كيف تنظر القوى السِّيَاسِيَّةُ الأردنية لقرار إلغاء “اتفاقية الطاقة” مع إسرائيل؟ | سياسة سام نيوز اخبار
عمّان- صرح وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي ان بلاده لن توقع اتفاقية لتبادل الطاقة مقابل المياه مع تل أبيب، التى كان توقيعها متوقعا نهاية شهر نوفمبر/تشرين الثانى الحالي، اثناء مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ (كوب 28) فى إمارة دبي.
وفي مقابلة مع قناة الجزيرة اعلن الصفدي “لن نستطيع مواصلة اتفاقية الطاقة مقابل المياه؛ لانه لا يمكن لوزير أردني ان يجلس الي جانب وزير إسرائيلي لتوقيع اتفاق بينما هم يقتلون إخواننا فى غزة”.
وعن المطالبات الشعبية والنيابية لإلغاء اتفاقية السلام الأردنية الإسرائيلية “وادي عربة“، اعلن الصفدي “إن الأردن لن يتردد فى اتخاذ كل ما مـن شأنه مساعدة الجمهور الفلسطيني”، مضيفا ان “هذه الاتفاقية الان ستكون قوية يغطيها الغبار فوق أحد الرفوف”.
اتفاقيتا الغاز ووادي عربة
وفي ردود الفعل الداخلية على هذا الإعلان، اعلن الناطق باسم كتلة الإصلاح النيابية النائب ينال فريحات، إن الكتلة ترحب بتصاعد الموقف الأردني تجاه الاحتلال وإعلان عدم توقيع الإتفاقية، حيـث مـن شأن هذا ان يحفز على إيجاد البدائل الوطنيه الموجودة بكثرة، حسب خبراء المياه.
وأضاف للجزيرة نت، إن “المطلوب الان خطوة أخرى عملية جدا نحو إلغاء اتفاقية الغاز، للوصول الي الاستقلالية بموارد الطاقة، حيـث هناك بدائل وطنية وعربية، والهدف عدم اللجوء لعدونا، خاصة بعد تصريحـات الملك والوزراء عَنْ ان التصعيد والتهجير يعني إعلان حرب على الأردن”، متسائلا “كيف نربط مواردنا الإستراتيجية مع كيان قد نعلن الحرب عليه فى اى لحظة؟”.
وحول تصريحـات الصفدي عَنْ “اتفاقية السلام” اعلن ينال “كوننا كتلة قدمنا فى البرلمان مشروع قانون يتضمن 65 بندا كفيل بإلغاء اتفاقية وادي عربة، كَمَا قدمنا 15 بندا لإلغاء اتفاقية الغاز، بحيث تُلغى دون ان يترتب على الأردن اى شرط جزائي”.
مـن جهته اعلن المنسق العام لـ”الحملة الوطنيه لاسقاط اتفاقية الغاز” هشام البستاني، إن الإعلان الحكومي هو “خطوة بالاتجاه الصحيح، لكنها غير كافية على الإطلاق”، مشيرا الي ضرورة “الوقف الكامل لتمويل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، مـن أموال دافعي الضرائب فى الأردن عبر اتفاقية الغاز مع الاحتلال”.
وأضاف البستاني فى حديثة للجزيرة نت ان “اليـوم هو الوقت الأنسب للتحلل مـن اتفاقية السلام، التى اخترقها العدو عشرات المرات، وباقي الاتفاقيات الاقتصاديه مع الاحتلال، فى الوقت الذى يُستهدف فيه المستشفى الأردني الميداني وتصاعد العدوان بحق غزة، والمخاطر التى تتهدد الأمن القومي الأردني لا سيما مشروعات التهجير”.
بدوره اعلن الوزير السابق ورئيس حزب الميثاق محمد المومني للجزيرة نت “إن ما يجري فى الضفة الغربية وغزة هو مساس مباشر بمصالح الأردن العليا وأمنه القومي، ومن حق الحكومة الأردنية ان تتخذ كل الإجراءات التصعيدية كرد طبيعي على تعامل اسرائيل مع ملف الحرب على غزة والضفة”.
وأضاف المومني، وقد شغل سابقا منصب الناطق الاعلامي باسم الحكومة “إن إجراءات السلطات مـن شانها ان توصل رسالة للاحتلال، بأن ما يحدث ليس قصفا للأبرياء فى غزة والضفة فقط، بل هو قصف للعلاقات الأردنية الإسرائيلية ولكل الاتفاقيات الموقعة”، مشيرا الي اعتقاده ان “مزيدا مـن الإجراءات ستكون إذا ما استمر تجاهل مصالح الدول المحيطة”
اتفاق سياسي
اما السياسي والمقرر العام الأسبق لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة سفيان التل فقال، إنه “مـن الناحية الفنية، فالأردن لا يريد لقطرة ماء واحده مـن الخارج، حيـث إن لديه 6 مصادر تعطيه ما يزيد عَنْ حاجته استنادا للأرقام الموثقة”، مبينا ان اتفاقية الماء هى اتفاقية “سياسية محضة” ضوء التزام الأردن بالسياسات الأميركية التى لا يستطيع الخروج عنها، التى أعلنت مرارا دعمها دمج الاحتلال بالمنطقة.
وأضاف التل للجزيرة نت إنه “لغرض دمج الاحتلال، أُوجدت سياسات لربط الأردن مع الكيان الإسرائيلي بقضايا أساسية، كالماء والكهرباء والغاز، حيـث وُقّعت اتفاقية الغاز رغم الرفض الجارف لها”، مضيفا ان “اتفاقية الماء ستوقّع عاجلا أو آجلا رغم الإعلان الحكومي، إلا إذا حصـلت تغيرات جذرية فى المنطقة بناء على طوفان الأقصى“.
وأشار التل الي ان السياسة الأردنية الحالية تتخذ طريقة “امتصاص النقمة وعبور المرحله، وينتظر صانع القرار مآلات الحرب، وعليه يتخذ القرار هذا أو غيره”.
وحول تصريحـات الصفدي عَنْ اتفاقية السلام، اعلن رئيس مركز القدس للدراسات السِّيَاسِيَّةُ عريب الرنتاوي للجزيرة نت إن “هذه إشارات تدفع الي الاعتقاد ان الأردن قد يكون مقبلا على مسار تصعيدي، بما فى ذلك إلغاء بعض الاتفاقيات الثنائية، وربما تعليق المعاهدة، ومن الممكن ان تسرّع مجزرة الفاخورة مـن هذه الإجراءات”.
وأضاف ان الشارع يغلي والرأي العام الأردني يطالب بمواقف أكثر صرامة، مشيرا الي ان “الأردن يستقبل الباب امام مواقف مشابهة مـن الدول العربية المتخاذلة حتـى الان”، حسب تعبيره، مؤكدا ان “على الأردن ان يمضي فى خياراته بمواقف عملية، سواء التحق العرب به أو لا، ولا بد ان يكون هناك رادع لحفلة الجنون الإسرائيلية الممتدة”.
مستقبل اتفاقية الغاز
فتح قرار إلغاء “اتفاقية الطاقة” الباب على صفقة الغاز بين الجانبين الأردني والإسرائيلي، حيـث يستورد الأردن 95% مـن احتياجاته مـن الغاز الطبيعي مـن الجانب الإسرائيلي ضوء اتفاقية تستمر لـ 15 عاما، بقيمة ما بين 10 و15 مليار دينار أردني (14 مليار الي 21 مليار دولار)، إذ تنص الصفقة على تزويد الأردن بنحو 45 مليار متر مكعب مـن الغاز الطبيعي.
يقول المنسق العام لـ”الحملة الوطنيه لاسقاط اتفاقية الغاز” هشام البستاني، إن “إلغاء الاتفاقية وقطع خط الغاز يعني تجفيف واردات لإسرائيل بقيمة 25 مليار دولار، ما بين صفقتين، واحده مع الأردن والثانية مع مصر تمر مـن الأردن، وهو ما يشكّل ضربة لخطته بالاندماج الإقليمي الإستراتيجي”.
ويضيف البستاني بأن “استخراج إسرائيل للغاز مـن الحقول التى تسرقها غير مجدية اقتصاديا، فى حال اقتصارها على احتياجاتها الداخلية، لارتفاع تكاليف الاستخراج مقارنة بالحاجة، وهو ما يريد لزبون لإنقاذها، إذ وجدت ضالتها بالأردن، وفي حال إلغاء الاتفاقية سيتضاعف العبء عليهم وسينهك الاقتصاد الإسرائيلي، لأن تكاليف الاستخراج لا تتناسب مع الاستهلاك”.
وقال الخبير فى شؤون النفط والطاقة عامر الشوبكي إن “اتفاقية الغاز تعدّ مـن اهم روافد الحكومة الاسرائيلية، حيـث يدفع الأردن قرابة 600 مليون دولار سنويا، وتعوّل إسرائيل بشدة على هذا الاتفاق لاستدامة الجدوى الاقتصاديه لحقولها فى شرق المتوسط”.
ولفت الشوبكي فى حديثه للجزيرة نت الي ان “تعليق تركيا لمشروعات الطاقة مع إسرائيل شكّل صدمة له، وسيترتب عليها خسارة كبيرة للجانب الإسرائيلي، حيـث كان يأمل بتعديل مسار أنبوب يمر للقارة الأوروبية، كان سيكلّفه مبالغ كبيرة، لكن وفق الاتفاق -المعلّق- مع تركيا فإن الأنبوب يمر مـن أراضيها، مما سيوفر نفقات تسييل الغاز وأجور الشحن وسيصبح أسهل للتسويق”.