على ساحة المحيط الهادئ بالحرب العالميه الثانية، سجلت حاملات الطائرات ظهوراً مكثفاً حيـث لم يتردد اليابانيون والأميركيون فى الاعتماد على هذا النوع مـن السفن لنقل أعداد كبيرة مـن طائراتهم نحو ساحات القتال بعرض المحيط.
فبعد مضي نحو 6 اشهر عَنْ هجـوم “رأس الحربة” بيرل هاربر، شهد العالم واحده مـن اشهر معارك حاملات الطائرات. ففي خضم معركة ميدواي (Midway) ما بين يومي 4 و7 يونيو 1942، واجهت البحرية الأميركية نظيرتها اليابانية بواحدة مـن ابرز المعارك التى غيّرت مجرى الحرب. وفي خضم معركة ميدواي، خسر اليابانيون 4 مـن حاملات طائراتهم وتكبدوا بسـبب ذلك خسارة ثقيلة أجبرتهم على التراجع.
وتعود بداية الاستخدام المبكر لمراكب بحرية بهدف القيام بعمليات عسكرية جوية لمطلع القرن التاسع عشر. فعام 1806، أطلق الأميرال البريطاني توماس كوشراني (Thomas Cochrane) مـن سفنه طائرات ورقية تجاه المواقع الفرنسية التابعة لنابليون بونابرت. وعلى هذه الطائرات الورقية، ثبّت البريطانيون منشورات دعائية ألقوها على المواقع الفرنسية لحث جنود نابليون على التمرد.
صورة للأميرال البريطاني توماس كوشراني
وخلال العام 1849، استغلت النمسا السفينة الحربية “اس. ام. اس. فولكانو” (SMS Vulcano) لإطلاق عَدَّدَ مـن البالونات الحارقة تجاه مدينة البندقية الإيطالية. فضلاً عَنْ ذلك، أطلق النمساويون بنفس الفتره بعض المناطيد نحو البندقية بهدف إلقاء قنابل عليها وقصفها مـن الجو. وبعد نحو 12 عاماً، استعمل جيش الاتحاد، اثناء الحرب الأهلية الأميركية، المناطيد المأهولة، التى أطلقها مـن على متن السفن، لأغراض تجسس اتجه مـن خلالها لتحديد مواقع الكونفدراليين وتعداد جنودهم.
بحلول شهر مارس 1910، تمكّن الفرنسي هنري فابر (Henri Fabre) مـن ابتكار أول طائرة مائية معاصرة. وبفضل ابتكاره هذا، فتح هنري فابر الطريق لاختراع أولى حاملات الطائرات التى كانـت فى البداية مخصصة لنقل عَدَّدَ ضئيل مـن الطائرات المائية. وقد صمم الفرنسيون أولى سفنهم القادرة على نقل الطائرات المائية أواخر العام 1911. وفي الأثناء، حملت أولى السفن المخصصة لنقل الطائرات المائية اسم “فودر” (Foudre) اى البرق.
صورة لطائرة هنري فابر
وبالحرب العالميه الأولى، استخدمت حاملات الطائرات المائية بشكل ضئيل جداً حيـث لم يكن لها دور كثير فى تغيير مجرى الحرب كَمَا أنها اعتمدت أساساً بعمليات تجسس واستطلاع.
الي ذلك، شهد العالم ظهور أول حاملة طائرات على شاكلتها المعاصرة اثناء العام 1917. فعام 1914، اتجهت بريطانيا لإنتاج سفينة تجارية عابرة للمحيطات بهدف استخدامها لنقل البضائع نحو الجهة المقابلة مـن الأطلسي. وفي خضم الحرب العالميه الأولى، استولت البحرية البريطانية على هذه السفينة واتجهت لتزويدها بمهبط طائرات شبيه بذلك الذى تمتلكه حاملات الطائرات المعاصرة. وفي الأثناء، أطلق على أول حاملة طائرات اسم “آتش. ام. اس. أرغوس” (HMS Argus) نسبه للعملاق الأسطوري الإغريقي أرغوس الذى امتلك حسب الأساطير الإغريقية القديمة نحو 100 عين انتشرت بمختلف ارجاء جسمه.
صورة التقطت بالعشرينيات لأول حاملة طائرات
وأواخر شهر يوليو 1918، دخلت “آتش. ام. اس. أرغوس” الخدمة بشكل رَسْمِيٌّ. وبحسب التصاميم، قُدّر وزن أول حاملة طائرات بنحو 14450 طناً بينما جاء الي طولها 172.2 متراً. مـن جهة ثانية، زوّدت “آتش. ام. اس. أرغوس” بمحركات بلغت قوتها 20 ألف حصان وهو ما خوّل لها بلوغ سرعة قصوى قدرت بحوالي 37 كلم بالساعة. وفيما يخص التسليح، زودت حاملة الطائرات هذه بأربعة مدافـع عيار 102 ملم ومدفعين عيار 50 ملم كَمَا كانـت قادرة على نقل ما بين 15 و18 طائرة.
اثناء السنوات التالية، لم تشارك “آتش. ام. اس. أرغوس” بأية معركة واستخدمت فقط كنموذج ومقياس لإنتاج حاملات طائرات أخرى. لاحقاً، أحيلت حاملة الطائرات هذه على التقاعد قبل ان تعاود الظهور اثناء الحرب العالميه الثانية. وبادئ الامر، اعتمدت “آتش. ام. اس. أرغوس” لأغراض تدريبية عَامٌ 1940 قبل ان تستخدم، بداية مـن العام 1942 لدعم عَدَّدَ مـن العمليات العسكرية البحرية بسـبب النقص الفادح بحاملات الطائرات الذى عانت منه البحرية البريطانية. وأواخر الحرب العالميه الثانية، استخدمت أول حاملة طائرات معاصرة كمخزن بعرض البحر قبل ان تدمر وتباع كقطع خردة عَامٌ 1946.
صورة لحاملة طائرات أميركية