الاخبار العربية والعالمية

مشهد تجاهله فيلم “أوبنهايمر”.. أميركيون متضررون مـن تجربة القنبلة الذرية | فن سام نيوز اخبار

كان ويسلي بوريس نائما بسلام فى سريره عندما انفجرت أول قنبلة فى العصر النووي على بعد 40 كيلومترا فحسب مـن منزله.

اجتاح ضوء ساطع منزله الواقع فى صحراء نيو مكسيكو بجنوبي غربي الولايات المتحدة، وما لبثت ان تحطمت نوافذه فجأة بفعل عصف الانفجار المذهل.

لم يعد ويسلي قادرا على رؤية اى شيء لشدة ما أبهره وهج الانفجار، وسأل والده “ماذا حدث؟ هل انفجرت الشمس؟”.

يشكّل هذا الانفجار، الذى وقع فى 5:30 مـن صباح 16 يوليو/تموز 1945 وما سبقه مـن استعدادات، محور فيلم “أوبنهايمر” (Oppenheimer)، الأوفر حظا لانتزاع اهم جَائِزَةٌ أوسكار.

لكنّ المنطقة الصحراوية فى فيلم كرستوفر نولان الممتد ثلاث ساعات عَنْ مبتكر القنبلة الذرية، تبدو خالية كليا خلافا للواقع، ولم يظهر فى الفيلم اى مـن سكانها الذين كانوا ضحايا هذه التجربة التى سمّيت “ترينيتي” (Trinity).

غير أنه فى الواقع، كان آلاف الأشخاص، معظمهم مـن ذوي الأصول اللاتينية والهنود الحمر الأميركيين، وفقا لفيلم وثائقي حديث، يقيمون دَاخِلٌ دائرة نصف قطرها 80 كيلومترا حول الموقـع السري جداً الذى اختاره الجيش والعلماء لاختبار القنبلة الذريّة.

وقال بوريس، البالغ اليـوم 83 عاما، إن أيا مـن سكان المنطقة المحيطة لم يفهم لماذا ظهرت فى الأفق تلك السحابة العملاقة على شكل نبتة فطر؟

وأضاف “لم نخف، لانه لم يقتلنا على الفور. لم تكن لدينا اى فكرة عَنْ ماهيته”.

Groves and Oppenheimer Inspect Trinity Robert Oppenheimer and General Leslie Groves (center) examine the twisted wreckage that is all that remains of a hundred-foot tower, winch, and shack that held the first nuclear weapon. On the far right is Victor Weisskopf, of the Manhattan Project's Theoretical Division. | Location: Alamagordo, New Mexico, USA. (Photo by © CORBIS/Corbis via Getty Images)
صورة نادرة لمدير مختبر لوس ألاموس، روبرت أوبنهايمر (يرتدي قبعة ذات لون فاتح ويضع قدمه اليسرى على أنقاض التفجير) (غيتي)

 

واليوم، بعد ثمانية عقود، يدرك هذا الأميركي جيدا العواقب المميتة للانفجار الذى قذف عناصر مشعة حتـى صعود 15 كيلومترا.

وأُجري الاختبار وسـط طقس عاصف رغم تحذيرات العلماء، إذ إن الولايات المتحدة كانـت مستعجلة لأنها كانـت فى خضمّ سباق لتصنيع قنبلة ذرية تتيح إنهاء الحرب العالميه الثانية.

وبعد الانفجار، أعادت الأمطار الغزيرة كل المواد السامة الي الأرض، وبالتالي طالت الإشعاعات أرض الصحراء وغبارها ومصادر المياه والسلسلة الغذائية بأكملها.

ونتيجة لذلك، توفي شقيق بوريس جرّاء إصابته بالسرطان. ايضا كافحت أخته المرض نفسه، واليوم ابنتها.

وهو نفسه يعاني سرطان الجلد، ويحاول معالجته اليـوم بواسطة الطب الطبيعي للهنود الحمر.

ورغم الثمن الباهظ الذى دفعه ضحايا مشروع “مانهاتن”، فإن أحدا منهم لم يحصل على اى تعويض.

وقالت تينا كوردوفا، التى شفيت مـن مرض السرطان وترأس إحدى الجمعيات التى تطالب بإنصاف هؤلاء، “لقد عوملنا مثل فئران التجارب”.

وأكدت ان “أحدا على الإطلاق لم يعد للاطلاع على وضع السكان”، على عكس ما يحصل لفئران التجارب.

ورأت هذه الناشطة ان اهميه “أوبنهايمر” تكمن فى أنه رسّخ تجربة “ترينيتي” فى عقول ملايين الْمُشَاهِدِينَ، لكنها أسفت لكون الفيلم الروائي “لم يذهب بعيدا بما فيه الكفاية”.

وأملت ان يستخدم فريق الفيلم المرشح لـ13 جَائِزَةٌ أوسكار حفلة 10 مارس/آذار كمنصة “للاعتراف بتضحيات ومعاناة شعب نيو مكسيكو”.

وقالت السيدة التى يلاحق السرطان خمسة أجيال مـن عائلتها منذ عَامٌ 1945، “لقد كانوا يعلمون بوجودنا عندما صنعوا الفيلم، لكنهم اختاروا تجاهلنا مرة أخرى”.

وأملت ان تصلح الولايات المتحدة هذا الظلم التاريخي. فالقوانين أتاحت التعويض عَنْ الأضرار التى ترصد لها سكان ولايات نيفادا ويوتا وأريزونا بفعل التجارب النووية اللاحقة، لكنّ اى شيء مـن هذا القبيل لم يُخصص على الإطلاق لضحايا القنبلة الأولى فى نيو مكسيكو.

وغالبا ما تأتي أنشطة خيرية لمساعدة العائلات التى تكون مديونة بفعل الفواتير الطبية الباهظة التى تتكبدها.

وقالت كوردوفا مازحة “ربما ينبغي على وزارة الدفـاع الأميركية ان تقيم كل أسبوع نشاطا لبيع الحلويات لسدّ العجز فى موازنتها كَمَا نفعل مضطرين”.

اما ويسلي بوريس فوصف فيلم “أوبنهايمر” بأنه “مجموعه مـن الأكاذيب”. وسأل “كم عَدَّدَ الأشخاص الذين ماتوا هنا؟ لم يقولوا اى شيء عَنْ ذلك إطلاقا”.

وروى بوريس ان شخصين غريبين يضعان نظارات غريبة شوهدا قرب منزله يـوم الانفجار فى يوليو/تموز 1945، ولم ينبسا ببنت شفة. وتحدثت السلطات بعد ذلك عَنْ “انفجار ذخيرة”.

وبعد بضع اعوام، أخذ رجال يرتدون ملابس بيضاء وأقنعة عينات مـن التربة بالقرب مـن منزل العائلة. وشعر شقيق ويسلي بوريس بالقلق، وقالوا له “عليكم ان تغادروا هذا المكان لأن هذا سيقتلكم”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى