ليست فرعونية فقط.. أسوان المصرية فى التاريخين القبطي والإسلامي | ثقافة سام نيوز اخبار
تعرف محافظة أسوان (أقصى جنوب مصر) كأحد اشهر مقاصد السياحة الثقافية فى البلاد؛ إذ اشتهرت بآثارها المتعددة ومعابدها الضخمة التى شيدها ملوك مصر القديمة فى أبو سمبل، وجزيرة فيلة، وفي إدفو، وكوم أمبو، وغير ذلك مـن المناطق التاريخية التى تنتشر بطول المحافظة وعرضها.
لكن المصادر العربية تدلنا على جوانب متنوعة أخرى مـن تاريخ المدينة، التى ذاع صيتها مركزا مـن مراكز الحضارة المصرية القديمة.
تاريخ إسلامي وقبطي لأسوان
وتجمع المصادر، وما سجله المؤرخون والرحالة، وكذا علماء الآثار الإسلامية والقبطية، على ان أسوان لها مكانة عملية فى التَّارِيخُ القبطي والإسلامي، بجانب ارتباط موقعها فى الحضارة المصرية القديمة.
وقد وصفت العالمة المصرية الدكتورة سعاد ماهر محمد، التى تولت لسنوات عمادة كلية الآثار بجامعة القاهره، أسوان بأنها “متحف الآثار المصرية عبر العصور”، وتشير فى كتابها “مدينة أسوان وآثارها فى العصر الإسلامي”، ان أسماء أسوان تعددت تبعا لتعدد الوظائف التى قامت بها، والأحداث التاريخية التى عاشتها عبر العصور بفضل تفرد موقعها.
وكل ذلك جعل أسوان مقصدا للعالم أجمع، ومحطة جذب لأنظار علماء الآثار والمستكشفين، وفرق التنقيب عَنْ الآثار، حيـث تمثلت فيها آثار ما قبل التَّارِيخُ، فالعصر الفرعوني، فآثار البطالمة والرومان، ثم آثار العصر القبطي والاسلامي.
وتروي الدكتورة سعاد ماهر محمد، بعضا مـن تفاصيل إسهامها بصحبة آثاريين آخرين، فى أعمال التنقيب الأثري التى اثبت –حسب قولها– أصالة مدينة أسوان، واحتضانها للإسلام، وتشير الي ان بعض الصحابة والتابعين ممن وفدوا لأسوان، توفي بعضهم بها ودفنوا فيها منذ سنة 31 هـ ، وذلك كَمَا هو ثابت فى النقوش والكتابات الأثرية، بجانب أنها كانـت مسكنا للأمراء وعلية القوم فى العصور الوسطى، وهو الامر الذى تسجله عقود الزواج التى وجدت مكتوبة على المنسوجات الأثرية.
أسوان فى عيون الرحالة والمؤرخين
وتسجل لنا الكتب والمؤلفات التى تناولت تاريخ مدينة أسوان، كثيرا مـن النصوص التى تناولت معالم أثرية ومحطات تاريخية تؤكد التنوع الحضاري على أرض تلك المحافظة المصرية الواقعة فى أقصى جنوب البلاد.
وقد وثق كتاب “مدينة أسوان وآثارها فى العصر الإسلامي”، وغيره مـن الكتب والمؤلفات والمصادر العربية وكذلك الأجنبية، روايات عديدة مما أورده الرحالة والمؤرخون عَنْ معالم أسوان وتاريخها فى مؤلفاتهم القديمة.
وفي هذا السياق، فقد ذكر عالم الآثار الفرنسي هنري جوتييه فى قاموسه المعروف “قاموس الأسماء الجغرافية فى النصوص الهيروغليفية”، كثيرا مـن الأسماء التى عُرفت بها أسوان قديما، ومنها “السوق”، أو “محل التجارة” حيـث كانـت تتبادل فيها أنواع التجارة مـن القطرين المصرى والسوداني، وقد توالت تلك الأسماء حتـى أسماها العرب “أسوان”.
وذكرها ايضا العالم الفرنسي إميل أميلينو فى كتابه “جغرافية مصر فى العصر القبطي”، وقال، إنها وردت فى وضح الأسقفيات، وورد ذكر أسوان فى كتاب “معجم البلدان” لياقوت الحموي الذى اعلن “أسوان بلد فى آخر الصعيد بمصر”، وكتاب “التحفة السنية بأسماء البلاد المصرية”، ليحيى بن شاكر بن الجيعان الذى اعلن، أسوان ثغر مـن ثغور مصر.
وأورد أبو عبد الله محمد بن احمد المقدسي البشاري، فى كتابه “أحسن التقاسيم فى معرفة الأقاليم” فقال، أسوان قصبة الصعيد على النيل، عامرة كبيرة، بها منارة طويلة، ولها نخيل وكروم كثيرة، وخيرات وتجارات، وهي مـن أمهات المدن.
وكذلك ذكرها محمد بن عبد الله بن إدريس الحسني الطالبي، المعروف بالشريف الإدريسي، فى كتابه “نزهة المشتاق فى اختراق الآفاق” فقال، أسوان آخر بلاد الصعيد الأعلى، وهى مدينة صغيرة عامرة، كثيرة الحنطة، وسائر أنواع الحبوب والفواكه، والدلاع (نوع مـن البطيخ) وسائر البقول، وبها اللحوم الكثيرة مـن البقر والحملان والماعز والخرفان العجيبة البالغة فى الطيب والسمن، مع رخص أسعارها، وبها تجارات وبضائع، فى إشارة الي كونها كانـت مركزا للتجارة بين مصر والسودان.
وهكذا فقد ورد اسم أسوان ووصفها وذكر معالمها وتاريخها فى عشرات المصادر مـن المؤلفات التى وضعها رحالة ومستشرقون وعلماء آثار وجغرافيون عرب وأجانب.
ووفقا للمصادر فإن لكل منطقه أو إقليم مـن أقاليم مصر مُمَيَّزَاتٌ امتاز بها فى عصر معين، اما منطقه أسوان فقد انفردت بمميزات لم تتغير بتغير الدول والعصور، بجانب ان موقعها الجغرافي فرض على أهلها الكفاح منذ العصر الفرعوني.
معالم قبطية وإسلامية
وإذا كانـت أسوان تشتهر بآثارها التى شيدها حكام مصر القديمة والفراعنة الكبار؛ مثل: الملك رمسيس الثانى، فإنها احتلت مكانة كبيرة منذ ان دخل الإسلام مصر، وقد عثر بها على شاهد قبر يرجع الي سنة 31 هـ، كَمَا عثر فى أسوان على شواهد قبور أخرى مكتوب عليها الاسم ثم تجيء بعده كلمة الأنصاري، ومعنى ذلك ان مدينة أسوان سكنها أقوام مـن العرب مـن القرن الاول الهجري ممن عاصروا الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم-، وسكن أسوان قبائل مـن قحطان ونزار وربيعة ومضر والأنصار وبني هلال، وكثير مـن القرشيين ممن وفدوا مـن الحجاز.
وهكذا فإن الآثار الباقية فى أسوان لا تقتصر على المعابد والمقاصير المصرية القديمة، وكذا البطلمية والرومانية، بل هناك آثار عديدة قبطية وإسلامية كانـت موضوعا للعديد مـن البحوث والدراسات التى أرخت لتلك الآثار، وقدمت وصفا دقيقا لما احتوت عليه مـن مبان وعمائر، كَمَا أنها توجد على الخريطة السياحية للمحافظة.
ونذكر مـن الآثار القبطية فى أسوان –على سبيل المثال–: دير الأنبا سمعان الذى يطلق عليه أهل اسوان اسم الأنبا هدرا نسبه الي رئيس الرهبان الذين عاشوا فى القرن 5 م .
وحول عالم أسوان الإسلامية، فإن هناك مزارات إسلامية باتت اليـوم مقصدا لكثير مـن السياح، وقد بات ضريح الأغا خان هو مدفن آغا خان الثالث (السلطان محمد شاه)، المتوفى سنة 1957، ويوجد على ضفة النيل فى مدينة أسوان المصرية، بات هذا الضريح المستوحى مـن تصميم المقابر الفاطمية المصرية، على مـن المعالم التى تشتهر بها المحافظة، تقول المصادر، إن أسوان عرفت أقدم كتابة على الحجر فى مصر الإسلامية، وهكذا فقد عرفت أسوان معالم أثرية ترجع لكل الحضارات.