الاخبار العربية والعالمية

لاجئو السودان فى تشاد وروايات الكرب العظيم | اخبار حريات سام نيوز اخبار

الحدود التشادية السودانية– نحيب وعويل ورعشة أطراف، ثم ذهول، فصمت مطبق.. وكأن مصائب الأمس وقعت للتو.

تلك صور مـن ملامح بعض هؤلاء اللاجئين السودانيين وهم يسردون قصص القتل والتدمير والإهانة والسلب والفظاعات، التى تعرضوا لها فى بلدهم، وساقتهم سوقا الي هذا الركن القصي مـن تشاد.

يجمع أغلب هؤلاء على ان استهدافهم كان بقصد “التطهير العرقي”، ويقولون، إن انتسابهم لقبيلة المساليت الأفريقية هو ما جعلهم فى عين العاصفة، أو بسـبب كونهم مـن “النوباي” تعبيرا عَنْ كونهم زنوجا سودا. وتشير كل الأصابع الي الدعـم السريع مسؤولا عَنْ تلك الفظاعات.

ويقول عبد اللطيف عبد الله يعقوب (32 عاما)، إن بيتهم ترصد للعدوان فى خضم هجـوم “رأس الحربة” كاسح على حي المدارس فى الجنينة بنحو 300 سيارة نفذه الدعـم السريع يـوم 15 مايو/أيار 2023، ويقول “قتلوا أبي وشقيقي واستهدفوا رِجلي بطلقة صعبة، كل ذلك دون اى سبب وأمام أمي وأخواتي الثلاث، اللواتي كن يبكين ويصرخن.. تركوني أنزف فى البيت بجانب جثتيْ أبي وأخي”.

اما محمد قمر أبكر (46 عاما) فترك زوجته و3 مـن أبنائه: شريف (22 عاما)، وآدم (18)، ويسن، صرعى ملقوْن على الأرض، فى هجـوم “رأس الحربة” مباغت فى يونيو/حزيران الماضي، بحي التضامن بالجنينة سقط فيه -حسب شهادة محمد أبكر- 300 شخص، “وأشعلت الحرائق فى كل مكان بعد أخذ كل ممتلكاتنا مـن ذهب وسيارات وأموال”.

ويضيف “كانوا ينهبون كل شيء ويشعلون النار فى الباقي… وحتى الحمير، أطلقوا النار عليها إمعانا فى الإفساد”.

2- مصطفى طاهر لاحقه عناصر الدعم السريع واستهدفوه في رجله لتبتر لاحقا، في الصورة مع والدته: دارية بوكني
مصطفى طاهر لاحقه عناصر الدعـم السريع واستهدفوه فى رجله لتبتر لاحقا، فى الصُّورَةُ مع والدته دارية بوكني (الجزيرة)

وروى مصطفى طاهر (18 عاما)، مـن حي الشاطئ بالجنينة، حادثة استهدافه بشكل مباشر فى بيته، قبل 6 شهور، بعد ملاحقته فى الشارع مـن عناصر الدعـم السريع، وهو ما أدى الي بتر رجله فى المستشفى التركي بنيالا.. وتحدثت والدته دارية بوكني (40 عاما) عَنْ خسارة ابنتها فى الهجوم، بينما لا تزال بنتها الاخرى محاصرة فى الجنينة مع جيران، وهي تتحين الفرص للهرب الي تشاد.

ضرب وربط بالحبال

وفي شهادة أخرى يقول عبد الله يعقوب إسماعيل، إنه اعتُقل 3 أيام فى الجنينة ترصد فيها لصنوف العذاب بعد اقتياده مـن بيته وإحراقه امام عينه: “ضربوني بطلقة صعبة فى الإبط واقتادوني لمعسكرهم وربطوني بالحبال وضربوني ضربا مبرحا”.

ووسط نوبات بكاء تتفطر له الأكباد، يحكي نقيب الشرطة (على المعاش) ابراهيم إسحاق جمعة (65 عاما) عَنْ صفعه، وضرب زوجته وبنتيه أمامه، وقتل ضيفه -ابن عمه- ودفنه فى البيت، وسلب كل ممتلكاته، فى هجـوم “رأس الحربة” على بيته فى حي التضامن بالجنينة، أواسط شهر يوليو/تموز الماضي، مـن 5 أشخاص “عرب خارجين على القانون” يجزم أنهم مـن الدعـم السريع.

3- نادية أبّكر السنوسي روت كيف عاجلتها قذيفة في بيتها وكيف بقيت محاصرة وسط النيران
نادية أبّكر السنوسي روت كيف عاجلتها قذيفة فى بيتها وكيف بقيت محاصرة وسـط النيران (الجزيرة)

ويقول ابراهيم، وهو طريح الفراش بفعل كسور مركبة عدة برجليه ترصد لها فى خضم نوبة إغماءات وسقوط على صخور، إن جميع ما وقع له “كان بسـبب الانفعال الذى يصل الضغط والسكر”، وهو المصاب بهما أصلا، وقد شفعا له بتجنب القتل يـوم الهجوم اثناء قُتل ابن عمه وفر أخوه قفزا مـن البيت، وتجنب قريب له آخرُ القتل بفعل مجادلة النسوة بأنه عربي، استنادا الي لونه الفاتح، وأنه كان يصل المصحف الشريف فوق رأسه.

ويضيف “ذهبوا وعادوا مجددا، أخذوا سيارتي (ركشة= تيك توك) ودخلوا الغرف ونهبوا كل ممتلكاتنا، حتـى الملابس، وأخذوا 10 مليارات سوداني هى حقوقي مـن الشرطة، فضلا عَنْ كتب قانونية وشرعية. ويتابع أنه الان بات “صفر اليدين”.
ويؤكد ابراهيم جمعة، الأب لـ15 طفلا، ان الاعتداء عليه كان بسـبب كونه مسلاتيا لا بسـبب كونه شرطيا، ويقول، إن البلاد انحدرت فى أتون صراع عرقي.

اما نادية أبّكر السنوسي (30 عاما) فتروي كيف عاجلتها قذيفة فى بيتها أدت الي إصابتها بحروق بيديها ورجليها، وكيف بقيت محاصرة وسـط النيران مدة 40 دقيقة، وشهدت مقتل 8 أشخاص بجانبها، وجرح عَدَّدَ آخر كثير فى هجـوم “رأس الحربة” للدعـم السريع على مخيم للنازحين شرق الجنينة يـوم 24 أبريل/نيسان الماضي.

4- إبراهيم إسحاق جمعة (65 عاما) عن صفعه، وضرب زوجته وبنتيه أمامه، وقتل ضيفه -ابن عمه- ودفنه في البيت
ابراهيم إسحاق جمعة اعلن عَنْ صفعه وضرب زوجته وابنتيه أمامه وبكى بكاء مرا وهو يروى قصته (الجزيرة)

وتصر نادية على ان تبدأ قصتها عَنْ الدعـم السريع بالحديث عَنْ الجنجويد، وكيف كابدت معه عائلتها مرارات 20 سنة مـن القتل، وكيف قُتل جداها وعدد مـن أعمامها وأخوالها فى هجـوم “رأس الحربة” لهم فى 2003. وكيف انتقلت العائلة بين عَدَّدَ مـن المؤسسات الحكومية والمخيمات، مثل مخيم كراندينغ وغيره.

تمزيق بالفؤوس والمناجل

وفي مجزرة واحده، بداية نوفمبر/تشرين الثانى الأخير، اعلن عنها العديد مـن شهود العيان لنا، هى “مجزرة أردمتا” وهو حي بالجنينة، اعلن عشرات الناجين، إنهم رأوا رجالا مـن المساليت يُعتقلون ويُطلق النار عليهم. وقال بعضهم، إنهم رأوا أشخاصا يمزقون إربا حتـى الموت بالفؤوس والمناجل. ووصف شهود كيف أُعدم المدنيون فى منازلهم وفي الشوارع وأثناء محاولاتهم الفرار.

وفي وقت لاحق، اعلن الاتحاد الأوروبي، إن أكثر مـن 1000 مـن أفراد قبيلة المساليت قُتلوا فى أردمتا. وقال جوزيب بوريل، مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، إن “الفظائع” فى أردمتا كانـت جزءا مـن “حملة تطهير عرقي أوسع نفذتها قوات الدعـم السريع، بهدف استئصال قبيلة المساليت”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى