الخليل- منذ نحو اسبوعين تعيش مئات العائلات الفلسطينية وسـط مدينة الخليل، جنوبي الضفة الغربية، على وقع إجراءات عسكرية إسرائيلية مشددة، تُقيد حريتهم فى الحركة وأداء الصلاة فى المسجد الإبراهيمي.
وتشمل الإجراءات حظر التجول ومنع فتح المحلات التجارية والمدارس والمؤسسات الحكومية الفلسطينية، ومنع الوصول الي المسجد الإبراهيمي إلا مـن اثناء حاجز واحد مـن بين عدة حواجز، وبقيود مشددة.
وأعادت الإجراءات، التى بدأت مع العدوان على غزة فى 7 أكتوبر/تشرين الاول ومعركة “طوفان الأقصى“، الي السكان أجواء انتفاضة الأقصى التى انطلقت عَامٌ 2000 وامتدت عدة أعوام، وأدت الي تفريغ البلدة القديمة وهجرة كثير مـن سكانها وإغلاق أسواقها.
ممنوع التجول
“ممنوع التجول نهائيا، نحن فى أوضاع أصعب مـن انتفاضة عَامٌ 2000” يقول عارف جابر، وهو ناشط فى “تجمع المدافعين عَنْ حقوق الإنسان فى الخليل” وأحد سكان البلدة القديمة.
ويضيف فى حديثه للجزيرة نت عبر الهاتف مـن منزله القريب مـن المسجد الإبراهيمي “ممنوع مغادرة المنزل، ممنوع الوقوف على النافذة، ممنوع الجلوس على سطح المنزل، ممنوع فتح الأبواب أو الخروج الي الشارع، المحلات التجارية مغلقة بشكل كامل”.
ووفق الناشط الفلسطيني يعيش الناس أجواء خوف ورعب منذ نحو اسبوعين، وإذا فتح أحدهم باب منزله يجد سلاح الجندي مصوبا تجاهه، حيـث يجوب عشرات الجنود المشاة والمركبات العسكرية المنطقة دون انقطاع.
يزداد وضع السكان خطورة فى الحالات الطارئة، وهنا يستشهد جابر بسيدة مـن سكان المنطقة أصيبت بنزيف حاد يـوم السبت “تحدثنا مع الصليب الأحمر والارتباط (جهة التواصل الرسمية مع إسرائيل فى الامور المدنية)، وبعد ساعتين تمكنت سيارة الإسعاف مـن الوصول ونقل المريضة”.
عَنْ كيفية تدبير أمور حياتهم، يقول إن جيش الاحتلال يمنح السكان نصف ساعة صباحا للمغادرة وشراء الاحتياجات مـن الجزء غير المحاصر فى البلدة القديمة، ونصف ساعة أخرى مساءا للعودة ومن يتأخر عليه الانتظار لليوم القادم.
صلاة مقيدة
الوضع الذى تعيشه البلدة القديمة، انعكس على المسجد الإبراهيمي المحاصر بالحواجز العسكرية والذي يتم الدخول إليه عبر بوابات إلكترونية.
ويقول مدير المسجد غسان الرجبي للجزيرة نت إن جيش الاحتلال أغلق بشكل كامل المنطقة المحيطة بالمسجد الإبراهيمي، ومنع السكان مـن الوصول الي المسجد للصلاة.
وأضاف ان دخول المسجد، وهو ثاني اهم مسجد فى فلسطين، متاح مـن حاجز عسكري واحد هو الحاجز الشمالي الذى يربط الجزء المحاصر مـن قلب الخليل بالجزء الآخر الأقل حصارا، ومن هذا الباب يسمح لعشرات المصلين فقط بالدخول وبقيود أغلب الأحيان.
وذكر ان الاحتلال “يشوّش على المصلين بتحديد أعمار المسموح لهم وبإخضاعهم للتفتيش والتدقيق فى الهويات والمنع مـن الدخول بدون إبداء الأسباب”.
الإجراءات المتخذة تحول أيضا دون فتح المحكمة الشرعية ومدرسة قريبة مـن المسجد الإبراهيمي ورياض وحضانات الأطفال، حسب الرجبي.
مدير عَامٌ لجنة إعمار #الخليل عماد حمدان:
– سلطات الاحتلال ومع بداية العدوان فى قطاع غزة سارعت الي استغلال الفرص لتطبيق مخطط استيطاني تهويدي يهدف لسلخ البلدة القديمة فى الخليل عَنْ محيطها الجغرافي والاجتماعي وفرض أنظمة وأوامر عسكرية تحدد الخروج والدخول منها وإليها وتقيد حركة السكان… pic.twitter.com/d3BP8fkgqH
— وكالة سند للأنباء – Snd News Agency (@Snd_pal) October 12, 2023
وضع كارثي
لجنة إعمار الخليل، وهي لجنة حكومية تتابع شؤون البلدة القديمة، نشرت خريطة بالمناطق التى تحظر فيها حركة الفلسطينيين، مقابل حرية كاملة للمستوطنين، وتقول إنها تتابع بقلق ما يجري فى قلب المدينة، وتحذر مـن تداعيات الإجراءات الإسرائيلية واستمرار حظر التجول.
ووفق مدير اللجنة، عماد حمدان متحدثا للجزيرة نت فإن “نحو 700 عائلة تعيش فى اثناء منع مشدد للتجول ولا تستطيع الحركة فى نحو 75% مـن البلدة القديمة، وهي الأحياء المحيطة بالمسجد الإبراهيمي والمحاذية للبؤر الاستيطانية التى جرت فى أملاك تم الاستيلاء عليها مـن أصحابها الفلسطينيين”.
وأضاف ان المنطقة المحاصرة “تعيش بالأصل وضعا كارثيا ومعزولة ودخولها يتم عبر حواجز أصبحت بمثابة معابر، ومنذ بدء الحرب على غزة تعيش هذه المنطقة منع تجول غير مسبوق حتـى فى انتفاضة الأقصى، حيـث يمنع المواطن مـن مغادرة منزله وحتى الوقوف على شرفته”.
وأشار حمدان الي وجود نحو مائة حاجز إسرائيلي، مادي ومأهول، فى عموم البلدة القديمة مـن الخليل “حولت حياة السكان الي جحيم”.
مراسل وكالة سند للأنباء:
إغلاق مدخل البلدة القديمة ب #الخليل جاء الى جنود الاحتلال الإسرائيلي ومنع المواطنين مـن الوصول اليها.#غزة_تحت_القصف #طوفان_الأقصى pic.twitter.com/mzwgWSaicE— وكالة سند للأنباء – Snd News Agency (@Snd_pal) October 9, 2023
عزلة كاملة
ولفت حمدان الي ان سكان وسـط الخليل باتوا “معزولين عَنْ محيطهم وأقاربهم ومعارفهم وأصدقائهم، ولا أحد يستطيع مناصرتهم فى حال تصاعدت اعتداءات المستوطنين”.
عَنْ اهم ما يريد إليه السكان فى اثناء الظروف الحالية اعلن إن المواطنين بحاجة للغذاء والعلاج والأمن، تحصين النوافذ، وطفايات الحريق والإسعافات الأولية كوسائل وقائية مـن اعتداءات المستوطنين المتكررة.
يذكر ان نحو 700 مستوطن إسرائيلي يقيمون فى 5 بؤر استيطانية منتشرة فى البلدة القديمة مـن الخليل.
وقسم اتفاق الخليل بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل عَامٌ 1997 المدينة الي قسمين: خ1 ويشكل نحو 80% مـن المدينة وألحق بالسلطة الفلسطينية فى حينه، وخ2 بقي تحت السيطرة الإسرائيلية وفيه يقع المسجد الإبراهيمي وتنتشر البؤر الاستيطانية.