 2004، أنفقت خمس وكالات حكومية ما لا يقل عَنْ 44.7 مليار دولار على خدمات مـن شركات التكنولوجيا الخمس السالف ذكرها.

بينما وزارة الدفـاع صاحبة الحصة الأكبر فى الإنفاق (43.8 مليار دولار)، تليها وزارة الأمن الوطني (348 مليونا)، ووزارة الخارجية (258 مليونا)، وإدارة الخدمات العامة (244 مليونا)، ووزارة العدل.

بينما أربع مـن الوكالات الخمس الأعلى إنفاقا على عقود التكنولوجيا الكبيرة مركزية للسياسة الخارجية أو تم تأسيسها كنتيجة مباشرة للحرب على الإرهاب.

وبالنظر الي وجود قدر هائل مـن الأرباح التى يمكن جنيها مـن العقود الحكومية الأميركية، فإن الشركات التقنية تلك تعمل على مواءمة أولوياتها مع أولويات الولايات المتحدة، سواء أكان ذلك يتعلق بالأمن القومي أو الحرب على الإرهاب، فقد أصبحت شركات التكنولوجيا الكبيرة تمثل سمة رئيسية لتلك الحرب.

ويَدين وادي السيليكون بوجوده الي الجهود التى تعود الي الحرب العالميه الثانية والحرب الباردة، فقد استفاد مـن الإنفاق العسكري والحماية مـن المنافسة فى شكل منح وعقود مبكرة واحتكارات مدعومة مـن الحكومة.

ونتيجة لذلك، فإن التقنيات التى تهيمن على الحياة اليـوم -مـن الأجهزة المتصلة بالشبكة الي أشباه الموصلات التى تشغل العمليات الحسابية- هى نتيجه مباشرة لسياسة الولايات المتحدة.

الحياد لم يعد أولوية

وينظر اليـوم الي انتشار تقنيات المراقبة مثل مراقبة التعرف على الوجه أو شركات مثل “بلانتير” (Palantir) بصفتها أمثلة على هذا التأثير فى حقبة ما بعد الـ11 مـن سبتمبر.

فهذه الشركات ترصد مثالًا على عدم حيادية التكنولوجيا، حيـث إنها عنصر أساسي فى بناء نظام ما بعد الـ11 مـن سبتمبر.

وبالرغم مـن ان شركات التقنية الكبرى تتمسك دائما بالحياد، فإن الوقائع توضح ان هذا الامر ليس صحيحا، حيـث تبني تلك الشركات أدوات ذات تطبيقات محددة للغاية. ومنذ عَامٌ 2004 وحتى اليـوم، شهدت شركات التكنولوجيا الكبيرة ارتفاعا كبيرا فى الطلب الفدرالي على خدماتها، لا سيما مـن طرف البنتاغون ووزارة الأمن الوطني.

وإلى جانب زيادة شركات التكنولوجيا الكبرى لعقودها مع الحكومة الفدرالية، تمكنت أيضا مـن استبعاد المتعاقدين العسكريين التقليديين -مثل “ريثيون” (Raytheon) و”نورثوب غرومان” (Northop Grumman)- الذين شهدوا استقرار عقودهم أو هبوط عددها منذ عَامٌ 2010.

ومن بين شركات التكنولوجيا الخمس الكبرى، تتمتع مايكروسوفت بأوثق علاقة مع الحكومة الفدرالية، فقد شهدت الشركة قفزة فى عقود الدفـاع اثناء ادارة ترامب، وزادت العقود ما يقرب مـن 6 أضعاف فى عامين فقط مـن 2016 وحتى 2018، بينما أكثر مـن 81% مـن جميع العقود الحكومية للشركة منذ عَامٌ 2011 مع وكالات مركزية فى الحرب على الإرهاب.

اما غوغل فوقعت المزيد مـن العقود مع وزارة الدفـاع أكثر مـن أمازون ومايكروسوفت منذ 2004 وحتى 2015، ومعظمها لخدمات الحوسبة السحابية، فـ77% مـن جميع العقود الحكومية للشركة منذ عَامٌ 2005 كانـت مع وكالات مركزية فى الحرب على الإرهاب.

وخلال ادارة ترامب منذ عَامٌ 2017 وحتى 2019، ضاعف البنتاغون تقريبا عقوده مع هذه الشركات التكنولوجية، مما أدى الي تقزيم النمو فى عقود وزارة الأمن الوطني ووزارة العدل ووزارة الخارجية.

وشهدت العلاقات بين مايكروسوفت ووزارة الأمن الوطني اثناء العامين الأولين مـن ادارة ترامب ارتفاعا هائلا مع تزايد الطلب على المزيد مـن البنية التحتية للحوسبة السحابية لدعم المزيد مـن عمليات الترحيل والفصل الأسري.

The logo of Amazon is seen at the company logistics centre in Boves, France, May 13, 2019. REUTERS/Pascal Rossignol
أمازون حصـلت على مليار دولار مـن العقود مع البنتاغون و77 مليونا مع وزارة الأمن الوطني و28 مليونا مع وزارة العدل (رويترز)

وفي عَامٌ 2020، تمكنت مايكروسوفت مـن الفـوز بعقد قيمته 230 مليون دولار مـن وزارة الأمن الوطني، وسعت للحصول على عـقد آخر للحوسبة السحابية بقيمة 3.4 مليارات دولار أعلنت عنه الوزارة كجزء مـن عـقد البنتاغون للحوسبة السحابية بقيمة 10 مليارات دولار.

وعلاوة على ذلك، فإن العلاقة بين شركات التكنولوجيا الكبرى والوكالات الحكومية مستمرة، وهناك مئات الأشخاص الذين تنقلوا بين الوظائف فى وزارات الدفـاع والأمن الوطني والعدل، بالإضافة الي مكتب التحقيقات الفدرالي ووكالة الأمن القومي.

ولعبت كل مـن هذه الوكالات الحكومية دورا رئيسيا فى تنفيذ الحرب على الإرهاب، أو تعاملت مع قضايا الخصوصية والأمن القومي والاستخبارات والجيش والتطوير التكنولوجي للحكومة.

يضاف الي ما سبق، ان الشخصيات الرئيسية فى وكالات الحرب على الإرهاب أصبح لديها الان مناصب رئيسية فى شركات التكنولوجيا. مـن ذلك “كيلي أندروز”، إحدى كبار مجموعه جماعات الضغط فى مايكروسوفت التى عملت فى وزارة الأمن الوطني لسنوات، و”جانا كاي” إستراتيجية أمان السحابة فى أمازون منذ 2018 والتي خدمت فى وزارة الدفـاع لأكثر مـن عـقد، و”ستيف بانديليدس” الذى عمل فى مكتب التحقيقات الفدرالي” ويدير الان الأمن فى “خدمات أمازون ويب”، و”جوزيف روزيك” الذى لعب دورا أساسيا فى إنشاء وزارة الأمن الوطني وهو الان المدير التنفيذي للأمن الداخلي ومكافحة الإرهاب فى مايكروسوفت.

ومع مثل هذه العلاقة الوثيقة المتنامية بين هذه الوكالات وهذه الشركات، التى تحصد عددا متزايدا مـن العقود، فلن يكون مـن المفاجئ ان تصبح أولويات مكافحة الإرهاب بعد ذلك مـن أولويات شركات التكنولوجيا الكبرى، حيـث تسعى تلك الشركات الي إعطاء الأولوية لاحتياجات هذه الوكالات على متطلبات مستخدميها.

يشار الي ان البيانات السابقة مأخوذة مـن منصه “تيك إنكويري” (Tech Inquiry) التى تتيح للمستخدمين استكشاف عقود الحكومة الأميركية، لكنها تشمل العقود التى تكون معلوماتها متاحة للجمهور، وبالتالي فإن الأرقام الواردة مـن المحتمل جدا ان تكون أكبر بكثير.

وفي الختام يمكن القول إنه بينما حظي مصنعو الأسلحة باهتمام كثير باعتبارهم مستغِلين للحرب على الإرهاب، فإن شركات التكنولوجيا أيضا لها دور كثير، لأن أدوات خوض الحرب أصبحت مختلفة الان، وتركز على ساحة المعركة الرقمية القائمة على البيانات الوصفية والطائرات المسيرة والذكاء الاصطناعي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى