الاخبار العربية والعالمية

عملية طوفان الأقصى العالميه والبناء عليها | اخبار حريات سام نيوز اخبار

بعد ان أُدخلت القضية الفلسطينية الي غياهب النسيان، أو هكذا كانـت المحاولات، وأصبحت المعاناة الفلسطينية جزءا مـن الروتين السياسي والإعلامي الباهت الذى لا يكاد يحظى بأدنى اهتمام، جاء طوفان 7 أكتوبر/تشرين الاول الماضي ليضع القضية الفلسطينية فى قمة الاحداث العالميه وفي قلب الاهتمام الدولى حقوقيا وإعلاميا وسياسيا.

الاحداث الجسام، والحروب الطاحنة خصوصا، تسهم بشكل كثير فى تغيير الأولويات وإماطة اللثام عَنْ حقائق قد لا تكون واضحة امام كثيرين، وتصوغ اثناء أيام مفاهيم وأفكارا، مما قد يريد لسنوات طوال وجهود حثيثة لبلورته وترسيخه فى أيام السلم والأحوال العادية.

أثار طوفان الأقصى أسئلة كثيرة لدى الضمير الشعبي العربي، تحمل فى طياتها إجاباتها فى كثير مـن الأحيان مـن مثل: هل هذا هو جيش إسرائيل الأخلاقي الذى لا يقهر؟ ثم إذا كانـت العسكرية الإسرائيلية عاجزة عَنْ اعلن معركة مع قطاع محاصر منذ اعوام، فماذا كانـت تفعل الجيوش العربية فى حروبها السابقة مع إسرائيل؟ ولماذا كانـت ولا تزال صفقات التسليح التى كلفت الدول العربية ميزانيات فلكية، إذا كانـت جيوشها أضعف مـن ان ترد عدوا وأقل مـن ان تنصر حقا؟ وما جدوى التطبيع مع كيان شديد التوحش لا يأبه بقانون إنساني ولا دولي فى اعلن خلافاته وتصفية حساباته؟

كان تفجر الغضب الجمهور الغربي واحدا مـن اهم نتائـج ما حدث فى قطاع غزة مـن مجازر ومحارق ودمار، وعلى الرغم مـن ان المواقف الرسمية الغربية كانـت فى مجملها منحازة للموقف الإسرائيلي الوالغ فى الدماء والقتل، فإن المظاهرات الحاشدة وغير المسبوقة فى عواصم ومدن غربية كبرى دفعت بالعديد مـن السياسيين الغربيين لمراجعة مواقفهم وحساباتهم.

وعلى مستوى الولايات المتحدة بدا موقف الرئيس جو بايدن المؤيد لإسرائيل يهدد حظوظه فى الانتخابات الرئاسية القادمة مناقضا المشهد الانتخابي الأميركي المعتاد تاريخيا والذي يستند للدعـم اليهودي للوصول الي البيت الأبيض أو البقاء فيه.

كان تزعزع المصداقية الإسرائيلية إعلاميا وسياسيا أحد تداعيات طوفان الأقصى وما تلاه. فبالنسبة لما حدث يـوم 7 أكتوبر/تشرين الاول الماضي مـن تجاوزات مزعومة للمقاومة بحق المستوطنين استخدمت لتبرير حرب الإبادة على القطاع، فقد كذبتها تحقيقات إسرائيلية داخلية نشرتها صحف إسرائيلية، اعلنت بأن مدنيين إسرائيليين سقطوا ذلك اليـوم نتيجه هجمات بمروحيات الأباتشي عليهم وعلى المقاومين.

كَمَا كانـت مزاعم القوات الإسرائيلية بينما يخص مجمع الشفاء الطبي واستخدام المقاومة له كمركز قيادة بمثابة فضيحة مدوية، حيـث وضحت اخبار نشرتها محطات غربية رصينة الي احتمال كثير بأن تكون الأدلة التى قدمتها سلطات الاحتلال بعد سيطرتها على المجمع مفبركة ومعدّلة.

لعبت وسائل التواصل الاجتماعي دورا كبيرا فى كسر احتكار وسائل الإعلام المؤيدة لإسرائيل فى الغرب المشهد والرواية الإعلامية، وأدى الجيل الثالث مـن المهاجرين العرب والمسلمين خصوصا فى الجامعات الأميركية والغربية دورا كبيرا فى نشر الوعي، وبدا ان جيل الشباب الغربي -ومن ضمنه تيارات يهودية- أكثر تحررا فى رؤاه، وأكثر عمقا فى وعيه مـن الأجيال التى سبقته.

وبدا الدعـم فى الغرب للقضية الفلسطينية على المستوى الشعبي أكثر انتشارا مـن اى وقت مضى. وشهدنا تحركات شبابية تصل لمجلس الشيوخ الأميركي، وتحاصر وزير الخارجية بالهتافات والشعارات، وتلاحق غيره مـن السياسيين الغربيين احتجاجا على مواقفهم المؤيدة لحرب الإبادة الإسرائيلية على القطاع وساكنيه.

ولأن مسار القضية الفلسطينية ما زال طويلا، وإن بدا فى هذه الملحمة أكثر تحديدا فى بوصلته، وأشد صلابة فى مقاومته، وأعمق وعيا فى أطروحاته، خصوصا مـن جيل الشباب فى وسائل التواصل الاجتماعي وفي الجامعات والمؤسسات الأكاديمية فى الغرب، وحتى يتم البناء على التغييرات التى اجتاحت العالم احتجاجا على محرقة غزة لتصبح حقائق قادرة على صنع التغيير الذى يخطو بنا نحو العدالة والتحرير، فإنه مـن المرجو ان يحصل القادم:

• الاستفادة مـن الزخم الجماهيري الغربي فى دعـم القضية الفلسطينية فى تشكيل لوبيات سياسية وإعلامية، ومتابعة مواقف السياسيين المنحازة لجرائم القتل والإبادة ومتابعة شركات الأسلحة فى الغرب، التى تدعم آلة القتل العسكرية الإسرائيلية، ومحاصرتها إعلاميا وقانونيا وإنسانيا، وذلك فى اثناء نشر مجموعـات أميركية ناشطة أسماء لسياسيين يتلقون تبرعات مـن لوبيات إسرائيلية. فمأسسة هذه الأنشطة وتحركها فى اطار صحيح للتأثير فى الانتخابات -كَمَا تفعل اللوبيات المؤيدة للاحتلال- سيسهم كثيرا فى دعـم القضية الفلسطينية سياسيا وإعلاميا وإنسانيا.

• توثيق انتهاكات الاحتلال وجرائمه امام الإنسانية وتصريحات مسؤولين إسرائيليين تتباهى بإبادة الفلسطينيين أو تنتهك حقوقهم مثل التهديد باستخدام السلاح النووي أو وصفهم بالحيوانات البشرية، وملاحقتهم قانونيا فى الدول الغربية التى يسمح قانونها بذلك، وبالتالي محاصرتهم سياسيا، والتشهير بهم إعلاميا.

فى هذا السياق، يمكن الاستفادة مـن تشكيل مجموعه كبيرة مـن المحامين الدوليين فريقا لمقاضاة الحكومة الإسرائيلية امام المحكمة الجنائية الدولية، وتكوين وتسجيل مجموعـات قانونية فى عواصم عالمية لرفع قضايا على المسؤولين الإسرائيليين المتورطين فى جرائم امام الإنسانية.

• مطالبة إسرائيل والدول التى دعمتها فى عدوانها على قطاع غزة بدفع تعويضات للضحايا مـن المدنيين وعن الدمار الذى سببته لمباني المواطنين والمؤسسات العامة، مـن اثناء فرق قانونية، مع الاستفادة مـن سابقة إرغام العراق على دفع تعويضات لمدة عقود لغزوه الكويت إبان حكـم الرئيس الراحل صدام حسين، ودفع ليبيا القذافي تعويضات لمواطنين أميركيين (10 ملايين دولار لكل ضحية) بعد اتهامها بإسقاط طائرة مدنية أميركية (بان أميركان) فوق مدينة لوكربي الأسكتلندية يـوم 21 ديسمبر/كانون الثانى 1988. ولا تعني المطالبة بالتعويضات بطبيعة الحال الحصول عليها، ولكن لا بد مـن ترسيخ هذه الثقافة، وملاحقة المعتدين والقتلة والتضييق عليهم.

• توثيق الفبركات والمزاعم الإسرائيلية الكاذبة التى أطلقتها الحكومة والمسؤولون الإسرائيليون، وتوزيعها فى إصدارات مختلفة وبلغات عالمية لفضح تلك الأكاذيب وتفنيد الروايات الصهيونية لكيلا تكون مثل هذه الأكاذيب تبريرا لجرائم قادمة أو مجازر مستقبلية.

• إصدار افلام قصيرة توثق قصص ضحايا حرب الإبادة الصهيونية مـن الأبرياء خصوصا مـن الأطفال والنساء، والمشاركة فى المهرجانات العالميه لنقل المعاناة الفلسطينية الإنسانية. وإذا ضاقت بها المهرجانات العالميه مـن اثناء ضغوط التيارات المؤيدة للصهاينة، فلابد مـن الاعلان مهرجان عالمي سنوي يتخصص فى إصدارات تخص المعاناة الفلسطينية بأفلام وثائقية وروائية وقصصية.

• الاعلان حملات عالمية بدعم مـن المؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي والمفكرين والإعلاميين والفنانين والرياضيين والسياسيين المتعاطفين مع الجرح الفلسطيني النازف بغزارة، لإعادة إعمار قطاع غزة وبإشراف منظمة دولية رصينة ورزينة، لتحويل العواطف الصادقة مع ضحايا غزة وفلسطين الي خطوات عملية تخفف مصابهم وتعزز مـن صمودهم.

• التنسيق مع الهلال والصليب الأحمر ومنظمة أطباء بلا حدود ومنظمات أممية لنقل الجرحى والمصابين مـن النساء والأطفال الي مستشفيات فى دول عالمية مختلفة، لمعالجتهم ومواكبة تحركاتهم إعلاميا ونقل أخبارهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لتذكير المجتمع الدولى والرأي العام فى دول العالم المتنوعة بالجرائم الصهيونية بحق الأطفال والأبرياء.

البناء على التغييرات العالميه الكبيرة التى أحدثتها المجازر والمحارق الإسرائيلية على غزة، والصمود الأسطوري الذى أظهره شعبها وتمسكه بحقوقه وتشبثه بأرضه، هو جزء مـن الصراع الإنساني بين قوى الحق والباطل، وهو واجبُ جميعِ أصحاب الضمائر. يؤمل مـن النشطاء الفلسطينيين فى دول المهجر والمؤسسات الفلسطينية فيها كمؤتمر فلسطينيي الخارج ان يكونوا فى قيادة هذا العمل وفي طليعته.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى