طوفان الأقصى يوجه ضربة لقطاع التكنولوجيا فى إسرائيل | اقتصاد سام نيوز اخبار
وجّهت عملية “طوفان الأقصى” -التى شنتها المقاومة الفلسطينية فى 7 أكتوبر/تشرين الاول الماضي- ضربة قاسية بشكل كثير لقطاع التقنية الإسرائيلي، الذى يعدّ أحد اهم القطاعات الاقتصاديه، ويعمل فيه 6 آلاف شركة، وتشكّل الصناعة 18% مـن الناتج المحلي، ونحو نصف صادرات البلاد، و30% مـن عائدات الضرائب.
ويطلق على إسرائيل “بلاد الشركات الناشئة”، حيـث يفوق نصيب الفرد مـن الشركات التقنية الناشئة اى دَوْلَةٌ أخرى فى العالم، ويشهد استثمارات كبيرة فى البحث والتطوير مـن كبرى الشركات الأميركية، بما فى ذلك “مايكروسوفت” و”أبل” و”غوغل” و”إنفيديا” وغيرها، وباتت هذه الشركات تلمس فعليا الآثار الناجمة مـن العدوان الذى يشنه الاحتلال على قطاع غزة.
وللدلالة على قوة هذا القطاع فى دعـم الاقتصاد الإسرائيلي يكفي ان نعلم ان صناعة التقنية نجحت فى تجنيب الاقتصاد الإسرائيلي آثار أسوأ الأزمات الاقتصاديه التى حدثت فى العالم، بما فى ذلك الركود الكبير بين 2008 و2009.
وبالمثل واجهت إسرائيل جائحة كورونـا بطريقة مشابهة، فبينما تأثرت جميع دول العالم تقريبا بالوباء، تعافت إسرائيل بسرعة أكبر بفضل قوة صناعة التقنية لديها.
ولكن الحال يختلف الان مع استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، إذ تأثر قطاع التقنية بشدة، وأفاد ما يزيد عَنْ 80% مـن شركات التقنية المتقدمة الإسرائيلية أنها تضررت مـن الحرب.
وتلقى هذا القطاع الحيوي ضربات موجعة تهدد ازدهاره مـن زوايا عدة؛ أهمها:
القوى العاملة
ابرز التداعيات الفورية للحرب على شركات التقنية كانـت فى القوى العاملة، حيـث حشدت إسرائيل أكثر مـن 300 ألف جندي احتياطي للمشاركة فى الحرب، وتقدر شركة “إس إن سي” الإسرائيلية ان حوالى 10% مـن موظفي التقنية جُندوا، مع صعود العدد الي 30% فى بعض الشركات، حسبما ذكرت منصه “فوربس” فى تقرير لها.
وحسب تقرير نشره معهد “سياسات الأمة الناشئة”، فإن 70٪ مـن شركات التقنية الإسرائيلية أبلغت عَنْ وقوع أضرار فى عملياتها؛ بسـبب استدعاء جزء كثير مـن موظفيهم للخدمة العسكرية.
وإسرائيل واحده مـن الدول القليلة خارج شرق آسيا التى تُصنّع فيها الرقائق المتقدمة، بما فى ذلك تطويرها وتخطيطها، وأبرز شركة فى مجال أشباه الموصّلات هى شركة “إنتل”، التى تعمل فى إسرائيل منذ ما يقرب مـن 50 عاما، وتوظف حوالى 12800 شخص فى 5 مواقع رئيسة فى البلاد.
ويقع مركز تطوير “إنفيديا” الذى يصنّع الرقائق لأنظمة الذكاء الاصطناعي، فى مستوطنة “يوكنعام”، على بُعد ساعة بالسيارة مـن الحدود الشمالية مع لبنان، وافتتحت شركة “غوغل” بالفعل مركزا خاصا بها لتطوير الرقائق فى إسرائيل، وتوظف أمازون أكثر مـن 1500 شخص فى البلاد.
ووفقا لبيان شركة “إنفيديا”، استدعي حوالى 12% مـن موظفيها البالغ عددهم 3300، الي الخدمة العسكرية حسبما ذكرت موقع “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلي.
إلغاء أو تأخير الاستثمارات
فى 2021، جمعت الشركات الناشئة الإسرائيلية 27 مليار دولار وفقا لهيئة الابتكار الإسرائيلية (وكالة حكومية)، وفي اثناء الحرب الحالية فإن التحدي الكبير هو استمرار تدفق الاستثمارات فى شركات التقنية الإسرائيلية.
وهنا نجد تأثيرا مباشرا للحرب إذ إن أكثر مـن 40% مـن شركات التقنية لديها اتفاقات استثمارية تأخرت أو ألغيت، و10% فقط تمكنت مـن عـقد اجتماعات مع المستثمرين.
وقال جون ميدفيد الرئيس التنفيذي لشركة “أور كراود” -وهي منصه عالمية كبرى للاستثمار فى المشروعات ومقرها إسرائيل- لرويترز، إن “التحدي الكبير الذى يقابل اقتصاد الشركات الناشئة هو التأكد مـن استمرار تدفق الأموال؛ لأن الغالبية العظمى مـن هذه الشركات الناشئة ليست مربحة، ولذلك هى بحاجة الي استثمار مستمر”. وأضاف “هذا ليس وقتا سهلا بشكل حصري للحصول على الاستثمار”.
ولمواجهة هذه التحديات، أعلنت هيئة الابتكار الإسرائيلية، المسؤولة عَنْ توجيه سياسات التقنية فى البلاد عَنْ تخصيص 100 مليون شيكل (26.7 مليون دولار) فى شكل منح ومساعدات لتزويد حوالى 100 شركة ناشئة تعاني مـن ضائقة مالية، لمواجهة التحديات التى تفرضها الحرب الإسرائيلية على غزة.
وقال الرئيس التنفيذي لهيئة الابتكار الإسرائيلية درور بن، إن “قطاع التقنية الفائقة، الذى واجه انخفاضا فى حجم الاستثمار اثناء الأشهر الـ 18 الماضية، يتأثر -أيضا- بالأزمة الحالية.. ويبدو هذا التأثير أكثر وضوحا فى الشركات الناشئة التى تحتاج الي التمويل بشكل عاجل، خاصة اثناء مدة مليئة بالتحديات، حيـث يصعب إجراء جولات تمويل جديدة”. وفق ما ذكرت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل”.
وقبل اندلاع الحرب بالفعل، عانت شركات التقنية الإسرائيلية مـن هبوط حاد فى الاستثمارات بنسبة تصل الي 70%، الذى تفاقم بسـبب التباطؤ الاقتصادي العالمي، والإصلاح القضائي المثير للجدل الذى تقدمت به الحكومة الإسرائيلية فى وقت لاحق مـن هذا العام، وجاءت الحرب لتزيد الامر سوءا، وهو ما دفع هيئة الابتكار الاسرائيلية للتدخل.
الصادرات وعائدات الضرائب
وتمثّل صناعة التقنية 30% مـن عائدات الضرائب فى إسرائيل، مما يجعل ازدهارها حاسما للاقتصاد الإسرائيلي. ولكن فى اثناء العدوان، فإن توقف عجلة العمل أو تباطؤها، يؤثر بشكل كثير فى صادرات هذه الشركات، وكذلك فى الضرائب التى تدفعها لخزينة الدولة.
وحسب تقرير معهد “سياسات الأمة الناشئة”، فهناك نسبه كبيرة مـن الشركات معرضة لخطر الإغلاق أو التأخير فى الإنتاج وتسليم الطلبيات، أو عدم القدرة على مقابلة المستثمرين وتلبية متطلباتهم.
وفي استطلاع أجراه المعهد وشمل 507 شركة تقنية إسرائيلية متقدمة، أبلغ أكثر مـن 70% مـن هذه الشركات تاجيل أو إلغاء الطلبات والمشروعات الهامة الخاصة بها.
كَمَا أكدت هذه الشركات عدم قدرتها على إجراء التجارب المخبرية الضرورية لتطوير مشروعاتها، فضلا عَنْ وجود صعوبات فى التصدير والاستيراد مـن الخارج، كَمَا أبلغ حوالى ثلثي هذه الشركات عَنْ مشكلات فنية وتشغيلية مرتبطة بحالة الحرب.
وكل هذا يؤثر بشكل مباشر فى العائدات الضريبية التى تتلقاها الخزينة فى تل أبيب مـن نشاط هذا القطاع المحوري للاقتصاد الإسرائيلي.