معبر رفح.. “شريان الأكسجين” الوحيد لسكان قطاع غزة | الموسوعة سام نيوز اخبار
يقع معبر رفح البري جنوب قطاع غزة فى أقصى جنوبي محافظة رفح بين مدينة رفح وشوكة الصوفي، وعلى الجهة الغربية مـن فلسطين بين الحدود الفلسطينية المصرية، التى تم الاعتراف بها بموجب معاهدة السلام بين إسرائيل ومصر عَامٌ 1979. ويعد المعبر منفذا دوليا يصل قطاع غزة بشبه جزيرة سيناء المصرية.
يعمل المعبر وفق اتفاقية المعابر بالشراكة بين الإدارتين الفلسطينية والمصرية، وتُشرف عليه مـن الجانب الفلسطيني هيئة المعابر والحدود التابعة لوزارة الداخلية والأمن الوطني، ويتم ذلك تحت رقابة الاتحاد الأوروبي.
وترتبط أراضي قطاع غزة بمصر مـن اثناء معبرين: “معبر رفح” و”بوابة صلاح الدين”، ولا يخضع اى منهما رسميا لسيطرة إسرائيل، لكنها تمارس ضغوطها بشكل مباشر أو غير مباشر للتحكم فى فتحهما وإغلاقهما.
الأهمية
للمعبر اهميه كبيرة خاصة للفلسطينيين المقيدين مـن كل الجهات دَاخِلٌ قطاع غزة، إذ يعد بوابتهم للعالم الخارجي، ومن أهميته أيضا:
- يعد ممرا حيويا للسلع والأشخاص، لكنه خصص بشكل أساسي لحركة الأفراد، فمنهم مـن يعبر لأجل زيارة العائلة والأصدقاء ومنهم مـن يعبر للعمل، كَمَا يعد المنفذ الوحيد لمن يريد مـن سكان القطاع السفر خارج فلسطين.
- يسمح المعبر بإدخال البضائع والمساعدات الإنسانية للقطاع، مـن إمدادات غذائية ومواد أساسية وأدوية ومعدات طبية.
- تسمح مصر فى بعض الأحيان بتصدير البضائع الفلسطينية منه، خاصة المنتجات الزراعية، مما يثير اعتراض إسرائيل.
- يسهم المعبر فى تنشيط حركة التجارة بين غزة ومصر فى الاستيراد والتصدير.
صلاحيات العبور
تم تحويل كل حركة البضائع الي معبر كرم أبو سالم الحدودي، ووفقا لاتفاقية المعابر الموقعة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية فى نوفمبر/تشرين الثانى 2005، ينحصر استخدام المعبر فى حاملي كارت الهويه الفلسطينية مع استثناء لغيرهم أحيانا، بإشعار مسبق للحكومة الإسرائيلية وموافقة الجهات العليا فى السلطة الفلسطينية.
وتعلم السلطة الفلسطينية الحكومة الإسرائيلية حول عبور شخص مـن الشرائح المتوقعة: الدبلوماسيين والمستثمرين الأجانب والممثلين الأجانب لهيئات دولية معترف بها، والحالات الإنسانية، وذلك قبل 48 ساعة مـن عبورهم، وترد الحكومة الإسرائيلية اثناء 24 ساعة فى حالة وجود اى اعتراضات مع ذكر أسباب الاعتراض.
التأسيس والتشييد
بعد انتهاء الحرب العربية الإسرائيلية عَامٌ 1948، ألغيت الحدود بين مصر وغزة، وخضعت المنطقة للسيطرة المصرية، قبل ان تعيد إسرائيل احتلال المنطقة مع شبه جزيرة سيناء فى حرب الأيام الستة.
بعد احتلال إسرائيل للقطاع اثناء حرب 1967، أغلقت الحدود وقطع الاتصال بين القطاع ومصر، ومن حينها ضيّق الاحتلال الخناق على الغزيين الذين عانوا مـن حصار إسرائيلي صارم.
وأعيد تشييد “معبر رفح البري” رسميا بعد الاتفاق المصرى الإسرائيلي للسلام عَامٌ 1979 وانسحاب إسرائيل مـن شبه جزيرة سيناء عَامٌ 1982. ثم بموجب اتفاقية أوسلو عَامٌ 1993 تم الاتفاق على إعادة فتح المعبر للأفراد والبضائع.
وبقيت هيئة المطارات الإسرائيلية تسيطر عليه وتديره حتـى انسحابها مـن القطاع وإغلاق مستوطناتها يـوم 11 سبتمبر/أيلول 2005، ونشر مراقبون أوروبيون لمراقبة حركة المعبر بمشاركة مصر.
تدخلات إسرائيلية وإغلاقات مستمرة
أوقفت إسرائيل العمل فى المعبر يـوم السابع مـن سبتمبر/أيلول 2005، تحضيرا لعملية فك ارتباطها بالقطاع، وفي يـوم 27 نوفمبر/تشرين الثانى 2005 بدأ العمل باتفاقية المعابر، وتم فتح المعبر بشكل جزئي بين 4 و5 ساعات فى اليـوم، لمدة 3 أسابيع، بحجة عدم استكمال أفراد بعثه المساعدة الحدودية للاتحاد الأوروبي.
وفي منتصف ديسمبر/كانون الاول 2005 ارتفعت عَدَّدَ ساعات العمل الي 8 ساعات يوميا، واستمر العمل على هذه الوتيرة الي بداية عَامٌ 2006، حيـث وافقت إسرائيل على تشغيل المعبر لمدة 10 ساعات يوميا.
وفي 25 يونيو/حزيران 2006، صعّدت إسرائيل حصارها على غزة بصورة غير مسبوقة بعد وقوع الجندي جلعاد شاليط فى أسر 3 مجموعـات فلسطينية مسلحة فى معبر كرم أبو سالم.
وأغلقت سلطات الاحتلال المعبر تماما، باستثناء فتحه لساعات محدودة فى فترات زمنية متباعدة، لا تفي بحاجة الحالات الضرورية لسكان القطاع، بهدف الضغط على الفلسطينيين لإطلاق سراح شاليط، فى خطأ صريحة لاتفاقية المعابر.
الخلاف على السيطرة
بعد ان سيطرت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على القطاع فى يونيو/حزيران 2007، بدأ الخلاف والتغييرات الإدارية بشأن مـن يتحكم فى المعبر ويسيطر عليه.
فقد عارضت حماس مشاركة إسرائيل فى تشغيل المعبر، كَمَا توقفت الرقابة الأوروبية بسـبب غياب قوات السلطة الفلسطينية، ورفض الأوروبيون التعامل مع الموظفين المحسوبين على حماس، الامر الذى أدى الي إبقاء المعبر مغلقا.
وطالبت حماس بفتح معبر رفح مـن دون قيد أو شرط، وجعلت ذلك أحد شروط التهدئة مع إسرائيل أو الدخول فى مصالحة مع السلطة، كَمَا طالبت مصر بتحمل مسؤولياتها فى هذا الشأن بغض النظر عَنْ موقف السلطة الفلسطينية وإسرائيل.
واعتبرت مصر ان المعبر فى اثناء غياب السلطة الفلسطينية والرقابة الأوروبية لا تتوافر فيه الشروط الواردة فى الاتفاق، ومن ثم اعتبرت نفسها فى حِلٍ مـن تشغيله بشكل طبيعي، ورغم ان مصر لها القدرة الفعلية على فتح معبر رفح، ولكنها أغلقته نتيجه الضغوط التى تُمارس عليها.
ونتيجة للصراع الدائر بين الجهات المعنية؛ تعددت على مدار السنوات عمليات فتح المعبر وإغلاقه، وفقا لمسار العلاقات بين مصر وحماس، وكان ينظر له كوسيلة ضغط فى يد مصر على حماس، ولكن مصر كانـت عادة تفتح المعبر للحالات الإنسانية اثناء الحروب بين إسرائيل وغزة، بما فى ذلك دخول المساعدات الإنسانية.
تأثير الوضع المصرى
وبعد “ثورة 25 يناير” فى مصر عَامٌ 2011، قررت الحكومة المصرية فتح المعبر بشكل دائم اعتبارا مـن مايو/أيار مـن العام نفسه، بعد 4 اعوام مـن الإغلاق، لكنه تعرّض لإجراءات صارمة فى المراقبة وضبط حركة الأفراد والبضائع.
ومنذ الانقلاب على الرئيس المصرى الراحل محمد مرسي عَامٌ 2013، ارتفعت معاناة الغزيين لإغلاق السلطات المصرية المعبر فترات طويلة وعدم فتحه إلا فى ظروف استثنائية لبعض الحالات الإنسانية.
وفي يـوم 12 أكتوبر/تشرين الاول 2017، وقعت حماس وحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) فى القاهره اتفاق مصالحة، نصت على تسلم السلطة الفلسطينية ادارة القطاع سعيا لإنهاء الانقسام الداخلي المستمر منذ منتصف 2007، لكن عودة الخلاف والانقسام حال دون تطبيق ذلك.
وفي مايو/أيار 2018، فتحت مصر المعبر بعد اعوام مـن إغلاقه بشكل شبه دائم، لمدة 5 أيام أسبوعيا ويسمح بالمرور خلاله لقدرة استيعابية محددة.
“طوفان الأقصى”
وتعرض معبر رفح لقصف إسرائيلي عدة مرات اثناء عملية “طوفان الأقصى” فى أكتوبر/تشرين الاول 2023، واستهدف القصف المنطقة العازلة بين البوابتين المصرية والفلسطينية للمعبر، مما أدى الي وقوع أضرار أدت الي إغلاقه.
وهددت إسرائيل بقصف شاحنات وقود ومواد إغاثية مـن مصر كانـت متجهة الي قطاع غزة، الامر الذى اضطرها للعودة مـن معبر رفح الي سيناء.
وأعلن الاحتلال يـوم التاسع مـن أكتوبر/تشرين الاول فرض حصار شامل على القطاع ومنع “الماء والكهرباء والغذاء والوقود”.
وطلبت الحكومة المصرية يـوم 12 أكتوبر/تشرين الاول وقف الغارات الجوية الإسرائيلية بالقرب مـن المعبر لتستطيع فتحه، ورفضت فتحه إن لم تتلق ضمانات لحماية موظفيها. وطالبت عدة دول غربية بفتح المعبر لسماح مرور حاملي الجوازات الأجنبية فى غزة.
أضرار الإغلاق
رغم عدم وجود قوات إسرائيلية على الحدود بين مصر وغزة بشكل دائم، تعمل إسرائيل على ممارسة سيطرة عملية مباشرة وغير مباشرة على إمكانية فتح المعبر، واشترطت على السلطة الفلسطينية إبلاغها بأسماء كل مـن يريد استخدام المعبر قبل 48 ساعة، لتقرر إذا كانـت ستسمح له بالعبور أو تمنعه.
ووفقا للمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان جاء الي عَدَّدَ الإغلاقات اثناء الفتره بين 26 نوفمبر/تشرين الثانى 2005 و31 ديسمبر/كانون الاول 2006 ما يصل الي 159 يـوم إغلاق كلي، بينما فتح لمدة 31 يوما بشكل جزئي ولساعات محدودة.
ومنذ بداية 2007 وحتى التاسع مـن يناير/كانون الثانى 2008 أغلقت سلطات الاحتلال المعبر لمدة 308 أيام، وبلغت نسبه الإغلاق منذ توقيع اتفاقية المعابر الي التاسع مـن يناير/كانون الثانى 2008 نحو 59%. واستمر إغلاق المعبر معظم أيام السنة، مع فتحه أياما وساعات محددة للمرضى والحالات الخاصة.
يسبب إغلاق معبر رفح عواقب وخيمة على سكان القطاع، ومن ضمنها سد طريق الحصول على الخدمات الطبية غير المتاحة فى غزة، وهدر فرص الدراسة الأكاديمية أو الوظائف فى الخارج أو الضفة الغربية.
كَمَا يلحق أضرارا جسيمة بالتجارة والأعمال، ويؤدي الي تفريق متواصل بين أفراد العائلة على جانبي الحدود، وهو ما يعزز الإحساس بالاختناق والعزلة فى القطاع، وانعدام الفرص الحقيقية لمغادرته، حتـى فى ظروف الخطر المحدق.