الاخبار العربية والعالمية

لم تعد مخيماتهم صالحة للعيش.. الشتاء يُفقد أهالي شمالي سوريا أرواحهم | سياسة سام نيوز اخبار

شمال سوريا – بالإبرة والخيط يسعي محمد الدرقلي إصلاح ما فسد فى جدران خيمته، استعدادا لفصل الشتاء فى منطقه سرمدا شمال سوريا.

يتخوف محمد الدرقلي -وهو نازح منذ 6 أعوام مـن ريف إدلب الجنوبي- مـن تجربته فى الشتاء الماضي، إذ يقول “فى السنة الماضية دخلت مياه الأمطار الي خيمتي وأغرقتها، والآن ينتابني حالة مـن الخوف مـن قدوم شتاء قارس يزيد مـن معاناتنا”.

وفي حديثه للجزيرة نت، اضاف الدرقلي “أعيش فى هذه الخيمة منذ 3 اعوام، وأعمل فى نهاية كل صيف على إصلاح الشقوق فى جدران وسقف الخيمة التى تضررت جرّاء حرارة شمس الصيف ورياح الخريف، بهدف إستقبال فصل الشتاء الذى اعتدنا ان يكون فصلا للتعب والمعاناة”.

مع دخول فصل الشتاء، يبدأ القلق والخوف مـن الزائر الثقيل الذى يتسلل الي خيام وقلوب النازحين فى مخيمات شمال غربي سورية، نظرا للكارثة التى تحل بهم فى هذه الفتره مـن كل عَامٌ، حتـى باتوا يتمنون ان لا يأتي الشتاء عليهم.

مخيمات النازحين شمال سوريا( الجزيرة)
البحث عَنْ أدوات بدائية للتدفئة أصبح الهم الأكبر للنازحين فى مخيمات الشمال السوري (الجزيرة)

 

كارثة التدفئة

بدوره يؤكد ياسر الحمود، وهو نازح ويعيش فى خيمة بمنطقة البردقلي شمال إدلب، ان الشتاء الماضي تدفأ على العيدان وبعض الملابس القديمة التى حصل عليها مـن جيرانه، ولا أمل لديه هذا فى تركيب مدفأة، بسـبب حالة الفقر الشديد التى يعاني منها.

ويضيف الحمود طبقة جديدة لسقف الخيمة يمكنها ان تخفف البرد عَنْ أطفاله فى فصل الشتاء، ويرفع التراب على جدران الخيمة وتدعيمه ببعض الحجارة، لكي يمنع جدران الخيمة مـن التطاير فى العواصف الهوائية والمطرية، وفق حديثه للجزيرة نت.

وبعد صعود أسعار الطاقة البديلة فى البلاد الي حد كثير، تكررت معاناة آلاف العائلات النازحة ضِمـن مخيمات الشمال السوري، وبات السكان امام وضع صعوبته لا توصف مع غياب مستلزمات الشتاء الأساسية.

وتراوح سعر طنّ الحطب ما بين 130 و175 دولارا، بينما تراوح سعر طن القشور بأنواعها ما بين 190 و275 دولارا، مما جعل العائلات النازحة تبحث عَنْ بديل معقول.

ويحرق السكان قطع البلاستيك والألبسة البالية وأكياس النايلون، وغيرها مـن مواد أخرى يتم جمعها مـن مجمعات القمامة، لاستخدامها فى التدفئة، رغم خطورة المواد المتطايرة والأبخرة التى ترافق عملية الحرق.

مخيمات النازحين شمال سوريا(الجزيرة)
الخيام المتهالكة لا تصمد امام قسوة الشتاء فى مخيمات النازحين شمال سوريا (الجزيرة)

 

أرقام صادمة

فى مشهد مماثل تلملم صبحية الحسان بعض العيدان مـن المنطقة الجبلية الواقعة بالقرب مـن مخيمها بمنطقة رأس الحصن شمال سوريا، كَمَا تقوم بحطب بعض الأشجار الجبلية وجلبها لتدفئة أطفالها اثناء فصل الشتاء.

تقول صبحية للجزيرة نت إنها تكافح على مدار الساعة لجلب أكبر كمية مـن العيدان والحطب مع دخول فصل الشتاء، لأنها لا تملك الأموال لشراء الحطب ولا الديزل ولا حتـى شراء مدفأة جديدة؛ بسـبب غياب مدخول، وعدم كفاية مدخول زوجها الذى لا يتجاوز 3 دولارات فى اليـوم.

وأكدت المتحدثة ذاتها ان العائلات التى تملك ثمن التدفئة تكاد تكون نادرة، مشيرة الي ان كثيرا مـن العوائل فى المخيمات أخبروها بعدم تركيب مدافئ لشتاء هذا العام.

وكشف بيـان لفريق “منسقي استجابة سورية” ان أكثر مـن 94% مـن العائلات والنازحين فى مناطق ومخيمات شمال غربي سوريا، عاجزة عَنْ تأمين مواد التدفئة لفصل الشتاء.

وأضاف البيان نفسه ان أسعار هذه المواد ارتفعت اثناء موسـم الشتاء الحالي 120% مقارنة بالعام الماضي، بينما لا يتجاوز دخل 83% مـن العائلات 50 دولارا شهريا، مما يعني ان الحصول على مواد التدفئة أمر صعب المنال.

ولفت النادي الي ان 67% مـن العائلات تسعى الي تخفيض الاحتياجات الأساسية خاصة الغذاء، فى محاولة يائسة للحصول على التدفئة اثناء موسـم الشتاء.

وأشار المصدر ذاته الي ان 79% مـن العائلات النازحة -خاصة دَاخِلٌ المخيمات- لم تحصل على مساعدات التدفئة اثناء موسـم الشتاء الماضي، الذى شهد وفيات بسـبب هبوط درجات الحرارة، إضافة الي الحرائق والأضرار فى المخيمات نتيجه استخدام مواد غير صالحة للتدفئة.

مخيمات النازحين شمال سوريا( الجزيرة)(6)
مياه الأمطار تغمر مخيمات النازحين فى الشمال السوري مما يفاقم المعاناة (الجزيرة)

 

دعـم شحيح

بدوره، يشكو احمد المرعي مـن طريقة عمل المنظمات الإنسانية فى توزيع مواد التدفئة على مخيمات النازحين، بسـبب تأخرهم فى منح المدافئ والأغطية والملابس الشتوية لمنتصف الشتاء وحتى نهايته.

وقال المرعي للجزيرة نت إن إحدى المنظمات، اثناء العام الماضي، وزعت مواد التدفئة بعد مضي 3 اشهر على فصل الشتاء، والملابس الشتوية للأطفال مع نهايته، وبرروا ذلك بأنهم لا يستطيعون تقديمها بداية الفصل حتـى انتهاء حملات التبرع والتي تدوم أشهرا، مؤكدا ان معظم العائلات ترتجف بردا فى بداية الشتاء.

ايضا طالب بيـان فريق الاستجابة المنظمات الإنسانية والفرق التطوعية والأمم المتحدة، بتجهيز مشاريع الشتاء، وتأمين الدعـم اللازم لأكثر مـن مليونَيْ مدني فى المخيمات.

وأكد مدير فريق إدلبيون التطوعي ابراهيم الزيدان، أنهم يطلقون فى كل شتاء حملات مكثفة بالتنسيق مع المنظمات والفرق التطوعية لتأمين مستلزمات التدفئة لأكبر قدر مـن الأهالي.

وأضاف فى حديثه للجزيرة نت، ان أعداد النازحين هائلة، والحاجة كبيرة جدا، ولا يمكن للفرق التطوعية والمنظمات الإنسانية تقديم كل متطلبات الشتاء للأهالي، لأن الدعـم شحيح.

وطالب الزيدان المانحين الدوليين بتكثيف الدعـم، لأن كل فصل شتاء يُفقد الأهالي أرواحا بسـبب البرد والصقيع، وخصوصا ان خيام المخيم أغلبها يتطاير بسـبب الرياح، أو تغرق بسـبب السيول.

مخيمات النازحين شمال سوريا( الجزيرة)(2)
مخيمات النازحين شمال سوريا أصبحت لا تصلح للحياة فى اثناء برودة الشتاء ومياه الأمطار (الجزيرة)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى