الاخبار العربية والعالمية

نموذج جِمني.. تحد لـ”شات جي بي تي” أم مصدر إحراج لـ”غوغل”؟ | تكنولوجيا سام نيوز اخبار

أفرجت شركة غوغل قبل عدة أيام عَنْ نموذجها الجديـد فى الذكاء الاصطناعي التوليدي المسمى “جِمني” (Gemini). وأشار الرئيس التنفيذي للشركة ساندر بيتشاي الي ان العالم مع هذا النموذج على موعد مع الولوج الي عصر جديد مـن الذكاء الاصطناعي فائق القدرات.

ويأتي هذا الإعلان فى الوقت الذى تتعرض فيه شركة غوغل للعديد مـن الانتقادات نظراً لتخلفها وراء شركة “أوبن إيه آي” (Open AI) التى أصبحت رائدة الذكاء الاصطناعي التوليدي منذ ان اطلقت قبل ما يقرب مـن العام نموذجها ذائع الصيت “شات جي بي تي” (ChatGPT).

ويعتقد النقاد ان شركة غوغل مـن اثناء هذا الطرح الذى ترافق مع حملة ترويجية كبيرة، تسعى الي ترميم سمعتها فى مجال الذكاء الاصطناعي واستعادة شيئاً مـن كبريائها الذى تضاءل مع الانتكاسات التى رافقت نموذجها السابق “بارد” (Bard) الذى بات يوصف على نطاق واسع بأنه نموذج للرتابة والملل وليس للذكاء الاصطناعي.

جمني.. نموذج عائلي

وتخطط شركة غوغل بينما يخص جمني ان يكون بعيدا عَنْ النماذج أحادية الإصدار، بل نموذجا عائليا ينتمي إليه العديد مـن الإصدارات التى تتمتع بقدرات متفاوتة بناء على الاستخدام والحاجة.

ومبدئيا، يقع فى المرتبة الأدنى مـن هذه العائلة نموذج “جمني نانو” المخصص للتشغيل على أجهزة أندرويد. اما الإصدار الأعلى منه فيسمى “جمني برو” الذى سيدخل الخدمة قريبا، ومن المرجح ان يعمل على تشغيل المزيد مـن خدمات غوغل للذكاء الاصطناعي، كَمَا سيكون العمود الفقري لنموذج “بارد”.

اما “جمني ألترا” فسوف يكون أقوى إصدارات هذه العائلة، ويتوقع ان يكون أقوى برنامـج ذكاء اصطناعي للغات الكبيرة “إل إل إم” (LLM) تنشئه غوغل، وسيخصص بدرجة كبيرة لمراكز البيانات والتطبيقات المعقدة التابعة للمؤسسات والشركات الكبرى.

وفي الوقت الحالي، يقتصر نموذج جمني الاساسى على الأوامر النصية فى عمليات المدخلات والمخرجات، ولذلك سيكون مـن المبكر جداً الحكـم على نجاعة وكفاءة النموذج مقارنة بالنماذج الأكثر تقدماً مثل شات جي بي تي 4. غير ان الرؤساء التنفيذيين فى غوغل يأملون فى الوقت القريب ان تتمكن النماذج الأكثر تقدماً فى جمني مـن التعامل بكفاءة مع الصور والفيديوهات والصوت أيضا.

ورغم تأكيدات شركة غوغل بأنها لا تسعى لمجرد المنافسة على أكثر نماذج متقدمة مـن الذكاء الاصطناعي التوليدي وحسب، فإنها تؤكد فى الوقت نفسه على مسعاها نحو الوصول الي الذكاء الاصطناعي العام، وهو النموذج الأكثر قرباً مـن محاكاة الإنسان بقدراته على الفهم والاستيعاب والإحساس، وهو هـدف ترى غوغل أنها بدأت خطواته الأولى مع الاعلان أولى النماذج مـن عائلة جمني التى سوف “تكتسب المزيد مـن الحواس” وتصبح واعية، على حد قول ديميس هاسابيس الرئيس التنفيذي لتكنولوجيا التفكير العميق (DeepMind Technologies) فى غوغل.

وكالعادة رافق طرح غوغل الجديـد لعائلة جمني العديد مـن الشكوك والتساؤلات عَنْ حقيقة الكفاءة التى قد يتمتع بها النموذج، خصوصاً وأن إعلانها الترويجي للمنتج على منصه YouTube والذي حظي بأكثر مـن مليون و600 ألف مشاهده لم يتمتع بالشفافية المطلوبة. ففي مقالة افتتاحية على بلومبيرغ زعمت كاتبة المقال بارمي أولسون ان غوغل أساءت تمثيل قوة جمني فى مقطع الفيـديو الترويجي، فقد عرض الفيـديو قدرات مثيرة للإعجاب لنموذج جمني، ولكن فى الحقيقة يبدو ان هذه القدرات مشكوك فيها.

ويظهر الفيـديو الذى تبلغ مدته ست دقائق قدرات جمني المتعددة الوسائط، مـن قبيل التعرف على الصور واقتراح ألعاب والبحث عَنْ كرات مخبأة تحت الكأس وأسئلة منطقية مثل اختيار الطريق الأكثر أمانا. وقد كان مـن الملاحظ السرعة الفائقة فى عملية الاستجابة، وهو الامر الذى كان مدعاة للدهشة جاء الى الْمُشَاهِدِينَ.

ولكن بالنقر على الوصف المرفق مع الفيـديو، ومن باب إخلاء المسؤولية مـن طرف غوغل، كانـت هناك جملة تشير الي أنه و”لأغراض هذا العرض التوضيحي، فقد تم تقليل زمن الوصول واختصار استجابة جمني للإيجاز”. وأثارت هذه الملاحظة الاعتراضية حفيظة العديد مـن المراقبين والنقاد منهم أولسون التى وضحت فى مقالها الافتتاحي الي ان غوغل اعترفت بأن فيديـو العرض التوضيحي لم يحدث فى الوقت الفعلي باستخدام أوامر منطوقة، بل مـن اثناء استخدام صور ثابتة وأوامر نصية قام نموذج جمني بالرد عليها لاحقا. وترى أولسون ان هذا مخالف تماما لما حاولت غوغل الإيحاء إليه بأن اى شخص يستطيع القيام بمحادثة مجموعه مع جمني والحصول على المخرجات المرجوة فى وقت قياسي.

وتؤكد أولسون بأن غوغل إنما قامت عبر عملية تحرير المقطع المصور بعملية تلاعب لإقناع الْمُشَاهِدِينَ بأن نموذجها جمني يمتلك ذات الإمكانيات التى يتمتع بها نموذج شات جي بي تي، بينما ان الحقيقية هى ان جمني مازال فى افضل الأحوال يشبه الإصدار الاول مـن شات جي بي تي الذى صدر قبل أكثر مـن عَامٌ.

ومن جانبها حاولت غوغل وعلى لسان أوريول فينيالس -وهو نائب رئيس الأبحاث والتعلم فى “التفكير العميق” (DeepMind) ومطور مشارك فى نموذج جمني- الي التخفيف مـن حدة هذه الانتقادات والتخوفات على حد سواء، وذلك عبر التأكيد على ان جميع “أوامر المستخدِم ومخرجاته التى وردت فى الفيـديو حقيقية، وهي مختصرة فقط مـن اجل الايجاز”. ويضيف بأن الهدف مـن الفيـديو هو توضيح الكيفية التى قد تبدو مـن خلالها تجارب المستخدمين المتعددة التى تم إنشاؤها باستخدام جمني، مؤكدا فى الوقت ذاته ان غوغل قامت بذلك مـن اجل “إلهام المطورين”.

النقاد يرون ان غوغل مازالت تعاني مـن عقدة النقص امام النجاحات الباهرة التى حققها نموذج شات جي بي تي (شترستوك)

يشير النقاد الي ان عمليات التحرير على الفيديوهات قد تكون مفهومة ومقبولة الي حد ما ،ولكنها تثير العديد مـن التساؤلات عَنْ حقيقية المنتج، خصوصاً وأن شركات التكنولوجيا لديها باع طويل فى عمليات التلاعب التى تهدف مـن خلالها الي تضخيم مدى جدوى وفاعلية منتجاتها. ويرون ان شركة غوغل كان مـن الممكن لها ان تسلك طريقا أكثر شفافية ومصداقية مـن اثناء إتاحة النموذج على الجمهور للاستخدام المباشر والفعلي والحصول على ردود فعل حقيقية.

ويدل تصرف غوغل هذا على ان الشركة ما زالت تعاني مـن عقدة النقص امام النجاحات الباهرة التى حققها نموذج شات جي بي تي، وهذا مفهوم. فقد كانـت شركة غوغل مـن أولى الشركات التى اطلقت سباق الذكاء الاصطناعي، لتخسره على اثناء غرة امام شركة “أوبن إيه آي” الناشئة. وأصابتها هذه الخسارة بنوع مـن خسارة اليقين لتحاول بعدها اللحاق بالركب.

ورغم حالة الطوارئ التى أعلنها الرؤساء التنفيذيون دَاخِلٌ الشركة، فإن غوغل حتـى الساعة لم ترصد نموذجا للذكاء الاصطناعي مقنعا وجذاباً للجمهور. وبطبيعة الحال هذا لا يعني ان غوغل أصبحت خارج السباق، فنموذجها مـن الذكاء الاصطناعي “ألفا كود 2” مـن المرجح ان يُحدث ثورة فى عالم التشفير على المستوى العالمي.

إننا فى عصر سباق الذكاء الاصطناعي، وبالرغم مـن محاولات التضليل هنا وهناك، فإن الحقيقية الثابتة هى ان البشرية تقترب بخطوات ثابتة مـن تحقيق الذكاء الاصطناعي العام الذى يضاهي قدرات الإنسان بل ويتفوق عليها فى جميع المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى