يـوم 7 كانون الاول/ديسمبر 1941، دخلت الولايات المتحدة الأميركية الحرب العالميه الثانية بعد الهجوم المباغت الذى شنته البحرية اليابانية على قاعدة بيرل هاربر بعرض المحيط الهادئ.
وبعد مضي نحو 4 أيام عَنْ هجـوم “رأس الحربة” بيرل هاربر، صرح أدولف هتلر يـوم 11 كانون الاول/ديسمبر مـن العام نفسه الحرب على الولايات المتحدة الأميركية. وقد أثار قرار هتلر حينها غضب وقلق القيادة العسكرية التى استاءت مـن فتح جبهة ثالثة على غرار الجبهتين السوفيتية والبريطانية.
700 معسكر اعتقال
وعقب دخول الأميركيين الحرب العالميه الثانية، راسلت لندن واشنطن لتطلب مساعدتها بينما يخص مسألة أسرى الحرب الألمان. فبتلك الفتره، تذمرت بريطانيا مـن عدم قدرتها على إستقبال مزيد مـن الأسرى الألمان. وانطلاقا مـن ذلك، عرض البريطانيون على الأميركيين إستقبال نحو 175 ألف أسير ألماني وإيواءهم بمراكز اعتقال فى انتظار نهاية الحرب.
وفي الأثناء، لم يكن الأميركيون على استعداد لاستقبال هذا العدد الكبير مـن الأسرى حيـث أكدت الإدارة الأميركية على افتقار جنودها للخبرة اللازمة للتعامل مع أسرى الحرب. أيضا، تخوف الأميركيون مـن عدم قدرتهم على توفير الكميات اللازمة مـن الغذاء والثياب لهذا العدد الكبير مـن الألمان بسـبب تعطل حركة التجارة العالميه جراء ظروف الحرب.
وعلى ساحة الحرب، فضّل الجنود الألمان الوقوع أسرى بيد البريطانيين والأميركيين حيـث انتشرت بتلك الفتره العديد مـن البيانات حول المعاملة السيئة التى ترصد لها كل مـن أسر على يد الجيش الأحمر السوفيتي. ولتلبية رغبة البريطانيين فى نقل الأسرى، اعتمد الأميركيون على سفن ليبيرتي (Liberty ships) التى كانـت بالأساس سفنا مخصصة لنقل البضائع.
ومع احتدام المعارك على الساحة الأوروبية وبداية تقهقر الألمان، نقلت سفن ليبيرتي حوالى 30 ألف أسير ألماني شهريا نحو مناطق نيويورك وفرجينيا. وهنالك، نظّم المسؤولون الأميركيين الأسرى استعدادا لتوزيعهم على نحو 700 معسكر اعتقال أنشئت بمختلف الولايات الأميركية.
425 ألف أسير حرب
حسب التقارير الأميركية، استقبلت الولايات المتحدة الأميركية اثناء مدة الحرب العالميه الثانية حوالى 425 ألف أسير حرب ألماني وزعوا على 700 معسكر اعتقال بست وأربعين ولاية. ولأسباب أمنية، فضّل الأميركيون إنشاء هذه المعتقلات بمناطق بعيدة عَنْ المصانع والتجمعات السكانية.
وتماما كمواقع التدريب العسكري بالثكنات، سيّجت هذه المعتقلات بالأسلاك الشائكة. وبها، تم فصل الأسرى الألمان حسب رتبهم العسكرية والكتائب التى عملوا لصالحها. الي ذلك، اتجه أسرى الحرب الألمان لتعويض الأميركيين الذين تطوعوا لصالح الجيش وأرسلوا نحو الجبهات. وبناء على ذلك، عمل الأسرى الألمان بمجال التعليب والفلاحة وطحن الحبوب.
وفي المقابل، حصل الأسرى الألمان على أجور يومية قدرت قيمة أدناها بنحو 80 سنتا. مـن جهة ثانية، سمح للمعتقلين باستخدام غرف الأكل للعب الورق والقراءة والكتابة والتدخين. وإضافة لكميات الغذاء الوفيرة، تلقى الأسرى الألمان دروس إعادة تأهيل حيـث عرضت عليهم صور للجرائم التى ارتكبتها قوات الأس أس (SS) بالمناطق التى وقعت تحت قبضة الألمان بأوروبا الشرقية.
بسـبب التقارير التى تحدثت عَنْ المعاملة الجيدة التى حصل عليها الأسرى الألمان، تلقت الإدارة الأميركية بشكل يومي عددا كبيرا مـن رسائل الاستياء التى أرسلها المواطنون الأميركيون رفضا لما يحصل دَاخِلٌ معسكرات الاعتقال. مـن جهة ثانية، اعلن المسؤولون الأميركيون عَنْ نجاحهم فى توفير 80 مليون دولار بفضل اعتمادهم على أسرى الحرب.
على الرغم مـن نهاية الحرب، واصلت الإدارة الأميركية استغلال الأسرى الألمان لحدود العام 1946 فى خرق واضح لاتفاقية جنيف. وتدريجيا، باشرت الولايات المتحدة الأميركية فى إعادة هؤلاء الأسرى نحو وطنهم بعد زوال النظام النازي. وفي الأثناء، فضّل بعضة آلاف منهم البقاء على الأراضي الأميركية والاندماج بالمجتمع الأميركي.