أخبار عالميةأخبار عربيةأخبار فلسطينالاخبار العربية والعالمية

ما تعويم العملة الوطنيه؟ | اقتصاد سام نيوز اخبار

تعويم العملة، هو تركها لآليات العرض والطلب، بدون تدخل مـن البنك المركزى فى تحديد سعرها، ولكن هذا المعنى لا وجود له فى الواقع، حتـى مع العملات المعومة، والمعروفة بالعملات الصعبة وهي: الدولار الأميركي، واليورو الأوروبي، والجنيه الإسترليني البريطاني، والين الياباني، والفرنك السويسري، فهذه البلدان وإن كانـت تتم بها التسويات المالية العالميه فى الغالب، ويتم تداولها فى بورصات النقد الدولية، إلا ان حكوماتها عادة ما تستهدف سعرا معينا يحقق مصالحها الاقتصاديه، وتعمل على تثبيته بشكل غير مباشر عبر آليات السياسة النقدية المتنوعة.

ما أنواع تعويم العملة؟

يوجد نوعان مـن التعويم، الاول الذى أشرنا إليه فى تعريف تعويم العملة، وهو التعويم المطلق، والنوع الثانى هو التعويم المدار، اى الذى يتدخل فيه البنك المركزى، لتوجيه سعر الصرف ارتفاعا وانخفاضا، حسبما يراه محققا لمصلحة الاقتصاد القومي.

والتعويم المدار عادة ما تمارسه الدول صاحبة الاقتصادات الكبيرة، والتي لديها حصة معتبرة مـن التجارة الدولية، فتتجه لهذا النوع لكي تستهدف زيادة أو خفض الواردات أو الصادرات السلعية.

واستخدم هذا الامر بينما يعرف بحرب العملات التى شهدها الاقتصاد العالمي بعد الأزمة المالية الدولية لعام 2008، مـن اجل تعظيم الصادرات وتقليص الواردات، وقد تلجأ الي التعويم المدار الدول ذات الاقتصادات الضعيفة أيضا، ولكن يكلفها ذلك أعباء مالية واقتصادية كبيرة، وهو ما يتحقق فى الحالة المصرية، التى تلجأ لاستثمارات الأجانب فى الدين المحلي، مـن اجل استقرار سعر صرف الجنيه.

لماذا تلجأ الدول لتعويم عملتها وما علاقته بصندوق النقد؟

تلجأ الدول الي سياسة تعويم عملتها، فى حالة معاناتها مـن أوضاع مالية واقتصادية غير مستقرة، وهو ما يؤدي الي جعل حيازة العملات الأجنبية، أحد العوامل الهامة فى اضطرابات السوق، حيـث تكثر المضاربات، ويخرج أمر سعر صرف العملة عَنْ يد البنك المركزى والجهاز المصرفي، ويكون بيد السوق الموازية أو السوداء.

مـن هنا تجد الدولة نفسها امام التزامات أكبر مـن طاقتها، بينما ان المتاح مـن موارد للنقد الأجنبي بالبلاد خارج سيطرتها، وفي يد غير يد البنك المركزى والجهاز المصرفي والمؤسسات المالية، لذلك تلجأ الي تعويم العملة فى اطار برنامـج اقتصادي، لمحاولة الوصول الي حالة مـن الاستقرار السياسي.

وعرف، مـن اثناء المتابعة والممارسة، ان تعويم العملة فى الاقتصادات المضطربة يأتي مـن اثناء وصايا صندوق النقد الدولى، أو فى اطار ما عرف بأجندة صندوق النقد التى عادة ما تتضمن حزمة مـن الإجراءات، مـن بينها تعويم سعر العملة، مع تحرير سعر الفائدة، وتقليل عَدَّدَ العاملين بالقطاع العام، وتبني برنامـج لخصخصة القطاع العام، وتحرير التجارة الخارجية، وفتح المجال امام الاستثمارات الأجنبية.

Egyptian pounds and American dollars closeup
الجنيه المصرى والدولار الأميركي (شترستوك)

كيف يحدد سعر صرف العملة؟

منذ عَامٌ 1971 تخلى العالم عَنْ قاعدة الذهب فى تحديد سعر صرف العملات، وأصبحت هناك سلة مـن المحددات لسعر صرف العملة، أولها رصيد النقد الأجنبي، ورصيد الذهب، وأداء الناتج المحلي الإجمالي، فالدول التى لديها ناتج محلي يتمتع بقيمة مضافة عاليه تزيد قيمة عملتها بشكل كثير، حيـث يتم الطلب على منتجاتها بالخارج، فيزيد ما لديها مـن عملات أجنبية، لذلك تسعى البنوك المركزية لتكوين رصيد مـن النقد الأجنبي والذهب، يساعد على الوصول لسعر صرف متوازن يحافظ على مصالحها الاقتصاديه مع الخارج، ويعمل على تنشيط الاقتصاد المحلي، ويحافظ على مقدرات المجتمع مـن المدخرات والثروة.

وهناك عدة أنواع لسعر الصرف، أولها سعر الصرف الإداري، وهو لا يعتمد على آليات العرض والطلب، ولكن يعتمد على قرار مـن السلطة النقدية بسعر محدد. والثاني سعر الصرف الحر، وهو على النقيض، حيـث يتم تحديد سعر صرف العملة بناء على آليات العرض والطلب ودون تدخل مـن السلطة النقدية.

والنوع الثالث سعر الصرف المدار، حيـث تتدخل السلطة النقدية فى تحديد سعر الصرف مـن اثناء آلية السوق المجانية، والتي تعني ان السلطة النقدية تدير السوق مـن اثناء تدخلها بيعا وشراء للوصول لسعر متوازن ترى أنه يحقق صالح الاقتصاد القومي، فعندما ترى ان سعر الصرف للعملة الأجنبي فى صعود، تتدخل بطرح ما لديها مـن عملة أجنبية لتزيد العرض فينخفض السعر، وإذا رأت ان سعر صرف العملة الأجنبية ينخفض أكثر مـن سعر التوازن، تتدخل بالشراء لتحافظ على توازن السوق عند السعر المستهدف.

selective focus of Saudi Arabia currency with USA currency and Egypt currency banknotes. blurred money . Saudi Arabia riyals, Egyptian pounds and American dollars exchange rate.
الدولار وسـط عَدَّدَ مـن العملات المتنوعة (غيت)

ما إيجابيات التعويم؟

تعويم سعر العملة فى اثناء الاقتصادات النامية يعد بمثابة مجازفة غير محسوبة العواقب، وبخاصة إذا تم فى دَوْلَةٌ ذات نظام سياسي ضعيف، لا يتمتع بالشفافية وإعمال دَوْلَةٌ القانون.

ولكن فى اطار الأبعاد الاقتصاديه، ثمة مجموعه مـن الإيجابيات يمكن ان تتحقق مـن عملية تعويم العملة، أولها وأشهرها القضاء على السوق السوداء، لأن المتعاملين يجدون أمامهم سعر صرف واحدا فى البنوك والمصارف ولدى جميع المتعاملين فى العملات الأجنبية.

والأمر الثانى ان التعويم يساعد فى القضاء على ظاهرة سلبية وهي الدولرة، اى اتجاه المواطنين للاحتفاظ بالدولار، أو السعي لشراء الدولار بدون وجود حاجة، ولكن غرضهم الرئيسي هو الحفاظ على مدخراتهم، أو المضاربة على سعره، للحصول على أرباح.

ما سلبيات التعويم؟

اتخاذ قرار تعويم العملة، فى اثناء ظروف اقتصادية مضطربة، عادة ما يصاحبه مجموعه مـن السلبيات على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي، وأولى هذه السلبيات صعود نسبه التضخم، وسيادة حالة مـن الركود والترقب للوصول لرصد حقيقي لحركة السوق، لذلك ترتفع نسبه البطالة فى الأجل القصير، كَمَا يتضرر كل مـن المنتجين والمستوردين، بسـبب صعود فاتورة الإنتاج والاستيراد، وكذلك يصاب الدائنون بصدمة كبيرة لانخفاض ثرواتهم المتمثلة فى الديون المستحقة لهم على الآخرين، وأيضا تتضرر الدولة المدينة للخارج، وترتفع فاتورة سداد فاتورة أعباء ديونها الخارجية، وبخاصة فى اثناء فقر مواردها مـن النقد الأجنبي.

تعويم العملة هو تركها لآليات العرض والطلب لتحديد قيمتها مقابل العملات الاخرى (شترستوك)

مـن الرابحون؟

يأتي فى مُقَدَّمَةٌ الرابحين، مـن تعويم العملة، مـن لديهم مدخرات سابقة بالعملات الأجنبية، حيـث تتضاعف ثرواتهم، ويعمدون فور حدوث عملية تعويم العملة الي شراء الأصول، مـن عقارات أو مصانع أو مزارع أو سيارات، بسـبب الثروة التى هبطت عليهم جراء تعويم العملة.

وثاني فئة هى المدينون، وبخاصة أصحاب المديونيات المستحقة للبنوك وللجهات المالية الرسمية، حيـث يمكنهم سداد ديونهم بأقل مـن قيمتها الحقيقية التى حصلوا بها على الديون، ويستطيعون ببيع بعض ما لديهم مـن أصول ان يسددوا جزءا كبيرا مـن ديونهم.

والفئة الثالثة هى التجار الكبار، أو ما يطلق عليهم تجار الجملة أو الوكلاء، أو المستوردون الكبار، الذين لديهم مخزون كثير مـن السلع، حيـث يقومون برفع أسعار ما لديهم مـن مخزون سلعي وفق الأسعار الجديدة بعد التعويم.

والفئة الرابعة هى المنتجون الذين يستهدفون التصدير، ويعتمدون فى إنتاجهم على المستلزمات المحليه، بشرط ان يكون لديهم مرونة إنتاجية عاليه تلبي الطلب على السلع المحليه، بعد التعويم، حيـث يكون المستوردون لسلع الدولة التى تم فيها التعويم متحفزين للاستفادة مـن ميزة هبوط قيمة العملة، للحصول على كميات أكبر مـن السلع بنفس القيمة مـن العملات الأجنبية التى كان يستوردون بها جاء الى.

والفئة الخامسه المستفيدة هى الحكومة، مـن اثناء هبوط قيمة ديونها المحليه بشكل كثير، وهو ما يخفف الأعباء عَنْ الموازنة العامة للدولة.

يعتبر الدولار اهم العملات التى تهتم الدول على الاحتفاظ بمخزون منها (الجزيرة)

مـن الخاسرون؟

تتضرر مجموعه مـن المواطنين، دَاخِلٌ الدولة التى أخذت بسياسة تعويم عملتها، وفي مُقَدَّمَةٌ هؤلاء أصحاب المدخرات بالعملات المحليه، حيـث إن مدخراتهم تقل قيمتها الشرائية بمقدار هبوط قيمة العملة بعد التعويم، فهم بالفعل يفقدون جزءا مهما مـن ثرواتهم.

والفئة الثانية هى الدائنون بعملات محلية، حيـث إن قيمة ما لديهم مـن ديون مستحقة لدى الغير تقل قيمتها الحقيقية بعد التعويم، فما يحصلون عليه لا يعوضهم عَنْ القيمة الحقيقية لديونهم التى يستحقونها، لذلك تعتـبر الديون لآجال طويلة فى هذه الحالة خسارة كبيرة للدائنين.

والفئة الثالثة هى أصحاب السلع التى لا يمكن رفـع سعرها بمعدل يساوي قيمة الانخفاض الحادث فى قيمة العملة نتيجه التعويم، فمثلا العقارات، كسلعة رأسمالية، مـن الصعب رفـع سعرها بنسبة 100% اثناء أيام قليلة، لذلك يتعرض سوق مثل هذه السلع لحالة ركود كبيرة.

والفئة الرابعة هى المستوردون، حيـث يجدون أنفسهم امام فاتورة مرتفعة للسلع التى يريدون استيرادها، ويتضرر معهم المنتجون الذين يعتمدون على مستلزمات إنتاج مستوردة، حيـث يضطرون لرفع أسعار سلعهم بمقدار الارتفاع فى سعر العملات الأجنبية، وهو ما يؤدي الي عدم قدرتهم على المنافسة فى السوق المحليه، أو السوق الدولية، لذلك تنكمش الأنشطة الصناعية فى اثناء تعويم العملة، وتنتعش أنشطة التجارة والخدمات.

الفئة الخامسه المتضررة هى الموظفون، وأصحاب الدخول الثابتة، لأن رواتب الموظفين لا يمكن زيادتها بنفس القدر الحاصل فى هبوط قيمة العملة نتيجه التمويل، ومن الصعب ان يقوم صاحب العمل بالحكومة أو القطاع الخاص ان يصل الرواتب بنسبة 50% أو 100% مثلا، فما بالنا إذا كان التعويم يؤدي الي هبوط قيمة العملة لأكثر مـن 580% كَمَا هو حال السودان؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى