الاخبار العربية والعالمية

“ما تقدمه فلسطين للعالم”.. معرض لآمال وآلام شعبها فى باريس | ثقافة سام نيوز اخبار

يواصل المعهد العربي فى باريس إستقبال زواره فى معرض “ما تقدمه فلسطين للعالم” لإطلاعهم على الإرث الثقافي والفني للفلسطينيين؛ مـن اثناء أعمال فنية لآمالهم وصور لواقعهم الأليم تحت الاحتلال.

ويرى رئيس المعهد جاك لانغ -الذى أُعيد انتخابه قبل أيام للدورة الرابعة- ما يحدث فى غزة حاليا جراء “العدوان” الإسرائيلي أنه “كارثة”.

والمعهد هو مركز ثقافي وواجهة دبلوماسية يديرها لانغ منذ 2013 ويقع على ضفة نهر السين فى باريس.

وأشار لانغ، الذى شغل سابقا منصب وزير الثقافة بفرنسا، الي ان المعرض هو إهداء للشعب الفلسطيني، ومُدّد ليستقبل مزيدا مـن الزوار حتـى 31 ديسمبر/كانون الاول الحالي.

لوحات بمعرض “ما قدمته فلسطين للعالم”. (الأناضول)

ويضم المعرض، الذى افتُتح أواخر مايو/أيار الماضي، حسب لانغ العديد مـن المعارض الفرعية عَنْ فلسطين وعن غزة بالتحديد، مـن بينها معرض الصور اليومية عَنْ الحياة فى غزة.

كَمَا يشتمل على معرض “الصور الفوتوكرومية” القائم على تلوين صور مـن فلسطين تعود للقرن الـ19.

ويعرض الفنان الفلسطيني محمد أبو سل عملا فريدا بعنوان “مترو غزة”، وهو عبارة عَنْ عمل تركيبي متعدد الوسائط، لاقى إعجابا مـن الزوار.

ويحضر الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش مـن اثناء أشعاره فى أروقة المعرض، الي جانب الكاتب والشاعر الفرنسي الملقب بعاشق فلسطين جان جينيه.

قصيدة لمحمود درويش فى معرض “ما قدمته فلسطين للعالم” (الأناضول)

ومن الأعمال التى لاقت إعجاب الزوار عمل فني بعنوان “بيوت غزة 2008-2009” عرضت فيه صور منازل فى القطاع تدمرت بفعل القصف الإسرائيلي على غزة فى 2008 و2009.

وقال لانغ لوكالة الأناضول “أريد مـن المعرض ان يظهر الغنى الثقافي والإبداع لدى الجمهور الفلسطيني مـن جميع النواحي”.

ركن “أجساد وعوائق” فى معرض “ما قدمته فلسطين للعالم” (الأناضول)

وأشار الي ان “اسم الجمهور الفلسطيني اقترن بالحرب ومن النادر ان يُسلط الضوء على ثقافته وفنه”.

ويضم المعرض -أيضا- “المتحف الفلسطيني فى المنفى” وأسس بالتعاون مع المؤرخ، سفير فلسطين الأسبق لدى اليونسكو إلياس صنبر.

لوحات فنية بمعرض “ما قدمته فلسطين للعالم” فى باريس (الأناضول))

ويضم تحفا تُبرع بها للمتحف لمدة 5 اعوام بإشراف المعهد العربي، وقال لانغ تعليقا على هذا المتحف “نأمل ان نتمكن يوما ما مـن عرض هذا المتحف فى القدس”.

وبيّن لانغ ان المعرض حظي باهتمام كثير مـن الفرنسيين لا سيما الشباب، قائلا “أريد التعريف أكثر بفلسطين، ثمة كثير مـن البيانات المغلوطة حيال القضية الفلسطينية”.

وأضاف رئيس المعهد العربي “دُمّر العديد مـن المنازل والأحياء فى غزة المعروضة صورها فى المعرض”.

صور مـن معرض “ما قدمته فلسطين للعالم” (الأناضول)

وختم بالقول “اعتقد ان وجود هذه الصور والأعمال هنا أمر جيد مـن اجل إبقاء الأمل لدى فناني غزة”.

كتاب جماعي

وكان المعهد قد أصدر كتابا جماعيا قبل شهور قليلة بعنوان “ما تقدمه فلسطين للعالم”، وصدر باللغة الفرنسية ضوء السلسلة الدورية “عربوراما” بالاشتراك مع دار النشر الفرنسية “سوي” (Seuil).

ضـم الكتاب مجموعه مـن المقالات الصحفية والدراسات الفكرية والبحوث الاجتماعية والقصائد الشعرية والصور والخرائط التوضيحية والرسومات الفنية واللوحات التشكيلية، لنخبة رائعة مـن الصحفيين والمفكرين والكتاب والشعراء والفنانين والرسامين والمؤرخين والباحثين العرب والأوروبيين، التى تتغنى كلها بحب سيدة الأرض “فلسطين”، وتحاول ان ترسم لها بالحرف والريشة صورة تتراوح بين الحلم والواقع.

كتاب جاك لانغ رئيس معهد العالم العربي بباريس بعنوان ما ستقدمه فلسطين
الكتاب الجماعي “ما تقدمه فلسطين للعالم” صدر حديثا ضوء السلسلة الدورية “عربوراما” عَنْ معهد العالم العربي (الجزيرة)

وطن لا ينتمي لنفسه

والكتاب القيّم أسهم فيه 50 مبدعا على غرار المثقف والكاتب إلياس صنبر، والكاتبة وسفيرة فلسطين السابقة لدى اليونسكو ليلى شهيد، والمفكر والكاتب والصحفي الفرنسي المعروف آلان غريش، والكاتب والشاعر عبد اللطيف اللعبي، والفنانة التشكيلية أصالة شوك صاحبة الغلاف المميز للكتاب.

يسعي الكتاب ان يحفر “أركيولوجيا” وتاريخيا و”أنثروبولوجيا” وأدبيا وفنيا فى مسار وطن تحوّل الي رمز، وفكرة تحولت الي قضية، وقضية توحّدت بشعب، وشعب فاض عَنْ الأرض وتاه فى المنفى والشتات والكون، باحثا عَنْ صورة واقعية مطابقة لوطنه الأم المسلوب والمحاصر، فوجد نفسه فى رحلة بحثه عَنْ حق وحلم ومفتاح العودة يستقبل أبوابا جديدة، ويكتشف قارات فكر بكر، ويخلق أوطانا وليدة فى روحه وقلبه المتنصل مـن المكان والزمان والانتماء، استحضارا لصرخة الشاعر الرمز محمود درويش “كل قلوب الناس جنسيتي.. فلتسقطوا عني جواز السفر”.

يقول الكاتب كريستوف عياد فى مُقَدَّمَةٌ الكتاب “فى الوقت الذى تبدو فيه فلسطين مهجورة مـن الجميع، بدءا مـن الدول العربية، اخترنا العودة اليها بطبيعة الحال للتحدث عَنْ شعبها المشتت بسـبب التَّارِيخُ والحدود. وأردنا مسح أراضيها المقسمة بين غزة والضفة الغربية على ان تكون القدس مركزا لا يمكن تعقبه. هذه الأراضي التى ضمها الاحتلال الإسرائيلي وابتلعها جدار الفصل العنصري. بعد ان أصبحت رمزا للاستعمار فى عالم يمر بعملية إنهاء الاستعمار فى النصف الثانى مـن القرن الـ20، فإن فلسطين لا تنتمي الي نفسها. إنها قضية ومصدر إلهام للعالم كله. الكوفية علم الثوار فى العالم، والفلسطيني لم يعد مجرد جنسية مـن دون دَوْلَةٌ، بل هو رمز الرفض والانصياع والمقاومة”.

جاك لانغ رئيس معهد العالم العربي بباريس مع كتاب ما ستقدمه فلسطين للعالم
جاك لانغ رئيس معهد العالم العربي بباريس مع كتاب “ما تقدمه فلسطين للعالم” (الجزيرة)

مـن جانبه أشار جاك لانغ رئيس معهد العالم العربي بباريس الي ان المعهد أراد مـن اثناء هذا الكتاب الجماعي تقديم صورة إيجابية عَنْ فلسطين؛ لانه كثيرا ما يختصر الجمهور الفلسطيني فى النضال وفي المعاناة والحصار، ولكن يُتغافل عَنْ الجانب الإبداعي الثقافي لهذا الجمهور الذى يرصد الأفكار الجديدة المتميزة والإبداعات المتفردة الي العالم.

وأشار لانغ -فى حديثه السابق للجزيرة نت- الي ان المعهد أراد ان يرصد هذا الإرث الثقافي المتميز فى أبهى صورة الي القراء، خاصة وهو يحمل قيمة كبيرة للثقافة العالميه، ومن هنا جاء عنوان الكتاب “ما تقدمه فلسطين للعالم” كشكل مـن أشكال الاعتراف بإبداعات الجمهور الفلسطيني، وإضافاته الكبيرة الي الثقافة العربية والإنسانية.

وأضاف “الوضعية المعقدة والظلم الذى يعيشه الجمهور الفلسطيني ليس وليد اليـوم، وإنما هو نتيجه تراكمات تاريخية طويلة ومنذ عقود. وما يبعث على الحيرة والأسف فى الوقت نفسه أننا لاحظنا هذا النسيان الدولى الذى تتعرض له القضية الفلسطينية العادلة، حتـى مـن بعض الدول العربية نفسها. ومن هنا جاء هذا الكتاب، حتـى نذكّر بهذه القضية وما يعيشه الجمهور الفلسطيني مـن ظلم ونسيان، ونعيدها الي مركز الاحداث والاهتمام الدولى”.

وأشار الي ان هذا الكتاب يحمل رسالة الي المجتمع الدولى عَنْ ضرورة الاعتراف بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وأولها الحق فى قيام دَوْلَةٌ فلسطينية مستقلة. وشدد على ان المجتمع الدولى منقسم اليـوم بخصوص القضية الفلسطينية، ولذلك جاء الكتاب بوصفه نوعا مـن الموقف والصرخة فى وجه هذه المواقف المشتتة، وفي وجه الظلم الذى يتعرض له هذا الجمهور، وهي صرخة تدعو المجتمع الدولى لضرورة عدم نسيان هذا الجمهور المثقف المبدع والمناضل بالأفكار الأصيلة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى