أخبار عالميةأخبار عربيةأخبار فلسطينالاخبار العربية والعالمية

ما اهميه سيطرة الجيش السوداني على مقر الإذاعة والتلفزيون؟ | سياسة سام نيوز اخبار

الخرطوم- بعد نحو 11 شهرا مـن القتال فى العاصمة السودانية، استعاد الجيش السيطرة على مقر الإذاعة والتلفزيون فى أم درمان مـن قوات الدعـم السريع، فى معركة عدها مراقبون تحولاً فى مسار الحرب، لما سيكون لها مـن تأثير عسكري ونفسي.

يقع مقر الإذاعة والتلفزيون فى شرق مدينة أم درمان، ثاني أكبر مدن العاصمة السودانية الخرطوم، حيـث كانـت تحرسه قوات الدعـم السريع قبل بدء الحرب فى منتصف أبريل/نيسان الماضي، ويطل المبنى على نهر النيل ويجاوره المسرح القومي، ويضم أيضا مقر قناة النيل الأزرق، التى تشترك فى ملكيتها الحكومة وشركة خاصة.

وتواجه البوابة الشمالية لمبنى الإذاعة والتلفزيون، منزل رئيس الوزراء السابق وزعيم حزب الأمة الراحل الصادق المهدي، واستخدمته قوات الدعـم السريع مخزنا للأسلحة والمعدات العسكرية، كَمَا اثناء مقر الإذاعة والتلفزيون مسرحا لعمليات عسكرية موسعة بين طرفي النزاع المسلح، حيـث اتخذته قوات الدعـم السريع ثكنة عسكرية وموقعا لاحتجاز أسرى مدنيين وعسكريين، بينما كان الجيش يعمل الموقـع باستمرار عَنْ طريق المدفعية الثقيلة والطيران.

وباستعادة مقر الإذاعة والتلفزيون، يكون الجيش السوداني قد أكمل سيطرته على أحياء أم درمان القديمة، وتمدد جنوبا مـن “محلية كرري” شمال أم درمان، التى ظلت آمنة وتؤوي عددا كبيرا مـن المواطنين الذين نزحوا اليها مـن جنوب المدينة وغربها، ويتخذها حاكم ولاية الخرطوم احمد عثمان حمزة مقرا لحكومته.

***داخليبه**** مركبات قتالية للدعم السريع دمرها الجبش في غرب مبنى الاذاعة مصدر الصور: الاعلام العسكري
مركبات قتالية للدعـم السريع دمرها الجيش السوداني غرب مبنى الإذاعة والتلفزيون (الإعلام العسكري)

تفاصيل المعركة

روى مسؤول عسكري فى غرفه عمليات الجيش للجزيرة نت ان “مليشيا الدعـم السريع كانـت تستخدم مبنى الإذاعة والتلفزيون مركزا للقيادة والسيطرة، وأقامت فيه قيادات عسكرية كبيرة، كانـت تشرف على منطقه أم درمان”.

ويوضح المتحدث ذاته أنه “بعد ترصد الجيش فى منطقه أم درمان القديمة، واستعادة السيطرة على غالبية المنطقة، وتضييق الخناق على الدعـم السريع، انسحب بعض قادتهم بمركباتهم القتالية الي مبنى الإذاعة، وكان بإمكان الجيش تدميره فوق رؤوسهم، لكن المبنى يحتوي أرشيفا تاريخيا وتسجيلات نادرة”.

ويكشف المسؤول العسكري -الذى طلب عدم الاعلان عَنْ هويته- ان “قيادة المليشيا حاولت ان تخدع الجيش عندما أبلغت اللجنة الدولية للصليب الأحمر ان لديها أسرى فى مبنى الإذاعة، ومستعدة لتسليمهم بشرط السماح لهم بانسحاب آمن، ووافق الجيش على تسلم اى أسير بشرط استسلام القوات قبل السماح له بالخروج”.

ويضيف المسؤول نفسه ان “القوات حاولت الخروج بعملية عسكرية فى الساعات الأولى مـن فجر الثلاثاء، بأكثر مـن 120 مركبة عبر طريقين، ولكن تم تدمير أكثر مـن 80 مركبة بـ7 مسيّرات وصواريخ وقوات راجلة، والاستيلاء على نحو 40 مركبة بأسلحتها وعتادها، مما أدى لمقتل وإصابة أكثر مـن 200 مـن المسلحين، بينهم قيادات ميدانية بارزة قريبة مـن قائد الدعـم السريع محمد حمدان دقلو -حميدتي- ونائبه عبد الرحيم دقلو“.

ويفيد المسؤول العسكري بأن “معركة الإذاعة كشفت ان قوات المليشيا تعاني مـن نقص فى الذخائر، وتأثرت بغياب قيادتها وعدم التواصل معهم، وعدم صرف أجورهم منذ أغسطس/آب الماضي، وكانوا فى روح معنوية سيئة، ويعتقدون ان قيادتهم دفعتهم للمحرقة، ولم تستطع إمدادهم ونجدتهم بعد محاصرتهم لأسابيع”.

ويرى ان “قيادة الدعـم كانـت مهتمة بمعركة الإذاعة، وبمنطقة أم درمان القديمة، وأرسلت مجموعتين عسكريتين مـن دارفور بقيادة قائدهم فى ولاية جنوب دارفور صالح الفوتي، ولكنه لم يستطع ان يفعل شيئا، وتم هزيمتهم وفروا مـن ميدان المعركة”.

ويضيف “بعد استكمال السيطرة على منطقه أم درمان القديمة وتأمين محلية كرري كاملة، تبقت أمامهم أحياء أم بدة فى غرب أم درمان ومدينتا البستان والنخيل، وأحياء الفتيحاب وصالحة فى جنوبها، وسيؤدي تحريرها الي اعلن 70% مـن معركة العاصمة بمدنها الثلاث”.

-صورة جنديين من الجيش يذرفان الدموع فرحا بانتصار الجيش في أم درمان. المصدر: الإعلام العسكري
جنديان مـن الجيش السوداني يذرفان الدموع فرحا بالانتصار فى أم درمان (الإعلام العسكري)

انتصار مهم

مـن جهته، صرح الجيش السوداني سيطرته على مقر الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، بعد معارك ضارية قادها امام الدعـم السريع، تم فيها تدمير قوة عسكرية كبيرة كانـت تخطط للهروب مـن المقر الذى اثناء محاصرا لعدة أسابيع.

وجاء فى بيـان المتحدث باسم الجيش ان “قواتكم المسلحة والقوات النظامية الاخرى وأبناء بلادنا الذين يعملون جنبا الي جنب معها، تمكنوا اليـوم مـن انتزاع مقر الهيئة القومية للإذاعة والتلفزيون، ذاكرة ووجدان الأمة السودانية، مـن دنس مليشيا آل دقلو الإرهابية، والمرتزقة مـن الدول الاخرى”.

وبثت منصات للجيش السوداني والإعلام العسكري مقاطع فيديـو وصورا تظهر سيطرة الجيش على مقر الإذاعة والتلفزيون، وتدمير العشرات مـن مركبات الدعـم السريع والاستيلاء على أخرى، كَمَا ظهر بعض مسلحي القوات وهم يهربون مـن القذائف المدفعية والقنابل التى تطلقها الطائرات المسيّرة.

كَمَا استولى الجيش على أجهزة تشويش على المسيّرات ومضادات طائرات، كان يستخدمها مقاتلو الدعـم السريع المتحصنون فى المبنى، وأظهر مقطع فيديـو قائد منطقه أم درمان العسكرية اللواء الظافر عبد الرحمن وهو يصل علم السودان على البوابة الرئيسية للمبنى، وسـط هتافات تكبير وتهليل قواته.

قوات الدعـم السريع سبق ان استولت على مدينة ود مدني دون مقاومة تذكر مـن القوات الحكومية (الفرنسية)

اعتراف بالهزيمة

فى المقابل، أقر مستشار قوات الدعـم السريع عمران عبد الله بخسارة مبنى الإذاعة والتلفزيون، وقال مـن اثناء حسابه فى منصه “إكس” إن “قوات الدعـم السريع خسرت الإذاعة ولم تخسر المعركة برمتها”، بسـبب ما أسماه “خرق الجيش لهدنة رمضان”، التى أقرها مجلس الأمن الدولى الاسبوع الماضي، وذكر ان قيادة الدعـم السريع التزمت بقرار مجلس الأمن “مـن اجل تهيئة الظروف للمدنيين لصيام الشهر الكريم، ولتسهيل وصول المساعدات الإنسانية”.

وأضاف المستشار ان “الجيش ومن خلفه كتائب المؤتمر الوطني تنصلت مـن هذا العهد والالتزام الأخلاقي، وغدرت بقوات الدعـم السريع وهاجمتها فى محور الإذاعة، على الرغم مـن التزامها مسبقا بوقف الاعلان النار”، وأضاف “بذلك لم تخسر القوات المعركة برمتها، وبالمقابل كسبت احترامها امام الجمهور السوداني والمجتمع الدولى والإقليمي”.

ويرى المحلل السياسي ورئيس تحرير جريدة التيار عثمان ميرغني ان سيطرة الجيش السوداني على مقر الإذاعة والتلفزيون يعتبر “نقطه تحول جديدة فى سير الحرب”، وقال إنه يعتقد ان “الجيش نجح فى تحقيق نصر عسكري كثير، رفـع الروح المعنوية للمواطنين قبل الجنود، واستعاد الثقة التى اهتزت بالانسحاب السهل مـن مدينة مدني، عاصمة ولاية الجزيرة فى منتصف ديسمبر/كانون الاول الماضي”.

ويضيف فى حديثه للجزيرة نت “فى تقديري الان بداية النهايه للمعارك العسكرية، ولا تزال المعركة الأكبر هى المعركة السِّيَاسِيَّةُ، التى تتطلب النظر بحكمة لمستقبل السودان”، وشدد على ضرورة بدء مرحلة سياسية للتمهيد لما بعد الحرب، بتشكيل حكومة مدنية وبناء مؤسسات الدولة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى