نساء وأطفال وشباب.. مشاهد مـن الحراك الشعبي المغربى المتضامن مع فلسطين | سياسة سام نيوز اخبار
الرباط- لم تتخلف المغربية حسنية كريران عَنْ الفعاليات التضامنية مع غزة بالرباط منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة فى أكتوبر/تشرين الاول الماضي.
وفي المسيرة الشعبية للرباط، اليـوم الأحد، كانـت حاضرة رفقة أبنائها تردد الشعارات الي جانب آلاف المغاربة والهيئات المهنية ممن استجابوا لدعوة الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع.
تخرج حسنية مساءا كل أربعاء وجمعة مسرعة مـن مقر عملها بإحدى الإدارات الحكومية وتأخذ أبناءها وتقصد الساحة المقابلة للبرلمان لتكون فى التوقيت.
تربية على النضال
ترفع حسنية الشعارات والمطالب طيلة شهري العدوان الإسرائيلي على غزة، وتحرص على حضور طفليها الي جانبها.
تقول للجزيرة نت “كبرت وترعرعت وسـط أسرة تعتـبر القضية الفلسطينية جوهرية، وعندما وقعت الاحداث لم أشعر بأن انخراطي فى فعاليات التضامن شيء جديد”، موضحة اهميه الوقفات التضامنية فى توعية الناس ودعوتهم لإعادة النظر فى علاقتهم بالقضية الفلسطينية.
بالنسبة لهذه السيدة الثلاثينية فإن ما تقوم به كل أسبوع هو التزام أخلاقي وواجب تجاه الفلسطينيين.
وتضيف “كيفما ألتزم بالذهاب لعملي، وأقوم بالتزاماتي تجاه عائلتي، فحضوري للوقفات التضامنية صار جزءا مـن برنامجي الأسبوعي وأحد التزاماتي فى الحياة”.
شاركت ابنة حسنية البالغة مـن العمر 9 اعوام لأول مرة فى وقفة للأطفال بالرباط، ومنذ ذلك الحين بدأت أسئلتها عما يحدث فى فلسطين لا تتوقف وصار حضور الوقفات التضامنية مطلبها.
فى الوقفات تلح الطفلة لين على والدتها للحضور المبكر، تحمل العلم الفلسطيني وتضع الكوفية، وفي العديد مـن المرات تحمل الميكروفون وترفع الشعارات ويردد خلفها الراشدون.
تقول حسنية “ما تربيت عليه أنقله لأبنائي، ابنتي تخرج معي للوقفات لأنها أصبحت واعية بحق الفلسطينيين فى العيش فى وطنهم بسلام وأمن، أصبحت الان تفكر فى ان تقوم بأشياء أخرى أكبر مـن المشاركة فى الوقفات”.
قلوب الأمهات
فى جانب آخر مـن المسيرة الشعبية بالرباط، تحمل سمية أم عبد الله كفنا لرضيع فلسطيني بينما وجهها ويداها مضمختان بلون الدم، بجانبها يقف ابنها يحمل الكفن ذاته، تتحرك قليلا فى المسيرة ثم تتوقف للحظات للاطمئنان على ابنها تغطي رأسه لتحميه مـن شمس الشتاء، وفي لحظة أخرى تعطيه الماء ليشرب.
قدمت هذه السيدة مع ابنها مـن مدينة سلا المجاورة للرباط للمشاركة فى المسيرة الشعبية، بدت مثل كل الأمهات اللواتي يعرفن معنى ألم الفقد.
تقول للجزيرة نت إن صور الأمهات والنساء الحوامل والأطفال والرضع الذين قتلوا بدم بارد تطاردها فى أحلامها فلم تعد تجد معنى للحياة.
قررت ان تجسد تلك الصُّورَةُ فى المسيرة الشعبية بالرباط وفي كل الوقفات التضامنية لتوصل رسالتها لكل المغاربة وللعالم بأن ما يحدث فى غزة لا تتحمله قلوب الأمهات ولا يجوز فى حق النساء والأطفال الأبرياء.
أمينة حزينة لقتل الصحفيين
كان حضور الأطفال واليافعين لمسيرة الرباط لافتا وبدوا مـن اثناء التعبيرات التى جسدوها أكثر وعيا بما يقع فى فلسطين، تطاردهم الأسئلة حول سبب ما يحدث وكيف لا يستطيع أحد وقف المجازر والمذابح اليومية، جعلتهم الحرب العنيفة يرون العالم بمنظور مختلف.
تنحدر الطفلة أمينة عميمي مـن مدينة سوق الأربعاء الغرب (تبعد 100 كيلومتر عَنْ الرباط) قدمت مع والديها اليـوم للمشاركة فى المسيرة الشعبية، كَمَا فى مرات أخرى سابقة.
بالنسبة لهذه الطفلة فإن مشاهده القنوات الاخبارية جعلها تكتسب وعيا بما يجري فى فلسطين وفي العالم.
ابرز ما لفت انتباهها ما يتعرض له الصحفيون مـن قتل، لذلك قررت ان تكون تلك رسالتها للفت الانتباه لاستهداف مـن ينقلون الأخبار والحقيقة للعالم.
تحمل هى وصديقتها نعشا داخله خوذة والسترة الواقية التى يضعها الصحفيون فى الحرب، وتقول للجزيرة نت “فى هذا النعش يرقد جثمان صحفية قتلها الاحتلال لأنها كانـت توصل لنا الحقيقة وبموتها لن نعرف المزيد مما يحدث”.
تتحدث مع الجزيرة نت وكأنها عبرت الي مرحلة النضج رغم ان عمرها لا يتجاوز العاشرة وتقول “أتابع الأخبار يوميا، ما يحدث مؤلم وقتل الصحفيين جريمة يجب وقفها”.
أبو عبيدة فى شوارع الرباط
كانـت شخصية أبو عبيدة ابرز الحاضرين فى مسيرة الرباط الشعبية، يضع الأطفال الكوفية بطريقته ويحملون صوره وكلماته، بعد ان صار بطلا شعبيا فى أذهانهم، يتابعونه فى نشرات الأخبار وينتظرون مثلهم مثل الكبار آخر عمليات المقاومة على لسانه.
يتوقف 3 إخوة لا تتجاوز أعمارهم الحادية عشرة قبالة مبنى البرلمان، يقول والدهم للجزيرة نت إنهم قدموا مـن مدينة المحمدية (تبعد 60 كيلومترا عَنْ الرباط) للتضامن وفضلوا ارتداء الكوفية الفلسطينية كَمَا يرتديها أبو عبيدة.
اعلن أكبرهم إنهم يتابعونه فى نشرات الأخبار ويحرصون باستمرار على سماع خطبه.
غير بعيد عنهم يحمل يافع صورة أبي عبيدة مطبوعة على لافتة ومكتوبا بجانبها جملته الشهيرة “ترقبوا المزيد مـن جنودكم عائدين فى أكياس سوداء”، أصبح الشاب مقصدا لأقرانه، يوقفونه فى كل لحظة طلبا لأخذ صورة مع اللافتة – الرسالة، يبتسم للجميع ويوافق متنحيا جانبا قبل ان يستعيدها ويكمل الطريق.
حراك شعبي لا يهدأ
منذ العدوان على غزة فى السابع مـن أكتوبر/تشرين الاول والمغرب يشهد حراكا شعبيا مناصرا للشعب الفلسطيني وبوتيرة شبه يومية، وصار يوما الأربعاء والجمعة موعدا ثابتا للاحتجاج امام مبنى البرلمان، ناهيك عَنْ المسيرات الوطنيه التى احتضنتها مدن الرباط والدار البيضاء وطنجة وشارك فيها مئات الآلاف القادمين مـن مختلف الجهات.
لم تمل الحناجر مـن المطالبة بوقف العدوان على غزة وإدخال المساعدات ووقف التطبيع، الي جانب توزيع منشورات تدعو لمقاطعة العلامات التجارية العالميه التى عرضت دعمها لإسرائيل فى عدوانها على غزة.
وصار يـوم الجمعة -منذ 15 أكتوبر/تشرين الاول- موعدا ثابتا للاحتجاج المكثف بجوار المساجد وفي الساحات والشوارع فى كل المدن.
وحسب رصد الجزيرة نت لفعاليات الهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة وهي جزء مـن النسيج المدني المنظم للفعاليات التضامنية، فقد نظمت حوالى ألف فعالية فى مختلف المدن، ناهيك عَنْ مئات أخرى نظمتها هيئات مدنية مثل الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع ومجموعة العمل الوطنيه مـن اجل فلسطين وغيرهما مـن الهيئات.
ويحرص المواطنون على إبداع أشكال متنوعة مـن صور التضامن للفت الانتباه لما يحدث وللتعبير عَنْ غضبهم واستيائهم البالغ مـن الصمت العالمي والبحث عَنْ مسارات جديدة للاحتجاج غير الوقفات والمسيرات.
وفي هذا الصدد، أطلق المناهضون للحرب على غزة بالمغرب عريضة شعبية للمطالبة بإغلاق مكتب الاتصال الإسرائيلي وقطع جميع العلاقات مع إسرائيل، وهي خطوة تروم لجعل هذا المطلب يكتسب بعدا رسميا وقانونيا وليس فقط شعارات ترفع فى الوقفات والمسيرات.
وشهدت مسيرة الرباط ومسيرات أخرى، إقبال المواطنين عليها حيـث اصطفوا لتسجيل أسمائهم ضوء الموقعين.
ويعتبر الحق فى تقديم العرائض الي السلطات العمومية مـن الحقوق الأساسية التى خولها الدستور للمواطنين المغاربة.
والعريضة حسب القانون المغربى هى طلب مكتوب يتضمن مطالب أو مقترحات يوجهها المواطنون والمواطنات الي السلطات العمومية لاتخاذ الإجراءات المناسبة بشأن الطلب، ويتعين ان تتضمن العريضة على الأقل 5 آلاف توقيع مع إرفاق هوية الموقعين وأرقام بطاقاتهم الوطنيه.