اقتصاد

صعود أسعار النفط يقلب موازين الأسواق الناشئة رأساً على بعد


قبل شهرين فقط، كانـت أصول الأسواق الناشئة فى حالة فوران شديد مع تراجع التضخم وظهور رهانات خفض أسعار الفائدة، إلا أنها ما لبثت ان تلاشت تماماً.

جاء التغيير السريع مع صعود أسعار النفط بنحو 30% مـن اقل مستوياتها اثناء العام، ما أدى الي تغيير الديناميكيات بالنسبة للدول النامية، إذ يؤدي صعود أسعار النفط الخام الي إحياء ضغوط الأسعار وتبديد الآمال فى هبوط أسعار الفائدة، بينما يهدد بتقويض الأرصدة المالية لمستوردي الطاقة.

يشار الي ان هذا التحول قد يقلب رهانات المضاربين على الارتفاع فى الأسواق الناشئة الذين بدأوا العام بشكل جيد. فمن السندات الهندية الي الفورنت المجري والبيزو الفلبيني، تبدو أصول الدول الناشئة معرضة للخطر على نحو متزايد مع تعهد الولايات المتحدة بإبقاء تكاليف الاقتراض مرتفعة لفترة أطول وبراميل النفط نحو مستوى 100 دولار، وفقاً لما ذكرته “بلومبرغ”، واطلعت عليه “العربية.نت”.

مـن جانبه، اعلن العضو المنتدب للاستراتيجية الكلية للأسواق الناشئة فى شركة غلوبال داتا تي إس لومبارد، جون هاريسون: “مـن الواضح ان اتجاه تراجع التضخم فى الأسواق الناشئة باستثناء الصين قد تعثر بالفعل”. “أسعار النفط هى بالتأكيد جزء مادي مـن ذلك، ولكن أسعار المواد الغذائية، وقوة الدولار، وانخفاض معدل التضخم مـن الصين مجرد محركات إضافية”.

اقترب مؤشر “بلومبرغ للسندات الحكومية” فى الأسواق الناشئة ومؤشر “MSCI” لعملات الدول النامية مـن الانخفاض للشهر الثانى.

وكتب حسنين مالك، الخبير الاستراتيجي فى تيليمر، فى مذكرة، ان الاقتصادات التى تعتمد على واردات النفط وتلك التى يشكل فيها النفط الخام نسبه عاليه مـن نفقات الأسرة ستكون الأسوأ حالا. وتشمل هذه الهند والفلبين وباكستان والأردن وكينيا والمغرب.

وقال مدير الأموال فى الأسواق الناشئة بشركة “فونتوبل” لإدارة الأصول، كارلوس دي سوزا، إن شركته تتطلع الي تقليص تركيزها فى الأسواق التى تعتمد بشكل كثير على واردات النفط، حيـث ستؤثر التكلفة المرتفعة على ميزان المدفوعات والعملات فى البلدان.

وتعد سندات الهند هى الأكثر عرضة لارتفاع أسعار النفط، وفقا لتحليل بلومبرغ للأوراق المالية الحكومية لمدة 5 اعوام مـن 13 اقتصادا ناشئا رئيسيا. وقد عرضت أوراق الروبية رد الفعل الأكثر اتساقا على صعود أسعار النفط الخام، حيـث ارتفعت عوائدها بمتوسط 13 نقطه أساس فى ثماني مناسبات منذ عَامٌ 2015، مقاسا بمتوسط الحركة مقسوما على الانحراف المعياري للاستجابات.

منحنيات مسطحة

بينما يرى الاقتصاديون فى شركة “نومورا هولدينغز”، إنه على عكس الحلقات السابقة، مـن غير المرجح ان يترجم صعود أسعار النفط الي صعود أسعار التجزئة فى الهند بسـبب الانتخابات المحليه والانتخابات العامة القادمة. “وهذا يعني تأثيرا تضخميا محدودا، ولكن تأثيرا أكبر على العجز المزدوج”.

وتشير شركة “HSBC Holdings Plc” الي ان سندات جنوب إفريقيا قد تعاني أيضاً نظراً لوضع البلاد كمستورد صافي للنفط. على الطرف الآخر مـن الطيف، تعتقد شركة “GlobalData TS Lombard” ان الديون الصينية ستكون الأكثر مرونة حيـث تساعد أسعار النفط المرتفعة على تطبيع انكماش أسعار المنتجين.

وبالنسبة للاقتصادات التى تأثرت سلباً بأسعار النفط، مـن المرجح ان يتم تاجيل دورة التيسير أو تباطؤها، وفقاً لإستر لو، كثير مديري الأموال لديون الأسواق الناشئة فى شركة Amundi SA فى لندن. “فى هذا السيناريو، يمكننا ان نرى المنحنى المحلي يتسطح مع تسعير التخفيضات.

إن تأثير الارتفاع الكبير فى أسعار النفط ليس موحدا. وبالنسبة لمصدري الطاقة مثل ماليزيا والمكسيك والمملكة العربية السعوديه، فإن صعود تكلفة النفط الخام أمر إيجابي لانه قد يساعد فى تعزيز الإيرادات الحكومية.

ضغط العملات الأجنبية

وقالت خبيرة استراتيجية السوق العالميه فى جيه بي مورغان لإدارة الأصول، مارسيلا تشاو: “مـن المرجح ان يكون صعود أسعار النفط بمثابة ضريبة على الاقتصادات الاخرى التى تعتـبر مستوردة صافية، مما يقلل الدخل الحقيقي ويبطئ النمو”. “قد يؤدي ذلك الي فرض ضغوط هبوطية على عملاتها وقد تحتاج بنوكها المركزية الي الحفاظ على أسعار الفائدة عند المستوى الحالي، أو حتـى رفـع أسعار الفائدة، لحماية عملاتها.

ويحدث هذا بالفعل فى الفلبين، حيـث يرى البنك المركزى “فرصة جيدة لاستئناف تشديد السياسة النقدية فى نوفمبر وقد يزيد أسعار الفائدة أكثر بعد ذلك لمواجهة صدمات العرض”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى