متى يبدأ طفلك تجربة الصوم؟ | أسرة سام نيوز اخبار
تظل مسألة صوم الأطفال أمرا خلافيا بين مؤيد ومعارض، حيـث المزيد مـن الحيرة بشأن تـدريــب الأطفال على الصوم تدريجيا أو الانتظار حتـى سن البلوغ لبدء تجربة الصوم الكامل، ليبقى السؤال مع دخول شهر رمضان كل عَامٌ، حول السن المناسبة للصيام، والطريقة المثالية لشرح معناه الديني والأخلاقي للأطفال، بحيث لا تكون التجربة شاقة.
أسئلة عديدة وإجابات أكثر تسوقها الدراسات العلمية مـن ناحية وأطباء الأطفال مـن جانب اخر، بشأن الصيام وتأثيره على الأطفال مـن النواحي المعرفية والإدراكية والبدنية، كل وفق عمره وصحته.
متى يصوم الأطفال؟
عشرات الأسئلة تمطر أطباء الأطفال بشأن السن المناسبة لصيام الأطفال، مـن بينهم الدكتور محمود بشير، استشاري طب الأطفال، وعضو الكلية الملكية بلندن، يقول للجزيرة نت: “ليس هناك دليل طبي واضح للرد على الأسئلة المتعلقة بصيام الأطفال بنسبة 100%، لذلك ألجأ أنا وغيري مـن الأطباء الي خبراتنا، وتجاربنا الطبية القائمة على الملاحظة والمعايشة مع الأطفال فى هذا الشأن.
يفرق بشير بين نوعين مـن صيام الأطفال، الصيام كفكرة وفعل، يقول: “حصر فكرة الصيام فى منع الأطفال عَنْ الطعام هو نقطه البداية مـن اجل اعلن الحيرة التى تسيطر على الآباء والأمهات بشأن السن المناسبة لهذه التجربة، بينما الصيام كفكرة يجب ان نبدأ فى تعليمها للطفل بمجرد اكتمال إدراكه وقدرته على الفهم والتواصل”.
وتابع “هكذا يبدأ الوالدان فى شرح معنى الإيمان والعزيمة، والثبات امام المغريات، والتمسك بالأخلاقيات وكبح جماح النفس، والصيام عَنْ الأفعال السيئة فى سن مبكرة، ليتعلم الطفل جوهر فكرة الصيام، ومع الوقت، وتقليدا لمن حوله، سيحاول ان يصوم فيبدأ بالصيام التدريجي لعدة ساعات وصولا الي العمر الذى يمكن ان يصوم فيه صياما كاملا”.
وأضاف “بشير”، “هنا تختلف الآراء حيـث يرى البعض أنه ببلوغ الطفل عمر الـ10 اعوام يمكنه ان يصوم صياما كاملا، إن كانـت حالته الصحية تسمح بذلك، بينما يرى آخرون ان الصيام الكامل يتزامن مع البلوغ، وهو ذاته سن التكليف وهو فى المتوسط عند 12- 14 عاما تقريبا، ولا أنصح ان ينتظر الأهل كل هذا الوقت لزرع فكرة الصيام ومعناه عند الطفل”.
وينصح عضو الكلية الملكية بلندن بالبدء، عند السن المناسبة بعد التأكد مـن الحالة الصحية الجيدة للطفل، بالصيام التدريجي، منذ الصباح الباكر وحتى الظهر ثم الي العصر، أو بالعكس مـن العصر الي المغرب، ثم مـن الظهر الي المغرب وهكذا حتـى يشارك الطفل الأسرة لحظة الإفطار، مع التشديد على ضرورة الرجوع الي الطبيب فى حالة اصابه الطفل بأمراض مزمنة.
تأثير الصيام على الوظائف المعرفية للطفل
بعنوان “آثار شهر رمضان على الوظائف المعرفية لدى الأولاد الصغار”، اختبرت دراسة منشورة فى مايو/أيار 2023 فرضية ان الصيام اثناء شهر رمضان والذي يتضمن الامتناع عَنْ الطعام والشراب مـن الفجر وحتى غروب الشمس، قد يؤثر على الوظائف المعرفية الأساسية للتطور الفكري لدى الشباب.
وقد انطلق الباحثون فى هذه الدراسة مـن تلك الفرضية لفهم آثار الصيام على الوظائف العقلية، لدى الأطفال والمراهقين، وتحديدا على الوظائف المعرفية لدى الأطفال، بما فى ذلك سرعة معالجة البيانات، واتخاذ القرار، وعمليات الانتباه السمعي بين الأطفال والمراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 11 و15 عاما.
وأشارت الدراسة التى أجريت على 24 طفلا /مراهقا يتمتعون بصحة جيدة، الي ان الصيام لم يؤثر على اى مـن سرعة المعالجة، أو أوقات رد الفعل المتنوعة أو اتخاذ القرار، أو حتـى على الاستجابة للأحداث غير المتوقعة، ما يعكس الحفاظ على الوظيفة المعرفية للأطفال فى وقت الصيام.
النتائج ذاتها أثبتها مزيد مـن الدراسات، مـن بينها تلك التى بحثت أثر الصيام على التوتر والإدراك عند الأطفال مـن عمر 9 الي 11 عاما، والتي خلصت الي ان الصيام كان مفيدا فى الاستدعاء الفوري للذاكرة قصيرة المدى.
مع ذلك ينصح الخبراء بمجموعة مـن التدابير فى حال تزامن الصيام مع الدراسة، منها:
تخفيف الأنشطة البدنية والرياضية، تجنبا للجفاف والإرهاق، خاصة فى الأجواء الحارة.
المرونة مـن جانب المدرسة والمنزل، فى الواجبات المنزلية والامتحانات، عبر تخفيف الكميات، والتعاطف مع الأطفال الذين يحاولون المواءمة بين صيام أيام كاملة، ويوم دراسي كامل.
فوائد مثبتة وأضرار محتملة
برغم الفوائد المثبتة معنويا وبدنيا للصيام فى السن الملائمة للأطفال الأصحاء، فإن هناك بعض المحاذير التى يتوجب الانتباه لها قبل اتخاذ قرار الصيام بالنسبة للأطفال، أهمها:
- مستوى الحديد فى الدم، حيـث تشير دراسة حول الآثار الفسيولوجية والسلوكية العصبية لصيام رمضان لدى الأولاد فى مرحلة ما قبل المراهقة والمراهقة، الي أنه مقابل زيادة الأداء فى مهام الذاكرة العاملة مـن حيـث السعة والقدرة على التخطيط، كان هناك هبوط ملحوظ فى مستويات الهيموغلوبين ومصل الحديد بحلول الاسبوع الرابع مـن الصيام، لدى الصائمين مـن الأطفال فى مرحلة ما قبل المراهقة، بينما كان الوضع جيدا للأطفال فى مرحلة المراهقة، ما يتطلب الحيطة، ومراجعة الحالة الصحية للطفل، ونسب الحديد لديه، مع متابعة المؤشرات الخاصة به إن كان لا يزال بعد فى مرحلة ما قبل المراهقة.
- الإصابة بمرض السكري، ففي الوقت الذى يحرص فيه العديد مـن الأطفال والمراهقين المصابين بمرض السكري، مـن النوع الاول، على صيام شهر رمضان، ويستطيعون بالفعل صيام عَدَّدَ كثير مـن الأيام، إلا ان السيطرة على نسبه السكر فى الدم اثناء بقية أيام الشهر، وأيضا اثناء عيد الفطر تتدهور، ما يتطلب متابعة طبية دقيقة.
- ممارسة الرياضة اثناء الصيام، قد يكون لها أثر سلبي على الأطفال الصغار، حيـث يفضل ان يمارس الأطفال الرياضة بعد الإفطار فى حالة الصيام، وبحسب دراسة حول آثار الصيام على قدرة الأطفال على العدْو، تبين أنه يمكن للطفل ان يستعيد نشاطه الرياضي بالنهار بعد مرور اسبوعين، على الأقل.
- عَدَّدَ ساعات نوم الطفل، فمع حلول شهر رمضان، وتغير مواعيد الوجبات، تضطرب الساعة البيولوجية لدى المزيد مـن الأطفال، وهو الأثر الذى تناولته دراسة وضحت الي أنه فى بعض الأحيان ينخفض انتباه الطلبة بسـبب اضطراب أنماط النوم اثناء شهر رمضان، وهو ما يمكن تلافيه عبر ضبط عَدَّدَ ساعات النوم، وأوقاته.