الاخبار العربية والعالمية

هكذا يضمن الدعـم العسكري الأميركي لإسرائيل تفوقها النوعي | اخبار سام نيوز اخبار

وافق مجلس النواب الأميركي فى بداية نوفمبر/تشرين الثانى الحالي على طلب ادارة الرئيس جو بايدن بتخصيص 14.3 مليار دولار مساعدات لإسرائيل، وهو ما يسلط الضوء على حجم المساعدات الأميركية وأهدافها، وكيف جرت عملية مأسستها وتقنينها بمرور الوقت.

وحسب دراسة صدرت هذا العام عَنْ مركز خدمة أبحاث الكونغرس، فإن الولايات قدمت لإسرائيل مساعدات منذ 1948 حتـى بداية 2023 بقيمة 158.66 مليار دولار دون احتساب معدل التضخم، وفي حال احتساب معدل التضخم فإنها تصل الي 260 مليار دولار.

وأغلب تلك المساعدات هى مساعدات عسكرية إذ أوقفت واشنطن فى 2007 مساعداتها الاقتصاديه لتل أبيب، التى بدأتها فى 1971، وذلك بعد ان أصبحت إسرائيل واحده مـن أكثر الدول نموا فى العالم، حيـث شغل الناتج المحلي الإجمالي للفرد فى إسرائيل المرتبة 14 عالمـيا فى 2022.

مذكرات تفاهم

منذ 1999، تحدد حجم المساعدات الأميركية لإسرائيل ضوء “مذكرات تفاهم” بينهما لمدة 10 اعوام.

وذلك لأن مذكرات التفاهم ليست اتفاقيات ملزمة قانونا مثل المعاهدات، ولا تتطلب تصديقا مـن مجلس الشيوخ الأميركي، كَمَا تتيح للكونغرس تقديم مخصصات تكميلية، بل وتتيح -أيضا- فى اثناء ظروف استثنائية مثل الحروب تقديم حزم مساعدات إضافية، كَمَا فى الحزمة الاخيره.

لقد غطت مذكرة التفاهم الأولى الخاصة بالمساعدات الأميركية لإسرائيل الفتره مـن 1999 الي 2008 بقيمة 21.3 مليار دولار، ثم ارتفعت الي 30 مليار دولار فى مذكرة التفاهم الثانية التى غطت الفتره مـن 2009 الي 2018.

ووصلت الذروة بمبلغ 33 مليار دولار فى مذكرة التفاهم الثالثة التى تغطي الفتره مـن 2019 الي 2028، وذلك بواقع 3.3 مليار دولار سنويا، فضلا عَنْ 500 مليون دولار سنويا مخصصة لبرامج الدفـاع الصاروخي، ولذا خصص الكونغرس فى ميزانية 2023 مَبْلَغٌ 3.8 مليار دولار لإسرائيل.

ضمان التفوق

فى 1977، صاغ الكونغرس بندا يشير الي “أنه وفقا للعلاقة التاريخية الخاصة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، فإن مبيعات الأسلحة الأميركية لدول الشرق الأوسط ينبغي لها ألا تضعف قوة الردع الإسرائيلية أو تقوض التوازن العسكري فى الشرق الأوسط”.

وفي 1981 أوضح وزير الخارجية الأميركي آنذاك ألكسندر هيغ امام الكونغرس ان أحد الجوانب المركزية للسياسة الأميركية منذ حرب أكتوبر 1973 هو ضمان احتفاظ إسرائيل بتفوق نوعي عسكري فى منطقه الشرق الأوسط.

وهو ما يعني حسب المفهوم الأميركي “ان إسرائيل يجب ان تعتمد على معدات وتدريب افضل، للتعويض عَنْ كونها أصغر بكثير مـن حيـث مساحة الأرض وعدد السكان مـن معظم خصومها المحتملين”.

وفق مفهوم ضمان التفوق النوعي العسكري الإسرائيلي، تتلقى تل أبيب أسلحة أكثر تقدما مـن الدول الاخرى فى المنطقة، كَمَا يتاح لها إضافة مكونات تزيد مـن قدرات الأسلحة المثيلة المباعة لدول المنطقة.

فعلى سبيل المثال، فإن إسرائيل هى الوحيدة فى الشرق الأوسط التى تمتلك طائرات مـن طراز إف 35 حيـث اشترت بتمويل أميركي 50 طائرة مـن الطراز المذكور، وهو ما يتيح لها ضرب اهداف- دون الحاجة للتزود بالوقود- فى دائرة تشمل سوريا والعراق ولبنان والأردن ومعظم مصر وتركيا والسعودية.

​​وتطبيقا للمفهوم المذكور، فعندما وافقت ادارة الرئيس باراك أوباما فى 2013 على بيع الإمارات نسخة متطورة مـن طائرة إف 16، صرح وزير الدفـاع الأميركي آنذاك تشاك هيغل -فى المقابل- بيع تل أبيب طائرات متطورة للتزود بالوقود مـن طراز KC-13، وهو ما جعل إسرائيل الدولة الأجنبية الثانية فى العالم التى وافقت واشنطن على بيعها تلك الطائرة بعد اليابان.

وقد دخلت الصفقة حيز التنفيذ فى أغسطس/آب 2022 مع توقيع شركة بوينغ الأميركية وإسرائيل عـقد لشراء 4 طائرات مـن طراز KC-46A بقيمة 927 مليون دولار على ان تُسلم فى 2026.

نظرا لأن الإجراءات المتعلقة بضمان التفوق العسكري النوعي الإسرائيلي كانـت تجري وفق تقييمات ذاتية لأعضاء لجان مشتركة مـن الجانبين، فقد سعى النائب الأميركي هوارد بيرمان لتقنين تلك الإجراءات.

وسارع بعد توليه منصب رئيس لجنة الامور الخارجية بمجلس النواب الأمريكي الي دمج بند فى قانون نقل السفن البحرية لعام 2008 (PL 110-429)، ينص على إجراء تقييم للتفوق النوعي العسكري الإسرائيلي كل 4 اعوام، وتعديل قانون مراقبة تصدير الأسلحة ليشترط بينما يخص تصدير أسلحة أميركية الي اى دَوْلَةٌ فى الشرق الأوسط، ضمان ان مثل هذا البيع لن يؤثر سلبا فى التفوق العسكري النوعي الإسرائيلي.

فوائد أخرى

تمثل منح التمويل العسكري الأميركي السنوية ما يقرب مـن 16% مـن إجمالي الميزانية العسكرية الإسرائيلية. وهو ما أسهم فى تحويل الجيش الإسرائيلي الي أحد أكثر الجيوش تطورا مـن الناحية التقنية.

كَمَا ساعد تل أبيب على بناء صناعتها العسكرية المحليه مما جعلها تحتل المركـز العاشر عالمـيا ضوء أكبر مصدري الأسلحة فى الفتره مـن 2018 الي 2022 وفقا لتصنيف معهد ستوكهولم الدولى لأبحاث السلام “سيبري”، وذلك بإجمالي صادرات جاء الي 11.3 مليار دولار فى 2021.

فعلى سبيل المثال، قدمت الولايات المتحدة منذ 2011 حتـى بداية 2023 نحو 3 مليار دولار لإسرائيل لشراء بطاريات وصواريخ القبة الحديدية، كَمَا قدمت منذ 2006 نحو 2.4 مليار دولار لتطوير نظام “مقلاع داود” للدفاع الصاروخي، و4.5 مليار دولار لتطوير منظومة “السهم- أرو” للدفاع الصاروخي.

وقد ساعدت تلك المليارات شركات الأسلحة الإسرائيلية على تمويل عمليات البحث والتطوير والتصنيع، مما أتاح لشركات مثل “الصناعات الجوية الإسرائيلية”، ورافائيل، وإلبيت سيستمز، تصدير نحو 70% مـن إنتاجها حسب كتاب “صناعة الدفـاع الإسرائيلية والمساعدات الأمنية الأميركية” الصادر عَنْ معهد الأمن القومي الإسرائيلي، بينما تأتي الهند وأذربيجان وفيتنام ضوء أكبر 3 أسواق لصادرات السلاح الإسرائيلية.

إن حزمة المساعدات الأميركية الجديدة بمقدار 14.3 مليار دولار تمثل استمرارا لسياسات واشنطن الساعية لضمان التفوق العسكري الإسرائيلي بالمنطقة، وذلك رغم ان تل أبيب لم تخُض اثناء النصف الأخير مـن القرن الحالي صراعات وحروب امام جيوش نظامية، واقتصرت حروبها على جماعات وتنظيمات.

وعلى خلاف المتوقع، لم تُمكن تلك المساعدات الضخمة الجيش الإسرائيلي مـن صد الهجوم الذى شنه مقاتلو القسام صباح يـوم 7 أكتوبر/تشرين الاول الماضي، على منطقه غلاف غزة بأسلحة شبه بدائية تقتصر على بنادق آلية وقاذفات محمولة على الكتف وصواريخ مصنعة محليا، دون امتلاك دبابات أو طائرات أو مدفعية ثقيلة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى