عددهم لا يقل عَنْ 7 آلاف.. المفقودون بغزة جُرح يتفاقم | سياسة سام نيوز اخبار
25/11/2023–|آخر تحديث: 25/11/202308:52 م (“توقيت” مكة المكرمه)
غزة- بحثاً عَنْ والدها المفقود منذ 13 يوماً، تتنقل الشابة الفلسطينية آية سمّور مـن مكان الي آخر، وتقول إنه مُقعد، ويبلغ مـن العمر 67 عاماً، فُقدت آثاره فى مدينة غزة، بعد اجتياح الجيش الإسرائيلي لمخيم الشاطئ قبل نحو اسبوعين.
وقبل 3 أيام، اعلن أشخاص لآية إنهم شاهدوا جثة والدها ملقاة قرب ممر النزوح الواصل بين جنوب قطاع غزة وشماله. وتزيد الروايات التى تسمعها مـن حالة عدم اليقين حول مصير والدها.
وتقول للجزيرة نت “اعلن لنا بعض الناس إنهم شاهدوه قبل 13 يوماً قرب مستشفى الشفاء (غرب غزة)، وأبلغنا آخرون ان جنود الاحتلال فى دباباتهم أطلقوا النار على السيارة التى كان يركبها، لكن آخرين قالوا إنهم أطلقوا النار بالقرب منه وليس عليه”.
شكوى بلا معلومة
تقطن آية حاليا مع والدتها فى منطقه وسـط قطاع غزة، بعد ان نزحت مع عائلتها. وتضيف “لا نعرف أية معلومة عَنْ والدي، هل هو حي أم ميت أم مصاب، لا نعرف اى شيء، اسمه غير موجود فى قوائم الشهداء ولا الجرحى فى المستشفيات”، وتشير الي ان والدها مُقعد، ويعاني مـن أمراض القلب والسكر وضغط الدم.
وتتدخل والدتها سهام سمّور بالحديث قائلة إنها قدمت شكوى الي اللجنة الدولية للصليب الأحمر بعد 3 أيام مـن فقد زوجها، دون جدوى، وتضيف للجزيرة نت “منذ 13 يوماً لم أحصل على اى معلومة عَنْ زوجي، قالوا لنا ربما احتمى بمستشفى الشفاء، لكن تم إخلاء جميع الأحياء والأموات مـن المستشفى”.
عائلات مفقودة
لا تقتصر معاناة الأهالي على مستوى خسارة الأشخاص، بل تمتد الي خسارة عائلات كاملة، وفي هذا الصدد، يقول الشاب عبد النور الإفرنجي، الموجود حالياً فى تركيا، إنه يجهل مصير عائلته فى غزة، عدا والده الذى تأكد خبر استشهاده.
ويقول الإفرنجي للجزيرة نت “بتاريخ 10 نوفمبر/تشرين الثانى، قطعت عائلتي شارع الشهداء، بجوار “ماركت مترو” المعروف، فأطلقت الدبابات عليهم النار، وهو ما أدى لاستشهاد والدي، الذى لا يزال جثمانه ملقى فى الشارع حتـى الان وأصيبت أمي وشقيقتي”.
ومنذ ذلك الوقت، يجهل الإفرنجي مصير بقية أسرته وعددهم 11 شخصاً، مـن ضمنهم والدته و4 مـن أشقائه، ويضيف “أريد ان أعرف إن كان أهلي على قيد الحياة أم لا”.
اما نيفين دويمة، فقد فقدت الاتصال بزوجها وأهله منذ 23 يوماً، وتقول للجزيرة نت إنها لا تملك أية معلومات عَنْ زوجها وأهله (عائلة أبو مازن عاشور)، الذين فُقدوا فى حي الشيخ عجلين، جنوب غرب مدينة غزة.
وذكرت ان أشقاء زوجها مـن ذوي الاحتياجات الخاصة، ويحتاجون الي تناول أدوية يومياً، وتضيف “بعض الناس قالوا إن الدبابات الإسرائيلية كانـت قريبة مـن المنطقة، وهناك شهداء فى الشوارع القريبة”.
أكثر مـن 7 آلاف مفقود
تعد الشهادات السابقة نماذج قليلة مـن معاناة آلاف الأسر الفلسطينية بخصوص خسارة أبنائها، جراء الحرب المروعة التى تشنها إسرائيل منذ السابع مـن أكتوبر/تشرين الاول الماضي على قطاع غزة.
ويقول المكتب الاعلامي الحكومي فى قطاع غزة، إن عَدَّدَ المفقودين جراء الحرب لا يقل عَنْ 7 آلاف شخص، متوزعين بين أشخاص وعائلات ما زالوا تحت أنقاض المنازل التى هدمها جيش الاحتلال على رؤوس ساكنيها، وأفراد قُتلوا فى الشوارع بدم بارد وما زالت جثامينهم ملقاة فيها، وآخرون اختطفهم الجيش فى الممر الذى خصصه لنزوح السكان بين شمالي القطاع وجنوبه.
دور الصليب الأحمر
يقول الناطق الرسمى باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر بغزة هشام مهنا، إنهم يتلقون العديد مـن الاتصالات مـن الأهالي، يُبلغون فيها عَنْ خسارة أو اعتقال ابنائهم.
وحول آلية عمل الصليب الأحمر بخصوص هذه الحالات، يقول مهنا للجزيرة نت “نشارك مع المتصلين آلية عمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر، المتمثلة بمحاولة إرسال هذه البيانات عَنْ المفقودين للسلطات الإسرائيلية، ومحاولة الحصول على معلومات عَنْ مصيرهم”. ويضيف “إذا تلقينا معلومات حول مصيرهم مـن الجانب الإسرائيلي، نشاركها مع الأهالي فقط، وليس بشكل معلن”.
ورداً على سؤال حول مدى تعاون الاحتلال الإسرائيلي معهم بخصوص هذا الموضوع، أجاب مهنا “لا يسعني الإفصاح عَنْ اى معلومات حول هذا الملف، لكن ما يمكننا قوله إننا نعمل جاهدين للحصول على معلومات عَنْ مصير مـن تم اعتقالهم، وأي معلومات تصلنا مـن الجيش الإسرائيلي نشاركها مع أهالي المعتقلين”.
وحول عَدَّدَ الاستفسارات التى وصلت اللجنة الدولية حول المفقودين، اعلن مهنا “ليس لدينا إحصائيات يمكن ان نشاركها عبر الإعلام، هذا الملف حساس، ولأن آلية عمل الصليب الأحمر معروفة، وهي محاولة النقاش مع جهات الاحتجاز للحفاظ على مبدأ كسب الثقة، وهو ما يؤهلنا فعلياً مـن نقل البيانات لأهالي المفقودين”.
تأثيرات نفسية واجتماعية قاسية
تشير الأخصائية الاجتماعية والنفسية الدكتورة عروب الجملة، الي ان معاناة أهالي المفقودين “قاسية للغاية”، وتقول للجزيرة نت “ليس سهلاً ولا هيناً أبداً على العائلة، المرور بحالة عدم اليقين بخصوص مصير ابنها، العقل قد لا يستطيع استيعاب الامر، الآثار النفسية صعبة، وتشمل الشعور بالتوتر العالي، وبالقهر”.
وذكرت ان “المسلمين والمؤمنين بقضاء الله وقدره، لديهم قدرة أعلى مـن غيرهم على تحمّل هول هذه المأساة”، لكنها تضيف مستدركة “رغم اليقين والرضا بقضاء الله، فإن شدة التوتر قد تتسبب بحالة خسارة السيطرة على الأعصاب، وبكمّ هائل مـن الأفكار السلبية والشعور بحالة العجز”.
وحذرت مـن ان معاناة أهالي المفقودين قد تزداد بعد انتهاء الحرب، لدخولهم بينما يعرف بمتلازمة “كرب ما بعد الصدمة”، وهي حالة أصعب مـن كرب الصدمة ذاته.
ودعت المجتمع المحلي والعائلات المحيطة بأهالي المفقودين والمؤسسات المختصة الي تقديم خدمة الدعـم النفسي لهم. وأضافت “يجب متابعتهم اجتماعيا ونفسيا بشكل حثيث وعميق، وإيجاد بَرَامِجُ لحمايتهم مـن الآثار الصعبة التى ستواجههم لاحقا”.